الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تشابه أسماء
كثيراً ما يحمل شخصان اسماً واحداً فيُظنان شخصاً واحداً، وتكون من ذلك قصص طريفة وأخبار، منها ما وقع من أسبوعين حين جاء الناس يعزونني بالصديق الحبيب أنور العطار أطال الله حياته لأن سَمِيّه توفي رحمه الله، ومنها أن الطالب محمد البزم دعي مرة إلى جلسة المجمع مكان الأستاذ محمد البزم، ومنها أن الأستاذ الشيخ صبحي الصباغ تلقى مرة إنذاراً شديداً موجهاً إلى رجل في الحي اسمه صبحي الصباغ.
ومنها، ومن أعجبها، أني عرفت من أيام أن قاضي دمشق يحمل اسماً مثل اسمي
…
وأن الناس يظنون أني وإياه شخص واحد ويحسبون أن علي الطنطاوي القاضي هو علي الطنطاوي الذي يكتب هذه الكلمات، ولا يزالون -لذلك- ينقدون ما أكتب، ويعترضون سبيلي، ويضايقونني. فإن أشرت إلى الحب قالوا:"وهل يكتب القاضي في الحب؟ "، وإن قسوت في نقد قالوا:"وهل يسب القاضي الناس؟ ". ولا يزالون يلقاني الواحد منهم في الطريق، أو يجاورني في الترام، فيحدثني حديث المحكمة ويكلمني في قضاياها. يظن أني القاضي، فيستغل لطفي
…
ورقتي
…
مع أني سمعت أن القاضي الذي يحمل اسمي رجل جاف الوجه -والعياذ بالله- جافي الطبع، ماضي اللسان، لا يقبل شفاعة ولا وساطة ولا سبيل إلى «التفاهم معه»
…
وقد خدع هذا التشابه في الاسم صديقي القديم الأستاذ وديع الصيداوي فجعله يكتب في عنوان هذه الكلمات «بقلم الأستاذ الشيخ فلان» وخدع من يرد عليّ فلا يزالون يكتبون «فضيلة الشيخ» و «قال فضيلة الشيخ» مع أني أديب من عباد الله الأدباء المساكين، أقول ويُقال لي، وأرد ويُرد علي، وأمدح وأُمدح، وأهجو وأُهجى، وإنني في هذه المحنة من أكثر من عشرين سنة، سمعت فيها من مدحي حتى لا يطربني مدح، وقرأت فيها من شتمي حتى لا يهزني شتم.
لذلك أرجو من إخواننا الكتّاب الذين يتفضلون بمناقشتي، ومن الشباب الذين يريدون أن يتعلموا الكتابة فيّ (كما يتعلم الحلاقون الحلاقة برؤوس اليتامى) أن يكتبوا بحرية وأن يدَعوا معي هذا «الأدب ..» الذي لم أتعود عليه. وأرجو من القراء أن يعلموا أني رجل أديب أكتب ما يكتب الأدباء، وأقول ما يقولون، وأني أمدح وأهجو وأصفر وأعرض للحب وأصور العواطف، وأنه لا صلة بيني وبين ذلك القاضي إلا أن المصادفة جعلته يحمل اسماً مثل اسمي.
***