الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مضار الإسراف والتبذير
1 -
عدم محبة الله للمسرفين والمبذرين:
قال تعالى: وَلَا تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141].
قال ابن عاشور: (فبين أن الإسراف من الأعمال التي لا يحبها، فهو من الأخلاق التي يلزم الانتهاء عنها، ونفي المحبة مختلف المراتب، فيعلم أن نفي المحبة يشتد بمقدار قوة الإسراف، وهذا حكم مجمل وهو ظاهر في التحريم)(1).
2 -
يفضي إلى طلب المال بالكسب الحرام:
لأن المسرف ربما ضاقت به المعيشة ويريد أن يعمل مثلما ألفه فيضطر إلى الكسب الحرام لإشباع هذه الغريزة، قال ابن عاشور:(فوجه عدم محبة الله إياهم أن الإفراط في تناول اللذات والطيبات، والإكثار من بذل المال في تحصيلها، يفضي غالبا إلى استنزاف الأموال والشره إلى الاستكثار منها، فإذا ضاقت على المسرف أمواله تطلب تحصيل المال من وجوه فاسدة، ليخمد بذلك نهمته إلى اللذات، فيكون ذلك دأبه، فربما ضاق عليه ماله، فشق عليه الإقلاع عن معتاده، فعاش في كرب وضيق، وربما تطلب المال من وجوه غير مشروعة، فوقع فيما يؤاخذ عليه في الدنيا أو في الآخرة، ثم إن ذلك قد يعقب عياله خصاصة وضنك معيشة. وينشأ عن ذلك ملام وتوبيخ وخصومات تفضي إلى ما لا يحمد في اختلال نظام العائلة)(2).
3 -
الإسراف في الأكل يضر بالبدن:
قال علي بن الحسين بن واقد: (جمع الله الطب كله في نصف آية فقال: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلَا تُسْرِفُواْ [الأعراف: 31])(3).
وقال ابن عاشور: (ولا تسرفوا في الأكل بكثرة أكل اللحوم والدسم لأن ذلك يعود بأضرار على البدن وتنشأ منه أمراض معضلة.
وقد قيل إن هذه الآية جمعت أصول حفظ الصحة من جانب الغذاء فالنهي عن السرف نهي إرشاد لا نهي تحريم) (4).
وقال محمد رشيد رضا: (فمن جعل شهوة بطنه أكبر همه فهو من المسرفين، ومن بالغ في الشبع وعرض معدته وأمعاءه للتخم فهو من المسرفين، ومن أنفق في ذلك أكثر من طاقته، وعرض نفسه لذل الدين أو أكل أموال الناس بالباطل، فهو من المسرفين، وما كان المسرف من المتقين)(5).
4 -
المسرف والمبذر يشاركه الشيطان في حياته:
إن الذي يسرف ويبذر معرض لمشاركة الشيطان في مسكنه ومطعمه، ومشربه، وفراشه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:((فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان)) (6).
5 -
الإسراف والتبذير من صفات إخوان الشياطين:
قال تعالى: وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراءك 26 - 27].
قال السعدي: (لأن الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك فإذا عصاه، دعاه إلى الإسراف والتبذير. والله تعالى إنما يأمر بأعدل الأمور وأقسطها ويمدح عليه، كما في قوله عن عباد الرحمن الأبرار وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان: 67].)(7).
6 -
الإسراف يجر إلى مذمات كثيرة:
(1)((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (أ-8/ 123).
(2)
((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (أ-8/ 124).
(3)
((معالم التنزيل)) للبغوي (2/ 189).
(4)
((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (ب-8/ 95).
(5)
((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (7/ 25).
(6)
رواه مسلم (2084).
(7)
((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (456).
قال ابن عاشور: (والإسراف إذا اعتاده المرء حمله على التوسع في تحصيل المرغوبات، فيرتكب لذلك مذمات كثيرة، وينتقل من ملذة إلى ملذة فلا يقف عند حد. وقيل عطف على وآتوا حقه أي ولا تسرفوا فيما بقي بعد إتيان حقه فتنفقوا أكثر مما يجب، وهذا لا يكون إلا في الإنفاق والأكل ونحوه)(1).
7 -
سوف يحاسب على ماله فيم أنفقه:
قال الله سبحانه وتعالى: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر: 8].
قال ابن كثير: (أي: ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم، من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك. ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته)(2).
عن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه)) (3).
(أي: من موقفه للحساب حتى يسأل عن عمره فيما أفناه أفي طاعة أم معصية، وعن عمله فيم عمله لوجه الله تعالى خالصا أو رياء وسمعة.
وعن ماله من أين اكتسبه، أمن حلال أو حرام؟ وفيما أنفقه أفي البر والمعروف أو الإسراف والتبذير؟ وعن جسمه فيما أبلاه أفي طاعة الله أو معاصيه؟) (4).
8 -
الإسراف والتبذير فيه تضييع للمال.
9 -
الإسراف والتبذير عاقبته وخيمة:
قال ابن الجوزي: (العاقل يدبر بعقله عيشته في الدنيا، فإن كان فقيرًا؛ اجتهد في كسب وصناعة تكفه عن الذل للخلق، وقلل العلائق، واستعمل القناعة، فعاش سليمًا من منن الناس عزيزًا بينهم. وإن كان غنيًّا، فينبغي له أن يدبر في نفقته، خوف أن يفتقر، فيحتاج إلى الذل للخلق، ومن البلية أن يبذر في النفقة، ويباهي بها ليكمد الأعداء، كأنه يتعرض بذلك -إن أكثر- لإصابته بالعين
…
وينبغي التوسط في الأحوال، وكتمان ما يصلح كتمانه، وإنما التدبير حفظ المال، والتوسط في الإنفاق، وكتمان ما لا يصلح إظهاره) (5).
(1)((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (أ-8/ 123).
(2)
((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (8/ 474).
(3)
رواه الترمذي (2417)، والدارمي (1/ 452)، قال الترمذي حسن صحيح. وقال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (2/ 41): إسناده جيد. وصحح إسناده الهيتمي في ((الزواجر)) (2/ 242). وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7300).
(4)
((تطريز رياض الصالحين)) لفيصل المبارك (ص 275).
(5)
((صيد الخاطر)) لابن الجوزي (498).