الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آثار ومضار الغدر
للغدر آثار سيئة وعواقب وخيمة، على العاملين، وعلى العمل الإسلامي (1):
أولاً: آثاره على العاملين:
من أبرز هذه الآثار وتلك العواقب على العاملين ما يلي:
1 -
الغواية والضلال:
إن الذين يتصفون بالغدر هم بعيدون عن كتاب الله وسنة رسوله، وبسبب ذلك فقد أغواهم الله تعالى وأضلهم، فلا يوفقون إلى خير. قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَاّ الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة: 26 - 27].
2 -
قسوة القلب:
لقد كانت قسوة القلب سمة بارزة في أهل الكتاب لاسيما اليهود لكثرة نقضهم العهد والمواثيق. قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَاّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [المائدة: 13 - 14].
3 -
ضياع المروءة، وذهاب الهيبة، وتسليط الأعداء:
ولا يقف العقاب الإلهي عند هذا الحد، بل يكون معه ضياع المروءة وذهاب الهيبة وتسليط الأعداء، وما يتبع ذلك من السيطرة على الأوطان واستنزاف الخيرات والثروات، وتغيير هوية الأمة وثقافتها وقيمها وأخلاقها وسوم أبنائها سوء العذاب.
قال تعالى: فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح: 10].
قال محمد بن كعب القرظي رضي الله تعالى عنه: (ثلاث خصال من كن فيه، كن عليه: البغي، والنكث، والمكر)(2).
4 -
تحمل الجزاء المترتب على الغدر:
ذلك أن الغدر يؤدي إلى خسائر بدنية أو نفسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية وقد تكون هذه جميعاً، ولابد من ضمان التلف في جزاء يتولاه ولي الأمر أو نائبه، أو تتولاه الرعية حين يغدر ولي الأمر فيضيع من هم في رعايته.
5 -
براءة النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الغدر:
ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بمنهاج يدعو إلى الوفاء مع الخالق، والمخلوق، ومع العدو، والصديق بل حتى مع الدواب والجمادات ثم طبق ذلك عملياً على نفسه حين استبقى علياً مكانه في فراشه ليلة الهجرة ليرد الودائع إلى أصحابها، ووفى بعهده مع اليهود لولا أنهم غدروا، ووفى مع المشركين في مكة والطائف وغيرهما لولا غدرهم وخيانتهم.
6 -
حلول اللعنة على الغادر من الله، والملائكة، والناس أجمعين:
ذلك أن الله يغار حين يرى العبد أكل نعمته، ثم غدر فاستخدمها في معصيته وحربه وتمثل هذه الغيرة في حلول اللعنة، ومعه سبحانه الملائكة، والناس أجمعين برهم، وفاجرهم مؤمنهم وكافرهم.
7 -
الانتظام في سلك المنافقين:
(1)((آفات على الطريق)) لسيد محمد نوح (ص84 - 93) بتصرف واختصار.
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في ((ذم البغي)) (ص88).
ذلك أن الغادر أظهر شيئاً في الوقت الذي أبطن فيه خلافه، ومثل هذا الصنف من الناس يجب توقيه، والحذر منه لأنه لم يعد محل ثقة ولا أمانة إذ يظهر الموافقة على العهود، والالتزام، ثم يخفي النقض والغدر.
8 -
الفضيحة على رؤوس الأشهاد:
ذلك أن الله لا يوقف عقابه للغادرين على الدنيا بل يضم إلى ذلك عقاب الآخرة، وأوله الفضيحة على رؤوس الأشهاد وما أعظمه وما أشده من عقاب.
9 -
لقاء الله أبتر اليمين:
ذلك أنه أعطى بيعة بيمينه على الوفاء بما بايع عليه، وعدم النقض وأقل عقاب يعاقبه رب العزة: أنه يبعثه من قبره ليلقى ربه وقد حرمه يمينه تلك التي بايعت وخان صاحبها البيعة وغدر بعهده.
10 -
المساءلة غداً مع الإهانة في الكلام، ومع الحرمان من رؤية الله والجنة:
لا يقف أمر عقاب المولى للغادر عند حد الفضيحة على رؤوس الأشهاد وعند حد لقائه سبحانه له، وهو مبتور اليمين، بل يتعدى ذلك إلى المساءلة والإهانة في الكلام، والحرمان من رؤية رب العالمين والجنة.
ثانياً: آثاره على العمل الإسلامي:
كما أن للغدر آثاراً سيئة، وعواقب وخيمة على العاملين فله كذلك آثار سيئة وعواقب وخيمة على العمل الإسلامي نذكر منها:
1 -
القطيعة والفرقة:
ذلك أنه إذا شاع الغدر بين أبناء المجتمع سحب كل منهم ثقته بالآخر ووقعت الخصومات وما يتبعها من القطيعة والفرقة الأمر الذي يؤدي إلى طمع الأعداء، وسعيهم للسيطرة على بلاد المسلمين وانتهاك حرماتهم من العقيدة والدم، والعقل والعرض والمال.
2 -
طول الطريق وكثرة التكاليف:
ذلك أنه إذا سيطر الأعداء، وفرضوا أنفسهم على المسلمين وديارهم: عملوا على التمكين لهم بطريق أو بأخرى.