الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: [فيما لا يشترط في الراوي]
ولا يشترط في الرواية الذكورية؛ فإن الصحابة قبلوا قول عائشة وغيرها من النساء.
ولا البصر1؛ فإن الصحابة كانوا يروون عن عائشة رضي الله عنها اعتمادًا على صوتها، وهم كالضرير في حقها.
ولا يشترط كون الراوي فقيها2 لقوله عليه الصلاة والسلام: "رب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"3.
وكانت الصحابة تقبل خبر الأعرابي الذي لا يروي إلا حديثًا واحدًا.
ولا يقدح في الرواية: العداوة والقرابة، لأن حكمها عام، لا يختص بشخص فيؤثر فيه ذلك4
ولا يشترط معرفة نسب الراوي؛ فإن حديثه يقبل ولو لم يكن له
1 فالضرير الضابط للصوت تقبل روايته، وإن لم تقبل شهادته.
2 خلافًا لمالك وأبي حنيفة وبعض العلماء، فإنهم يشترطون فقه الراوي ولذلك قدح أهل العراق في رواية أبي هريرة رضي الله عنه لأنه لم يكن مشهورًا بالفقه، ويرد عليهم بالحديث الأتي.
3 لفظ الحديث: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه" رواه أحمد في مسنده "5/ 183" وأبو داود في سننه حديث "3643" والترمذي حديث "2794" وابن ماجه "230" والطبري في الكبير "4891"، "4924"، "4925"والطحاوي في مشكل الآثار "2/ 232".
4 وهذا بخلاف الشهادة، فإن العداوة أو القرابة تمنع من قبولها، كما هو معروف.
نسب، فالجهل بالنسب أولى أن لا يقدح.
ولو ذكر اسم شخص متردد بين مجروح وعدل فلا يقبل حديثه المتردد.
فصل: في التزكية والجرح1
اعلم أنه يسمع الجرح والتعديل من واحد في الرواية2؛ لأن العدالة التي تثبت بها الرواية لا تزيد على نفس الرواية، بخلاف الشهادة.
1 هذا الفصل في "المستصفى" بعنوان: الجرح والتعديل، ولم يذكر التزكية.
والتزكية: هي التعديل. والجرح: ضد التزكية.
قال الطوفي: "وحقيقة الجرح -بفتح الجيم- هو القطع في الجسم الحيواني بحديد أو ما قام مقامه، والجرح -بالضم- هو أثر الجرح -بالفتح- وهو الموضع المقطوع من الجسم، ثم استعمله المحدثون والفقهاء فيما يقابل التعديل مجازًا، لأنه في الدين والعرض، كما أن الجرح الحقيقي تأثير في الجسم.
والجرح -كما ذكر-: هو أن ينسب إلى الشخص ما يرد قوله لأجله، من فعل معصية كبيرة أو صغيرة، أو ارتكاب دنيئة.
وبالجملة: ينسب إليه ما يخل بالعدالة التي هي شرط قبول الرواية
…
".
ثم قال: "والتعديل خلافه، أي خلاف الجرح، فيكون إذن: نسبة ما يقبل لأجله قول الشخص، أي: أن ينسب إليه من الخير، والعفة والصيانة، والمروءة، والتدين، بفعل الواجبات، وترك المحرمات، ما يسوغ، قبول قوله شرعًا، لدلالة هذه الأحوال على تحري الصدق، ومجانية الكذب" شرح المختصر "2/ 162-163".
2 هذا هو مذهب الجمهور. قال الغزالي: ".... فشرط بعض المحدثين العدد في المزكي والجارح، كما في مزكي الشهادة.
وقال القاضي: لا يشترط العدد في تزكية الشاهد، ولا في تزكية الراوي، وإن =
وكذلك تقبل تزكية العبد والمرأة، كما تقبل روايتها.
واختلفت الرواية1 في قبول الجرح إذا لم يتبين سببه:
فروي: أنه يقبل؛ لأن أسباب الجرح معلومة، فالظاهر أنه لا يجرح إلا بما يعلمه.
= كان الأحوط في الشهادة الاستظهار بعدد المزكي.
وقال قوم: يشترط في الشهادة دون الرواية. وهذه مسألة فقهية، والأظهر -عندنا- أنه يشترط في الشهادة دون الرواية، وهذا لأن العدد الذي تثبت به الرواية لا يزيد على نفس الرواية". "المستصفى جـ2 ص250-251".
1 عن الإمام أحمد. قال الطوفي: "مذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أن التعديل لا يشترط بيان سببه، استصحابًا لحال العدالة، وهو قول الشافعي. بخلاف سبب الجرح، فإنه يشترط بيانه في أحد القولين عن أحمد، وهو قول الشافعي؛ وذلك لاختلاف الناس في سبب الجرح، واعتقاد بعضهم ما لا يصلح أن يكون سببًا للجرح جارحًا، كشرب النبيذ متأولًا، فإنه يقدح في العدالة عند مالك، دون غيره، كمن يرى إنسانًا يبول قائمًا، فيبادر لجرحه بذلك، ولم ينظر أنه متأول، مخطئ أو معذور، كما حكى عند النبي صلى الله عليه وسلم أنه بال قائمًا؛ لعذر كان به. فينبغي بيان سبب الجرح؛ ليكون على ثقة واحتراز من الخطأ، والغلو فيه".
ثم قال: "والقول الثاني عن أحمد: لا يشترط بيان سبب الجرح -أيضًا- اكتفاءً بظهور أسبابه، فإنها ظاهرة مشهورة بين الناس، والظاهر من الجارح أنه إنما يجرح بما يعلمه صالحًا للجرح. والقول الأول أولى.
ومذهب أبي بكر في عدم اشتراط بيان السبب فيهما حسن جيد، فينبغي للحاكم أو المحدث، أن لا يقبل إلا قول الجازم، المتوسط بين المفرّط والمفْرط، فمن غلا في الجزم بما يصلح وما لا يصلح، لا يقبل قوله، ومن أحسن ظنه بالناس، واطرح الجزم، حتى عدل من يصلح ومن لا يصلح، لا يقبل قوله، لأن الأول إفراط، والثاني تفريط، وكلاهما مذموم، والصواب التوسط". "شرح المختصر جـ2 ص164، 165".