الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
من قرأَها كما أنزلت عصم من الدجال ومن قرأَها يوم الجمعة كان له نوراً يوم القيامة ما بينه وبين مكة:
عن أبى سعيد الخدرى:
(109)
قال النسائى: أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن أبى هاشم عن أبى مجلز عن قيس بن عباد عن أبى سعيد الخدري قال: "من قرأ سورة الكهف كما أُنزلت ثم أدرك الدجال لم يسلط عليه ومن قرأ سورة الكهف (يوم الجمعة) كان له نوراً (يوم القيامة) من حيث قرأها ما بينه وبين مكة، (وفي لفظ عند غيره ما بينه وبين البيت العتيق) (ومن توضأ ثم قال: سبحانك اللهم بحمدك أشهد أن لا إِله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق (1) ثم طبع بطابع (2) فلم يكسر إلى يوم القيامة) ".
(موقوف في حكم المرفوع).
تخريجه وطرقه:
النسائي في "اليوم والليلة" 8، 57/ أ، 4، 36/ ب، وأبو عبيد 175، والدارمي 2/ 454، وعبد الرزاق في "المصنف" 3/ 378، وابن الضريس 4/ 102، والحاكم 1/ 564، 2/ 368، 4/ 511، والبيهقي في "السنن" 3/ 249، وفي "الشعب" 1/ 366 القسم الثاني، والخطيب في "التاريخ" 4/ 134، والمعمري والطبراني في "الأوسط"(انظر "النكت الظراف" 3/ 447).
من طريق أبى هاشم عن أبي مجلز به.
ورواه عن أبى هاشم سفيان الثورى ولم يختلف عليه في وقفه، إلا رواية ذكرها ابن حجر في "النكت الظراف" ولم أقف عليها وشعبة وهشيم واختلف عليهما فى وقفه ورفعه، وقال أبو =
_________
(1)
هو ما يكتب فيه من جلد وغيره (انظر "تحفة الذاكرين" ص 120).
(2)
بفتح الباء هو الخاتم وكسر الباء لغة (انظر "تحفة الذاكرين" ص 120).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= نعيم في "اليوم والليلة" له رواه قيس بن الربيع عن أبي هاشم مرفوعاً (انظر "النكت الظراف" 3/ 447) وسيأتي تحقيق المسألة.
وعزاه فى "الدر" 4/ 209 لابن مردويه والضياء.
ملحوظة:
وقع في المستدرك 1/ 564 بإسقاط أبى مجلز وهو خطأ مطبعي والله أعلم.
التحقيق:
أبو هاشم هو يحيى بن دينار الرمانى ثقة.
وأبو مجلز هو لاحق بن حميد ثقة.
وقيس بن عباد ثقة مخضرم.
وسفيان هو الثورى وهو إمام حجة يأتي الكلام عليه.
وعبد الرحمن هو ابن مهدى ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث.
ومحمد بن بشار هو بندار ثقة.
فالحديث إسناده في غاية الصحة وهو من قبيل المرفوع لأنه لا مجال للرأى فيه ولا يمكن تلقيه عن أهل الكتاب كما سبق ذكر ذلك مراراً.
وفى الحديث كلام من جهتين:
أولاً: من جهة الإسناد: الرفع والوقف:
الصحيح أن الحديث موقوف فى حكم المرفوع ولذا أخطأ البعض فرفعه وتحقيق ذلك أن الحديث جاء من ثلاثة طرق عن أبى هاشم:
الأول: من طريق هشيم فرواه عنه موقوفاً أبو عبيد وسعيد بن منصور وأبو النعمان وأحمد بن خلف البغدادى.
ورواه عنه مرفوعاً نعيم بن حماد ويزيد بن مخلد بن يزيد.
فالذين رووه موقوفاً أبو عبيد إمام مشهور ثقة فاضل مصنف.
وسعيد بن منصور ثقة مصنف وكان لا يرجع عما في كتابه لشدة وثوقه به.
وأبو النعمان هو محمد بن الفضل عارم ثقة ثبت تغير في آخر عمره.
وأحمد بن خلف قال الخطيب: شيخ غير مشهور عندنا "التاريخ" 4/ 134، وقال ابن حجر: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حديثه مستقيم "اللسان" 1/ 167.
وأما الذين رووه مرفوعاً فنعيم بن حماد صدوق يخطئ كثيراً فقيه عارف بالفرائض.
ويزيد بن مخلد ترجم له أبو حاتم وسكت عنه "الجرح والتعديل" 4/ 291.
فمن وقفه أوثق وأجل ممن رفعه في هذا الطريق.
الثانى: من طريق شعبة فرواه عنه موقوفاً محمد بن جعفر غندر.
ورواه عنه مرفوعاً يحيى بن كثير، وذكر معه الألباني في "الإرواء" 3/ 94 روح بن القاسم فقال:(رواه عن شعبة مرفوعاً روح بن القاسم كما نقله الشوكاني في "تحفة الذاكرين" 93 عن الحافظ)، ولم أقف عليه في "تحفة الذاكرين"، ولا على الطريق الموصل إليه هل هو صحيح أم لا؟ حتى نحكم بمتابعته ليحيى، وقد قال الطبرانى في "الأوسط": لم يروه عن شعبة إلا يحيى بن كثير، وقال ابن حجر: أراد بذلك مرفوعاً "النكت الظراف" 3/ 447، ولم يتعقبه بذكر روح، وعلى أي حال فيحيى بن كثير ثقة حافظ، ومحمد بن جعفر ثقة روى عن شعبة فأكثر وجالسه نحواً من عشرين سنة لم يكتب من أحد غيره وكان إذا كتب عنه عرضه عليه، وقال ابن معين: كان من أصح الناس كتاباً، وكان وكيع يسميه الصحيح الكتاب، وقال ابن المبارك: إذا اختلف الناس في شعبة فكتاب غندر حكم بينهم، وقال ابن مهدى: غندر أثبت في شعبة مني، وقال العجلى: كان من أثبت الناس في شعبة "التهذيب" 9/ 96 - 98.
وعلى هذا فالقول قول محمد بن جعفر حيث رواه موقوفاً.
الثالث: من طريق سفيان الثورى وهو أفضل الطرق وأصحها متناً كما سيأتى، ولم يختلف فيه على سفيان، فرواه موقوفاً قولاً واحداً، رواه عنه عبد الرحمن بن مهدى، ورواه عن عبد الرحمن أحمد بن حنبل ونعيم بن حماد وأبو موسى ومحمد بن بشار. وسفيان هو العمدة في ذلك ولذا آثرت ذكر الحديث من طريقه.
قال شعبة وابن عيينة وأبو عاصم وابن معين وغير واحد من العلماء: سفيان أمير المؤمنين في الحديث، وقال يحيى القطان: ليس أحد أحب إليَّ من شعبة ولا يعدله أحد عندى، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان، وكان يحيى بن معين لا يقدم على سفيان في زمانه أحداً، وقال أبو داود: ليس يختلف سفيان وشعبة فى شيء إلا يظفر سفيان، وعن ابن معين ما خالف أحد سفيان في شيء إلا كان القول قول سفيان (انظر "التهذيب" 4/ 111 - 115).
ورواه عن سفيان أيضاً ابن المبارك، ورواه عنه سويد عند النسائى في "اليوم والليلة" مقتصراً على فضل الذكر بعد الوضوء "اليوم والليلة" 8/ أ، 4/ ب.
ورواه عنه أيضاً عبد الرزاق معلولاً موقوفاً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد ذكر ابن حجر في "النكت الظراف" أن المعمرى أخرجه من رواية يوسف بن أسباط عن سفيان مرفوعاً، ولم أقف عليه، وعلى أيٍّ فيوسف بن أسباط عدم كتبه فكان يحمل على حفظه فيغلط ويشتبه عليه ولا يتعمد الكذب، وقال أبو حاتم: لا يحتج به (انظر "لسان الميزان" 6/ 317)، وعليه فمخالفته إن ثبتت لابن مهدى وابن المبارك منكرة.
فثبت من هذا أن الحديث موقوف أصح وقد رجح ذلك النسائى فقال بعد رواية ما جاء في ذكر الوضوء مرفوعاً هذا خطأ والصواب موقوف 8/ أ، 4/ ب.
وقال الهيثمى: (رجاله رجال الصحيح إلا أن النسائى قال بعد تخريجه في "اليوم والليلة" هذا خطأ والصواب موقوفاً) 1/ 239، وكذا البيهقي في "الشعب" 1/ 366 القسم الثانى، قال وهذا هو المحفوظ موقوف.
وقد صححه الحاكم مرفوعاً 1/ 564، وسكت الذهبي، والصحيح ما أثبتناه والله أعلم.
وأما قيس عن أبى هاشم فهي عند الطبرانى في "الدعاء" 23/ أ/ 2 وقيس تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه والراوى عنه يحيى الحمانى وقد اتهموه بسرقة الحديث وهي مقتصرة على جزء الوضوء فقط وزاد البسملة في البداية.
ثانياً: من جهة المتن:
(1)
لفظ "يوم الجمعة" زاد في رواية هشيم ولكونها لا تعد مخالفة وهشيم ثقة وجاءت عنه من غير طريق ولها شواهد يأتي ذكرها أثبتناها في المتن.
(2)
ورد فى لفظ "ليلة الجمعة" بدلاً من "يوم الجمعة"، وهي لفظة شاذة أو منكرة، ولم ترد إلا من طريق أبى النعمان عن هشيم عند الدارمي، وأبو النعمان هو محمد بن الفضل عارم ثقة ثبت تغير في آخر عمره، فربما كان هذا من تغيره، وقد خالفه كل من رواه عن هشيم ممن سبق ذكرهم.
(3)
ورد في لفظ "أضاء له من النور ما بين الجمعتين" وهو من طريق نعيم بن حماد عن هشيم، ونعيم مر أنه يخطئ كثيراً، وقد خالفه غيره عن هشيم، ولم يرد هذا اللفظ لا من طريق شعبة ولا سفيان، ويبدو أنه دخل على نعيم من الحديث الآتي أو من أحاديث أُخر يأتى ذكرها فيما جاء في الباب، والصحيح ما أثبتناه. وانظر ما قيل في تحقيق الحديث الآتي.
(4)
ورد في لفظ "من قرأ بعشر آيات من آخرها فخرج الدجال لم يسلط عليه" وهي من طريق شعبة فقط، ويبدو أنه مع جلالته دخل عليه تحديد العشر من روايته لحديثي ثوبان وأبى الدرداء الآتين. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فالصحيح في هذا المتن ما أثبتناه، وهو ما أتى من طريق سفيان، حيث أنه خالف شعبة فالقول قوله.
(5)
لفظ "يوم القيامة" زاد في رواية شعبة، وهي كذلك زيادة ثقة، ولها شواهد يأتي ذكرها. هذا الذى رجح عندى في ذلك الحديث وأسأل الله أن يكون وفقنى إلى الصواب فيه والحمد لله رب العالمين.
ملحوظة:
جاء في رواية عبد الرزاق عن الثوري تحديد في الرواية بقوله "ومن قرأ خاتمة سورة الكهف أضاء نوره
…
إلخ" وهذا اللفظ اختلفت فيه النسخ كما أشار إلى ذلك المحقق فقال: وفي (ص) سورة خاتمة الكهف. ا. هـ.
والصحيح عدم التقييد بذلك فالذى في (ص) أولى، ولو ثبت هذا عن عبد الرزاق فيكون قد اشتبه عليه بما رواه عن قتادة مرسلاً والآتي في فضل الأواخر. والله أعلم.
وفي الباب:
انظر ما في الباب في الحديث الآتي.