الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صور ومظاهر الورع
لا شك أن الورع مهم في حياتنا الاجتماعية وحريُّ بنا أن نترك كل أمر مشكوك فيه وعليه شبهة، والورع له صور ومظاهر عدة فقد ذكر ابن أبي الدنيا مظاهر للورع منها:
1 -
الورع في النظر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: ((لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة)) (1).
عن أنس قال: ((إذا مرت بك امرأة، فغمض عينيك حتى تجاوزك)) (2).
عن داود الطائي قال: ((كانوا يكرهون فضول النظر)) (3).
قال عمرو بن مرة: ((ما أحب أني بصير كنت نظرت نظرة، وأنا شاب)) (4).
وقال وكيع خرجنا مع سفيان الثوري في يوم عيد فقال: (إن أول ما نبدأ به في يومنا غض أبصارنا)(5).
2 -
الورع في السمع:
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من استمع إلى حديث قوم لا يحبون أن يستمع حديثهم، أذيب في أذنه الآنك)) (6).
عن نافع قال: (كنت مع ابن عمر في طريق فسمع زمارة راع، فوضع إصبعيه في أذنيه، ثم عدل عن الطريق، ثم قال: يا نافع أتسمع؟ قلت: نعم. فأخرج إصبعيه من أذنيه، ثم عدل عن الطريق، ثم قال: يا نافع أتسمع؟ قلت: لا. فأخرج إصبعيه من أذنيه، ثم عدل إلى الطريق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع)(7).
3 -
الورع في الشم:
فعن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال قدم على عمر رضي الله عنه مسك وعنبر من البحرين فقال عمر والله لوددت أني أجد امرأة حسنة تزن لي هذا الطيب حتى أفرقه بين المسلمين فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل أنا جيدة الوزن فهلم أزن لك قال لا قالت ولم قال إني أخشى أن تأخذيه هكذا وأدخل أصابعه في صدغيه وتمسحين عنقك فأصيب فضلا عن المسلمين (8).
وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أتي بغنائم مسك، فأخذ بأنفه، فقالوا يا أمير المؤمنين: تأخذ بأنفك لهذا؟ قال: إنما ينتفع من هذا بريحه؛ فأكره أن أجد ريحه دون المسلمين (9).
4 -
الورع في اللسان:
أن عمر بن الخطاب اطلع على أبي بكر رحمهما الله وهو يمد لسانه، فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله؟ قال: هذا أوردني الموارد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس شيء من الجسد إلا يشكو إلى الله اللسان على حدته)) (10).
وعن الحسن بن حي قال: (فتشت عن الورع، فلم أجده في شيء أقل منه في اللسان)(11).
وعن الفضيل بن عياض قال: (أشد الورع في اللسان)(12).
وعن يونس بن عبيد قال: (إنك لتعرف ورع الرجل في كلامه)(13).
وسئل عبد الله المبارك أي الورع أشد؟ قال: (اللسان)(14).
5 -
الورع في البطن:
(1) رواه أبو داود (2149)، والترمذي (2777)، وأحمد (5/ 353) (23041) من حديث بريدة رضي الله عنه. قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك. وقال الحاكم (2/ 212): صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في ((الورع)) (ص66).
(3)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 62).
(4)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 62).
(5)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 63).
(6)
رواه أحمد (2/ 504)(10556)، وابن أبي الدنيا في ((الورع)) (ص73).
(7)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 68).
(8)
رواه أحمد في ((الزهد)) (ص98)، وابن شبه في ((تاريخ المدينة)) (2/ 703).
(9)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 68).
(10)
رواه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص50)، وأبو يعلى (1/ 17)(5)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/ 24)(4596). وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (7605)، وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (535): صحيح الإسناد على شرط البخاري.
(11)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 77).
(12)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 77).
(13)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 77).
(14)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 77).
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون: 51] وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: 172]، ثم ذكر العبد يطيل السفر أشعث أغبر رافعا يديه يا رب يا رب. مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لهذا)) (1).
عن القاسم قال: كان لأبي بكر رحمه الله غلام يأتيه بكسبه كل ليلة ويسأله من أين أصبت؟ فيقول: أصبت من كذا فأتاه ذات ليلة بكسبه، وأبو بكر قد ظل صائما، فنسي أن يسأله، فوضع يده فأكل، فقال الغلام: يا أبا بكر كنت تسألني كل ليلة عن كسبي إذا جئتك فلم أرك سألتني عنه الليلة؟ قال: فأخبرني من أين هو؟ قال: تكهنت لقوم في الجاهلية، فلم يعطوني أجري حتى كان اليوم فأعطوني، وإنما كانت كذبة، فأدخل أبو بكر يده في حلقه، فجعل يتقيأ فذهب الغلام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: إني كذبت أبا بكر فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، أحسبه قال ضحكا شديدا، وقال:((إن أبا بكر يكره أن يدخل بطنه إلا طيبا)) (2).
وعن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع منكم ألا يجعل في بطنه إلا طيبا فليفعل؛ فإن أول ما ينتن من الإنسان بطنه)) (3).
وعن أبي صالح الحنفي قال: (دخلت على أم كلثوم فقالت: ائتوا أبا صالح بطعام فأتوني بمرقة فيها جنوب، فقلت أتطعموني هذا وأنتم أمراء؟ قالت: كيف لو رأيت أمير المؤمنين عليا، وأتي بأترج، فأخذ الحسن أو الحسين منها أترجة لصبي لهم، فانتزعها من يده، وقسمها بين المسلمين)(4).
6 -
الورع في الفرج:
قال سفيان بن عيينة: (لو أن رجلا لعب بغلام بين أصبعين من أصابع رجله يريد بذلك الشهوة، لكان لواطا)(5).
7 -
الورع في الفتوى:
كان الصحابة ومن بعدهم من التابعين رضي الله عنهم يتورعون أشد الورع عن الفتوى فكانوا يدفعون الفتوى عن أنفسهم ولا يُقدمون عليها
فعن البراء رضي الله عنه قال: (لقد رأيت ثلاثمائة من أهل بدر ما منهم من أحد إلا وهو يحب أن يكفيه صاحبُه الفتوى)(6).
وقال ابن أبي ليلى: (أدركت مئة وعشرين من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يُسأل أحدهم المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول وما منهم من أحد يحدث بحديث أو يُسأل عن شيء إلا ودّ أنّ أخاه كفاه)(7).
وقال عطاء بن السائب: (أدركت أقواماً إن كان أحدهم ليسأل عن الشيء فيتكلم وإنه ليرعد)(8).
ويقول نفيس بن الأشعث: (كان محمد بن سيرين إذا سئل عن شيء من فقه الحلال والحرام تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان)(9).
وقال أبو حصين عثمان بن عاصم التابعي الجليل: (إن أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر)(10).
(1) رواه مسلم (1015).
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في ((الورع)) (ص84).
(3)
رواه البخاري (7152)، وابن أبي الدنيا في ((الورع)) (ص86) واللفظ له.
(4)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 91).
(5)
((الورع)) لابن أبي الدنيا (ص: 94).
(6)
رواه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) (8/ 276).
(7)
((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (2/ 61).
(8)
((من هدي السلف في طلب العلم)) أبو ياسر الزهراني (ص43).
(9)
((صفة الصفوة)) لمحمد بن سيرين (2/ 144).
(10)
((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (2/ 61).