المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: "في أقسام الحد - روضة الناظر وجنة المناظر - ت شعبان - جـ ١

[ابن قدامة]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌مقدمة المجلد الأول

- ‌مدخل

- ‌مقدمة

- ‌فصل: "في أقسام الحد

- ‌فصل: [في أن تعذر البرهان على الحد لا يمنع صحته]

- ‌فصل: في البرهان

- ‌فصل: في كيفية دلالة الألفاظ على المعنى

- ‌فصل: في النظر في المعاني

- ‌فصل: في تأليف مفردات المعاني

- ‌فصل: [في مقدمتي البرهان وأضربه]

- ‌فصل: [في أسباب مخالفة البرهان أو القياس]

- ‌فصل: [في اليقين ومداركه]

- ‌فصل: في لزوم النتيجة من المقدمتين

- ‌فصل: [في تقسيم البرهان: إلى برهان علة وبرهان دلالة]

- ‌فصل: [في الاستدلال بالاستقراء]

- ‌الباب الأول: في حقيقة الحكم وأقسامه

- ‌معنى الحكم

- ‌فصل: [في تقسيم الواجب باعتبار ذاته]

- ‌فصل: [في تقسيم الواجب باعتبار وقت الأداء]

- ‌فصل: [في تضييق الواجب الموسع]

- ‌فصل: [في مقدمة الواجب وحكمها]

- ‌فصل: [في بعض الفروع المخرجة على مقدمة الواجب]

- ‌فصل: [في الواجب غير المحدد]

- ‌فصل: القسم الثاني: المندوب

- ‌فصل: [في حكم الأشياء قبل ورود الشرع]

- ‌فصل: [هل المباح مأمور به]

- ‌فصل: القسم الخامس: الحرام

- ‌فصل: [في أقسام النهي]

- ‌فصل: [الأمر بالشيء نهي عن ضده]

- ‌فصل: [في معنى التكليف وشروطه]

- ‌فصل: [في عدم تكليف الناسي والنائم والسكران]

- ‌فصل: [في حكم تكليف المكره]

- ‌فصل: [في حكم تكليف الكفار بفروع الإسلام]

- ‌فصل: [شروط الفعل المكلف به]

- ‌فصل: [في المقتضى بالتكليف]

- ‌فصل: الضرب الثاني - من الأحكام ما يتلقى من خطاب الوضع والإخبار

- ‌فصل: [في الشرط وأقسامه]

- ‌فصل: في القضاء والأداء والإعادة

- ‌فصل: في العزيمة والرخصة

- ‌الباب الثاني: في أدلة الأحكام

- ‌مدخل

- ‌فصل: [في تعريف الكتاب والقرآن وأنهما بمعنى واحد]

- ‌فصل: [في حكم الاحتجاج بالقراءة الشاذة]

- ‌فصل: [في اشتمال القرآن على الحقيقة والمجاز]

- ‌فصل: [ليس في القرآن ألفاظ غير عربية]

- ‌فصل: [في المحكم والمتشابه]

- ‌الباب الثالث: النسخ

- ‌فصل: تعريف النسخ

- ‌فصل: [معنى النسخ عند المعتزلة]

- ‌فصل: [الفرق بين النسخ والتخصيص]

- ‌فصل: [ثبوت النسخ بالأدلة العقلية والنقلية]

- ‌فصل: [في وجوه النسخ في القرآن]

- ‌فصل: في نسخ الأمر قبل التمكن من الامتثال

- ‌فصل: [هل الزيادة على النص نسخ

- ‌فصل: [في نسخ جزء العبادة أو شرطها]

- ‌فصل: [في جواز نسخ العبادة إلى غير بدل]

- ‌فصل: [في النسخ بالأخف والأثقل]

- ‌فصل: [في حكم من لم يبلغه النسخ]

- ‌فصل: [في وجوه النسخ بين القرآن والسنّة]

- ‌فصل: [في حكم نسخ القرآن ومتواتر السنة بالآحاد]

- ‌فصل: [الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به]

- ‌فصل: [في نسخ القياس والنسخ به]

- ‌فصل: [في نسخ التنبيه والنسخ به]

- ‌فصل: فيما يعرف به النسخ

- ‌الباب الرابع: الأصل الثاني من الأدلة سنة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌فصل: في ألفاظ الرواية

- ‌فصل: [في حد الخبر وأقسامه]

- ‌فصل: [فيما يفيده الخبر المتواتر]

- ‌فصل: ي أن ما حصل العلم في واقعة أفاده في غيرها

- ‌فصل: [في شروط التواتر]

- ‌فصل: [مذاهب العلماء في عدد التواتر]

- ‌فصل: [لا يجوز على أهل التواتر كتمان ما يحتاج إليه]

- ‌فصل: [في حكم التعبد بخبر الواحد عقلًا]

- ‌فصل: [في التعبد بخبر الواحد سمعًا]

- ‌فصل: [في شروط الراوي]

- ‌فصل: [في حكم خبر مجهول الحال]

- ‌فصل: [فيما لا يشترط في الراوي]

- ‌فصل: تعارض الجرح والتعديل

- ‌فصل: [في عدالة الصحابة]

- ‌فصل: [في حكم خبر المحدود في القذف]

- ‌فصل: في كيفية الرواية

- ‌فصل: [في حكم الشك في السماع]

- ‌فصل: [في حكم إنكار الشيخ للحديث]

- ‌فصل: [في حكم انفراد الثقة بزيادة في الحديث]

- ‌فصل: [في حكم رواية الحديث بالمعنى]

- ‌فصل: [في حكم مراسيل الصحابة]

- ‌فصل: [في حكم مراسيل غير الصحابة]

- ‌فصل: [في حكم خبر الواحد فيما تعم به البلوى]

- ‌فصل: [في حكم خبر الواحد في الحدود]

- ‌فصل: [في حكم الواحد إذا خالف القياس]

- ‌باب: الأصل الثالث: الإجماع

- ‌فصل: معنى الاجماع

- ‌فصل: [الأدلة على حجية الإجماع]

- ‌فصل: [في المعتبرين في الإجماع]

- ‌فصل: [فيمن يعتبر في الإجماع من أصحاب العلوم]

- ‌فصل: [في عدم الاعتداد بقول الكافر والفاسق في الإجماع]

- ‌فصل: في الاعتداد بقول التابعي المجتهد في إجماع الصحابة

- ‌فصل: [في حكم انعقاد الإجماع بقول الأكثر]

- ‌فصل: [في حكم إجماع أهل المدينة]

- ‌فصل: [في حكم إجماع الخلفاء الأربعة]

- ‌فصل: هل انقراض العصر شرط لصحة الإجماع

- ‌فصل: [هل اتفاق التابعين على أحد قولي الصحابة إجماع

- ‌فصل: [اختلاف الصحابة على قولين يمنع إحداث قول ثالث]

- ‌فصل: [في حكم الإجماع السكوتي]

- ‌فصل: في جواز انعقاد الإجماع عن اجتهاد وقياس

- ‌فصل: [الأخذ بأقل ما قيل ليس إجماعًا]

- ‌فصل: [هل النافي للحكم يلزمه الدليل]

- ‌باب: في تقاسيم الكلام والأسماء

- ‌فصل: اختلاف في مبدأ اللغات

- ‌فصل: [هل تثبت الأسماء بالقياس]

- ‌فصل: [في تعارض الحقيقة والمجاز]

- ‌فصل: [في علامات الحقيقة والمجاز]

- ‌فصل: [في تعريف الكلام وأقسامه]

- ‌فصل: [نفي الذوات لا يقتضي الإجمال]

- ‌فصل: [رفع الخطأ رفع للحكم]

- ‌فصل: في البيان

- ‌فصل: [الأمور التي يحصل بها البيان]

- ‌فصل: [لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة]

- ‌باب: الأمر

- ‌مدخل

- ‌فصل: [لا يشترط الإرادة في الأمر]

- ‌فصل: مسألة: الأمر المجرد يدل على الوجوب

- ‌فصل: [فيما تفيده صيغة الأمر بعد الحظر]

- ‌فصل: [الأمر المطلق هل يقتضي التكرار]

- ‌فصل: الأمر المطلق: هل يقتضي الفور

- ‌فصل: [الواجب المؤقت إذا فات وقته لا يحتاج إلى أمر جديد]

- ‌فصل: [مقتضى الأمر: حصول الإجزاء بفعل المأمور به]

- ‌فصل: الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرًا به

- ‌فصل: [أمر الجماعة أمر لكل واحد منهم]

- ‌فصل: [أمر الله تعالى للنبي أمر للأمة ما لم يوجد تخصيص]

- ‌فصل: [في تعلق الأمر بالمعدوم]

- ‌فصل: [في التكليف بغير الممكن]

- ‌فصل: [في النهي]

- ‌فهرس

- ‌موضوعات الجزء الأول:

الفصل: ‌فصل: "في أقسام الحد

فالمطلوب من المعرفة لا يقتنص1 إلا بالحد.

والمطلوب من العلم لا يقتنص إلا بالبرهان.

فلذلك قلنا: مدارك العقول تنحصر فيهما.

= و"النار محرقة" ومثال التصديق النظري: إدراك وقوع النسبة في قولنا: "الواحد نصف سدس الإثني عشر". انظر "إيضاح المبهم ص6".

1 القنص: الصيد جاء في القاموس المحيط فصل القاف، باب الصاد:"..... وقنصه يقنصه صاده" فهو هنا مجاز عما يصاد من المعاني، لأنه يحتاج إلى بحث ونظر، سواء أكان من التصورات أم من التصديقات.

2 المصنف -كعادته غالبًا- يبدأ بالتقسيم، ثم يذكر التعريف آخر الفصل، كما فعل هنا، فقد ذكر تعريف الحد بعد هذه التقسيمات وهو مسلك فيه نظر. =

ص: 58

‌فصل: "في أقسام الحد

"

والحد ينقسم ثلاثة أقسام: حقيقي، ورسمي، ولفظي2.

[الحد الحقيقي، وشروطه]

فالحقيقي: هو القول الدال على ماهية الشيء.

والماهية: ما يصلح جوابًا للسؤال بصيغة "ما هو".

فإنّ صيغ السؤال التي تتعلق بأمهات المطالب أربعة:

أحدها: "هل" يطلب بها إما أصل الوجود، وإما صفته.

والثاني: "لِمَ" سؤال عن العلة، جوابه بالبرهان.

والثالث: "أيّ" يطلب بها تمييز ما عرف جملته.

ص: 58

والرابع: "ما" وجوابه بالحد.

وسائر صيغ السؤال كمتى، وأيان، وأين، يدخل في مطلب "هل"؛

= والحد في اللغة: المنع، ومنه سمي البواب حدادًا، لأنه يمنع من دخول الدار، ومنه الحدود الشرعية، لأنها تمنع من العود إلى المعصية، وسمي التعريف حدًّا؛ لأنه يمنع غير أفراد المعرف من الدخول، كما يمنع أفراد المعرف من الخروج. "القاموس المحيط 1/ 296، مفرادات الراغب الأصفهاني ص108".

وفي الاصطلاح: هو الوصف المحيط بمعنى الموصوف المميز له عن غيره وله تعريفات أخرى كثيرة انظر: المستصفي 1/ 12، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب1/ 68، شرح الكوكب المنير 1/ 89 وما بعدها.

ووجه انحصار الحد في هذه الثلاثة: أن الحد إما أن يكون بحسب المعنى أو بحسب اللفظ، فإن كان بحسب اللفظ فهو الحد اللفظي.

وإن كان بحسب المعنى، فإن اشتمل على جميع الذاتيات فهو الحقيقي، وإن لم يشتمل على ذلك فهو الرسمي.

ومن العلماء من جعلها خمسة:

1-

حقيقي تام، وهو: ما أنبأ عن ذاتيات المحدود الكلية المركبة، كقولك: ما الانسان؟ فيقال: حيوان ناطق.

2-

حقيقي ناقص: وهو ما كان بالفصل القريب فقط، مثل: قولنا: ما الإنسان؟ فيقال: الناطق، أو بالفصل القريب والجنس البعيد، مثل: أن يقال: ما الإنسان؟ فيقال: جسم ناطق.

3-

رسمي تام: وهو ما كان بالخاصة مع الجنس القريب، كأن يقال: ما الإنسان؟ فيقال: حيوان ضاحك.

4-

رسمي ناقص: وهو ما كان بالخاصة فقط، أو مع الجنس البعيد.

5-

الحد اللفظي: وهو شرح اللفظ بلفظ أشهر منه، كما سيأتي تمثيل المصنف له. انظر:"تحرير القواعد المنطقية ص79، شرح تنقيح الفصول ص13، شرح الكوكب المنير 1/ 92-95".

ص: 59

إذ المطلوب به صفة الوجود.

والكيفية: ما يصلح جوابًا للسؤال بكيف؟

والماهية تتركب من الصفات الذاتية.

والذاتي1: كل وصف يدخل في حقيقة الشيء دخولًا لا يتصور فهم معناه بدون فهمه، كالجسمية للفرس، واللونية للسواد، إذ من فهم "الفرس" فهم جسمًا مخصوصًا، فالجسمية داخلة في ذات الفرسية، دخولًا به قوامها في الوجود، والعقل لو قدَّر عدمها بطل وجود الفرس، ولو خرجت عن الذهن بطل فهم الفرس.

والوصف اللازم: ما لا يفارق الذات، لكن فهم الحقيقة غير موقوف عليه، كالظل للفرس عند طلوع الشمس، فإنه لازم غير ذاتي؛ إذ فهم حقيقة الفرس غير موقوف على فهمه، وكون الفرس مخلوقة، أو موجودة، أو طويلة، أو قصيرة، كلها لازمة لها غير ذاتية، فإنك تفهم حقيقة الشيء وإن لم تعلم وجوده.

وأما الوصف العارض: فيما ليس من ضرورته أن يلازم، بل تتصور مفارقته، إما سريعًا كحمرة الخجل، أو بطيئًا كصفرة الذهب.

والصبا، والكهولة2 والشيخوخة، أوصاف عرضية؛ إذ لا يقف فهم الحقيقة على فهمها، وتتصور مفارقتها.

1 صفات الأشياء: ثلاثة: صفات ذاتية، وهي التي تعتبر جزءًا من حقيقة الشيء، وصفات لازمة للموصوف لا تنفك عنه، وتسمى "تابعًا" وصفات عارضة، تلحق الموصوف في بعض الأحيان، وتفارقه في البعض الآخر، والمصنف -رحمه الله تعالى- بدأ يعرّف بهذه الصفات الثلاثة ويفرق بينها، ويذكر أمثلة لكل واحدة على حدة.

2 اختلف العلماء في تحديد سن الكهولة على أقوال كثيرة، أصحها -من وجهة =

ص: 60

[تقسيم الأوصاف الذاتية]

ثم الأوصاف الذاتية تنقسم إلى جنس وفصل:

فالجنس: هو الذاتي المشترك بين شيئين فصاعدًا مختلفين بالحقيقة.

ثم هو منقسم إلى عام، لا أعم منه، كالجوهر1، ينقسم إلى جسم وغير جسم.

والجسم ينقسم إلى نام وغيره.

والنامي ينقسم إلى حيوان وغيره.

والحيوان ينقسم إلى آدمي وغيره.

وإلى خاص، لا أخص منه، كالإنسان.

ولا عم من الجوهر إلا الموجود، وليس بذاتي2.

= نظري- أنه من جاوز الثلاثين، وحدده بعض العلماء بثلاثة وثلاثين سنة. وهو ما وصف الله به عيسى عليه السلام في قوله تعالىٍ:{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا......} [سورة آل عمران الآية: 46] وانظر تفسير القرطبي جـ2 ص90 وما ذكره المصنف من مراحل العمر المختلفة أمثلة على الأوصاف العرضية البطيئة الزوال.

1 جوهر الشيء: ما خلقت عليه جبلته، ومن الأحجار: كل شيء يستخرج منه شيء ينتفع به، والنفيس الذي تتخذ منه الفصوص ونحوها. وعند المناطقة: ما قام بنفسه، ويقابله العَرَض، وهو ما يقوم بغيره. انظر تفصيل ذلك في التعريفات للجرجاني ص79.

2 سبق أن قلنا: إن الجوهر ما قام بنفسه، ولما قال المصنف: بأن الجوهر عام، لا أعم منه، استشعر اعتراضًا عليه مضمونه: كيف يكون كذلك، وكونه موجودًا أعم منه؟ فأجاب بقوله:"ليس بذاتي" أي: أنه يعني الأعم الذي هو ذاتي =

ص: 61

ولا أخص من الإنسان إلا الأحوال العرضية، من الطول، والقصر، والشيخوخة ونحوها.

والفصل: ما يفصله عن غيره، ويميزه به، كالإحساس في الحيوان، فإنه يشارك الأجسام في الجسمية، والإحساس يفصله عن غيره.

[شروط الحد]

فيشترط في الحد: أن يذكر الجنس والفصل معًا.

وينبغي أن يذكر الجنس القريب، ليكون أدل على الماهية، فأنك إن اقتصرت على ذكر البعيد بعدت، وإن ذكرت القريب معه كررت، فلا تقل -في حد الآدمي-:"جسم ناطق" بل حيوان ناطق، وقل -في حد الخمر- "شراب مسكر" ولا تقل "جسم مسكر".

ثم ينبغي أن يقدم ذكر الجنس على الفصل، فلا تقل -في حد الخمر-:"مسكر شراب"، بل العكس. وهذا لو ترك لشوّش النظم، ولم يخرج عن الحقيقة.

وإذا كان للمحدود ذاتيات متعددة فلا بد من ذكر جميعها؛ ليحصل بيان الماهية.

وينبغي أن يفصل بالذاتيات، ليكون الحد حقيقيًّا، فإن عسر ذلك عليك فاعدل إلى اللوازم، لكي يصير رسميًّا، وأكثر الحدود رسمية، لعسر درك الذاتيات1.

= وداخل في حقيقة المحدود وماهيته، بخلاف "الموجود" فإنه خارج عن الماهية، وبذلك ينتفي الاعتراض المتوهم.

1 يقصد من ذلك: أن أكثر التعريفات أو الحدود التي تذكر في الكتب من قبيل =

ص: 62

واحترزْ من إضافة الفصل إلى الجنس، فلا تقل في حد الخمر:"مسكر الشراب" فيصير الحد لفظيًّا غير حقيقي.

وأبعد من هذا: أن تجعل مكان الجنس شيئًا كان وزال، فتقول في الرماد:"خشب محترق" فإن الرماد ليس بخشب1.

[الحد الرسمي وشروطه]

وأما الحد الرسمي: فهو اللفظ الشارح للشيء بتعديد أوصافه الذاتية واللازمة، بحيث يطرد وينعكس، كقوله، -في حد الخمر-: "مائع يقذف

= الحد بالرسم، وهو: كما سيأتي في صلب الكتاب: اللفظ الشارح للشيء بتعديد أوصافه الذاتية واللازمة.

أما الحد الحقيقي -كما سبق تعريفه- فعسير جدًّا، فإن إدراك جميع الذاتيات ليس بالأمر الهين، ولذلك يلجأ كثير من العلماء إلى الحد بالرسم.

1 إلى هنا انتهى المصنف من ذكر شروط الحد الحقيقي، وهي سبعة:

الأول: الجمع بين الجنس والفصل معًا.

الثاني: أن يذكر في الحد الجنس القريب إن وجد.

الثالث: أن تذكر جميع الذاتيات مرتبة، بحيث يبدأ بالجنس ثم بالفصل.

الرابع: إذا كان للمحدود ذاتيات متعددة فلا بد من ذكرها جميعها.

الخامس: أن تفصل بالذاتيات دون العرضيات، إلا إذا تعذر ذلك، فإنه يلجأ إلى اللوازم.

السادس: عدم إضافة الفصل إلى الجنس.

السابع: عدم استبدال الجنس بشيء مضى.

وهناك شروط أخرى ذكرها بعض العلماء: كأن يكون مطردًا، وأن لا يكون مشتملًا على مجاز أو اشتراك الخ. انظر: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 1/ 68، شرح تنقيح الفصول ص4، تحرير القواعد المنطقية ص78.

ص: 63

بالزبد، يستحيل إلى الحموضة، ويحفظ في الدَّن"1. تجمع من عوارضه ولوازمه ما يساوي بجملته الخمر، بحيث لا يخرج منه خمر، ولا يدخل فيه غير خمر.

واجتهد أن يكون من اللوازم الظاهر المعروفة.

ولا يحد الشيء بأخفى منه.

ولا بمثله في الخفاء.

ولا تحد شيئًا بنفي ضده، فتقول في الزوج:"ما ليس بفرد" وفي الفرد: "ما ليس بزوج" فيدور الأمر، ولا يحصل بيان.

واجتهد في الإيجاز -ما استطعت- فإن احتجت فاطلب منها ما هو أشد مناسبة للغرض2.

1 الدَّن: وعاء ضخم للخمر ونحوها.

2 إلى هنا انتهى المصنف من تعريف الحد الرسمي وذكر شروطه وهي ستة:

الأول: أن يكون مطردًا منعكسًا: ومعنى الاطراد: أنه كلما وجد الحد وجد المحدود، والعكس معناه: كلما انتفى الحد انتفى المحدود.

الثاني: أن يكون الحد من اللوازم الظاهرة المعروفة.

الثالث: أن لا يكون بأخفى منه.

الرابع: أن لا يكون بما هو مساو له.

الخامس: أن لا يكون بنفي الضد.

السادس: أن يكون بطريق الإيجاز.

وهناك شروط أخرى ذكرها بعض العلماء، مثل: عدم اشتماله على ألفاظ غريبة، أو ألفاظ مجازية أو مشتركة، أو كنايات، لأنها لا تؤدي الغرض المقصود. انظر: تحرير القواعد المنطقية ص81.

ص: 64

[الحد اللفظي وشرطه]

وأما الحد اللفظي: فهو شرح اللفظ بلفظ أشهر منه: كقولك: في العقار1: "الخمر"، وفي الليث:"الأسد".

ويشترط: أن يكون الثاني أظهر من الأول.

واسم الحد شامل لهذه الأقسام الثلاثة2، لكن الحقيقي هو الأول؛ فإن معنى "الحد" يقرب من معنى حد الدار، وللدار جهات متعددة إليها ينتهي الحد، فتحديدها بذكر جهاتها المختلفة المتعددة التي الدار محصورة بها مشهورة.

وإذا سأل عن حد الشيء فكأنه يطلب المعاني والحقائق التي بائتلافها تتم حقيقة ذلك الشيء، وتتميز به عما سواه، فلذلك لم يسم "اللفظي" و"الرسمي" حقيقيًّا، وسمى الجميع باسم "الحد" لأنه جامع مانع؛ إذ هو مشتق من المنع، ولذلك سمى البواب حدّادًا؛ لمنعه من الدخول والخروج.

فحدُّ الحدِّ إذا: الجامع المانع

[تعريف الحد الحقيقي]

واختلف في حد الحد الحقيقي:

1 العقار -بضم العين- الخمر. وبفتح العين: كل ملك ثابت له أصل، كالأرض والدار، جمعه عقارات.

والعقار الحر: ما كان خالص الملكية، يأتي بدخل سنوي يسمى ريعًا. والعقار من كل شيء خياره "المعجم الوسيط 2/ 621".

2 أي: الحد الحقيقي، والحد الرسمي، والحد اللفظي.

ص: 65

فقيل: هو اللفظ المفسر لمعنى المحدود على وجهٍ يجمع ويمنع.

وقيل: القول الدال على ماهية الشيء1.

وحدّه قوم: بأنه نفس الشيء وذاته2.

وهذا لا معارضة بينه وبين ما ذكرناه؛ لكون المحدود ههنا غير المحدود ثَمَّ، وإنما يقع التعارض بعد التوارد على شيء واحد3.

بيانه: أن الموجود له في الوجود أربع مراتب:

الأولى: حقيقته في نفسه.

1 وهذا ما ذكره المصنف قبل ذلك، وهذا يدل على أن المصنف لم يلتزم بالمنهج العلمي، فكان ينبغي عليه أن يذكر هذه الآراء هناك، أما أن يذكر رأيا في أول المسألة، ثم يعيده مع غيره في آخرها ففيه ما فيه.

2 اعترض على هذا التعريف بأن فيه تفسير للشيء بنفسه.

وأجيب: بأن دلالة المحدود من حيث الإجمال، ودلالة الحد من حيث التفصيل، ولا محذور في ذلك.

3 علق "ابن بدران" على هذا الكلام بقوله: "معناه: أن هذه الأقوال الثلاثة المذكورة في حد الحد لا معارضة بينها وبين ما ذكره من أن حد الحد هو الجامع المانع، وذلك لأن كل واحد ذكر للحد حدًّا باعتبار غير ما اعتبره الثاني، والمعارضة لا تكون إلا حيث تواردت الحدود على محدود واحد باعتبار واحد".

ثم قال: والحاصل: أن الحد لفظ مشترك بين أقسام الوجود، وباختلاف إطلاقه على أحد معانيه اختلف حده.

ومثاله: أن حد "العين" بأنه العضو المدرك للألوان بالرؤية، لم يخالف من يحد "العين" بأنه الجوهر المعدني الذي هو أشرف النقود، بل حد هذا أمرًا مباينًا لحقيقة الأمر الآخر، وإنما اشتركا في اسم "العين". انظر:"نزهة الخاطر جـ1 ص41، 42".

ص: 66