الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: [في الواجب غير المحدد]
1
الواجب الذي لا يتقيد بحد محدود، كالطمأنينة في الركوع والسجود، ومدة القيام والعقود، إذا زاد على أقل الواجب: فالزيادة ندب، واختاره أبو الخطاب2.
= حلال، والمذكاة حلال، لكنهما وجب الكف عنهما -مؤقتًا- لحين التمييز بينهما، ولم يقل أحد من العلماء إن التحريم متوجه إلى الذوات، وهذا ما قاله البيضاوي -تبعًا للإمام الرازي ومختصريه- قال:"لو اشتبهت المنكوحة بالأجنبية حرمتا: على معنى أنه يجب الكف عنهما" قال الإسنوي -شرحا على ذلك-: "المراد بتحريم الأجنبية: إنما هو الكف، لا تحريم ذاتها" انظر: نهاية السول على منهاج البيضاوي جـ1 ص212 وبهامشه سلم الوصول للشيخ المطيعي.
1 هذا فرع آخر من الفروع المخرجة على ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ووجه تخريجه عليه: أن غير الواجب فيه وهو الزيادة لاحق له من آخره، ومقدمة الواجب لاحقة له من أوله.
وقد بين الطوفي في شرح مختصر الروضة "1/ 348" محل الخلاف فقال: "الزيادة على الواجب إما أن تكون متميزة عنه أو لا: فإن تميزت عنه: كصلاة التطوع بالنسبة إلى المكتوبات فهي -يعني الزيادة المتميزة- ندب اتفاقًا. إذ لا نص في وجوبها ولا إجماع، ولا جامع بينها وبين الواجب حتى تقاس عليه، ولا اشتدت ملابستها للواجب حتى تلحق به، ولا مدرك لثبوت الأحكام شرعًا إلا هذه الأدلة: النص والإجماع والقياس والاستدلال.
وإن لم تتميز الزيادة على الواجب ولا تنفصل حقيقتها من حقيقته حسًّا، كالزيادة في الطمأنينة..... واجبة عند القاضي أبي يعلى، ندب عند أبي الخطاب وهو الصواب".
2 محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني الحنبلي. ولد سنة 432هـ، كان أحد =
وقال القاضي1: الجميع واجب؛ لأن نسبة الكل إلى الأمر واحد، والأمر في نفسه أمر واحد، وهو أمر إيجاب، ولا يتميز البعض عن البعض، فالكل امتثال.
ولنا: أن الزيادة يجوز تركها مطلقًا من غير شروط ولا بدل، وهذا هو الندب.
ولأن الأمر إنما اقتضى إيجاب ما تناوله الاسم فيكون هو الواجب، والزيادة ندب، وإن كان لا يتميز بعضه عن البعض، فيعقل كونه بعضه واجبًا، وبعضه ندبًا، كما لو أدى دينارًا عن عشرين"*".
= أئمة المذهب وأعيانه، صنف العديد من الكتب منها "التمهيد" في أصول الفقه. توفي سنة 510هـ.
انظر في ترجمته: "المنهج الأحمد 2/ 198، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص211-239".
1 محمد بن الحسين بن محمد، أبو يعلى الفراء الحنبلي، كان عالم زمانه وفريد عصره، إمامًا في الأصول والفروع. ولد سنة 380هـ. وتوفي سنة 450هـ. من مؤلفاته في الأصول "العدة""طبقات الحنابلة 2/ 193-230".
"*" الواجب العيني والواجب الكفائي.
ترك المصنف تقسيمًا من تقسيمات الواجب، وهو: تقسيمه إلى واجب عيني، وواجب كفائي، فلزم إضافة هذا التقسم هنا فنقول:
الواجب العيني: هو ما توجه فيه الطلب إلى كل مكلف، أي طلب الشارع فعله من كل واحد من المكلفين، فلا يكفي فيه قيام البعض دون البعض الآخر، ولا تبرأ ذمة المكلف إلا بأدائه، ومن يأثم بالترك، ولا يغني عنه فعل غيره، ولذلك سمي بفرض العين، لأن المنظور إليه في هذا الواجب: الفعل نفسه، والفاعل نفسه، مثل: فرائض الصلاة، والصيام، والوفاء بالعقود، وإعطاء كل ذي حق حقه.
والواجب الكفائي: هو ما طلب الشارع حصوله من جماعة المكلفين من غير =
..........................................................................................
نظر إلى فاعله، لأن مقصود الشارع حصول الفعل فقط، فإذا فعله البعض سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يفعل نهائيًّا أثم الجميع، لتعلق الطلب بالكل.
فالطلب هنا منصب على إيجاد الفعل في حد ذاته لا إلى الفاعل.
ومن أمثلته: الجهاد، والقضاء، وأداء الشهادة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإيجاد الصناعات والحرف المختلفة والعلوم التي تحتاج إليها الأمة، وإعداد القوة بأنواعها ونحو ذلك مما يحقق مصلحة الأمة.
ولا خلاف بين الأصوليين في أن الواجب الكفائي يتحقق المقصود منه بفعل بعض المكلفين، وعلى أن ترك الواجب الكفائي من جميع المكلفين يستوجب تأثيم الجميع، لأنهم فوّتوا ما قصد من الفعل، وكذلك لو قام به عدد أقل ممن يسد بهم الحاجة، فالفاعلون مثابون، وغيرهم آثمون.
لكنهم مختلفون في الخطاب المتعلق بهذا الفعل، هل هو موجه إلى جميع المكلفين، ويسقط بفعل البعض، أو هو موجه إلى بعض غير معين؟
فالجمهور على أنه متعلق بجميع المكلفين، بمعنى أن القادر على الفعل عليه أن يقوم بنفسه، وغير القادر يحث غيره على القيام به.
وذهب بعض الأصوليين ومنهم المعتزلة إلى أن فرض الكفاية يتعلق بطائفة غير معينة، لأنه لو تعلق بالكل لما سقط إلا بفعل الكل.
وتظهر ثمرة هذا الخلاف: فيمن علم بشيء من فروض الكفايات، كتغسيل ميت وتكفينه، والصلاة عليه، وشك هل هناك من قام بهذا الواجب أو لا؟
فعلى رأي الجمهور يجب عليه السعي ليتبين حقيقة الأمر، لأن الأمر متعلق به على سبيل الوجوب المحقق، ولا يسقط بالشك.
أما على الرأي الثاني فلا يلزمه ذلك، لأن الخطاب لم يتوجه إليه.
وقد يصير الواجب الكفائي واجبًا عينيًّا، إذا انحصر الفعل المطلوب في شخص معين أو فئة معينة، كالجهاد، فإنه يصبح فرض عين على كل قادر عليه، إذا لم يحصل بعدد محدد.
ومثل ذلك: إذا شهد المكلف القادر دون غيره منكرًا، فعليه إنكاره بقدر استطاعته. =