الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوسائل المعينة على التخلص من الذل
1 -
الإيمان بالله والمداومة على العمل الصالح:
قال تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [يونس: 26].
قال ابن كثير: (يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح أبدله الحسنى في الدار الآخرة .. وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ أي: قتام وسواد في عرصات المحشر، كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة، وَلا ذِلَّةٌ أي: هوان وصغار، أي: لا يحصل لهم إهانة في الباطن، ولا في الظاهر بل هم كما قال تعالى في حقهم: فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا [الإنسان: 11] أي: نضرة في وجوههم، وسرورا في قلوبهم)(1).
2 -
الاعتزاز بالله والتمسك بدينه وتطبيق شريعته:
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله)(2).
وقال الحسن بن عليّ- رضي الله عنهما: علّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهنّ في قنوت الوتر- وفيه -: ((إنّه لا يذلّ من واليت، تباركت ربّنا وتعاليت)) (3).
قال بدر الدين العيني: (قوله: ((من واليت)) فاعل ((لا يذل)) أي: من واليته بمعنى: لا يذل من كنت له ولنا حافظا وناصرا) (4).
قال قتادة: (قوله: وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ [آل عمران: 103] كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا، وأشقاه عيشا، وأبينه ضلالة، وأعراه جلودا، وأجوعه بطونا، مكعومين على رأس حجر بين الأسدين: فارس، والروم، لا والله ما في بلادهم يومئذ من شيء يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقيا ومن مات ردي في النار، يؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قبيلا يومئذ من حاضر الأرض، كانوا فيها أصغر حظا وأدق فيها شأنا منهم، حتى جاء الله عز وجل بالإسلام، فورثكم به الكتاب، وأحل لكم به دار الجهاد، ووضع لكم به من الرزق، وجعلكم به ملوكا على رقاب الناس، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا نعمه، فإن ربكم منعم يحب الشاكرين، وإن أهل الشكر في مزيد الله، فتعالى ربنا وتبارك)(5).
3 -
الدعاء بارتفاع الذل وحصول العز:
(1)[3626])) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (4/ 262 - 263)
(2)
[3627])) رواه الحاكم (1/ 103). قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين لاحتجاجهما جميعا بأيوب بن عائذ الطائي وسائر رواته ولم يخرجاه وله شاهد، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/ 117): صحيح على شرط الشيخين.
(3)
[3628])) رواه أبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي (3/ 248)، وابن ماجه (1178)، وأحمد (1/ 200)(1727)، قال الترمذي: حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الدارقطني في ((الإلزامات والتتبع)) (113):[يلزمهما إخراجه] البخاري ومسلم، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (3/ 630)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (2/ 247): رجاله ثقات، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (2/ 395): سنده رجاله ثقات وله شاهد، وقال ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (2/ 294): حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر في ((المحلى)) (4/ 147)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(4)
[3629])) ((شرح سنن أبي داود،)) لبدر الدين العيني (5/ 336)
(5)
[3630])) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (5/ 659)
عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، كان يقول:((اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفقر، والقلّة، والذّلّة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم)) (1).
قال الطيبي: - قوله - (والذلة أي من أن أكون ذليلا في أعين الناس بحيث يستخفونه ويحقرون شأنه والأظهر أن المراد بها الذلة الحاصلة من المعصية أو التذلل للأغنياء على وجه المسكنة والمراد بهذه الأدعية تعليم الأمة)(2).
4 -
موالاة الله ورسوله وصالح المؤمنين:
قال تعالى: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8].
فالعزة لله سبحانه ولرسوله وللمؤمنين ومن والاهم وسار على هداهم ينتفي عنه ذل الدنيا والآخرة ويحصل له عز الدنيا والآخرة.
5 -
طاعة الله ورسوله:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59]
قال محمد الخولي: (لو أطاعوه – الرسول - لما أصابهم ما لحقهم من الذل والهوان بالفشل والهزيمة في الحرب تارة؛ والقتل والأسر تارة أخرى، وبالعجز المبين عن أن يقفوا في سبيل دعوته ويمنعوا انتشارها، في أقطار المعمورة؛ ويحولوا دون دخول الناس في دين الله أفواجا؛ وما كان عنادهم ولا مجادلتهم عن يقين يعتقدونه ولا شبه، لم يجل الشك عنها ولكن تكبرا وعتوا. مخافة أن تزول عنهم مناصب توارثوها. ومظاهر تخيلوا أن العز والمجد في المحافظة عليها)(3).
6 -
مخالفة هوي النفس:
قال ابن تيمية: (من قهر هواه عز وساد)(4). وقال ابن القيم: (من كانت بدايته مخالفة هواه وطاعة داعي رشده كانت نهايته العز والشرف والغنى والجاه عند الله وعند الناس قال أبو علي الدقاق من ملك شهوته في حال شبيبته أعزه الله تعالى في حال كهولته)(5).
7 -
القناعة والزهد في الدنيا:
وهما سبب الخير في الدنيا والآخرة فالحرص على الدنيا وتحصيل أكثر ما يستطاع يورث الإنسان ضياع الورع في طلبه للدنيا وجمعها ولايبالي أخذها بعزة نفس أو ذل من حلال أو حرام.
8 -
الاعتصام بحبل الله ونبذ الخلافات:
قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103].
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه)) (6). ففي الاتحاد عزة وقوة وفي التفرق ذل وضعف.
9 -
الأخذ بالأسباب المادية والمعنوية للعز والقوة:
قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ [الأنفال: 60].
(1)[3631])) رواه أبو داود (1544)، والنسائي (8/ 261)، وابن ماجه (771)، وأحمد (2/ 305)(8039)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (678)، والحاكم (1/ 725)، والبيهقي (7/ 12)(12929). والحديث سكت عنه أبو داود، قال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم، وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (24/ 54): محفوظ، وصححه ابن دقيق العيد في ((الإلمام)) (1/ 325) كما اشترط في المقدمة، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/ 21) كما قال في المقدمة، والسيوطي في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (1546)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (15/ 196)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
(2)
[3632])) ((عون المعبود شرح سنن أبي داود)) للعظيم آبادي (4/ 282).
(3)
[3633])) ((الأدب النبوي)) لمحمد الخولي (1/ 291)
(4)
[3634])) ((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (2/ 458)
(5)
[3635])) ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين)) لابن القيم (1/ 483)
(6)
[3636])) رواه البخاري (481)، ومسلم (2585).