الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحث على المداراة في القرآن والسنة
الحث على المداراة من القرآن الكريم:
- قال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا [41 - 47].
قال السعدي: (وفي هذا من لطف الخطاب ولينه، ما لا يخفى، فإنه لم يقل: (يا أبت أنا عالم، وأنت جاهل) أو (ليس عندك من العلم شيء) وإنما أتى بصيغة تقتضي أن عندي وعندك علما، وأن الذي وصل إلي لم يصل إليك ولم يأتك، فينبغي لك أن تتبع الحجة وتنقاد لها) (1).
- وقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان: 14 - 15].
- وقال سبحانه: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى [طه: 43 - 47].
قال ابن كثير: (هذه الآية فيها عبرة عظيمة، وهو أن فرعون في غاية العتو والاستكبار، وموسى صفوة الله من خلقه إذ ذاك، ومع هذا أمر ألا يخاطب فرعون إلا بالملاطفة واللين)(2).
الحث على المداراة من السنة النبوية:
- عن عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال صلى الله عليه وسلم: ((ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة. فلما دخل ألان له الكلام. فقلت له: يا رسول الله، قلت ما قلت، ثم ألنت له في القول. فقال: أي عائشة، إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه)) (3). (أي لأجل قبح فعله وقوله أو لأجل اتقاء فحشه أي مجاوزة الحد الشرعي قولا أو فعلا وهذا أصل في ندب المداراة إذا ترتب عليها دفع ضر أو جلب نفع بخلاف المداهنة فحرام مطلقا إذ هي بذل الدين لصلاح الدنيا والمداراة بذل الدنيا لصلاح دين أو دنيا بنحو رفق بجاهل في تعليم وبفاسق في نهي عن منكر وتركه إغلاظ وتألف ونحوها مطلوبة محبوبة إن ترتب عليها نفع فإن لم يترتب عليها نفع بأن لم يتق شره بها كما هو معروف في بعض الأنام فلا تشرع)(4).
(1)((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 494).
(2)
((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (5/ 294).
(3)
رواه البخاري (6054)، ومسلم (2591).
(4)
((فيض القدير)) للمناوي (2/ 454).
- وعن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مداراة الناس صدقة)) (1).
- وقال صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا)) (2).
قال ابن حجر: (وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن وأن من رام تقويمهن فإنه الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه فكأنه قال الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها)(3).
- وعن هاني بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام)) (4).
قال المناوي: (أي إلانة القول للإخوان واستعطافهم على منهج المداراة لا على طريق المداهنة والبهتان)(5).
- وقال صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس اتقوا الله، وإن أُمِّر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له، وأطيعوا ما أقام لكم كتاب الله)) (6).
قال المباركفوري: (فيه حث على المداراة والموافقة مع الولاة وعلى التحرز عما يثير الفتنة ويؤدي إلى اختلاف الكلمة)(7).
(1) رواه ابن حبان (2/ 216)(471)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (1/ 146)(463)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/ 343) (8445). قال ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (4/ 484):[فيه] يوسف بن محمد بن المنكدر أرجو أنه لا بأس به، وقال الخليلي في ((الإرشاد)) (1/ 311): غريب، وقال ابن القيسراني في ((ذخيرة الحفاظ)) (4/ 2153):[من طرق في كل منها كذاب أو متروك أو سراق]، وقال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (4/ 472):[فيه] يوسف بن محمد بن المنكدر قال النسائي: متروك الحديث وقال أبو زرعة: صالح الحديث، وحسنه ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (3/ 451)، وقال الهيثمي (8/ 17): فيه يوسف بن محمد بن المنكدر وهو متروك، وقال ابن حجر في ((لسان الميزان)) (8/ 71):[فيه المسيب بن واضح ذكر من جرحه]، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (8170)، وقال محمد الغزي في ((إتقان ما يحسن)) (2/ 526): إسناده جيد، وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (5255).
(2)
رواه البخاري (5186)، ومسلم (1468).
(3)
((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 253).
(4)
رواه الطبراني (22/ 180)(469). قال العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/ 246): إسناده جيد، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/ 32): فيه أبو عبيدة بن عبد الله الأشجعي روى عنه أحمد بن حنبل وغيره ولم يضعفه أحد وبقية رجاله رجال الصحيح، وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2499)، وقال السفاريني الحنبلي في ((شرح كتاب الشهاب)) (510): إسناده حسن، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (2232).
(5)
((فيض القدير)) للمناوي (2/ 454).
(6)
رواه الترمذي (1706)، وابن ماجه (2328)، وأحمد (6/ 402)(27301)، والحاكم (4/ 206). من حديث أم الحصين الأسلمية رضي الله عنها. قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد،
(7)
((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (5/ 297).