الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبناؤنا وتاريخنا (1)
نشرت نحو سنة 1930
قالت لي أمس بُنَيَّةُ قريباتٍ لنا جئن يَزُرننا: أي شيء هي الخنساء؟
قلت: هي امرأة. فما يدريك أنت بالخنساء؟
فقهقهت ضاحكة، وقالت: وما يدريني؟ أنا من مدرسة الخنساء!
قلت: ويحك يا بنية، لا أكاد أفهم عنكِ، فما هي مدرسة الخنساء؟
فزادها سؤالي ضحكاً، وانطلقت تثب وتقفز، وتشير بيديها، وهي تقول: أنت لا تفهم! هي مدرستنا، مدرستنا، صار اسمها مدرسة الخنساء.
ثم عادت إليّ فسألتني: والآن، هل فهمت؟ قل لي، لماذا سمّوا المدرسة باسم الخنساء؟
قلت: لأنها كانت عظيمة.
قالت: يعني ماذا؟
قلت: إنها كانت شاعرة؛ تنظم الشعر.
قالت: مثل المحفوظات؟
قلت: نعم، ثم إنها كانت امرأة عاقلة، مسلمة، جريئة
…
قالت: أريد أن أكون مثل هذه الخنساء!
قلت: إذن فكوني من اليوم عاقلةً مسلمة جريئة
…
قالت: وأعمل محفوظات!
قلت: لا. ليس الآن!
…
وجلست أفكر في هذه السنّة الحسنة التي استنّتها وزارتنا الجليلة، وأفكر في أن كل تلميذة في هذه المدرسة ستسأل عن الخنساء، وستتعلم كثيراً من الفضائل، وكثيراً من السجايا، وأن كل تلميذ في مدرسة الصديق والفاروق وخالد بن الوليد رضي الله عنهم سيسأل عن خالد والفاروق والصديق، حتى يعلموا جميعاً أن هؤلاء الأبطال الذين ملكوا زمام الدهر، وكانوا سادة الدنيا وأساتذة العالم، والذين هم فخر الإنسانية وخلاصتها، إنما هم أجدادهم وأسلافهم، الذين يجب عليهم أن يفخروا بهم، ويسيروا على سننهم، ويبعثوا مجدهم بعثاً جديداً.
***