الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جواب آخر:
أن من روى بالمعنى فقد روى كما سمع، ولهذا لا يعد كذبًا.
قال أبو الخطاب: لا يجوز أن يبدل لفظًا بأظهر منه؛ لأن الشارع ربما قصد إيصال الحكم باللفظ الجلي تارة، وبالخفي أخرى1.
= بعينه قد نقل بألفاظ مختلفة، والمعنى واحد، وإن أمكن أن تكون جميع الألفاظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوقات مختلفة، لكن الأغلب أنه حديث واحد، ونقل بألفاظ مختلفة، فإنه روى:"رحم الله امرأ"، "نضر الله امرأ"، وروى:"رب حامل فقه لا فقه له" وروى: "رب حامل فقه غير فقيه". المستصفى "2/ 280".
1 انظر: التمهيد "3/ 162".
قال الطوفي -معللًا لذلك-: "لأن الشارع ربما قصد إيصال الحكم إلى المكلفين باللفظ الجلي تارة؛ تسهيلًا للفهم عليهم، وباللفظ الخفي أخرى؛ تكثيرًا لأجرهم بإجالة النظر فيه". شرح مختصر الروضة "2/ 248".
فصل: [في حكم مراسيل الصحابة]
مراسيل1 أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة عند الجمهور.
1 المرسل في اللغة: المطلق، فهو اسم مفعول من أرسل بمعنى: أطلق.
وعند المحدثين: هو أن يترك التابعي الواسطة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا.
أما جمهور أهل الأصول: فيطلقون المرسل على قول من لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا" سواء أكان من التابعين أم من تابعي التابعين أم ممن بعدهم. فالمرسل عند علماء الأصول يشمل المنقطع، وهو: ما حذف من إسناده رجل في أثنائه، كما يشمل المعضل وهو: ما سقط من إسناده اثنان فصاعدًا في أي موضع كان.
والمراد بالمرسل -في مقامنا هذا-: ما رواه صحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم =
وشذ قوم فقالوا: لا يقبل مرسل الصحابي إلا إذا عرف بصريح خبره، أو بعادته أنه لا يروي إلا عن صحابي، وإلا فلا، لأنه قد يروي عمن لم تثبت لنا صحبته.
وهذا ليس بصحيح، فإن الأمة اتفقت على قبول رواية ابن عباس ونظرائه من أصاغر الصحابة مع إكثارهم، وأكثر روايتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم مراسيل.
قال البراء بن عازب1: "ما كل ما حدثنا به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه، غير أننا لا نكذب"2.
= بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم يسمع منه مباشرة، وإنما سمعه من صحابي آخر لم يسمه. كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أصبح جنبًا فلا صوم له" ولما سئل عنه قال: رويته عن الفضل بن العباس.
وهو حجة عند جمهور العلماء، منهم: مالك، وأبو حنيفة، وأحمد في أشهر الروايتين عنه، وجمهور المعتزلة، وهو الذي رجحه الآمدي.
وقد حكى أبو الخطاب الإجماع على ذلك، وفيه نظر، فكيف ينقل الإجماع مع أن فيه خلافًا كما سيذكر المصنف وغيره.
انظر: الإحكام للآمدي "2/ 112" التمهيد "3/ 134" الإحكام لابن حزم "1/ 143" إرشاد الفحول جـ1 ص258 وما بعدها تحقيق الدكتور شعبان إسماعيل.
1 هو: البراء بن عازب بن حارث بن عدي، أبو عمارة الأنصاري الحارثي الخزرجي، صحابي جليل، شهد الخندق وما بعدها، توفي بالكوفة سنة 71هـ وقيل: 72هـ.
انظر في ترجمته: "الاستيعاب 1/ 155، الإصابة 1/ 142".
2 ذكره الآمدي "2/ 179" بلفظ "ما كل ما نحدثكم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن سمعنا بعضه، وحدثنا أصحابنا ببعضه".