الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المجاز يستلزم الحقيقة دون العكس]
وكل مجاز له حقيقة في شيء أخر، إذ هو عبارة عن [اللفظ] المستعمل في غير موضوعه، فلا بد أن يكون له موضوع1.
ولا يلزم أن يكون لكل حقيقة مجاز؛ إذ كون الشيء له موضوع لا يلزم أن يستعمل فيما عداه.
= هذا، وعلاقات المجاز كثيرة تكلفت بها كتب البلاغة، ذكر الطوفي منها ما يزيد على عشرين نوعًا. انظر: شرح المختصر "1/ 506 وما بعدها".
1 ذهب بعض العلماء إلى أن المجاز لا يستلزم الحقيقة، إذ إن اللفظ قبل استعماله فيما وضع له أولًا، لا يوصف بالحقيقة، فلا مانع من أن يتجوز في اللفظ قبل استمعاله فيما وضع له أولًا.
وأجاب عنه جمهور العلماء: بأن المجاز فرع عن الحقيقة، والحقيقة أصل، ومتى وجد الفرع وجد الأصل، بخلاف العكس، فإنه قد يوجد الأصل ولا يوجد الفرع.
هذا معنى قول المصنف: "ولا يلزمك أن يكون لكل حقيقة مجاز".
انظر: المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني "1/ 306 وما بعدها" شرح الكوكب المنير "1/ 189".
فصل: [في تعارض الحقيقة والمجاز]
متى دار اللفظ بين الحقيقة والمجاز: فهو للحقيقة1، ولا يكون
1 مسألة تعارض الحقيقة والمجاز تنقسم إلى أربعة أقسام:
الأول: أن يكون المجاز مرجوحًا، لا يفهم إلا بقرينة، كالأسد للرجل الشجاع، وفي هذا القسم تقدم الحقيقة لرجحانها، لأنها الأصل.
الثاني: أن يغلب استعماله حتى يتساوى مع الحقيقة، فتقدم الحقيقة أيضًا، لعدم رجحان المجاز. مثل كلمة "النكاح" فإنها تطلق على العقد والوطء إطلاقًا متساويًا، مع أنها حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر.
الثالث: أن يكون المجاز راجحًا، والحقيقة مماتة لا تراد في العرف، فيقدم =
مجملًا، إلا أن يدل دليل على أنه أريد به المجاز1؛ إذ لو جعلنا كل لفظ أمكن التجوز فيه مجملًا: لتعذرت الاستفادة في أكثر الألفاظ، واختل مقصود الوضع، وهو التفاهم2.
ولأن واضع الاسم لمعنًى إنما وضعه ليكتفي به فيه، فكأنه قال:
= المجاز؛ لأنه إما حقيقة شرعية، كالصلاة، أو عرفية كالدابة، فلا خلاف في تقديم المجاز على الحقيقة اللغوية.
مثال ذلك: لو حلف: لا يأكل من هذه النخلة، فأكل من ثمرها، فإنه يحنث وإن أكل من خشبها لم يحنث، وإن كان الخشب هو الحقيقة؛ لأن الحقيقة هنا مهجورة.
الرابع: أن يكون المجاز راجحًا والحقيقة تتعاهد في بعض الأوقات.
مثال ذلك: لو حلف ليشربن من هذا النهر، فهو حقيقة في الكرع منه بفيه، ولو اغترف بكوز وشرب فهو مجاز؛ لأنه شرب من الكوز لا من النهر، لكنه مجاز راجح يتبادر إلى الفهم، فيكون أولى من الحقيقة. وهذا القسم هو محل الخلاف.
انظر: القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام ص104، 105 شرح الكوكب المنير "1/ 195 وما بعدها".
1 وذهب بعض العلماء، كالإمام الرازي وأتباعه إلى أنه إذا تعارضت الحقيقة والمجاز الراجح، كان اللفظ مجملًا، ويحتاج إلى البيان.
وذهب أبو يوسف والقرافي وابن حمدان وابن قاضي الجبل إلى أن المجاز الراجح أولى من الحقيقة المرجوحة.
وذهب أبو حنيفة وابن الحاجب وابن مفلح إلى أن الحقيقة أولى من المجاز، ما لم تهجر.
وقال الأصفهاني: محل ذلك إن منع حمل الكلام على الحقيقة والمجاز معًا. وقال ابن الرفعة: محله في إثبات وفي نفي يعمل بالمجاز قطعًا.
انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص104 وما بعدها، شرح الكوكب المنير "1/ 195".
2 لأن الحكمة من وضع الألفاظ: إنما هي إفهام معانيها ودلالتها عليه، فلو جعلت =