الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسباب قسوة القلب والغلظة والفظاظة
1 -
الغفلة عن ذكر الله وتدبر القرآن والتأمل في آياته الكونية:
قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه: 142].
قال أبو السعود في قوله تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر: 21] أُريدَ به توبيخَ الإنسانِ على قسوةِ قلبهِ وعدم تخشعِهِ عندَ تلاوتِهِ وقلةِ تدبرِهِ فيه.
وقال تعالى في الإعراض عن تدبر الآيات الكونية: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46].
2 -
كثرة المعاصي:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ، صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ، حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين: 14])) (1).
قال المحاسبي: (اعلم أن الذنوب تورث الغفلة والغفلة تورث القسوة والقسوة تورث البعد من الله والبعد من الله يورث النار، وإنما يتفكر في هذا الأحياء، وأما الأموات فقد أماتوا أنفسهم بحب الدنيا)(2).
قال الألباني: (وقسوة القلوب من ثمرات المعاصي)(3).
قال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب
…
وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب
…
وخير لنفسك عصيانها (4)
3 -
التفريط في الفرائض وانتهاك المحرمات:
قال الله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً [المائدة: 13]. وبين ذلك بقوله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 155].
4 -
الانشغال بالدنيا والانهماك في طلبها والمنافسة عليها:
(1) رواه الترمذي (3334)، وابن ماجه (4244)، وأحمد (2/ 297)(7939)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (6/ 110)(10251)، وابن حبان (7/ 27)(2787)، والحاكم (1/ 45)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5/ 440) (7203). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال ابن جرير في ((تفسيره)) والحاكم: صحيح، وقال الذهبي في ((المهذب)) (8/ 4192): إسناده صالح، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (2/ 449) كما قال في المقدمة، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2070)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي))
(2)
((رسالة المسترشدين)) للمحاسبي (ص155)، نقلا عن الموسوعة الكويتية (38/ 211).
(3)
((جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة))، لمحمد ناصر الدين الألباني (1/ 163).
(4)
((شرح العقيدة الطحاوية))، لابن أبي العز الحنفي (1/ 171).
لحديث أبي مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه ((وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين - حيث يطلع قرنا الشيطان - ربيعة ومضر)) (1) قال الخطابي: (إنما ذمهم لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمر دينهم وذلك يفضي إلى قسوة القلب)(2).
قال ابن القيم: (متى رأيت القلب قد ترحل عنه حب الله والاستعداد للقائه وحل فيه حب المخلوق والرضا بالحياة الدنيا والطمأنينة بها فاعلم أنه قد خسف به)(3).
وقال في موضع آخر: (شغلوا قلوبهم بالدنيا ولو شغلوها بالله والدار الآخرة لجالت في معاني كلامه وآياته المشهودة ورجعت إلى أصحابها بغرائب الحكم وطرف الفوائد إذا غذي القلب بالتذكر وسقي بالتفكر ونقى من الدغل رأى العجائب وألهم الحكمة .. إذا زهدت القلوب في موائد الدنيا قعدت على موائد الآخرة بين أهل تلك الدعوة وإذا رضيت بموائد الدنيا فاتتها تلك الموائد)(4).
5 -
طول الأمل والتمني:
قال المناوي: (طول الأمل غرور وخداع إذ لا ساعة من ساعات العمر إلا ويمكن فيها انقضاء الأجل فلا معنى لطول الأمل المورث قسوة القلب وتسليط الشيطان وربما جر إلى الطغيان)(5).
6 -
التوسع المذموم في المباحات:
فإن قسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة الأكل والنوم والكلام والمخالطة.
قال أبو سعيد الخادمي: (وفي كثرة النوم ضياع العمر وفوت التهجد وبلادة الطبع وقسوة القلب، وفي كثرة الطعام - قسوة القلب)(6).
قال الفضيل: (ثلاث خصال تقسي القلب: كثرة الأكل، وكثرة النوم، وكثرة الكلام).
قال أبو سليمان الداراني: (إنَّ النفس إذا جاعت وعطشت، صفا القلب ورقَّ، وإذا شبعت ورويت، عمي القلبُ)(7).
7 -
كثرة مخالطة الناس في غير مصلحة:
قال العيني: (قوله لما نزل الحجر أي منازل ثمود قوله ويهريقوا أي ويريقوا من الإراقة والهاء زائدة وإنما أمرهم أن لا يشربوا من مائها خوفا أن يورثهم قسوة أو شيئا يضرهم)(8). قال المناوي: (مخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبه والمحظورات .. إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به)(9).
8 -
عدم الرحمة بالخلق والإحسان إليهم:
عنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ)) (10).
قال المناوي: (لأن الرحمة تتخطى إلى الإحسان إلى الغير وكل من رحمته رق قلبك له فأحسنت إليه ومن لم يعط حظه من الرحمة غلظ قلبه وصار فظا لا يرق لأحد ولا لنفسه فالشديد يشد على نفسه ويعسر ويضيق فهو من نفسه في تعب والخلق منه في نصب مكدوح الروح مظلم الصدر عابس الوجه منكر الطلعة ذاهبا بنفسه تيها وعظمة سمين الكلام عظيم النفاق قليل الذكر لله وللدار الآخرة فهو أهل لأن يسخط عليه ويغاضبه ليعاقبه)(11).
(1) رواه البخاري (5303)، ومسلم (51).
(2)
((فيض القدير)) للمناوي (4/ 607)
(3)
((بدائع الفوائد)) لابن القيم (3/ 743).
(4)
((الفوائد)) لابن القيم (1/ 98).
(5)
((فيض القدير)) للمناوي (5/ 417).
(6)
((بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية)) لأبي سعيد الخادمى (4/ 97)، ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي.
(7)
((الجوع)) لابن أبي الدنيا (1/ 188).
(8)
((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعيني (15/ 274).
(9)
((فيض القدير)) للمناوي (6/ 525).
(10)
رواه البخاري (5998).
(11)
((فيض القدير)) للمناوي (1/ 689).
وفي الحديث ((ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به)) (1).
قال المناوي: (المراد نفي الإيمان الكامل وذلك لأنه يدل على قسوة قلبه وكثرة شحه وسقوط مروءته وعظيم لؤمه وخبث طويته)(2).
9 -
الكسل والفتور:
وقد استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من الكسل كما في حديث زيد بن أرقم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل)) (3).
قال المناوي: (الكسل .. والفتور عن القيام بالطاعات الفرضية والنفلية الذي من ثمراته قسوة القلب)(4).
10 -
التعصب للرأي وكثرة الجدال:
قال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [الجاثية: 23].
قال الشافعي: (المراء في العلم يقسي القلوب ويورث الضغائن)(5).
قال أبو سعيد الخادمي: (أسبابها أي الفظاظة .. كثرة المجادلة والتعصب، ولزوم الظواهر، والعمل بالعرف دون الشرع)(6).
11 – الابتداع في الدين:
قال تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153].
وقال تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [الصف: 5].
وقال تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [هود: 112].
قال السعدي: (أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، ومن معه، من المؤمنين، أن يستقيموا كما أمروا، فيسلكوا ما شرعه الله من الشرائع، ويعتقدوا ما أخبر الله به من العقائد الصحيحة، ولا يزيغوا عن ذلك يمنة ولا يسرة، ويدوموا على ذلك، ولا يطغوا بأن يتجاوزوا ما حده الله لهم من الاستقامة)(7).
12 -
ظلم الضعفاء وأكل المال الحرام وعدم التورع عن الشبهات.
13 -
كبر النفس واحتقار الآخرين:
عن حارثة بن وهب أنه سمع النبي-صلى الله عليه وسلم يقول: ((وأهل النار: كل جواظ عتل مستكبر)(8).
(1) رواه البزار كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (8/ 170)، والطبراني (1/ 259) (751). من حديث أنس رضي الله عنه. قال الهيثمي: رواه الطبراني والبزار، وإسناد البزار حسن، وقال السيوطي في ((الجامع الصغير)) (7771): حسن، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5505).
(2)
((فيض القدير)) للمناوي (5/ 520).
(3)
رواه مسلم (2722)، والبخاري (2823) من طريق أنس بن مالك.
(4)
((فيض القدير)) للمناوي (1/ 278).
(5)
((الاعتقاد)) للبيهقي (1/ 239).
(6)
((بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية)) لأبي سعيد الخادمى الحنفي (4/ 152).
(7)
((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (1/ 390).
(8)
رواه البخاري (6657)، ومسلم (2853).