الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن لا يعرف الاستنباط، مع عدم معرفته ما يستنبط منه: لا يمكنه الاستنباط.
وكذلك من يعرف النصوص، ولا يدري كيف يتلقى الأحكام منها: كيف يمكنه تعرف الأحكام؟
وأما الصحابة الذين ذكروهم: فقد كانوا يعلمون أدلة الأحكام، وكيفية الاستنباط، وإنما استغنوا بغيرهم، واكتفوا بمن سواهم.
فإن قيل: فهذه المسألة اجتهادية أم قطعية؟
قلنا: هي اجتهادية، فمتى جوزنا أن يكون قول واحد من هؤلاء معتبرًا فخالف: لم يبق الاجماع حجة قاطعة.
= الإجماع، فخالف بعضهم، لم يكن الإجماع حجة قطعية، لمخالفة البعض، وإذا لم نعتبره كان الإجماع حجة قطعية، لأن مخالفتهم كمخالفة الصبيان فلا أثر لها.
فصل: [في عدم الاعتداد بقول الكافر والفاسق في الإجماع]
ولا يعتد في الإجماع بقول كافر، سواء بتأويل أو بغيره1.
1 ينقسم الكافر إلى معاند ومتأول، فالمعاند: كاليهود والنصاري ومن ارتد عن الإجماع بلا خوف.
أما المتأول: وهو المستند إلى شبهة، كمبتدعة المسلمين من الخوارج والمعتزلة ونحوهما، فهؤلاء للعلماء فيهم قولان:
أحدهما: عدم قبول قولهم مطلقًا.
والثاني: أنهم كالكفار عند من يكفرهم، فلا يقبل قولهم بالنسبة له، ومن لا يكفرهم يقبل قولهم.
فأما الفاسق باعتقاد، أو فعل1 فقال القاضي: لا يعتد بهم2 وهو قول جماعة3؛ لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} 4. أي: عدولًا. وهذا غير عدل، فلا تقبل روايته، ولا شهادته، ولا قوله في الإجماع.
ولأنه لا يقبل قوله منفردًا فكذلك مع غيره.
وقال أبو الخطاب. يعتد بهم5؛ لدخولهم في قوله تعالى: {
…
وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِين} . وقوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على خطأ".
1 مثال الفسق بالاعتقاد: الرفض والاعتزال، والفسق بالفعل: كالزنا والسرقة وشرب الخمر كما في شرح الكوكب المنير "2/ 227" وقال الطوفي: "المختار أن من كان من أهل الشهادتين فإنه لا يكفر ببدعة على الإطلاق، ما استند فيها إلى تأويل يلتبس فيه الأمر على مثله، فيقبل قول جميع مبتدعة المسلمين الذين هم كذلك، إذا عرف منهم الصدق والعدالة في بدعتهم، كما قلنا: إن الكافر العدل في دينه يلي مال ولده الصغير والمجنون؛ لأنه إذا اجتمعت العدالة مع الكفر، فمع البدعة أولى، وقد ثبت أن أئمة الحديث نقلوا أخبار كثير من أهل البدع الغليظة، لصدقهم وعدالتهم في بدعتهم. "الشرح 3/ 44".
2 انظر: العدة لأبي يعلى "4/ 1139".
3 منهم: الجصاص: والجرجاني، وكثير من علماء الحنفية وغيرهم.
4 سورة البقرة من الآية: 143.
5 هذا النقل مخالف لما في التمهيد "3/ 253" حيث قال: "والصحيح عندي أنه إذا كان من أهل الاجتهاد وارتكب بدعة كفّر بها لم يعتد بخلافه، وإن لم يكفّر بها اعتد بخلافه" وفي المسألة آراء أخرى ذكرها أيضًا، كما ذكرها أبو يعلى في العدة "4/ 1040".