الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(14) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ
(خ م د حم)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ:
(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ)(1) فَـ (إِذَا أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا)(2)(سَأَلَ: هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ دَيْنٌ؟ " ، فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ ، قَالَ: " هَلْ لَهُ وَفَاءٌ؟ " ، فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ ، " صَلَّى عَلَيْهِ "، وَإِنْ قَالُوا: لَا، قَالَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ ، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عز وجل عَلَيْهِ الْفُتُوحَ، قَالَ: أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)(3)(فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (4)} (5) فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا ، فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا (6) فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ ") (7) وفي رواية:(فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً ، فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ ")(8)
(1)(د) 3343
(2)
(عب) 15260 ، (م) 14 - (1619) ، (حم) 8937
(3)
(حم) 7886 ، (خ) 2175 ، (م) 14 - (1619) ، (ت) 1070 ،
(س) 1963، (د) 3343 ، (جة) 2415
(4)
أَيْ: أَحَقّ بِهِمْ ، وَأَقْرَب إِلَيْهِمْ.
وَقِيلَ: مَعْنَى الْأَوْلَوِيَّة: النُّصْرَة وَالتَّوْلِيَة ، أَيْ: أَنَا أَتَوَلَّى أُمُورهمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ ، وَأَنْصُرُهُمْ فَوْقَ مَا كَانَ مِنْهُمْ لَوْ عَاشُوا. عون المعبود - (ج 6 / ص 432)
قال القرطبي في تفسيره (14/ 121): هَذِهِ الْآيَةُ أَزَالَ اللهُ تَعَالَى بِهَا أَحْكَامًا كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، مِنْهَا:" أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كان لَا يُصَلِّي عَلَى مَيِّتٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ ، قَالَ: أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ، فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ " أَخْرَجَهُ الصَّحِيحَانِ.
وَفِيهِمَا أَيْضًا: " فَأَيُّكُمْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا ، فَأَنَا مَوْلَاهُ ".
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فَانْقَلَبَتِ الْآنَ الْحَالُ بِالذُّنُوبِ، فَإِنْ تَرَكُوا مَالًا ، ضُويِقَ الْعَصَبَةُ فِيهِ، وَإِنْ تَرَكُوا ضَيَاعًا ، أُسْلِمُوا إِلَيْهِ.
فَهَذَا تَفْسِيرُ الْوَلَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِتَفْسِيرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَنْبِيهِهِ، (وَلَا عِطْرَ بَعْدَ عَرُوسٍ).
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْعَارِفِينَ: هُوَ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، لِأَنَّ أَنْفُسَهُمْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهَلَاكِ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى النَّجَاةِ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " أَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ ، وَأَنْتُمْ تَقْتَحِمُونَ فِيهَا تَقَحُّمَ الْفَرَاشِ ".
قُلْتُ: هَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَتَفْسِيرِهَا، قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحُجْزَةُ لِلسَّرَاوِيلِ، وَالْمَعْقِدُ لِلْإِزَارِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ إِمْسَاكَ مَنْ يَخَافُ سُقُوطَهَ ، أَخَذَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْهُ وَهَذَا مَثَلٌ لِاجْتِهَادِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم فِي نَجَاتِنَا، وَحِرْصِهِ عَلَى تَخَلُّصِنَا مِنَ الْهَلَكَاتِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا، فَهُوَ أَوْلَى بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا، وَلِجَهْلِنَا بِقَدْرِ ذَلِكَ ، وَغَلَبَةِ شَهَوَاتِنَا عَلَيْنَا ، وَظَفَرِ عَدُوِّنَا اللعين بنا ، صِرْنَا أَحْقَرَ مِنَ الْفَرَاشِ ، وَأَذَلَّ مِنَ الْفَرَاشِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ!.
وَقِيلَ: " أَوْلَى بِهِمْ " أَيْ: أَنَّهُ إِذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ ، وَدَعَتِ النَّفْسُ إِلَى غَيْرِهِ ، كَانَ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى.
وَقِيلَ: " أَوْلَى بِهِمْ " أَيْ: هُوَ أَوْلَى بِأَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، فَيُنَفَّذُ حُكْمُهُ فِي أَنْفُسِهِمْ، أَيْ: فِيمَا يَحْكُمُونَ بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ ، مِمَّا يُخَالِفُ حُكْمَهُ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْضِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ دَيْنَ الْفُقَرَاءِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، حَيْثُ قَالَ:" فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ ". أ. هـ
(5)
[الأحزاب/6]
(6)
الضَّيَاع: اِسْم لِكُلِّ مَا هُوَ يُفْتَرَض أَنْ يُضَيَّع إِنْ لَمْ يُتَعَهَّد ، كَالذُّرِّيَّةِ الصِّغَار ، وَالْأَطْفَال، وَالزَّمْنَى الَّذِينَ لَا يَقُومُونَ بِكَلِّ أَنْفُسِهِمْ ، وَسَائِرِ مَنْ يَدْخُل فِي مَعْنَاهُمْ. عون المعبود - (ج 6 / ص 432)
وَسُمِّيَتِ الْأَرْضُ ضَيْعَةً ، لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلضَّيَاعِ ، وَتُجْمَعُ ضِيَاعًا بِكَسْرِ الضَّادِ.
القرطبي (14/ 121)
(7)
(خ) 2269 ، (م) 15 - (1619) ، (د) 2954 ، (جة) 2416 ، (حم) 8399
(8)
(خ) 6350 ، (م) 14 - (1619) ، (ت) 1070 ، (س) 1963 ،
(جة) 2415 ، (حم) 14192 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1813