الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: [هل اتفاق التابعين على أحد قولي الصحابة إجماع
؟]
وإذا اختلف الصحابة على قولين، فأجمع التابعون على أحدهما1:
فقال أبو الخطاب، والحنفية: يكون إجماعًا2.
لقوله عليه السلام: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق" 3 وغيره من النصوص.
ولأنه: اتفاق من أهل عصر، فهو كما لو اختلف الصحابة على قولين ثم اتفقوا على أحدهما.
1 قال الطوفي في شرح المختصر "3/ 95": "وليس ذلك مخصوصًا بالتابعين مع الصحابة، بل أي عصر من الأعصار اختلف أهله، يصح اتفاق أهل العصر بعده على أحد القولين؟ ولا نزاع في إمكان تصور ذلك عقلًا، بل في صحته شرعًا".
2 وهو رأي كثير من المتكلمين والمعتزلة، وأكثر الحنفية، وليس الكل كما قال المصنف.
انظر: التمهيد "3/ 297 وما بعدها" وأصول السرخسي "1/ 320".
3 حديث صحيح: أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه مرفوعًا، بلفظ:"لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون".
كما أخرجه مسلم-: كتاب الإمارة، باب: لا تزال طائفة من أمتي.
وأخرجه الترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء في الأئمة المضلين، عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعًا، وقال:"حديث حسن صحيح".
وأخرجه عن ثوبان -أيضًا- أبو داود في أول كتاب الفتن، وأحمد في المسند "5/ 278" كما أخرجه عن أبي أمامة رضي الله عنه "5/ 269".
وقال القاضي، وبعض الشافعية: لا يكون إجماعًا؛ لأنه فتيا بعض الأمة؛ لأن الذين ماتوا على القول الآخر من الأمة لا يبطل مذهبهم بموتهم1.
ولذلك يقال: خالف أحمد، أو وافقه، بعد موته فأشبه ما إذا اختلفوا على قولين، فانقرض القائل بأحدهما.
فإن قيل:
إن ثبت نعت الكلية للتابعين، فيكون خلاف قولهم حرامًا، وإن لم يكونوا كل الأمة فلا يكون قولهم إجماعًا.
أما أن يكونوا كل الأمة في شيء دون شيء فهذا متناقض.
قلنا:
الكلية2 تثبت بالإضافة إلى مسألة حدثت في زمنهم.
أما ما أفتى به الصحابي: فقوله لا يسقط بموته3.
ولو مات القائل "فأجمع الباقون على خلافه، لا يكون إجماعًا، ولو حدثت مسألة بعد موته"4 فأجمع عليها الباقون على خلافه كان إجماعًا.
ومن وجه آخر: أن اختلاف الصحابة على قولين: اتفاق منهم على تسويغ الأخذ بكل منهما، فلا يبطل إجماعهم بقول من سواهم.
1 انظر: العدة "4/ 1105" مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد "2/ 41".
2 أي: الأمة كلها، وهذا يصدق على من حدثت المسالة في زمنهم.
3 يقول الإمام الشافعي: "المذاهب لا تموت بموت أربابها".
4 ما بين القوسين من النسخة التي حققها الدكتور عبد الكريم النملة -سلمه الله- "2/ 466".