المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: [في حكم انعقاد الإجماع بقول الأكثر] - روضة الناظر وجنة المناظر - ت شعبان - جـ ١

[ابن قدامة]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌مقدمة المجلد الأول

- ‌مدخل

- ‌مقدمة

- ‌فصل: "في أقسام الحد

- ‌فصل: [في أن تعذر البرهان على الحد لا يمنع صحته]

- ‌فصل: في البرهان

- ‌فصل: في كيفية دلالة الألفاظ على المعنى

- ‌فصل: في النظر في المعاني

- ‌فصل: في تأليف مفردات المعاني

- ‌فصل: [في مقدمتي البرهان وأضربه]

- ‌فصل: [في أسباب مخالفة البرهان أو القياس]

- ‌فصل: [في اليقين ومداركه]

- ‌فصل: في لزوم النتيجة من المقدمتين

- ‌فصل: [في تقسيم البرهان: إلى برهان علة وبرهان دلالة]

- ‌فصل: [في الاستدلال بالاستقراء]

- ‌الباب الأول: في حقيقة الحكم وأقسامه

- ‌معنى الحكم

- ‌فصل: [في تقسيم الواجب باعتبار ذاته]

- ‌فصل: [في تقسيم الواجب باعتبار وقت الأداء]

- ‌فصل: [في تضييق الواجب الموسع]

- ‌فصل: [في مقدمة الواجب وحكمها]

- ‌فصل: [في بعض الفروع المخرجة على مقدمة الواجب]

- ‌فصل: [في الواجب غير المحدد]

- ‌فصل: القسم الثاني: المندوب

- ‌فصل: [في حكم الأشياء قبل ورود الشرع]

- ‌فصل: [هل المباح مأمور به]

- ‌فصل: القسم الخامس: الحرام

- ‌فصل: [في أقسام النهي]

- ‌فصل: [الأمر بالشيء نهي عن ضده]

- ‌فصل: [في معنى التكليف وشروطه]

- ‌فصل: [في عدم تكليف الناسي والنائم والسكران]

- ‌فصل: [في حكم تكليف المكره]

- ‌فصل: [في حكم تكليف الكفار بفروع الإسلام]

- ‌فصل: [شروط الفعل المكلف به]

- ‌فصل: [في المقتضى بالتكليف]

- ‌فصل: الضرب الثاني - من الأحكام ما يتلقى من خطاب الوضع والإخبار

- ‌فصل: [في الشرط وأقسامه]

- ‌فصل: في القضاء والأداء والإعادة

- ‌فصل: في العزيمة والرخصة

- ‌الباب الثاني: في أدلة الأحكام

- ‌مدخل

- ‌فصل: [في تعريف الكتاب والقرآن وأنهما بمعنى واحد]

- ‌فصل: [في حكم الاحتجاج بالقراءة الشاذة]

- ‌فصل: [في اشتمال القرآن على الحقيقة والمجاز]

- ‌فصل: [ليس في القرآن ألفاظ غير عربية]

- ‌فصل: [في المحكم والمتشابه]

- ‌الباب الثالث: النسخ

- ‌فصل: تعريف النسخ

- ‌فصل: [معنى النسخ عند المعتزلة]

- ‌فصل: [الفرق بين النسخ والتخصيص]

- ‌فصل: [ثبوت النسخ بالأدلة العقلية والنقلية]

- ‌فصل: [في وجوه النسخ في القرآن]

- ‌فصل: في نسخ الأمر قبل التمكن من الامتثال

- ‌فصل: [هل الزيادة على النص نسخ

- ‌فصل: [في نسخ جزء العبادة أو شرطها]

- ‌فصل: [في جواز نسخ العبادة إلى غير بدل]

- ‌فصل: [في النسخ بالأخف والأثقل]

- ‌فصل: [في حكم من لم يبلغه النسخ]

- ‌فصل: [في وجوه النسخ بين القرآن والسنّة]

- ‌فصل: [في حكم نسخ القرآن ومتواتر السنة بالآحاد]

- ‌فصل: [الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به]

- ‌فصل: [في نسخ القياس والنسخ به]

- ‌فصل: [في نسخ التنبيه والنسخ به]

- ‌فصل: فيما يعرف به النسخ

- ‌الباب الرابع: الأصل الثاني من الأدلة سنة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌فصل: في ألفاظ الرواية

- ‌فصل: [في حد الخبر وأقسامه]

- ‌فصل: [فيما يفيده الخبر المتواتر]

- ‌فصل: ي أن ما حصل العلم في واقعة أفاده في غيرها

- ‌فصل: [في شروط التواتر]

- ‌فصل: [مذاهب العلماء في عدد التواتر]

- ‌فصل: [لا يجوز على أهل التواتر كتمان ما يحتاج إليه]

- ‌فصل: [في حكم التعبد بخبر الواحد عقلًا]

- ‌فصل: [في التعبد بخبر الواحد سمعًا]

- ‌فصل: [في شروط الراوي]

- ‌فصل: [في حكم خبر مجهول الحال]

- ‌فصل: [فيما لا يشترط في الراوي]

- ‌فصل: تعارض الجرح والتعديل

- ‌فصل: [في عدالة الصحابة]

- ‌فصل: [في حكم خبر المحدود في القذف]

- ‌فصل: في كيفية الرواية

- ‌فصل: [في حكم الشك في السماع]

- ‌فصل: [في حكم إنكار الشيخ للحديث]

- ‌فصل: [في حكم انفراد الثقة بزيادة في الحديث]

- ‌فصل: [في حكم رواية الحديث بالمعنى]

- ‌فصل: [في حكم مراسيل الصحابة]

- ‌فصل: [في حكم مراسيل غير الصحابة]

- ‌فصل: [في حكم خبر الواحد فيما تعم به البلوى]

- ‌فصل: [في حكم خبر الواحد في الحدود]

- ‌فصل: [في حكم الواحد إذا خالف القياس]

- ‌باب: الأصل الثالث: الإجماع

- ‌فصل: معنى الاجماع

- ‌فصل: [الأدلة على حجية الإجماع]

- ‌فصل: [في المعتبرين في الإجماع]

- ‌فصل: [فيمن يعتبر في الإجماع من أصحاب العلوم]

- ‌فصل: [في عدم الاعتداد بقول الكافر والفاسق في الإجماع]

- ‌فصل: في الاعتداد بقول التابعي المجتهد في إجماع الصحابة

- ‌فصل: [في حكم انعقاد الإجماع بقول الأكثر]

- ‌فصل: [في حكم إجماع أهل المدينة]

- ‌فصل: [في حكم إجماع الخلفاء الأربعة]

- ‌فصل: هل انقراض العصر شرط لصحة الإجماع

- ‌فصل: [هل اتفاق التابعين على أحد قولي الصحابة إجماع

- ‌فصل: [اختلاف الصحابة على قولين يمنع إحداث قول ثالث]

- ‌فصل: [في حكم الإجماع السكوتي]

- ‌فصل: في جواز انعقاد الإجماع عن اجتهاد وقياس

- ‌فصل: [الأخذ بأقل ما قيل ليس إجماعًا]

- ‌فصل: [هل النافي للحكم يلزمه الدليل]

- ‌باب: في تقاسيم الكلام والأسماء

- ‌فصل: اختلاف في مبدأ اللغات

- ‌فصل: [هل تثبت الأسماء بالقياس]

- ‌فصل: [في تعارض الحقيقة والمجاز]

- ‌فصل: [في علامات الحقيقة والمجاز]

- ‌فصل: [في تعريف الكلام وأقسامه]

- ‌فصل: [نفي الذوات لا يقتضي الإجمال]

- ‌فصل: [رفع الخطأ رفع للحكم]

- ‌فصل: في البيان

- ‌فصل: [الأمور التي يحصل بها البيان]

- ‌فصل: [لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة]

- ‌باب: الأمر

- ‌مدخل

- ‌فصل: [لا يشترط الإرادة في الأمر]

- ‌فصل: مسألة: الأمر المجرد يدل على الوجوب

- ‌فصل: [فيما تفيده صيغة الأمر بعد الحظر]

- ‌فصل: [الأمر المطلق هل يقتضي التكرار]

- ‌فصل: الأمر المطلق: هل يقتضي الفور

- ‌فصل: [الواجب المؤقت إذا فات وقته لا يحتاج إلى أمر جديد]

- ‌فصل: [مقتضى الأمر: حصول الإجزاء بفعل المأمور به]

- ‌فصل: الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرًا به

- ‌فصل: [أمر الجماعة أمر لكل واحد منهم]

- ‌فصل: [أمر الله تعالى للنبي أمر للأمة ما لم يوجد تخصيص]

- ‌فصل: [في تعلق الأمر بالمعدوم]

- ‌فصل: [في التكليف بغير الممكن]

- ‌فصل: [في النهي]

- ‌فهرس

- ‌موضوعات الجزء الأول:

الفصل: ‌فصل: [في حكم انعقاد الإجماع بقول الأكثر]

يحتمل أنها أنكرت عليه ترك التأدب مع ابن عباس، أولم تره بلغ رتبة الاجتهاد، أوغير ذلك من المحتملات. والله أعلم.

= والترمذي والنسائي وغيرهم ولفظه: "عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: كنا نتذاكر أنا وابن عباس وأبو هريرة في عدة المتوفى عنها زوجها، فقال ابن عباس: أبعد الأجلين، وقلت أنا عدتها: أن تضع حملها، وقال أبو هريرة:

أنا مع ابن أخى، فأرسل ابن عباس غلامه "كريبًا" إلى أم سلمة يسألها فقالت: قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة، فخطبت فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو السنابل فيمن خطبها".

ص: 402

‌فصل: [في حكم انعقاد الإجماع بقول الأكثر]

ولا ينعقد الإجماع بقول الأكثرين من أهل العصر في قول الجمهور1.

وقال محمد بن جرير2، وأبو بكر الرازي3: ينعقد4.

1 وهو: المنقول عن أكثر الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد. وهو الذي رجحه الغزالي حيث قال:"والمعتمد عندنا: أن العصمة إنما تثبت للأمة بكليتها، وليس هذا إجماع الجميع، بل هو مختلف فيه، وقد قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشوري: 10] وانظر: المستصفى "2/ 341".

2 وهو: محمد بن جرير بن يزيد، أبو جعفر الطبري، الإمام الجليل والمجتهد، المطلق، جمع من العلوم ما لا يشاركه فيه أحد من أهل عصره. توفي سنة 310هـ. "وفيات الأعيان 3/ 332، شذرات الذهب 2/ 260".

3 هو: أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص، الفقيه الحنفي المشهور، ولد سنة 305هـ وتوفي سنة 370هـ. "الدرر المضية 1/ 84".

4 ونقل أبو الحسن البصرى في "المعتمد""2/ 486" هذا الرأي عن أبي الحسين الخياط. =

ص: 402

وقد أومأ إليه أحمد رحمه الله.

ووجهه1:

أن مخالفة الواحد شذوذ، وقد نهى عن الشذوذ.

وقال عليه السلام: "عليكم بالسواد الآعظم". وقال: "الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد".

ولنا2:

أن العصمة إنما تثبت للأمة بكليتها، وليس هذا إجماع الجميع بل هو مختلف فيه، وقد قال -تعالى-:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه} 3.

وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ

} 4.

فإن قيل5:

= وفي أصول السرخسي "1/ 316": أن رأي أبي بكر الرازي فيه تفصيل: وهو أن الأكثرين إذا سوغوا للأقل ذلك الاجتهاد لم ينعقد الإجماع، وإن أنكروا عليهم رأيهم انعقد الإجماع.

ونقل الغزالي رأيًا آخر في المسألة وهو: إن بلغ عدد الأقل عدد التواتر اندفع الإجماع، وإن نقص فلا يندفع.

ونقل الشوكاني في إرشاد الفحول جـ1 ص341 عن القاضي أبي بكر أنه قال: إن هذا الرأي هو الذي صح عن ابن جرير.

1 أي دليل القائلين بانعقاد الإجماع بقول الأكثر.

2 بدأ المصنف يذكر أدلة الجمهور على أن الإجماع لا ينعقد بقول الأكثرين.

3 سورة النساء من الآية: 59.

4 سورة الشورى من الآية: 10.

5 هذا اعتراض أورده المصنف على لسان المخالفين للجمهور، خلاصته: أنه قد =

ص: 403

قد يطلق اسم الكل على الأكثر؟

قلنا: هذا مجاز؛ لأن الجمع المعرّف حقيقة في الاستغراق، ولهذا يصح أن يقال: إنهم ليسوا كل المؤمنين، ولا يجوز التخصيص بالتحكم.

وقد وردت نصوص تدل على قلة أهل الحق وذم الأكثرين: كقوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 1 ونحوها.

وقال تعالى: {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ

} 2. وقال: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} 3. وقال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} 4 وقال صلى الله عليه وسلم "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء".

= يطلق اسم الأمة وهو الكل على الأكثر، كما يقال: بنو تميم يحمون الجار، ويكرمون الضيف، ويراد به الأكثر.

وأجاب المصنف على ذلك: بأن هذا من قبيل المجاز، والمجاز لا بد له من دليل، ولا دليل هنا على التخصيص، ولا يجوز التخصيص بالتحكم من غير دليل.

ثم أكمل الرد بقوله بعد ذلك: "وقد وردت نصوص إلخ" ومعناه: أنه كيف تصح دعواكم والحال أنه قد وردت نصوص كثيرة تدل على قلة أهل الحق".

1 سورة الأنعام الآية: 37.

2 سورة "ص" من الآية: 24.

3 سورة البقرة من الآية: 249.

4 سورة سبأ من الآية: 13.

5 الحديث رواه مسلم "146" من حديث عبد الله بن عمر بلفظ "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود -كما بدأ- غريبًا، فطوبى للغرباء".

كما رواه أحمد في المسند "1604" عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت أبي =

ص: 404

دليل ثان1:

إجماع الصحابة على تجويز المخالفة للآحاد:

= يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود كما بدأ فطوبى يومئذ للغرباء، إذا فسد الناس، والذي نفس أبي القاسم بيده، ليأرز الإيمان بين هذين المسجدين، كما تأرز الحية في جحرها".

ومعنى: يأرز: أي ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض. والمسجدان: هما المسجد الحرام، والمسجد النبوي بالمدينة المنورة.

و"بدأ" بالهمز وبدونه، معناها: الابتداء، وبدون همز معناها الظهور، قال النووي: ضبطناه بالهمز ويؤيده المقابلة بالعود، فإن العود يقابل بالابتداء.

قال ابن بدران: "ومعناه: أن الإسلاكم بدأ في آحاد من الناس وقلة، ثم انتشر وظهر، ثم سيلحقه النقص والإخلال، حتى لا يبقى إلا في آحاد وقلة -أيضًا- كما بدأ.

وحاصل الاستدلال: أنه إذا لم يكن ضابط يضبط أهل الإجماع، ولا مرد يرجع إليه عند الاختلاف، فلا خلاص إلا بقول الجميع". "نزهة الخاطر 1/ 360".

1 هذا دليل ثان لمذهب الجمهور على أن الإجماع لا ينعقد بقول الأكثر، وصرح الغزالي بذلك فقال:"الدليل الثاني: إجماع الصحابة على تجويز الخلاف للآحاد، فكم من مسألة انفرد فيها الآحاد بمذهب، كانفراد ابن عباس بالعول، فإنه أنكره "المستصفى 2/ 343".

ووجه الدلالة من هذا الدليل: أن ابن عباس وغيره من الصحابة خالفوا جمهور الصحابة في مسائل كثيرة، وجوز الصحابة لهم هذه المخالفة، وهذا الانفراد ببعض الآراء، ولو انعقد إجماع الصحابة بدون ذلك، لاستحال ترك النكير عليهم، وإقرارهم على مخالفة الإجماع، فدل ذلك على أن الإجماع مع مخالفة الأقل لا ينعقد وهو المدعى.

ص: 405

فانفرد ابن عباس بخمس مسائل في الفرائض1، وانفراد ابن مسعود بمثلها2.

1 وضح المصنف -رحمه الله تعالى- هذه المسائل في المغني فقال:

"فصل: حصل خلاف ابن عباس للصحابة في خمس مسائل، اشتهر قوله فيها:

أحدها: زوج وأبوان.

والثانية: امرأة وأبوان، للأم ثلث الباقي عندهم، وجعل هو لها ثلث المال فيهما.

والثالثة: أنه لا يحجب الأم إلا ثلاثة من الأخوة "يعنى من الثلث إلى السدس".

والرابعة: لم يجعل الأخوات مع البنات عصبة.

والخامسة: أنه لم يُعِل المسائل، فهذه الخمس صحت الرواية عنه فيها، واشتهر عنه القول بها، وشذت عنه روايات سوى هذه ذكرنا بعضها فيما مضى" المغني "9/ 30" طبعة هجر بتحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو.

ومعنى قوله "لم يعد المسائل": أنه يرى إنكار القول بالعول في الفرائض.

2 في بعض النسخ "فانفرد ابن مسعود بخمس مسائل، وانفرد ابن عباس بمثلها".

والمسائل التي انفرد بها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في الفرائض كثيرة، أشار إليها المصنف في "المغني" وجمع منها ستة مسائل في فصل واحد فقال:

"وإذا كانا ابني عم، أحدهما أخ لأم، فللأخ للأم السدس، وما بقي بينهما نصفين: هذا قول جمهور الفقهاء، يروى عن عمر رضي الله عنه ما يدل على ذلك، ويروى ذلك عن "علي" رضي الله عنه وزيد وابن عباس، وبه قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، ومن تبعهم. وقال ابن مسعود: المال للذي هو أخ من أم.

ثم قال: وإن كان ابن عم لأبوين، وابن عم هو أخ لأم، فعلى قول الجمهور: للأخ السدس، والباقي للآخر، وعلى قول ابن مسعود: المال كله لابن العم =

ص: 406

فإن قيل1:

فقد أنكروا على ابن عباس القول بالمتعة2، و"إنما الربا في

= الذي هو أخ لأم.... فإن كان ابنا عم، أحدهما أخ من أم، وبنت ابن، فللبنت أو بنت الابن النصف، والباقي بينهما نصفين، وسقطت الإخوة من الأم بالبنت، وإن كان الذي ليس بأخ ابن عم من أبوين، أخذ الباقي كله كذلك، وعلى قول ابن مسعود: الباقي للأخ في المسألتين، بدليل أن الأخ من الأبوين يتقدم على الأخ من الأب، بقرابة الأم، فإن كان في الفريضة بنت تحجب قرابة الأم....".

ثم أشار إلى أن هذه الأمثلة كلها تمثل مسألة واحدة، فقال: "فصل: فحصل خلاف ابن مسعود في مسائل ست، هذه إحداهن.

والثانية: في بنت وبنات ابن وابن ابن، الباقي عنده للابن دون أخواته.

الثالثة: في أخوات لأبوين وأخ وأخوات لأب، الباقي عنده للأخ دون أخواته.

الرابعة: بنت وابن ابن وبنات ابن، عنده لبنات الابن الأضر بهن من السدس أو المقاسمة.

الخامسة: أخت لأبوين وأخ وأخوات لأب، للأخوات عنده الأضر بهن من ذلك.

السادسة: كان يحجب الزوجين والأم بالكفار والعبيد والقاتلين، ولا يورثهم. المصدر السابق ص31، 32.

1 هذا يعتبر دليلًا آخر للخصم وردًّا على ما استدل به الجمهور من تجويز الخلاف للآحاد -كما نقل عن ابن مسعود وابن عباس-، وحاصله: أنهم أنكروا على ابن عباس إباحة زواج المتعة، وحصر الربا على النسيئة حتى رجع عنهما، وأنكرت عائشة رضي الله عنها على زيد بن أرقم بيع العينة، وهي شراء ما بيع بأقل مما بيع عليه، ومحل الشاهد: أنه لولا أن اتفاق الأكثر حجة، لما كان لهم الإنكار عليهم.

2 أخرج البخاري: كتاب الحيل، باب الحيلة في النكاح، عن محمد بن علي: "أن =

ص: 407

النسيئة"1، وأنكرت عائشة على "زيد بن أرقم"2 مسألة العينة3.

وأنكر ابن عباس على من خالفه في العول والجد4.

عليًّا رضي الله عنه قيل له: إن ابن عباس لا يرى بمتعة النساء بأسًا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية".

وروى مثله الإمام أحمد في المسند "1/ 142" والطبراني في الأوسط، وابن أبي شيبة في المصنف "4/ 292-293".

1 سبق تخريجه وأن ابن عباس قال: "أخبرني به أسامة بن زيد".

2 هو: زيد بن أرقم بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي، شهد الخندق وما بعدها، وشهد موقعة "صفين" مع علي رضي الله عنه توفي بالكوفة سنة 66هـ. "الإصابة 2/ 589".

3 يشير إلى ما أخرجه أحمد في المسند، والدارقطني في سننه: كتاب البيوع، عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها فدخلت معها أم ولد زيد بن أرقم الأنصاري وامرأة أخرى، فقالت أم ولد زيد بن أرقم: يا أم المؤمنين، إني بعت غلامًا من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم نسيئة، وإني ابتعته بستمائة درهم نقدًا، فقالت لها عائشة: بئسما شريت، وبئسما اشتريت، إن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بطل، إلا أن يتوب".

وله طرق أخرى كثيرة عند البيهقي "5/ 330، 331" وعبد الرزاق في المصنف "8/ 184" وابن حزم في المحلى "9/ 688-693".

4 العول في اللغة: الميل إلى الجور، والرفع. وفي الشرع: زيادة السهام على الفريضة، فتعول المسألة إلى سهام الفريضة، فيدخل النقص عليهم بقدر حصصهم. "التعريفات للجرجاني ص159".

وخلاف ابن عباس في العول أخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب الفرائض باب أول من أعال الفرائض عمر، والبيهقي في سننه: كتاب الفرائض، باب العول في الفرائض، بسنده إلى عتبة بن مسعود قال: "دخلت أنا وزفر بن أوس بن الحدثان على ابن عباس -بعدما ذهب بصره-، فتذاكرنا فرائض الميراث، فقال: ترون الذي أحصى رمل عالج عددًا لم يحص ما في مال نصفًا ونصفًا =

ص: 408

............................................................

= وثلثًا، إذا ذهب نصف ونصف فأين موضع الثلث؟! فقال له زفر: يا ابن عباس من أول من أعال الفرائض؟ قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ولم؟ قال: لما تدافعت عليه وركب بعضها بعضًا، قال: والله ما أدري كيف أصنع بكم، والله ما أدري أيكم قدّم الله، ولا أيكم أخّر، قال: وما أجد في هذا المال شيئًا أحسن من أن أقسمه عليكم بالحصص.

ثم قال: ابن عباس: وأيم الله لو قدم من قدم الله، وأخر من أخر الله ما عالت فريضة، فقال له زفر: وأيهم قدم وأيهم أخر؟ فقال: كل فريضة لا تزول إلا إلى فريضة، فتلك التي قدم الله، وتلك فريضة الزوج، له النصف، فإن زال فإلى الربع، لا ينقص منه، والمرأة لها الربع، فإن زالت عنه صارت إلى الثمن، لا تنقص منه، الأخوات لهن الثلثان، والواحدة لها النصف، فإن دخل عليهن البنات كان لهن ما بقي، فهؤلاء الذين أخر الله، فلو أعطى من قدم الله فريضته كاملة، ثم قسم ما بقي بين من أخر الله بالحصص ما عالت فريضة.

فقال له زفر: فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر؟ فقال: هبته والله.

قال ابن إسحاق: فقال لي الزهري: وأيم الله لولا أن تقدمه إمام هدى كان أمره على الورع ما اختلف على ابن عباس اثنان من أهل العلم".

وأما إنكاره على من خالفه في الجد:

فإن ابن عباس وأبا بكر وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم كانوا يرون أن الجد يسقط جميع الإخوة والأخوات من جميع الجهات، كما يسقطهم الأب.

وكان علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم يورّثونهم معه، ولا يحجبونهم به؛ لأن الأخ ذكر يعصّب أخته، فلم يسقطه الجد، كالابن، ولأن ميراثهم ثبت بالكتاب، فلا يحجبون إلا بنص أو إجماع أو قياس، وما وجد شيء من ذلك، فلا يحجبون.

ولأنهم تساووا في سبب الاستحقاق فيتساوون فيه؛ فإن الأخ والجد يدليان بالأب، الجد أبوه، والأخ ابنه، وقرابة النبوة لا تنقص عن قرابة الأبوة، بل ربما كانت أقوى؛ فإن الابن يسقط تعصيب الأب، ولذلك مثّله "علي" رضي الله عنه بشجرة أنبتت غصنًا، فانفرق منه غصنان، كل واحد منهما إلى الآخر أقرب =

ص: 409

قلنا: إنما أنكروا عليهم لمخالفتهم السنة المشهورة، والأدلة الظاهرة.

ثم هب أنهم أنكروا عليهم، والمنفرد منكر عليهم إنكارهم، فلم ينعقد الإجماع، فلا حجة في إنكارهم1.

والشذوذ يتحقق بالمخالفة بعد الوفاق.

ولعله أراد به: الشاذ من الجماعة، الخارج على الإمام، على وجه

= منه إلى أصل الشجرة، ومثّله زيد بواد خرج منه نهر، انفرق منه جدولان، كل واحد منهما إلى الآخر أقرب منه إلى الوادي.

ولابن عباس ومن معه من الصحابة أدلة أخرى كثيرة، تدل على أن الجد يسمى أبًا، ويحل محله في حجب الإخوة، ولذلك قال:"ألا يتقي الله زيد؟ يجعل ابن الابن ابنًا، ولا يجعل أب الاب أبًا".

أخرجه ابن عبد البر في كتابه: "جامع بيان العلم وفضله""2/ 131" وانظر: السنن الكبرى للبيهقي "6/ 247" والمغني لابن قدامة "9/ 65 وما بعدها" طبعة هجر، تحقيق الدكتور عبد الله عبد المحسن تركي والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو.

1 هذا جواب عن الدليل المتقدم وهو: إنكار الصحابة على ابن عباس، في المتعة والربا، وإنكار السيدة عائشة على زيد بن أرقم، وإنكار ابن عباس على من خالفه في العول والجد. والجواب من وجهين:

الأول: أن إنكار الصحابة إنما كان بسب مخالفتهم السنة المشهورة والأدلة الظاهرة، لا لكون اتفاقهم مع مخالفة هؤلاء إجماعًا.

الثاني: سلمنا بإنكار الصحابة رضي الله عنهم لكن المخالفين أنكروا على الصحابة إنكارهم

ولذلك روي عن ابن عباس أنه قال: "ألا يتقي الله زيد، يجعل ولد الولد بمنزلة الولد، ولا يجعل أب الأب بمنزلة الأب، إن شاء باهلته عند الحجر الاسود"، وإذا حصل الإنكار من الطرفين فلا إجماع بل هو مختلف فيه.

ص: 410