الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن علم أن السماع كان في مجلس واحد:
فقال أبو الخطاب: يقدم قول الأكثرين، وذوي الضبط، فإن تساووا في الحفظ والضبط، قدّم قول المثبت1.
وقال القاضي: إذا تساووا فعلى روايتين2.
1 انظر: "التمهيد جـ3 ص153، 154".
2 أي عن الإمام أحمد، إحداهما: الأخذ بالزيادة، كما يقول الجمهور، لما تقدم في الأدلة التي أوردها المصنف، والثانية: لا تقبل الزيادة.
وقد أورد القاضي أبو يعلى أدلة في كتابه "العدة جـ3 ص1007 وما بعدها" ومما أورده للقائلين برفض الزيادة قال: "واحتج المخالف: بأنه إذا نقله الكل وانفرد واحد بالزيادة، كان ما تفرد به سهوًا، لأنهم ما حفظوه حين قاله النبي صلى الله عليه وسلم مرارًا سمعوه كلهم، فلو كان ما تفرد به صحيحًا لقال الزيادة، كما قال المزيد عليه، ولو قال سمعوه كما سمع، ونقلوه كما نقل.
ثم رد عليه بالاحتمالات التي ذكرها ابن قدامة، وقال: واحتج -أي المخالف أيضًا- بأن الأصل متحقق، والزيادة مشكوك فيها، فلا تترك الحقيقة بالمشكوك فيه.
والجواب: أنا لا نسلم أنها مشكوك فيها، لأن غالب الظن فيه التصديق فيما تفرد به، للاحتمال الذي ذكرنا".
فصل: [في حكم رواية الحديث بالمعنى]
وتجوز رواية الحديث بالمعنى للعالم المفرق بين المحتمل وغير المحتمل والظاهر والأظهر، والعام والأعم عند الجمهور1.
فيبدل لفظًا مكان لفظ فيما لا يختلف الناس فيه: كالألفاظ المترادفة.
1 ومنهم الأئمة الأربعة. وتفصيل القول في هذه المسألة: أن الراوي للحديث: إن =
مثل: القعود والجلوس، والصب والإراقة، والحظر والتحريم، والمعرفة والعلم، وسائر ما لا يشك فيه، ولا يتطرق إليه الاستنباط والفهم.
ولا يجوز إلا فيما فهمه قطعًا، دون ما فهمه بنوع استنباط، واستدلال يُختلف فيه.
ولا يجوز -أيضًا- للجاهل بمواقع الخطاب، ودقائق الألفاظ.
ومنع منه بعض أصحاب الحديث مطلقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع"2.
= كان غير عالم بمقتضيات الألفاظ، والفرق بينها من جهة الإطلاق والتقييد، والعموم والخصوص، فلا يجوز له الرواية بالمعنى، لأنه قد يبدل لفظًا بلفظ يساويه -في ظنه- وهو ليس كذلك، فيترتب على ذلك خلل في المعنى.
أما إن كان عالمًا بما تقدم، فإن كان المعنى غير متطابق فلا يجوز.
وإن كان مطابقًا: فقد جوزه جمهور العلماء، بشروط يأتي بيانها.
ومنعه جماعة، منهم: محمد بن سيرين "ت110هـ" وبعض السلف.
وشروط الجمهور لجواز نقل الحديث بالمعنى كما يلي:
1-
أن يكون الناقل عالمًا باللسان العربي، لا تخفى عليه النكت الدقيقة التي يحصل بها الفرق بين معاني الألفاظ. كما مثل المنصف.
2-
أن يكون جازمًا بمعنى الحديث، وليس عن طريق الاستنباط أو الاستدلال بمختلف فيه.
3-
أن لا يكون اللفظ الذ نقل به الراوي معنى الحديث أخفى من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.
قال القرافي: "يجوز بثلاثة شروط: أن لا يزيد الترجمة، ولا ينقص، ولا يكون أخفى من لفظ الشارع" شرح تنقيح الفصول ص164.
قال الطوفي: "هذا هو معنى المطابقة" شرح المختصر "2/ 245".
1 وهذا ما سبق توضيحه.
2 تقدم تخريجه.
ولنا: الإجماع على جواز شرح الشرع للعجم بلسانهم، فإذا جاز إبدال كلمة عربية بأعجمية ترادفها، فبعربية أولى.
وكذلك كان سفراء النبي صلى الله عليه وسلم يبلغونهم أوامره بلغتهم.
وهذا لأنا نعلم أنه لا يعتد1 باللفظ، وإنما المقصود فهم المعنى، وإيصاله إلى الخلق.
ويدل على ذلك: أن الخطب المتحدة والوقائع، رواها الصحابة بألفاظ مختلفة.
ولأن الشهادة آكد من الرواية، ولو سمع الشاهد شاهدًا يشهد بالعجمية: جاز أن يشهد على شهادته بالعربية.
ولأنه تجوز الرواية عن غير النبي صلى الله عليه وسلم بالمعنى، فكذلك عنه؛ فإن الكذب فيهما حرام2.
والحديث حجة لنا3؛ لأنه ذكر العلة، وهو اختلاف الناس في الفقه والفهم ونحن لا نجوّزه لغير من يفهم.
في الأصل "تعتد" وما أثبتناه من المستصفى. قال العلماء: هذا في غير الألفاظ المتعبد بلفظها، كالأذان والإقامة والتكبير، والتشهد في الصلاة، فلا يجوز نقله بالمعنى؛ لأننا متعبدون بلفظه، ومثل ذلك ما كان من جوامع الكلم التي اختص بها النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز نقله بالمعنى.
2 وأقول: قياس الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم على غيره قياس مع الفارق؛ فقد روى مسلم في مقدمة صحيحه عن المغيرة بن شعبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: "إن كذبًا علي ليس ككذب على أحد، فمن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" انظر: صحيح مسلم بشرح النووي "14/ 57" طبعة الشعب.
3 هذا رد على دليل المخالف وهو الحديث المتقدم. قال الغزالي: "وهذا الحديث =