الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صور الظلم
لا شك أن الظلم له صور كثيرة ولا ينحصر في نماذج معينة، وسنقوم بذكر بعضها حتى نكون منها على حذر، وهذه الصور هي كالتالي:
أ- ظلم العبد نفسه
1 -
أعظمه الشرك بالله:
قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]
قال ابن تيمية رحمه الله: (ومما ينبغي أن يعلم أن كثيرا من الناس لا يعلمون كون الشرك من الظلم، وأنه لا ظلم إلا ظلم الحكام أو ظلم العبد نفسه، وإن علموا ذلك من جهة الاتباع والتقليد للكتاب والسنة والإجماع لم يفهموا وجه ذلك، ولذلك لم يسبق ذلك إلى فهم جماعة من الصحابة لما سمعوا قوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82]، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن مسعود أنهم قالوا: أينا لم يظلم نفسه؟! فقال رسول الله: "ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]؟ ". وذلك أنهم ظنوا أن الظلم- كما حده طائفة من المتكلمين- هو إضرار غير مستحق، ولا يرون الظلم إلا ما فيه إضرار بالمظلوم، إن كان المراد أنهم لن يضروا دين الله وعباده المؤمنين، فإن ضرر دين الله وضرر المؤمنين بالشرك والمعاصي أبلغ وأبلغ)(1).
- 2التعدي على حدود الله:
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229]. والمشار إليه في تلك حدود الأحكام الشرعية التي ذكرت قبل هذه الآية.
- 3الصد عن مساجد الله أن يذكر فيها اسمه:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَاّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة: 114]
-4 كتم الشهادة:
قال تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة: 140].
5 -
الإعراض عن آيات الله بتعطيل أحكامها:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً [الكهف: 57].
6 -
الكذب على الله:
قال تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 144].
ب - ظلم العباد بعضهم لبعض:
وظلم العباد بعضهم لبعض أنواع، وهو أشهر أنواع الظلم وأكثرها. قال سفيان الثوري رحمه الله:(إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنباً فيما بينك وبين الله تعالى؛ أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد)(2) ويمكن تقسيمه إلى ظلم قولي، وظلم فعلي:
من صور الظلم القولي:
التعرض إلى الناس بالغيبة، والنميمة، والسباب والشتم، والاحتقار، والتنابز بالألقاب، والسخرية والاستهزاء والقذف والاتهام بالباطل
…
وغيرها.
من صور الظلم الفعلي:
1 -
القتل بغير حق:
(1)((جامع المسائل)) لابن تيمية (6/ 235).
(2)
((تنبيه الغافلين)) للسمرقندي (ص380).
قال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلَا يُسْرِف فِّي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً [الإسراء: 33].
2 -
الظلم الواقع على المسلمين بسبب دينهم، الذين قُتِّلوا، وشُرِّدوا، وسُجنوا
…
3 -
أخذ أرض الغير أو شيء منها:
قال صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ شبراً من الأرض ظلماً؛ فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين)) (1).
4 -
الظلم الواقع في الأسر:
ومنه:
- ظلم الأولاد لوالديهما بعقوقهما
- ظلم الأزواج لزوجاتهم في حقهن سواء كان صداقاً، أو نفقة، أو كسوة.
- ظلم الزوجات لأزواجهن في تقصيرهن في حقهم وتنكّر فضلهم.
- ظلم البنات بعضلهن عن الزواج.
- الدعاء على الأولاد والقسوة في التعامل معهم.
- تَفضيلُ بعض الأولاد على بعض.
5 -
ظلم أصحاب الولايات والمناصب:
ومنه:
- نبذ كتاب الله وتحكيم القوانين الوضعية.
- عدم إعطاء الرعية حقوقهم.
- تقديم شخص في وظيفة ما وهناك أناس أكفأ منه وأقدر على العمل.
6 -
ظلم العمال:
ومنه:
- أن يعمل له عمل ولا يعطيه أجره:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره)) (2).
- أن يبخسه حقوقَه أو أن يؤخرها عن وقتها:
قال صلى الله عليه وسلم: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عَرقُه)) (3).
- تكليفه بأمور غير ما اتُفق عليها معه، أو بأمور لم تجري العادة تكليفه بها:
قال صلى الله عليه وسلم: في العبيد الأرقاء: ((إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)) (4).
7 -
أكل مال الغير بغير حق:
وهو أنواع ومنه:
1 -
أكل أموال الناس بالباطل:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً [النساء: 29 - 30]
2 -
أكل أموال الضعفاء كاليتامى:
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء: 10].
3 -
الربا:
قال تعالى: فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً، وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [النساء: 160 - 161].
4 -
السرقة:
قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ
…
[المائدة:38]
5 -
الرشوة:
(1) رواه البخاري (3198)، ومسلم (1610) من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه.
(2)
رواه البخاري (2227).
(3)
رواه ابن ماجه (3443) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ورواه أبو يعلى (6682)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (8/ 13)(3014)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (7/ 142) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2892): هذا المتن مع غرابته يكتسب بكثرة طرقه قوة. وحسن إسناده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (3/ 75)، وجوَّد إسناده العجلوني في ((كشف الخفاء)) (1/ 161).
(4)
رواه البخاري (30).
قال صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله الراشي والمرتشي)) (1).
6 -
الغش في المعاملات:
قال صلى الله عليه وسلم: ((من غشنا فليس منا)) (2).
7 -
الميسر:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90 - 91]
8 -
الغلول:
قال تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [آل عمران: 161].
9 -
الهدايا التي تهدى للموظف بسبب وظيفته:
عن أبي حميد الساعدي قال ((استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه قال هذا مالكم وهذا هدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول اللهم هل بلغت بصر عيني وسمع أذني)) (3).
(1) رواه أحمد (2/ 387)(9019)، وابن حبان (11/ 467) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5093).
(2)
رواه مسلم (101).
(3)
رواه البخاري (6979)، ومسلم (1832).