الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: في البيان
والمبيّن في مقابلة المجمل1.
= فظاهر الامتنان أنه خاص بنا.
ويستأنس لهذا بما ذكره البغوي عن الكلبي من أن من قبلنا كانوا يؤاخذون بالخطأ والنسيان: وقد قال الله في آدم: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} [طه: 115]{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} [طه: 121] فأضاف إليه العصيان والنسيان، فدل على المؤاخذة به. وأما على القول بأن "فنسي" بمعنى:"ترك" فلا دليل في الآية.
ومن الأدلة على مؤاخذتهم في الإكراه: قوله تعالى -عن أصحاب الكهف-: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ} [الكهف: 20] فهذا صريح في الإكراه، مع أنهم قالوا:{وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} فدل على عدم عذرهم به.
ثانيهما: هو أن نقول: متعلق الرفع في قوله: "رفع عن أمتى إلخ" لا بد أن يكون أحد أمرين، أو كليهما، وهما: الإثم والضمان؛ إذ لا وصف يتعلق به الرفع إلا الإثم والضمان، والإثم مرفوع قطعًا؛ لقوله تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ} [الأحزاب: 5] وقوله في الحديث القدسي: "قد فعلت" كما تقدم.
والضمان غير مرفوع إجماعًا، لتصريحه -تعالى- بضمان المخطئ في قوله: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطًَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ
…
} [النساء: 92] فاتضح أن الإثم مرفوع، وأن الضمان غير مرفوع، فتعين كون المرفوع: متعلق الرفع في الحديث كما هو واضح" مذكرة أصول الفقه ص182-183.
1 في جميع النسخ المطبوعة: "البيان والمبين في مقابلة المجمل" وهو خطأ نشأ من جعل كلمة "البيان" مقرونة بالمبين والأصل أن تكون في العنوان، وإلا فليس البيان هو المبين حتى يكون في مقابلة المجمل، فمقابل البيان: الإجمال، ومقابل المبين: المجمل.
واختلف في البيان:
فقيل: هو الدليل. وهو: ما يتوصل بصحيح النظر فيه إلى علم أو ظن.
وقيل: هو إخراج الشيء من الإشكال إلى الوضوح.
وقيل: هو ما دل على المراد بما يستقل بنفسه في الدلالة على المراد.
وقد قيل: هذان الحدان يختصان بالمجمل1.
يقال لمن دل على شيء: "بينه" و"هذا بيان حسن" وإن لم
= فالإجمال: هو النطق باللفظ على وجه يقع فيه التردد بين معان مختلفة، والمجمل: هو اللفظ نفسه.
والمصنف ذكر التعريفات الواردة في البيان، وأحال تعريف المبين إلى تعريف المجمل وقال: إنه في مقابلته: أي ضده.
وهو قد أورد للمجمل تعريفين:
أحدهما: ما لا يفهم منه عند الإطلاق معنى.
وثانيهما: ما احتمل أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر.
وعلى ذلك يكون تعريف المبين دائرًا بين معنيين أيضًا:
أحدهما: ما يفهم منه عند الإطلاق معنى معينًا.
وثانيهما: ما لا يحتمل أمرين، أو ما له محمل واحد.
قال القرافي: الميين: هو اللفظ الدال بالوضع على معنى، إما بالإصالة، وإما بعد البيان. "شرح تنقيح الفصول ص274".
وقال الآمدي: "المبين قد يراد به الخطاب المستغني بنفسه عن بيان، وقد يراد به ما يحتاج إلى البيان عند وروده عليه، كالمجمل وغيره" الإحكام "3/ 25".
1 هذا اعتراض وارد على التعريفين: الثاني والثالث: