الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل متفرقة متعلقة بالغيبة
- موقف المسلم تجاه المغتاب:
(عن أبي هريرة أن ماعز بن مالك: جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى قالها أربعا فلما كان في الخامسة قال: زنيت؟ قال: نعم قال: وتدري ما الزنى؟ قال: نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا قال: ما تريد إلى هذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدخلت ذلك منك في ذلك منها كما يغيب الميل في المكحلة والعصا في الشيء؟ قال: نعم يا رسول الله قال: فأمر برجمه فرجم فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين يقول أحدهما لصاحبه: ألم تر إلى هذا ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب؟ فسار النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ثم مر بجيفة حمار فقال: أين فلان وفلان؟ انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار قالا: غفر الله لك يا رسول الله وهل يؤكل هذا قال: فما نلتما من أخيكما آنفا أشد أكلا منه والذي نفسي بيده إنه الآن في أنهار الجنة يتقمص فيها)(1).
(عن اللّجلاج- رضي الله عنه أنّه كان قاعدا يعتمل في السّوق فمرّت امرأة تحمل صبيّا فثار النّاس معها وثرت فيمن ثار، فانتهت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((من أبو هذا معك؟)) فسكتت، فقال شابّ حذوها: أنا أبوه يا رسول الله، فأقبل عليها فقال:((من أبو هذا معك؟)) قال الفتى: أنا أبوه يا رسول الله، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض من حوله يسألهم عنه، فقالوا: ما علمنا إلّا خيرا، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:((أحصنت؟)) قال: نعم، فأمر به فرجم، قال: فخرجنا به فحفرنا له حتّى أمكنّا ثمّ رميناه بالحجارة حتّى هدأ، فجاء رجل يسأل عن المرجوم فانطلقنا به إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقلنا: هذا جاء يسأل عن الخبيث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لهو أطيب عند الله من ريح المسك)) فإذا هو أبوه، فأعنّاه على غسله وتكفينه ودفنه) (2).
(1) رواه أبو يعلى في ((المسند)) (10/ 524)(6140). قال حسين سليم أسد محقق المسند: إسناده ضعيف.
(2)
رواه أبو داود (4435)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (6/ 425)(7146)، والطبراني في ((الكبير)) (19/ 219).
وعن عتبان بن مالك- رضي الله عنه وهو ممّن شهد بدراً- قال: ((كنت أصلّي لقومي بني سالم، وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جاءت الأمطار فيشقّ عليّ اجتيازه قبل مسجدهم، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إنّي أنكرت بصري وإنّ الوادي الّذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار فيشقّ عليّ اجتيازه فوددت أنّك تأتي فتصلّي من بيتي مكانا أتّخذه مصلّى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سأفعل. فغدا عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر- رضي الله عنه بعد ما اشتّد النّهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذنت له فلم يجلس حتّى قال: أين تحبّ أن أصلّي من بيتك، فأشرت له إلى المكان الّذي أحبّ أن أصلّي فيه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبّر وصففنا وراءه فصلّى ركعتين ثمّ سلّم وسلّمنا حين سلّم فحبسته على خزير يصنع له، فسمع أهل الدّار أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فثاب رجال منهم حتّى كثر الرّجال في البيت، فقال رجل: ما فعل مالك؟ لا أراه. فقال: رجل منهم: ذاك منافق لا يحبّ الله ورسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقل ذاك، ألا تراه قال لا إله إلّا الله يبتغي بذلك وجه الله؟، فقال: الله ورسوله أعلم. أمّا نحن فو الله ما نرى ودّه ولا حديثه إلّا إلى المنافقين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنّ الله قد حرّم على النّار من قال لا إله إلّا الله يبتغي بذلك وجه الله)) (1).
الغيبة لا تقتصر على اللسان:
إن الشرع حرم الغيبة باعتبارها تصريح باللسان يفهم منه استنقاص الآخرين وذكر عيوبهم، وكذلك فإن كل فعل أو حركة أو كتابة توحي بالمقصود فهي غيبة.
قالت عائشة رضي الله عنها: دخلت علينا امرأة، فلما ولت أومأت بيدي أنها قصيرة، فقال عليه السلام:((اغتبتها)) (2).
غيبة العلماء ومن لهم شأن في الإسلام:
لا شك أن الوقيعة في المؤمنين حرام وأنها من كبائر الذنوب، وأن أشد أنواعها (غيبة العلماء والوقيعة في العلماء، والكلام على العلماء بما يجرحهم
…
لأنه يترتب عليه فصل الأمة عن علمائها، ويترتب عليه عدم الثقة بأهل العلم، وإذا حصل هذا حصل الشر العظيم) (3)، (وإذا كانت الغيبة لمن لهم شأن في الإسلام ومقام في الإسلام ونفع لعباد الله كولاة أمور المسلمين فالغيبة في حقهم أشد)(4).
- أخبث الغيبة:
ومن أخبث أنواع الغيبة غيبة من يفهم المقصود بطريقة الصالحين إظهاراً للتعفف عنها، ولا يدرى بجهله أنه جمع بين فاحشتي الرياء والغيبة، كما يقع لبعض المرائين أنه يذكر عنده إنسان فيقول: الحمد لله الذي ما ابتلانا بقلة الحياء أو بالدخول على السلاطين، وليس قصده بدعائه إلا أن يفهم عيب الغير (5).
- غيبة الكافر:
(سُئِلَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ غِيبَةِ الْكَافِرِ. فَقَالَ: هِيَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ مَحْذُورَةٌ لِثَلَاثِ عِلَلٍ: الْإِيذَاءُ وَتَنْقِيصُ خَلْقِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ خَالِقٌ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَتَضْيِيعُ الْوَقْتِ بِمَا لَا يُعْنِي. قَالَ: وَالْأُولَى تَقْتَضِي التَّحْرِيمُ، وَالثَّانِيَةُ الْكَرَاهَةُ، وَالثَّالِثَةُ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَكَالْمُسْلِمِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الْإِيذَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَصَمَ عِرْضَهُ وَدَمَهُ وَمَالَهُ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَالْأُولَى هِيَ الصَّوَابُ)(6).
(1) رواه البخاري (425)، ومسلم (33).
(2)
رواه أحمد (6/ 206)(25749)، والطبري في ((تفسيره)) (22/ 307).
(3)
((ما يجب في التعامل مع العلماء)) صالح الفوزان (ص17).
(4)
((ما يجب في التعامل مع العلماء)) صالح الفوزان (ص29 - 30).
(5)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 561).
(6)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 560).