الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حق حقه، فلا وصية لوارث" وأما الآية الآخرى: فإن الله -سبحانه- أمر بإمساكهن إلى غاية يجعل لهن سبيلًا، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله جعل لهن السبيل. وليس ذلك بنسخ. والله أعلم.
فصل: [في حكم نسخ القرآن ومتواتر السنة بالآحاد]
فأما نسخ القرآن، والمتواتر من السنة، بأخبار الآحاد: فهو جائز عقلًا؛ إذ لا يمتنع أن يقول الشارع: تعبدناكم بالنسخ بخبر الواحد.
وغير جائز شرعًا1.
وقال قوم من أهل الظاهر: يجوز2.
وقالت طائفة: يجوز في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز بعده3؛ لأن أهل قباء قبلوا خبر الواحد في نسخ القبلة.
1 وهذا هو رأي جمهور العلماء.
وقد نقل الغزالي في المستصفى "2/ 107" عدم جواز نسخ القرآن بالمتواتر والآحاد عن الخوارج.
2 انظر: الإحكام لابن حزم "4/ 617".
3 وهو الذي رجحه الغزالي حيث قال: "المختار: جواز ذلك عقلًا لو تعبّد به، ووقوعه سمعًا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل: قصة قباء".
وحكاه الشوكاني عن بعض العلماء: كأبي بكر الباقلاني، وأبي الوليد الباجي، والقرطبي، انظر: إرشاد الفحول "2/ 79" والعجب من العلماء الذين قالوا بهذا الرأي، كيف غاب عنهم أنه لا نسخ بعد عصر النبوة، والأعجب منه ما ذهب إليه الظاهرية من جوازه مطلقًا مع ما اتفق عليه الجميع من أن الإجماع لا ينسخ، ولا ينسخ به، لأن الإجماع لا يكون إلا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؟! =
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث آحاد الصحابة إلى أطراف دار الإسلام، فينقلون الناسخ والمنسوخ.
ولأنه يجوز التخصيص به، فجاز النسخ به كالمتواتر.
ولنا: إجماع الصحابة رضي الله عنهم على أن القرآن والمتواتر لا يرفع بخبر الواحد، فلا ذاهب إلى تجويزه، حتى قال عمر رضي الله عنه:"لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة: لا ندري أصدقت أم كذبت"1.
= ومن الغريب أن "الطوفي" يميل إلى مذهب الظاهرية وينصره، ويورد العديد من الأدلة على ذلك، مع أنه قال -بعد ذلك- في المسألة السابعة: "الحكم الثابت بالإجماع لا ينسخ، أي: لا يكون منسوخًا.
وتقريره، أن النسخ لا يكون إلا في عهد النبوة، والإجماع لا يكون إلا بعد عهد النبوة، ويلزم من ذلك أن حكم الإجماع لا ينسخ.
أما أن النسخ لا يكون إلا في عهد النبوة؛ فلأن النسخ رفع للحكم، وإبطال له وتغيير، وذلك إنما يكون في عهد النبوة، لأنه زمن الوحي الرافع للأحكام، وبعد انقراض عهد النبوة يستقر الشرع، فلا يجوز تغيير شيء منه، ولا يبقى إلا اتباع ما انقرض عليه عصر النبوة" شرح المختصر "2/ 330-331".
1 أخرجه مسلم: كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، والترمذي: كتاب الطلاق، باب ما جاء في المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها ولا سكنى، وأحمد في المسند "6/ 415" عن فاطمة بنت قيس أنها قالت: طلقني زوجي ثلاثًا فلم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب قال: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة، لعلها حفظت أو نسيت، لها السكنى والنفقة، قال الله عز وجل {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [سورة الطلاق: 1] .