الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: [ليس في القرآن ألفاظ غير عربية]
قال القاضي: ليس في القرآن لفظ بغير العربية؛ لأن الله -تعالى- قال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ
…
} 1.
ولو كان فيه لغة العجم: لو يكن عربيًّا محضًا، وآيات كثيرة في هذا المعنى.
ولأن الله -سبحانه- تحداهم بالإتيان بسورة من مثله، ولا يتحداهم بما ليس من لسانهم ولا يحسنونه2.
1 سورة فصلت من الآية: 44.
2 انظر: العدة "3/ 707" وما قاله القاضي أبو يعلى هو رأي كثير من العلماء، منهم الإمام الشافعي، وأبو عبيدة: معمر بن المثنى، وابن جرير الطبري، وأبو بكر الباقلاني، وأحمد بن فارس، وأبو بكر: عبد العزيز بن جعفر الحنبلي، وأبو الخطاب، وابن عقيل وغيرهم. انظر: التمهيد "2/ 278" شرح الكوكب المنير "1/ 192، 193".
وهذا الخلاف إنما هو في غير الأعلام، أما الأعلام: فمتفق على وجودها مثل: إسرائيل، جبريل، عمران، نوح، إلخ.
قال الإمام الشافعي:
"وقد تكلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة له -إن شاء الله- فقال منهم قائل: إن في القرآن عربيًّا وأعجميًّا، والقرآن يدل على أن ليس في كتاب الله شيء إلا بلسان العرب".
ثم قال: "إن جهل بعض العرب ببعض ما في القرآن من ألفاظ غريبة عنهم ليس دليلًا على عجمة القرآن.
ويحتمل أن بعض الأعاجم تعلم بعض الألفاظ العربية، وانتشرت في لغاتهم، فتوافقت بعض كلمات القرآن القليلة مع تلك الألفاظ.
وروي عن ابن عباس1، وعكرمة2 رضي الله عنهما أنهما قالا: فيه ألفاظ بغير العربية3.
= وربما تكون بعض الكلمات الأعجمية قد سرت إلى العرب فعربوها، فصار بذلك عربي الشكل والصيغة والمخارج، وإن كان أصله أعجميًّا".
وبعد أن أورد الآيات الصريحة في أن القرآن كله عربي، ختم كلامه بقوله:
"فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده، حتى يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله، وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير، وأمر به من التسبيح" الرسالة ص40-44 تحقيق الشيخ شاكر.
وقال أبو عبيد: القاسم بن سلام: "والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعًا، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية، كما قال الفقهاء، لكنها وقعت للعرب، فعرِّبت بألسنتها، وحوّلتها عن ألفاظ العجم، فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية فهو صادق، ومن قال أعجمية فصادق" شرح الكوكب المنير "1/ 194-195".
1 هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم حبر الأمة، وترجمان القرآن، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل". توفي بالطائف سنة 68هـ. "الإصابة 2/ 330 والاستيعاب "2/ 350".
2 هو: عكرمة بن عبد الله، مولى ابن عباس، أحد فقهاء مكة من التابعين، أصله بربري من أهل المغرب. توفي سنة 104هـ على أرجح الروايات. "وفيات الأعيان 2/ 427، معجم الأدباء 12/ 181".
3 وهو منقول -أيضًا- عن كثير من العلماء، منهم: مجاهد، وابن جبير، وعطاء وغيرهم. انظر:"الإحكام للآمدي "1/ 50 وما بعدها، فواتح الرحموت 1/ 212، المزهر 1/ 266 وما بعدها، شرح الكوكب المنير 1/ 194".
قالوا: {نَاشِئَةَ اللَّيْل} 1 بالحبشية، و"مشكاة"2 هندية، و"استبرق"3 فارسية.
وقال من نصر هذا4: اشتمال القرآن على كلمتين ونحوهما أعجمية، لا يخرجه عن كونه عربيًّا، وعن إطلاق هذا الاسم عليه، ولا يمهد للعرب حجة، فإن الشعر الفارسي يسمى فارسيًّا، وإن كان فيه آحاد كلمات عربية.
ويمكن الجمع بين القولين، بأن تكون هذه الكلمات أصلها بغير العربية، ثم عرّبتها العرب، واستعملتها، فصارت من لسانها بتعريبها واستعمالها لها وإن كان أصلها أعجميًّا5.
1 من قوله تعالى في سورة المزمل الآية 6: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} .
2 من قوله تعالى في سورة النور الآية: 35: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ
…
} الآية.
قال صاحب مسلم الثبوت -وهو هندي-: "ثم كوة المشكاة هندية غير ظاهر. فإن البراهمة العارفين بأنحاء الهند لا يعرفونه، نعم "المسكاة" بضم الميم والسين المهملة بمعنى التبسم هندي وليست في القرآن بهذا المعنى" انظر: فواتح الرحموت "1/ 212".
وجاء في لسان العرب "المشكاة هي الكوة، وقيل هي بلغة الحبش، ثم قال: والمشكاة من كلام العرب".
3 من مثل قوله تعالى في سورة الكهف آية: 31: {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ
…
} .
4 أي: رأي ابن عباس ومن معه.
5 وهذا ما نقلناه -قبل ذلك- عن الإمام الشافعي، وعن أبي عبيد القاسم بن سلام.