الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذم الكذب في القرآن والسنة
ذم الكذب والنهي عنه في القرآن الكريم:
- قال الله تعالى: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النحل: 105].
(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ على الله وعلى رسوله شِرارُ الخلق، الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ من الكفرة والملحدين المعروفين بالكذب عند الناس)(1).
- وقال سبحانه: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية: 7].
(أي: كذاب في مقاله أثيم في فعاله. وأخبر أن له عذابا أليما وأن مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ [الجاثية: 10] تكفي في عقوبتهم البليغة)(2).
- وقال عز وجل: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ [الشعراء: 221 - 223].
7 -
وقال سبحانه: لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور: 13].
- وقال في وصف المنافقين: أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنصَرُونَ [الحشر: 11 - 12].
قال السعدي في قوله: وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [التوبة: 107]: (في هذا الوعد الذي غروا به إخوانهم، ولا يستكثر هذا عليهم، فإن الكذب وصفهم، والغرور والخداع مقارنهم، والنفاق والجبن يصحبهم، ولهذا كذبهم الله بقوله، الذي وجد مخبره كما أخبر الله به، ووقع طبق ما قال، فقال: لَئِنْ أُخْرِجُوا من ديارهم جلاء ونفيا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ لمحبتهم للأوطان، وعدم صبرهم على القتال، وعدم وفائهم بوعدهم)(3).
ذم الكذب والنهي عنه في السنة النبوية:
(الكذب رذيلة محضة تنبئ عن تغلغل الفساد في نفس صاحبها، وعن سلوك ينشئ الشر إنشاء، ويندفع إلى الإثم من غير ضرورة مزعجة، أو طبيعة قاهرة)(4). ولقد حذر الإسلام من الكذب ونهى عنه:
- فعن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)) (5).
- وعنه أيضاً- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع)) (6).
قال ابن الجوزي: (فيه تأويلان أحدها أن يروي ما يعلمه كذبا ولا يبينه فهو أحد الكاذبين والثاني أن يكون المعنى بحسب المرء أن يكذب لأنه ليس كل مسموع يصدق به فينبغي تحديث الناس بما تحتمله عقولهم)(7).
- وعن صفوان بن سليم أنه قال: ((قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن بخيلا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن كذابا فقال لا)) (8).
(1)((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (4/ 604).
(2)
((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (775).
(3)
((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (851).
(4)
((خلق المسلم)) للغزالي (ص 33).
(5)
رواه البخاري (33)، ومسلم (59).
(6)
رواه مسلم (4).
(7)
((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (1/ 340).
(8)
رواه مالك (2/ 990)(19)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/ 456) (4472) مرسلا. قال الألباني في ((ضعيف الترغيب)) (1752): مرسل ضعيف.
- وعن ثابت بن الضحاك- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جهنم)) (1).
(ومعنى الحديث النهي عن الحلف بما حلف به من ذلك والزجر عنه، وتقدير الكلام: من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا، فهو كما قال، يعنى فهو كاذب حقا، لأنه حين حلف بذلك ظن أن إثم الكذب واسمه ساقطان عنه لاعتقاده أنه لا حرمة لما حلف به، لكن لما تعمد ترك الصدق في يمينه، وعدل عن الحق في ذلك، لزمه اسم الكذب، وإثم الحلف، فهو كاذب كذبتين: كاذب بإظهار تعظيم ما يعتقد خلافه، وكذب بنفيه ما يعلم إثباته أو بإثبات ما يعلم نفيه. فإن ظن ظان أن في هذا الحديث دليل على إباحة الحلف بملة غير الإسلام صادقا لاشتراطه في الحديث أن يحلف به كاذبا، قيل له: ليس كما توهمت، لورود نهي النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الحلف بغير الله نهيا مطلقا، فاستوى في ذلك الكاذب والصادق، وفي النهي عنه)(2).
- وعن أبي محمد، الحسن بن علي بن أبي طالب- رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة)) (3).
قال ابن رجب: (يشير إلى أنه لا ينبغي الاعتماد على قول كل قائل كما قال في حديث وابصة: ((وإن أفتاك الناس وأفتوك)) (4) وإنما يعتمد على قول من يقول الصدق، وعلامة الصدق أنه تطمئن به القلوب، وعلامة الكذب أنه تحصل به الريبة، فلا تسكن القلوب إليه، بل تنفر منه.
ومن هنا كان العقلاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا كلامه وما يدعو إليه، عرفوا أنه صادق، وأنه جاء بالحق، وإذا سمعوا كلام مسيلمة، عرفوا أنه كاذب، وأنه جاء بالباطل، وقد روي أن عمرو بن العاص سمعه قبل إسلامه يدعي أنه أنزل عليه: يا وبر يا وبر، لك أذنان وصدر، وإنك لتعلم يا عمرو، فقال: والله إني لأعلم أنك تكذب) (5).
(1) رواه البخاري (1363).
(2)
((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (3/ 350).
(3)
رواه الترمذي (2516)، والنسائي (5711)، وأحمد (1/ 200)(1723). وصححه الترمذي، وصحح إسناده الحاكم، وصححه الذهبي.
(4)
رواه أحمد (4/ 228)(18035)، والدارمي (3/ 1649)(2575)، وأبو يعلى (3/ 160)(3/ 160)(1586). وحسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/ 351)، وحسنه النووي في ((الأذكار)) (408)، وحسنه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1734).
(5)
((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب الحنبلي (ص285).