الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذم الفحش والبذاءة في القرآن والسنة
ذم الفحش والبذاءة في القرآن الكريم:
- قال تعال: لَاّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 114].
قال السعدي: (أي: لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون، وإذا لم يكن فيه خير، فإما لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح، وإما شر ومضرة محضة كالكلام المحرم بجميع أنواعه. ثم استثنى تعالى فقال: إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ من مال أو علم أو أي نفع كان، بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة كالتسبيح والتحميد ونحوه)(1).
- وقال سبحانه: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَاّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا [النساء: 148].
قال البغوي: (يعني: لا يحب الله الجهر بالقبح من القول إلا من ظلم، فيجوز للمظلوم أن يخبر عن ظلم الظالم وأن يدعو عليه، قال الله تعالى: وَلَمَنْ انتصرَ بعد ظلمه فأولئك ما عليهم مِنْ سَبيل [الشورى: 41]، قال الحسن: دعاؤه عليه أن يقول: اللهم أعني عليه اللهم استخرجْ حقي منه، وقيل: إن شُتِم جاز أن يشتم بمثله لا يزيد عليه)(2).
- قال تعالى: وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشورى: 37].
- وقال سبحانه: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَاّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم: 31 - 32].
- وقال عز من قائل: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33].
قال السعدي في تفسيره لهذه الآية (أي: الذنوب الكبار التي تستفحش وتستقبح لشناعتها وقبحها، وذلك كالزنا واللواط ونحوهما. وقوله: مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ أي: الفواحش التي تتعلق بحركات البدن، والتي تتعلق بحركات القلوب، كالكبر والعجب والرياء والنفاق، ونحو ذلك)(3).
ذم الفحش والبذاءة في السنة النبوية:
- عن أبي عبد الله الجدلي قال: ((سألت عائشة رضي الله عنها: عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان أحسن الناس خلقا لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح)) (4).
(أي ناطقا بالفحش وهو الزيادة على الحد في الكلام السيئ والمتفحش المتكلف لذلك أي لم يكن له الفحش خلقا ولا مكتسبا)(5).
(1)((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 202).
(2)
((معالم التنزيل)) للبغوي (2/ 304).
(3)
((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 287).
(4)
رواه الترمذي (2016)، أحمد (6/ 236)(26032)، وابن حبان (14/ 355) (6443). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5820).
(5)
((فتح الباري)) لابن حجر (6/ 575).
- وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)) (1)
قال ابن بطال في قوله (ولا الفاحش، أي: فاعل الفحش أو قائله. وفي النهاية أي: من له الفحش في كلامه وفعاله قيل أي: الشاتم، والظاهر أن المراد به الشتم القبيح الذي يقبح ذكره. ((ولا البذيء))
…
وهو الذي لا حياء له كما قاله بعض الشراح. وفي النهاية: البذاء بالمد الفحش في القول وهو بذيء اللسان، وقد يقال بالهمز وليس بكثير. اهـ. فعلى هذا يخص الفاحش بالفعل لئلا يلزم التكرار، أو يحمل على العموم، والثاني يكون تخصيصا بعد تعميم بزيادة الاهتمام به لأنه متعد) (2).
- وعن عائشة- رضي الله عنها قالت: ((استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت ثم ألنت له الكلام. قال: أي عائشة، إن شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس اتقاء فحشه)) (3).
(قال الخطابي جمع هذا الحديث علما وأدبا وليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم في أمته بالأمور التي يسميهم بها ويضيفها إليهم من المكروه غيبة وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض بل الواجب عليه أن يبين ذلك ويفصح به ويعرف الناس أمره فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة ولكنه لما جبل عليه من الكرم وأعطيه من حسن الخلق أظهر له البشاشة ولم يجبهه بالمكروه لتقتدي به أمته في اتقاء شر من هذا سبيله وفي مداراته ليسلموا من شره وغائلته)(4).
(والفحش والبذاء مذموم كله، وليس من أخلاق المؤمنين. وقد روى مالك عن يحيى بن سعيد أن عيسى بن مريم لقي خنزيرا في طريق فقال له: انفذ بسلام فقيل له: تقول هذا لخنزير فقال عيسى ابن مريم: إني أخاف أن أعود لساني المنطق السوء. فينبغي لمن ألهمه الله رشده أن يجنبه ويعود لسانه طيب القول ويقتدي في ذلك بالأنبياء عليهم السلام فهم الأسوة الحسنة. وفى حديث عائشة أنه لا غيبة في الفاسق المعلن وإن ذكر بقبيح أفعاله. وفيه: جواز مصانعة الفاسق وإلانة القول لمنفعة ترجى منه)(5).
- وعن أبي الدرداء- رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء)) (6).
- وعن أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه أنه قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحياء والعي شعبتان من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من شعب النفاق)) (7).
(قال البيضاوي: لما كانا باعثين على التحفظ في الكلام والاحتياط فيه عُدَّا من الإيمان، وما يخالفهما من النفاق وعلى هذا يكون المراد بالعِيِّ ما يكون سبب التأمل والتحرز عن الوبال، لا الخلل في اللِّسان، وبالبيان ما يكون بسبب الاجتراء وعدم المبالاة بالطغيان، والتحرز عن الزور والبهتان. والبذَاء، والبيانُ شعبتان من النِّفاقِ قال في النهاية: أراد أنهما خصلتان منشؤهما النفاق، أما البذاء؛ وهو الفحش، فظاهر، وأما البيان؛ فإنما أراد منه بالذم التعمق في النطق، والتفاصح وإظهار التقدم فيه على النَّاس، وكأنه نوع من العجب، والكبر، ولذا قال في روايةِ أخرى: ((بعض البيان)) لأنه ليس كل البيان مذمومًا) (8).
(1) رواه الترمذي (1977)، وابن حبان (1/ 421)(192)، والحاكم (1/ 57). قال الترمذي: حسن غريب. وصحح إسناده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (ص1010)، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (7584).
(2)
((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (9/ 230).
(3)
رواه البخاري (6054).
(4)
((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 454).
(5)
((مرقاة المفاتيح)) للقاري (7/ 3044).
(6)
رواه الترمذي (2002)، وابن حبان (12/ 506). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5628).
(7)
رواه الترمذي (2027)، وأحمد (5/ 269) (22366). قال الترمذي: حسن غريب. وقال الحاكم (1/ 51): صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (3866).
(8)
((قوت المقتذي)) للسيوطي (1/ 480).