الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى اخْتِلَافُ هَذِه الْأُمَّةِ وَاقْتِتَالُهَا فِيمَا بَيْنَهَا
(خ)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَعُوذُ بِوَجْهِكَ "، قَالَ:{أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ، قَالَ:" أَعُوذُ بِوَجْهِكَ "، قَالَ:{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأسَ بَعْضٍ} ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" هَذَا أَهْوَنُ (1) "(2)
(1) أَيْ: خَصْلَةُ الِالْتِبَاس ، وَخَصْلَةُ إِذَاقَةِ بَعْضِهمْ بَأسَ بَعْضٍ أَهْوَنُ.
وَقَدْ رَوَى ابْن مَرْدَوْيهِ مِنْ حَدِيث أُبَيِّ بْن كَعْب قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ: الرَّجْم {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: الْخَسْف.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْفَوْقِ: حَبْسُ الْمَطَر، وَبِالتَّحْتِ: مَنْعُ الثَّمَرَات، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَد. فتح الباري - (ج 13 / ص 39)
(2)
(خ) 4352 ، (ت) 3065
(م د جة)، وَعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ اللهَ تَعَالَى زَوَى لِي الْأَرْضَ (1) فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا (2) وَإِنِّي أُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ: الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ) (3)(- يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ (4) - وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي ثَلَاثًا: أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ بِهِ) (5)(وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ (6) فَيَسْتَبِيحَ (7) بَيْضَتَهُمْ (8)) (9)(وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا (10) وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأسَ بَعْضٍ) (11)(فَقَالَ لِي رَبِّي: يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً ، فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ (12) وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ) (13)(أَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ جُوعًا فَأُهْلِكَهُمْ بِهِ (14)) (15)(وَلَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا (16) حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا (17) وَيَسْبِيَ (18) بَعْضُهُمْ بَعْضًا) (19)(وَإِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ (20) وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي ، لَمْ يُرْفَعْ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (21) ") (22)
(1) أَيْ: جَمَعَهَا لِأَجْلِي ، يُرِيدُ بِهِ تَقْرِيبَ الْبَعِيدِ مِنْهَا، حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِ اِطِّلَاعَهُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْهَا. (النووي ج9ص268)
(2)
فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُلْكَ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَكُونُ مُعْظَمُ اِمْتِدَادِهِ فِي جِهَتَيْ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِب، وَهَكَذَا وَقَعَ ، وَأَمَّا فِي جِهَتَيْ الْجَنُوبِ وَالشِّمَالِ ، فَقَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب. (النووي - ج 9 / ص 268)
(3)
(م) 2889
(4)
قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَادُ بِالْكَنْزَيْنِ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّة، وَالْمُرَاد: كَنْزَيْ كِسْرَى وَقَيْصَر مَلِكَيْ الْعِرَاقِ وَالشَّام. (النووي - ج 9 / ص 268)
(5)
(جة) 3952 ، (م) 2889
(6)
أَيْ: الْكُفَّارُ.
(7)
أَيْ: يَسْتَأصِلُ.
(8)
أَيْ: جَمَاعَتَهُمْ وَأَصْلَهُمْ، وَالْبَيْضَةُ أَيْضًا: الْعِزُّ وَالْمُلْك. النووي (9/ 268)
وقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ: مُجْتَمَعَهُمْ وَمَوْضِعَ سُلْطَانِهِمْ، وَمُسْتَقَرَّ دَعْوَتِهِمْ، وَبَيْضَةُ الدَّارِ: وَسَطُهَا وَمُعْظَمُهَا، أَرَادَ: عَدُوًّا يَسْتَأصِلُهُمْ وَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعَهُمْ،
قِيلَ: أَرَادَ إِذَا أُهْلِكَ أَصْلُ الْبَيْضَةِ ، كَانَ هَلَاكُ كُلِّ مَا فِيهَا مِنْ طَعِمٍ أَوْ فَرْخٍ ، وَإِذَا لَمْ يُهْلِكْ أَصْلَ الْبَيْضَةِ ، سَلِمَ بَعْضُ فِرَاخِهَا. تحفة الأحوذي (5/ 468)
(9)
(م) 2889 ، (ت) 2176
(10)
الشِّيَع: الفِرَق والجماعات.
(11)
(جة) 3952
(12)
قال ابن أبي عاصم في كتابه (السنة ح287): وَسَمِعْتُ حَامِدًا - وَكَانَ مِمَّا يُنْسَبُ إِلَى مِعْرِفَةٍ بِالْكَلَامِ وَالْفِقْهِ - قَالَ: مَا عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ حَدِيثٌ أَشَدَّ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى مَنَعَهُ الثَّالِثَةَ، لِأَنَّ مِنْ إِرَادَةِ اللهِ أَنْ يُهْلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَسْبِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَضَى ذَلِكَ ، وَإِنَّهُ كَائِنٌ. أ. هـ
قَالَ الْمُظْهِرُ: اِعْلَمْ أَنَّ لِلهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ قَضَاءَيْنِ: مُبْرَمًا ، وَمُعَلَّقًا بِفِعْلٍ، كَمَا قَالَ: إِنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ ، فَلَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا ، مِنْ قَبِيلِ مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ:{يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ الْمُبْرَمُ، فَهُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا قَدَّرَهُ سُبْحَانَهُ فِي الْأَزَلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِفِعْلٍ فَهُوَ فِي الْوُقُوعِ نَافِذٌ غَايَةَ النَّفَاذِ، بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ بِحَالَةٍ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُقْضَى عَلَيْهِ، وَلَا الْمَقْضِيِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِلْمِهِ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَخِلَافُ مَعْلُومِهِ مُسْتَحِيلٌ قَطْعًا، وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ ، قَالَ تَعَالَى:{لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} ، فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:" إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا يُرَدُّ " مِنْ الْقَبِيلِ الثَّانِي وَلِذَلِكَ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مُسْتَجَابُو الدَّعْوَةِ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 468)
(13)
(م) 2889
(14)
بَلْ إِنْ وَقَعَ قَحْط ، فَيَكُون فِي نَاحِيَةٍ يَسِيرَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي بِلَادِ الْإِسْلَام ، فَلِلهِ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ عَلَى جَمِيعِ نِعَمِه. (النووي - ج 9 / ص 268)
(15)
(جة) 3952
(16)
أَيْ: نَوَاحِي الْأَرْض.
(17)
أَيْ: بِالْحَرْبِ وَالْقَتْلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَذَابِ الله ، لَكِنْ أَخَفَّ مِنْ الِاسْتِئْصَال ، وَفِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ كَفَّارَة. (فتح) - (ج 20 / ص 371)
(18)
أَيْ: يَأسِرُ.
(19)
(م) 2889 ، (ت) 2176
(20)
أَيْ: الدَّاعِينَ إِلَى الْبِدَعِ ، وَالْفِسْقِ ، وَالْفُجُور.
(21)
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَد ، يَكُونُ فِي بَلَدٍ آخَر ، وَقَدْ ابْتُدِئَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ وَهَلُمَّ جَرًّا ، لَا يَخْلُو عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْأُمَّة ، وَالْحَدِيثُ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى:{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأسَ بَعْضٍ} عون المعبود (ج 9 / ص 292)
(22)
(د) 4252 ، (ت) 2202 ، 2229 ، انظر الصَّحِيحَة: 1582
(س جة)، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ:(" صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا صَلَاةً فَأَطَالَ فِيهَا "، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلْتَ الْيَوْمَ الصَلَاةَ، فَقَالَ: إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ (1) سَأَلْتُ رَبِّي عز وجل لِأُمَّتِي ثَلَاثًا ، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ، وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً) (2)(سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ بِمَا أَهْلَكَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ ، فَأَعْطَانِيهَا ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ (3) فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا ، وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأسَ بَعْضٍ ، فَمَنَعَنِيهَا (4) ") (5)
(1) أَيْ: صَلَاةً دَعَوْتٌ فِيهَا رَاغِبًا فِي الْإِجَابَة ، رَاهِبًا مِنْ رَدِّهَا. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 321)
(2)
(جة) 3951
(3)
أَيْ: مِنْ فِرَقِ الْكُفْر ، وَالْمُرَاد: أَنْ لَا يُسَلَّطَ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ يَسْتَأصِلَهُمْ. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 321)
(4)
فِيهِ أَنَّ الِاسْتِجَابَةَ بِإِعْطَاءِ عَيْنِ الْمَدْعُوِّ لَهُ لَيْسَتْ كُلِّيَّة ، بَلْ قَدْ تَتَخَلَّفُ ، مَعَ تَحَقُّقِ شَرَائِطِ الدُّعَاء. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 321)
(5)
(س) 1638 ، (ت) 2175 ، صَحِيح الْجَامِع: ، 2466، والصَّحِيحَة: 1724
(خ م) ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ:(يَوْمُ الْخَمِيسِ ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ ، مَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ ، فَقَالَ: " اشْتَدَّ (1) بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ (2)) (3)(يَوْمَ الْخَمِيسِ ")(4)(- وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه)(5)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ائْتُونِي بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا ")(6)(فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ (7) وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللهِ حَسْبُنَا) (8)(فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ فَاخْتَصَمُوا ، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)(9)(- وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ - فَقَالُوا: مَا لَهُ؟ ، أَهَجَرَ (10)؟ ، اسْتَفْهِمُوهُ) (11) (فَذَهَبُوا يُعِيدُونَ عَلَيْهِ) (12) (فَقَالَ:" قُومُوا) (13) (دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ (14)) (15) (وَأَمَرَهُمْ) (16) (عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ ، قَالَ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ (17) وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ (18) بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ (19) "، وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ (20)) (21) (فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ (22) كُلَّ الرَّزِيَّةِ ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ ، لِاخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ (23)) (24).
(1) أَيْ: قَوِيَ.
(2)
أَيْ: فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم ويَوْمُ الْخَمِيسِ قَبْلَ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعَةِ أَيَّام.
(3)
(خ) 2997
(4)
(خ) 2888
(5)
(خ) 5345
(6)
(م) 1637 ، (خ) 2888
(7)
أَيْ: يَشُقُّ عَلَيْهِ إِمْلَاءُ الْكِتَاب، وَكَأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّطْوِيل قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره:(اِئْتُونِي) أَمْر، وَكَانَ حَقُّ الْمَأمُورِ أَنْ يُبَادِرَ لِلِامْتِثَالِ، لَكِنْ ظَهَرَ لِعُمَرَ رضي الله عنه مَعَ طَائِفَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوب، وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِرْشَادِ إِلَى الْأَصْلَح ، فَكَرِهُوا أَنْ يُكَلِّفُوهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَة ، مَعَ اِسْتِحْضَارِهِمْ قَوْلَه تَعَالَى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَاب مِنْ شَيْء} ، وَقَوْله تَعَالَى:{تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْء} ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَر:" حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ ".وَظَهَرَ لِطَائِفَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُكْتَبَ ، لِمَا فِيهِ مِنْ اِمْتِثَالِ أَمْرِهِ ، وَمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ زِيَادَةِ الْإِيضَاح. وَدَلَّ أَمْرُهُ لَهُمْ بِالْقِيَامِ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ الْأَوَّلَ كَانَ عَلَى الِاخْتِيَار، وَلِهَذَا عَاشَ صلى الله عليه وسلم بَعْد ذَلِكَ أَيَّامًا ، وَلَمْ يُعَاوِدْ أَمْرَهُمْ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَتْرُكْهُ لِاخْتِلَافِهِمْ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ التَّبْلِيغ لِمُخَالَفَةِ مَنْ خَالَفَ، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ يُرَاجِعُونَهُ فِي بَعْض الْأُمُورِ ، مَا لَمْ يَجْزِم بِالْأَمْرِ، فَإِذَا عَزَمَ اِمْتَثَلُوا. وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْكِتَابِ، فَقِيلَ: كَانَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا يَنُصُّ فِيهِ عَلَى الْأَحْكَامِ ، لِيَرْتَفِعَ الِاخْتِلَاف.
وَقِيلَ: بَلْ أَرَادَ أَنْ يَنُصَّ عَلَى أَسَامِي الْخُلَفَاءِ بَعْدَه ، حَتَّى لَا يَقَعَ بَيْنَهُمْ الِاخْتِلَاف قَالَهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ ، وَيُؤَيِّدهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أَوَائِلِ مَرَضِهِ وَهُوَ عِنْدَ عَائِشَة:" اُدْعِ لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ ، وَيَقُولَ قَائِل، وَيَأبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْر " أَخْرَجَهُ مُسْلِم. وَلِلْمُصَنِّفِ مَعْنَاهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكْتُب صلى الله عليه وسلم. فتح الباري (ج 1 / ص 182)
(8)
(خ) 114
(9)
(خ) 5345
(10)
قَالَ عِيَاض: مَعْنَى (أَهْجَرَ) أَفْحَشَ، يُقَال: هَجَرَ الرَّجُلُ: إِذَا هَذَى، وَأَهْجَرَ إِذَا أَفْحَشَ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ بِسُكُونِ الْهَاء ، وَالرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إِنَّمَا هِيَ بِفَتْحِهَا، وَلَخَصَّهُ الْقُرْطُبِيُّ تَلْخِيصًا حَسَنًا ، ثُمَّ لَخَّصْتُه مِنْ كَلَامِه، وَحَاصِلُه أَنَّ قَوْلَه (هَجَرَ) الرَّاجِحُ فِيهِ إِثْبَاتُ هَمْزَة الِاسْتِفْهَامِ ، وَبِفَتَحَاتٍ ، عَلَى أَنَّهُ فِعْل مَاضٍ، أَيْ: قَالَ هُجْرًا، وَالْهُجْر بِالضَّمِّ: الْهَذَيَان ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَقَعُ مِنْ كَلَامِ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَنْتَظِمُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ لِعَدَمِ فَائِدَته ، وَوُقُوعُ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَحِيل ، لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ فِي صِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى} وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لَا أَقُولُ فِي الْغَضَب وَالرِّضَا إِلَّا حَقًّا " ، وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ ، فَإِنَّمَا قَالَهُ مَنْ قَالَهُ مُنْكِرًا عَلَى مَنْ يَتَوَقَّفُ فِي اِمْتِثَالِ أَمْرِهِ بِإِحْضَارِ الْكَتِفِ وَالدَّوَاة ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ تَتَوَقَّف؟ ، أَتَظُنُّ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ يَقُولُ الْهَذَيَانَ فِي مَرَضه؟ ، اِمْتَثِلْ أَمْرَهُ ، وَأَحْضِرْ مَا طَلَبَ ، فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ إِلَّا الْحَقّ.
قَالَ: وَيَحْتَمِل أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ ذَلِكَ عَنْ شَكٍّ عَرَضَ لَهُ، وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنْ لَا يُنْكِرُهُ الْبَاقُونَ عَلَيْهِ ، مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَة، وَلَوْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ لَنُقِلَ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ صَدَرَ عَنْ دَهَشٍ وَحَيْرَة ، كَمَا أَصَابَ كَثِيرًا مِنْهُمْ عِنْد مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم.
قُلْت: وَيَظْهَرُ لِي تَرْجِيحُ ثَالِثِ الِاحْتِمَالَات الَّتِي ذَكَرَهَا الْقُرْطُبِيّ ، وَيَكُون قَائِلُ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ قَرُبَ دُخُولُهُ فِي الْإِسْلَام ، وَكَانَ يَعْهَدُ أَنَّ مَنْ اِشْتَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ قَدْ يَشْتَغِل بِهِ عَنْ تَحْرِيرِ مَا يُرِيدُ أَنْ يَقُولَهُ ، لِجَوَازِ وُقُوع ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ ذَلِكَ (اِسْتَفْهَمُوهُ) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ بِالِاسْتِفْهَامِ ، أَيْ: اِخْتَبِرُوا أَمْرَهُ بِأَنْ تَسْتَفْهِمُوهُ عَنْ هَذَا الَّذِي أَرَادَهُ ، وَابْحَثُوا مَعَهُ فِي كَوْنِهِ الْأَوْلَى أَوْ لَا. فتح الباري (12/ 252)
(11)
(خ) 2997
(12)
(حم) 1935، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(13)
(خ) 5345
(14)
قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ وَغَيْره: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: دَعُونِي فَالَّذِي أُعَايِنُهُ مِنْ كَرَامَةِ اللهِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِي بَعْد فِرَاقِ الدُّنْيَا خَيْرٌ مِمَّا أَنَا فِيهِ فِي الْحَيَاة.
أَوْ أَنَّ الَّذِي أَنَا فِيهِ مِنْ الْمُرَاقَبَةِ وَالتَّأَهُّبِ لِلِقَاءِ اللهِ ، وَالتَّفَكُّرِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوهِ أَفْضَلُ مِنْ الَّذِي تَسْأَلُونَنِي فِيهِ مِنْ الْمُبَاحَثَةِ عَنْ الْمَصْلَحَةِ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ عَدَمِهَا.
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الَّذِي أَشَرْتُ عَلَيْكُمْ بِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ مِنْ عَدَمِهَا ، بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِر. فتح الباري (ج12ص252)
(15)
(خ) 2888
(16)
(خ) 2997
(17)
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَالَ: لَا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ "(حم) 26395 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: صحيح لغيره ، وهذا إسناد حسن.
(18)
أَيْ: أَعْطَوْهُمْ، وَالْجَائِزَة الْعَطِيَّة. (فتح) - (ج 12 / ص 252)
(19)
أَيْ: بِقَرِيبٍ مِمَّا كُنْتُ أُجِيزهُمْ، وَكَانَتْ جَائِزَةُ الْوَاحِدِ عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وُقِيَّةٌ مِنْ فِضَّة ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. فتح الباري (ج 12 / ص 252)
(20)
قَائِلُ ذَلِكَ هُوَ اِبْن عُيَيْنَةَ راوي الحديث.
(21)
(خ) 2888
(22)
(الرَّزِيَّة): الْمُصِيبَة، أَيْ: أَنَّ الِاخْتِلَافَ كَانَ سَبَبًا لِتَرْكِ كِتَابَةِ الْكِتَاب.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ كِتَابَةِ الْعِلْم، وَعَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا فِي حِرْمَانِ الْخَيْر ، كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّة الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَخَاصَمَا ، فَرُفِعَ تَعْيِينُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. (فتح - ح114)
(23)
اللَّغَط: الأصوات المختلطة المُبْهَمَة ، والضَّجة لَا يُفْهَم معناها.
(24)
(خ) 4169
(خ م حم)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ:(غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ (1) نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ ، فَكَسَعَ (2) أَنْصَارِيًّا ، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ) (3)(" فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(4)(فَخَرَجَ فَقَالَ:)(5)(مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟)(6)(دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ")(7)
(1) قَوْله: (ثَابَ مَعَهُ) أَيْ: اِجْتَمَعَ. فتح الباري (ج 10 / ص 322)
(2)
أَيْ: ضَرَبَهُ عَلَى دُبُره بِشَيْءٍ.
(3)
(خ) 3330 ، (م) 63 - (2584)
(4)
(خ) 4622
(5)
(خ) 3330
(6)
(خ) 4622
(7)
(خ) 4624
(طب)، وَعَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " قَدِ اخْتَلَفْتُمْ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَأَنْتُمْ بَعْدِي أَشَدُّ اخْتِلَافًا "(1)
(1)(طب) 2908 ، انظر الصَّحِيحَة: 3256
(س حم)، وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه قَالَ:(" خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: تَزْعُمُونَ أَنِّي آخِرُكُمْ وَفَاةً؟ ، أَلَا إِنَّهُ)(1)(يُوحَى إِلَيَّ)(2)(أَنِّي مِنْ أَوَّلِكُمْ وَفَاةً)(3)(وَأَنْتُمْ تَتَّبِعُونِي أَفْنَادًا (4) يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ") (5)
(1)(حم) 17019 ، انظر الصَّحِيحَة: 851
(2)
(س) 3561
(3)
(حم) 17019
(4)
أَيْ: جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقِينَ. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 194)
(5)
(س) 3561
(حم)، وَعَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ لِلْإِسْلامِ مِنْ مُنْتَهَى؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" نَعَمْ ، أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ أَرَادَ اللهُ بِهِمْ خَيْرًا ، أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ "، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ:" ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ (1) "، فَقَالَ الرَّجُلُ: كَلَّا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا (2) يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ، وَأَفْضَلُ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ مُؤْمِنٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ (3) يَتَّقِي رَبَّهُ تبارك وتعالى، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ "(4)
(1) الظُّلَل: جمع ظُلَّة ، وهي كل ما أظلَّ من الشمس، والمراد: كأنها الجبال أو السُّحُب.
(2)
الأَسَاوِد: جمع الأسود ، وهو: الْحَيَّةُ السَّوْدَاءُ ، وذلك أنَّ الأسود-أي الحية- إذا أراد أن يَنْهش ، ارْتفع ، ثم انْصَبَّ على المَلْدُوغ. النهاية (ج3ص7)
(3)
الشِّعْب: الطريق في الجبل ، أو الانفراج بين الجبلين.
(4)
(حم) 15960 ، انظر الصَّحِيحَة: 3091 ، وقال الأرناءوط: إسناده حسن.
(حم)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: يَا عَائِشَةُ، قَوْمُكِ أَسْرَعُ أُمَّتِي بِي لَحَاقًا "، قَالَتْ:" فَلَمَّا جَلَسَ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، " لَقَدْ دَخَلْتَ وَأَنْتَ تَقُولُ كَلَامًا " ذَعَرَنِي، فَقَالَ:" وَمَا هُوَ؟ " فَقُلْتُ: " تَزْعُمُ أَنَّ قَوْمِي أَسْرَعُ أُمَّتِكَ بِكَ لَحَاقًا ، قَالَ: نَعَمْ "، قُلْتُ: وَعَمَّ ذَاكَ؟ ، قَالَ:" تَسْتَحْلِيهِمْ الْمَنَايَا ، وَتَنَفَّسُ عَلَيْهِمْ (1) أُمَّتُهُمْ " فَقُلْتُ: فَكَيْفَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ؟، قَالَ:" دَبًى (2) يَأكُلُ شِدَادُهُ ضِعَافَهُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِمْ السَّاعَةُ "(3)
(1) أي: تَحْسُدُهُم.
(2)
الدَّبَى: الْجَنَادِبُ الَّتِي لَمْ تَنْبُتْ أَجْنِحَتُهَا.
(3)
(حم) 24563 ، انظر الصَّحِيحَة: 1953
(م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ خَزَائِنُ فَارِسَ وَالرُّومِ ، أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ؟ "، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه: نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَوَغَيْرَ ذَلِكَ؟ ، تَتَنَافَسُونَ (1) ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ (2) ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ (3) ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ (4) ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ (5) فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ (6) "(7)
(1) التَّنَافُسُ إِلَى الشَّيْءِ: الْمُسَابَقَة إِلَيْهِ، وَكَرَاهَةُ أَخْذِ غَيْرِكَ إِيَّاهُ، وَهُوَ أَوَّلُ دَرَجَاتِ الْحَسَد. (النووي ج9ص 348)
(2)
الْحَسَد: تَمَّنِي زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا. (النووي ج9ص 348)
(3)
التَّدَابُر: التَّقَاطُع ، وَقَدْ بَقِيَ مَعَ التَّدَابُرِ شَيْءٌ مِنْ الْمَوَدَّة، أَوْ لَا يَكُونُ مَوَدَّة. (النووي ج9ص 348)
(4)
فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ مُسَبَّبَةٌ عَنْ الَّتِي قَبْلَهَا. فتح الباري (ج 9 / ص 426)
(5)
أَيْ: ضُعَفَائِهِمْ. (النووي - ج 9 / ص 348)
(6)
أي: فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ أُمَرَاءً عَلَى بَعْض ، هَكَذَا فَسَّرُوهُ. (النووي ج9ص348)
(7)
(م) 2962 ، (جة) 3996 ، انظر الصحيحة: 2665
(د)، وَعَنْ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ فِتْنَةً ، فَعَظَّمَ أَمْرَهَا ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ، لَئِنْ أَدْرَكَتْنَا هَذِهِ لَتُهْلِكَنَّا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَلَّا ، إِنَّ بِحَسْبِكُمْ الْقَتْلَ (1) "، قَالَ سَعِيدٌ: فَرَأَيْتُ إِخْوَانِي قُتِلُوا. (2)
(1) أي: أَنَّ هَذِهِ الْفِتْنَةَ لَوْ أَدْرَكَتْكُمْ لَيَكْفِيكُمْ فِيهَا الْقَتْل ، وَالضَّرَرُ الَّذِي يَحْصُلُ لَكُمْ مِنْهَا لَيْسَ إِلَّا الْقَتْل ، وَأَمَّا هَلَاكُ عَاقِبَتِكُمْ فَكَلَّا، بَلْ يَرْحَمُ اللهُ عَلَيْكُمْ هُنَاكَ وَيَغْفِر لَكُمْ، هَذَا ما ظَهَرَ لِي فِي مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَة، وَالله تَعَالَى أَعْلَم. عون المعبود (ج 9 / ص 313)
(2)
(د) 4277 ، و (حم) 1647
(حم)، وَعَنْ طَارِقِ بْنِ أَشْيَمَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " بِحَسْبِ أَصْحَابِيَ الْقَتْلُ (1) "(2)
(1) أَيْ: يكفي المخطئَ منهم في قتاله في الفِتَنِ القَتْل ، فإنه كفارة لجُرْمه ، وتمحيصٌ لذنوبه ، وأما المصيب فهو شهيد ، وأما من قاتل مع علمه بخطئه ، فقُتل مُصِرًّا ، فأمره إلى الله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء عفى عنه ، ولا يُناقضه خبر " من فعل معصية فأقيم عليه الحد فهو كفارة " ، لأن قتال أهل الحق له كفارة عن قتاله لهم ، وأما إصراره على معصية ربه في مدافعته أهل الحق عن حقهم ، وإقامته على العزم للعَوْدِ لمثله ، فأمره إلى الله ، فقتله على قتاله هو الذي أخبر عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه عقوبة ذنبه. فيض القدير - (ج 3 / ص 257)
(2)
(حم) 15917 ، صَحِيح الْجَامِع: 2816 ، والصحيحة: 1346 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(خ م جة حم)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَأَيَّامًا)(1)(يَزُولُ فِيهَا الْعِلْمُ ، وَيَظْهَرُ فِيهَا الْجَهْلُ)(2)(وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ ")(3)(قَالَ أَبُو مُوسَى: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا الْهَرْجُ؟ ، قَالَ: " الْقَتْلُ " ، فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ)(4)(أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ؟)(5)(إِنَّا نَقْتُلُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا)(6)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ [وَأَبَاهُ] (7) وَيَقْتُلَ عَمَّهُ ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ ") (8) (فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا ، تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ (9) مِنْ النَّاسِ ، لَا عُقُولَ لَهُمْ) (10) (يَحْسَبَ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ ") (11)(ثُمَّ قَالَ أَبُو مُوسَى: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ تُدْرِكَنِي وَإِيَّاكُمْ تِلْكَ الْأُمُورُ ، وَمَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجًا فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا)(12)(لَمْ نُصِبْ مِنْهَا دَمًا وَلَا مَالًا)(13).
(1)(خ) 6653
(2)
(خ) 6656
(3)
(خ) 6653 ، (م) 2672
(4)
(جة) 3959 ، (ت) 2200
(5)
(حم) 19653 ، وقال الأرناءوط: إسناده صحيح ، وانظر الصَّحِيحَة تحت حديث: 1682
(6)
(جة) 3959
(7)
(خد) 118 ، انظر الصَّحِيحَة: 3185
(8)
(حم) 19653
(9)
أَيْ: نَاسٌ بِمَنْزِلَةِ الْغُبَار.
(10)
(جة) 3959
(11)
(حم) 19510 ، انظر الصَّحِيحَة: 1682
(12)
(حم) 19653 ، (جة) 3959
(13)
(حم) 19510
(م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ "، فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟، قَالَ:" الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ"(1)
الشرح (2)
(1)(م) 2908
(2)
اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ مَنْعِ الطَّعْنِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَوْ عَرَفَ الْمُحِقَّ مِنْهُمْ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ إِلَّا عَنْ اِجْتِهَاد ، وَقَدْ عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنْ الْمُخْطِئِ فِي الِاجْتِهَاد، بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَرُ أَجْرًا وَاحِدًا ، وَأَنَّ الْمُصِيبَ يُؤْجَرُ أَجْرَيْنِ. وَحُمِلَ الْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ قَاتَلَ بِغَيْرِ تَأوِيلٍ سَائِغ ، بَلْ بِمُجَرَّدِ طَلَبِ الْمُلْك، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَنْعُ أَبِي بَكْرَة الْأَحْنَفَ مِنْ الْقِتَالِ مَعَ عَلِيّ ، لِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَنْ اِجْتِهَادٍ مِنْ أَبِي بَكْرَة ، أَدَّاهُ إِلَى الِامْتِنَاع وَالْمَنْع ، اِحْتِيَاطًا لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ نَصَحَهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: فَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ الْقِتَالَ إِذَا كَانَ عَلَى جَهْلٍ مِنْ طَلَبٍ للدُّنْيَا ، أَوْ اِتِّبَاعٍ للهَوًى ، فَهُوَ الَّذِي أُرِيدَ بِقَوْلِهِ " الْقَاتِل وَالْمَقْتُول فِي النَّار ".
قُلْت: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الَّذِينَ تَوَقَّفُوا عَنْ الْقِتَال فِي الْجَمَلِ وَصِفِّينَ ، أَقَلُّ عَدَدًا مِنْ الَّذِينَ قَاتَلُوا، وَكُلُّهُمْ مُتَأَوِّلٌ مَأجُورٌ إِنْ شَاءَ الله، بِخِلَافِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ قَاتَلَ عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا. فتح الباري (ج 20 / ص 87)
(حم)، وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ:(لَمَّا بَلَغَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلًا)(1)(سَمِعَتْ نُبَاحَ الْكِلَابِ)(2)(فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟ ، قَالُوا: مَاءُ الْحَوْأَبِ (3) قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلَّا رَاجِعَةٌ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ:) (4)(" أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ؟ " ، فَقَالَ لَهَا الزُّبَيْرُ رضي الله عنه: تَرْجِعِينَ؟)(5)(بَلْ تَقْدَمِينَ فَيَرَاكِ الْمُسْلِمُونَ)(6)(فَعَسَى اللهُ عز وجل أَنْ يُصْلِحَ بِكِ بَيْنَ النَّاسِ)(7).
الشرح (8)
(1)(حم) 24299 ، انظر الصَّحِيحَة: 474 ، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(2)
(حم) 24698، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(3)
الحَوْأَب: ماءٌ قريبٌ من البصرة ، على طريق مكة.
(4)
(حم) 24299 ، (حب) 6732
(5)
(حم) 24698
(6)
(حم) 24299
(7)
(حم) 24698
(8)
قال الحافظ في الفتح (13/ 54 - 56): وَقَدْ جَمَعَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ أَخْبَارِ الْبَصْرَةِ قِصَّةَ الْجَمَلِ مُطَوَّلَةً ، وَهَا أَنَا أُلَخِّصُهَا، وَأَقْتَصِرُ عَلَى مَا أَوْرَدَهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ ، وَأُبَيِّنُ مَا عَدَاهُ.
أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ ، أَتَى النَّاسُ عَلِيًّا وَهُوَ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ ، فَقَالُوا لَهُ: ابْسُطْ يَدَكَ نُبَايِعْكَ ، فَقَالَ: حَتَّى يَتَشَاوَرَ النَّاسُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَئِنْ رَجَعَ النَّاسُ إِلَى أَمْصَارِهِمْ بِقَتْلِ عُثْمَانَ، وَلَمْ يَقُمْ بَعْدَهُ قَائِمٌ ، لَمْ يُؤْمَنِ الِاخْتِلَافُ وَفَسَادُ الْأُمَّةِ ، فَأَخَذَ الأَشْتَرُ بِيَدِهِ فَبَايعُوهُ.
وَمن طَرِيق ابن شِهَابٍ: ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْر فبايعاه.
وَمن طَرِيق ابن شِهَابٍ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ اسْتَأذَنَا عَلِيًّا فِي الْعُمْرَةِ ، ثُمَّ خَرَجَا إِلَى مَكَّةَ فَلَقِيَا عَائِشَةَ ، فَاتَّفَقُوا عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ ، حَتَّى يَقْتُلُوا قَتَلَتَهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُثْمَانُ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ عَلَى صَنْعَاءَ ، وَكَانَ عَظِيمَ الشَّأنِ عِنْدَهُ ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ ، وَكَانَ يَعْلَى قَدِمَ حَاجًّا، فَأَعَانَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ ، وَحَمَلَ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ ، وَاشْتَرَى لِعَائِشَةَ جَمَلًا يُقَالُ لَهُ: عَسْكَرٌ ، بِثَمَانِينَ دِينَارًا.
وَمِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: أَتَدْرُونَ بِمَنْ بُلِيتُ؟ ، أَطْوَعُ النَّاسِ فِي النَّاسِ: عَائِشَةُ ، وَأَشَدُّ النَّاسِ: الزُّبَيْرُ ، وَأَدْهَى النَّاسِ: طَلْحَةُ ، وَأَيْسَرُ النَّاسِ: يَعْلَى بن أُميَّة.
وَمن طَرِيق بن أَبِي لَيْلَى قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ فِي آخِرِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ.
وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: سَارَ عَلِيٌّ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رَاكِبٍ ، فَنَزَلَ بِذِي قَارٍ.
وَأخرج إِسْحَاق بن رَاهْوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ الْمُرَادِيِّ ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْبَصْرَةَ فِي أَمْرِ طَلْحَةَ وَأَصْحَابِهِ ، قَامَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْكَوَّاءِ فَقَالَا لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي مُبَايَعَتِهِ أَبَا بَكْرٍ ، ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ، ثُمَّ ذَكَرَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ ، فَقَالَ: بَايَعَانِي بِالْمَدِينَةِ ، وَخَالَفَانِي بِالْبَصْرَةِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ خَالَفَهُ لَقَاتَلْنَاهُ ، وَكَذَلِكَ عُمَرُ.
وَنقل ابن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَنْقُلْ أَنَّ عَائِشَةَ وَمَنْ مَعَهَا نَازَعُوا عَلِيًّا فِي الْخِلَافَةِ ، وَلَا دَعَوْا إِلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ لِيُوَلُّوهُ الْخِلَافَةَ ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَتْ هِيَ وَمَنْ مَعَهَا عَلَى عَلِيٍّ مَنْعَهُ مِنْ قَتْلِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ ، وَتَرْكِ الِاقْتِصَاصِ مِنْهُمْ ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَنْتَظِرُ مِنْ أَوْلِيَاءِ عُثْمَانَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ ، فَإِذَا ثَبَتَ عَلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ مِمَّنْ قَتَلَ عُثْمَانَ اقْتَصَّ مِنْهُ ، فَاخْتَلَفُوا بِحَسَبِ ذَلِكَ ، وَخَشِيَ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهِمُ الْقَتْلُ أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى قَتْلِهِمْ ، فَأَنْشَبُوا الْحَرْبَ بَيْنَهُمْ ، إِلَى أَنْ كَانَ مَا كَانَ. أ. هـ
(خ)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ: لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ رضي الله عنهم إِلَى الْبَصْرَةِ (1) بَعَثَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ ، وَحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما فَقَدِمَا عَلَيْنَا الْكُوفَةَ (2) فَصَعِدَا الْمِنْبَرَ ، فَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَوْقَ الْمِنْبَرِ فِي أَعْلَاهُ ، وَقَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنْ الْحَسَنِ ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ ، فَسَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ (3): إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ ، وَوَاللهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَلَكِنَّ اللهَ تبارك وتعالى ابْتَلَاكُمْ لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ (4). (5)
(1) أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق كُلَيْب الْجَرْمِيّ قَالَ: رَأَيْتُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ أَنَّ رَجُلًا أَمِيرًا مَرِضَ ، وَعِنْدَ رَأسِهِ امْرَأَةٌ ، وَالنَّاسُ يُرِيدُونَهُ ، فَلَوْ نَهَتْهُمُ الْمَرْأَةُ لَانْتَهَوْا ، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَفْعَلْ ، فَقَتَلُوهُ ، ثُمَّ غَزَوْتُ تِلْكَ السَّنَةَ ، فَبَلَغَنَا قَتْلُ عُثْمَانَ ، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ غَزَاتِنَا وَانْتَهَيْنَا إِلَى الْبَصْرَةِ ، قِيلَ لَنَا: هَذَا طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ ، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ ، وَسَأَلُوهُمْ عَنْ سَبَبِ مَسِيرِهِمْ ، فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ خَرَجُوا غَضَبًا لِعُثْمَانَ ، وَتَوْبَةً مِمَّا صَنَعُوا مِنْ خِذْلَانِهِ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: غَضِبْنَا لَكُمْ عَلَى عُثْمَانَ فِي ثَلَاثٍ: إِمَارَةِ الْفَتَى ، وَضَرْبِ السَّوْطِ وَالْعَصَا ، فَمَا أَنْصَفْنَاهُ إِنْ لَمْ نَغْضَبْ لَهُ فِي ثَلَاثٍ: حُرْمَةِ الدَّمِ ، وَالشَّهْرِ ، وَالْبَلَدِ. قَالَ: فَسِرْتُ أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي إِلَى عَلِيٍّ ، وَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ ، وَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: عَدَا النَّاسُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ ، فَقَتَلُوهُ وَأَنَا مُعْتَزِلٌ عَنْهُمْ ، ثُمَّ وَلَّوْنِي ، وَلَوْلَا الْخَشْيَةُ عَلَى الدِّينِ لَمْ أُجِبْهُمْ ، ثُمَّ اسْتَأذَنَنِي الزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ فِي الْعُمْرَةِ ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِمَا الْعُهُودَ ، وَأَذِنْتُ لَهُمَا ، فَعَرَّضَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهَا ، فَبَلَغَنِي أَمْرُهُمْ ، فَخَشِيتُ أَنْ يَنْفَتِقَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْقٌ ، فَأَتْبَعْتُهُمْ ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَاللهِ مَا نُرِيدُ قِتَالَهُمْ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا ، وَمَا خَرَجْنَا إِلَّا لِلْإِصْلَاحِ. فتح الباري (ج 13 / ص 57)
(2)
ذَكَرَ عُمَر بْنُ شَبَّة وَالطَّبَرِيُّ سَبَب ذَلِكَ بِسَنَدِهِمَا إِلَى اِبْن أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ أَقَرَّ أَبَا مُوسَى عَلَى إِمْرَةِ الْكُوفَةِ ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ أَرْسَلَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَيْهِ أَنْ أَنْهِضْ مَنْ قِبَلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَكُنْ مِنْ أَعْوَانِي عَلَى الْحَقِّ ، فَاسْتَشَارَ أَبُو مُوسَى السَّائِبَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ ، فَقَالَ: اتَّبِعْ مَا أَمَرَكَ بِهِ ، قَالَ: إِنِّي لَا أَرَى ذَلِكَ ، وَأَخَذَ فِي تَخْذِيلِ النَّاسِ عَنِ النُّهُوضِ ، فَكَتَبَ هَاشِمٌ إِلَى عَلِيٍّ بِذَلِكَ ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ مَعَ مَحل بْنِ خَلِيفَةَ الطَّائِيِّ فَبَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ ، وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَسْتَنْفِرَانِ النَّاسَ ، وَأَمَّرَ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ عَلَى الْكُوفَةِ ، فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهُ عَلَى أَبِي مُوسَى ، اعْتَزَلَ ، وَدَخَلَ الْحَسَنُ وعمارُ الْمَسْجِدَ.
وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: أَقْبَلَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ حَتَّى نَزَلَا الْبَصْرَة ، فَقَبَضَا على عَامِلِ عَليٍّ عَلَيْهَا ، ابْنِ حُنَيفٍ ، وَأَقْبَلَ عَلِيٌّ حَتَّى نَزَلَ بِذِي قَارٍ ، فَأَرْسَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ إِلَى الْكُوفَة، ِ فابطؤا عَلَيْهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَمَّارًا ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِ. فتح الباري (ج 20 / ص 108)
(3)
وَفِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ: " فَقَالَ عَمَّار: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثَنَا إِلَيْكُمْ لِنَسْتَنْفِرَكُمْ، فَإِنَّ أُمَّنَا قَدْ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَة "، وَعِنْدَ عُمَر بْن شَبَّة:" فَكَانَ عَمَّارٌ يَخْطُبُ ، وَالْحَسَنُ سَاكِت "، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي لَيْلَى فِي الْقِصَّة الْمَذْكُورَة:" فَقَالَ الْحَسَن: إِنَّ عَلِيًّا يَقُولُ: إِنِّي أُذَكِّرُ اللهَ رَجُلًا رَعَى لِلهِ حَقًّا إِلَّا نَفَرَ، فَإِنْ كُنْتُ مَظْلُومًا أَعَانَنِي ، وَإِنْ كُنْت ظَالِمًا أَخْذَلَنِي، وَاللهِ إِنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ لَأَوَّلَ مَنْ بَايَعَنِي ، ثُمَّ نَكَثَا، وَلَمْ أَسْتَأثِرْ بِمَالٍ ، وَلَا بَدَّلْتُ حُكْمًا "، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ اِثْنَا عَشَرَ أَلْفَ رَجُل. فتح الباري (ج 20 / ص 108)
(4)
وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: "وَوَاللهِ إِنِّي لَأَقُولُ لَكُمْ هَذَا ، وَوَاللهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيّكُمْ" زَادَ عُمَرُ بْن شَبَّة فِي رِوَايَتِه: " وَأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثَنَا إِلَيْكُمْ ، وَهُوَ بِذِي قَار " ، وَمُرَادُ عَمَّارَ بِذَلِكَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ كَانَ مَعَ عَلِيّ ، وَأَنَّ عَائِشَةَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ تَخْرُج بِذَلِكَ عَنْ الْإِسْلَام ، وَلَا أَنْ تَكُونَ زَوْجَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنَّة ، فَكَانَ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ إِنْصَافِ عَمَّارٍ ، وَشِدَّةِ وَرَعِهِ وَتَحَرِّيهِ قَوْلَ الْحَقّ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ أَبِي يَزِيد الْمَدِينِيّ قَالَ: " قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرَ لِعَائِشَةَ لَمَّا فَرَغُوا مِنْ الْجَمَل: مَا أَبْعَدَ هَذَا الْمَسِيرَ مِنْ الْعَهْدِ الَّذِي عُهِدَ إِلَيْكُمْ " يُشِير إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَقَرْن فِي بُيُوتكُنَّ} ، فَقَالَتْ: أَبُو الْيَقْظَان؟ ، قَالَ: نَعَمْ قَالَتْ: وَاللهِ إِنَّك مَا عَلِمْتُ لَقَوَّالٌ بِالْحَقِّ ، قَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي قَضَى لِي عَلَى لِسَانِكِ.
وَقَوْله " لِيَعْلَم إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ "، الْمُرَاد: إِظْهَارُ الْمَعْلُوم ، كَمَا فِي نَظَائِره. فتح الباري (ج 20 / ص 108)
(5)
(خ) 6687 ، (ت) 3889
(طب)، وَعَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ قَالَ: لَمَّا دَنَا عَلِيٌّ رضي الله عنه وَأَصْحَابُهُ مِنْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ رضي الله عنهما وَدَنَتِ الصُّفُوفُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، خَرَجَ عَلِيٌّ فَنَادَى: ادْعُوا لِي الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فَدُعِيَ لَهُ ، فَأَقْبَلَ حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ دَوَابِّهِمَا، فَقَالَ: يَا زُبَيْرُ، نَشَدْتُكَ اللهَ ، أَتَذْكُرُ يَوْمَ مَرَّ بِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَقَالَ:" يَا زُبَيْرُ، أَتُحِبُّ عَلِيًّا؟ "، قُلْتَ: أَلَا أُحِبُّ ابْنَ خَالِي ، وَابْنَ عَمَّتِي وَعَلَى دِينِي؟ ، فَقَالَ:" يَا عَلِيُّ أَتُحِبُّهُ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَا أُحِبُّ ابْنَ عَمَّتِي ، وَعَلَى دِينِي؟ ، فَقَالَ:" يَا زُبَيْرُ ، أَمَا وَاللهِ لَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ "، قَالَ: بَلَى وَاللهِ ، لَقَدْ أُنْسِيْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرْتُهُ الْآنَ، وَاللهِ لَا أُقَاتِلُكَ، فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ عَلَى دَابَّتِهِ يَشُقُّ الصُّفُوفَ. (1)
الشرح (2)
(1)(كنز) 31652 ، (ك) 5575 ، انظر الصَّحِيحَة: 2659
(2)
قال ابن كثير في (البداية والنهاية) ط هجر (10/ 448 - 472)(مُخْتَصَرًا):
كَانَ مِنَ الْمَشْهُورِينَ مِنْ رُؤَسَاءِ مَنِ انْضَافَ إِلَى عَلِيٍّ: الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو، وَسِعْرُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِنْدُ بْنُ عَمْرٍو ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ شِهَابٍ ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ ، وَالْأَشْتَرُ ، وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ، وَحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ ، وَأَمْثَالُهُمْ وَكَانَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ بِكَمَالِهَا بَيْنَ عَلِيٍّ وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ يَنْتَظِرُونَهُ وَهُمْ أُلُوفٌ ، فَبَعَثَ عَلِيٌّ الْقَعْقَاعَ رَسُولًا إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ بِالْبَصْرَةِ ، يَدْعُوهُمَا إِلَى الْأُلْفَةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَيُعَظِّمُ عَلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ وَالِاخْتِلَافَ ، فَذَهَبَ الْقَعْقَاعُ إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ: أَيْ أُمَّهْ ، مَا أَقْدَمَكِ هَذِهِ الْبَلْدَةَ؟ ، فَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ ، فَسَأَلَهَا أَنْ تَبْعَثَ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ لِيَحْضُرَا عِنْدَهَا ، فَحَضَرَا ، فَقَالَ الْقَعْقَاعُ: إِنِّي سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَقْدَمَهَا؟ ، فَقَالَتِ: الْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ ، فَقَالَا: وَنَحْنُ كَذَلِكَ ، قَالَ: فَأَخْبِرَانِي ، مَا وَجْهُ هَذَا الْإِصْلَاحِ؟ ، فَوَاللهِ لَئِنْ عَرَفْنَاهُ لِنَصْطَلِحَنَّ ، وَلَئِنْ أَنْكَرْنَاهُ لَا نَصْطَلِحَنَّ ، قَالَا: قَتَلَةُ عُثْمَانَ ، فَإِنَّ هَذَا إِنْ تُرِكَ ، كَانَ تَرْكًا لِلْقُرْآنِ ، فَقَالَ: قَتَلْتُمَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، وَأَنْتُمْ قَبْلَ قَتْلِهِمْ أَقْرَبُ مِنْكُمْ إِلَى الِاسْتِقَامَةِ مِنْكُمُ الْيَوْمَ ، قَتَلْتُمْ سِتَّمِائَةِ رَجُلٍ ، فَغَضِبَ لَهُمْ سِتَّةُ آلَافٍ ، فَاعْتَزَلُوكُمْ وَخَرَجُوا مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ ، وَطَلَبْتُمْ حُرْقُوصَ بْنَ زُهَيْرٍ ، فَمَنَعَهُ سِتَّةُ آلَافٍ ، فَإِنْ تَرَكْتُمُوهُمْ ، وَقَعْتُمْ فِيمَا تَقُولُونَ ، وَإِنْ قَاتَلْتُمُوهُمْ فَأُدِيلُوا عَلَيْكُمْ ، فَالَّذِي حَذِرْتُمْ وَفَرِقْتُمْ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ أَعْظَمُ مِمَّا أَرَاكُمْ تَدْفَعُونَ وَتَجْمَعُونَ مِنْهُ ، يَعْنِي أَنَّ الَّذِي تُرِيدُونَ مِنْ قَتْلِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ مَصْلَحَةٌ ، وَلَكِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْهَا ، وَكَمَا أَنَّكُمْ عَجَزْتُمْ عَنِ الْأَخْذِ بِثَأرِ عُثْمَانَ مِنْ حُرْقُوصِ بْنِ زُهَيْرٍ ، لِقِيَامِ سِتَّةِ آلَافٍ فِي مَنْعِهِ مِمَّنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ ، فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ فِي تَرْكِهِ الْآنَ قَتْلَ قَتَلَةِ عُثْمَانَ ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ قَتْلَ قَتَلَةِ عُثْمَانَ إِلَى أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْهُمْ بَعْدَ هَذَا ، فَإِنَّ الْكَلِمَةَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ مُخْتَلِفَةٌ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ خَلْقًا مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ قَدْ أَجْمَعُوا لِحَرْبِهِمْ بِسَبَبِ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي وَقَعَ ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟ ، قَالَ: أَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي وَقَعَ دَوَاؤُهُ التَّسْكِينُ ، فَإِذَا سَكَنَ اخْتُلِجُوا ، فَإِنْ أَنْتُمْ بَايَعْتُمُونَا ، فَعَلَامَةُ خَيْرٍ ، وَتَبَاشِيرُ رَحْمَةٍ ، وَدَرَكٌ بِثَأرٍ ، وَإِنْ أَنْتُمْ أَبَيْتُمْ إِلَّا مُكَابَرَةَ هَذَا الْأَمْرِ وَائْتِنَافَهُ ، كَانَتْ عَلَامَةَ شَرٍّ ، وَذَهَابَ هَذَا الْمُلْكِ ، فَآثِرُوا الْعَافِيَةَ تُرْزَقُوهَا ، وَكُونُوا مَفَاتِيحَ خَيْرٍ كَمَا كُنْتُمْ أَوَّلَ ، وَلَا تُعَرِّضُونَا لِلْبَلَاءِ ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ ، فَيَصْرَعَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ ، وَايْمُ اللهِ ، إِنِّي لَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ ، وَإِنِّي لَخَائِفٌ أَنْ لَا يُتِمَّ حَتَّى يَأخُذَ اللهُ حَاجَتَهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي قَلَّ مَتَاعُهَا ، وَنَزَلَ بِهَا مَا نَزَلَ ، فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ ، وَلَيْسَ كَقَتْلِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ ، وَلَا النَّفَرِ الرَّجُلَ ، وَلَا الْقَبِيلَةِ الْقَبِيلَةَ ، فَقَالُوا: قَدْ أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ ، فَارْجِعْ ، فَإِنْ قَدِمَ عَلِيٌّ وَهُوَ عَلَى مِثْلِ رَأيِكَ صَلُحَ الْأَمْرُ ، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَهُ ، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ ، وَأَشْرَفَ الْقَوْمُ عَلَى الصُّلْحِ ، كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ كَرِهَهُ ، وَرَضِيَهُ مَنْ رَضِيَهُ ، وَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى عَلِيٍّ تُعْلِمُهُ أَنَّهَا إِنَّمَا جَاءَتْ لِلْإِصْلَاحِ ، فَفَرِحَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ. وَقَامَ عَلِيٌّ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَذَكَرَ الْجَاهِلِيَّةَ وَشَقَاءَهَا ، وَذَكَرَ الْإِسْلَامَ وَسَعَادَةَ أَهْلِهِ بِالْأُلْفَةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَأَنَّ اللهَ جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْخَلِيفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، ثُمَّ بَعْدَهُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، ثُمَّ عَلَى عُثْمَانَ ، ثُمَّ حَدَثَ هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي جَرَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَقْوَامٌ طَلَبُوا هَذِهِ الدُّنْيَا ، وَحَسَدُوا مَنْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ بِهَا ، وَعَلَى الْفَضِيلَةِ الَّتِي مَنَّ بِهَا ، وَأَرَادُوا رَدَّ الْإِسْلَامِ وَالْأَشْيَاءِ عَلَى أَدْبَارِهَا ، وَاللهُ بَالِغُ أَمْرِهِ ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا إِنِّي مُرْتَحِلٌ غَدًا فَارْتَحِلُوا ، وَلَا يَرْتَحِلْ مَعِي أَحَدٌ أَعَانَ عَلَى عُثْمَانَ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ. فَلَمَّا قَالَ هَذَا ، اجْتَمَعَ مِنْ رُءُوسِهِمْ جَمَاعَةٌ ; كَالْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ ، وَشُرَيْحِ بْنِ أَوْفَى وَعَبْدِ اللهِ بْنِ سَبَأٍ ، الْمَعْرُوفِ بِابْنِ السَّوْدَاءِ ، وَسَالِمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ، وَعِلْبَاءَ بْنِ الْهَيْثَمِ ، وَغَيْرِهِمْ فِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ ، وَلَيْسَ فِيهِمْ صَحَابِيٌّ وَللهِ الْحَمْدُ ، فَقَالُوا: مَا هَذَا الرَّأيُ؟ ، وَعَلِيٌّ وَاللهِ أَبْصَرُ بِكِتَابِ اللهِ ، وَهُوَ مِمَّنْ يَطْلُبُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ ، وَأَقْرَبُ إِلَى الْعَمَلِ بِذَلِكَ ، وَقَدْ قَالَ مَا سَمِعْتُمْ ، غَدًا يُجْمِعُ عَلَيْكُمُ النَّاسَ ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ أَنْتُمْ ، فَكَيْفَ بِكُمْ وَعَدَدُكُمْ قَلِيلٌ فِي كَثْرَتِهِمْ؟. فَقَالَ الْأَشْتَرُ: قَدْ عَرَفْنَا رَأيَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فِينَا ، وَأَمَّا رَأيُ عَلِيٍّ فَلَمْ نَعْرِفُهُ إِلَى الْيَوْمِ ، فَإِنْ كَانَ قَدِ اصْطَلَحَ مَعَهُمْ ، فَإِنَّمَا اصْطَلَحُوا عَلَى دِمَائِنَا ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا ، أَلْحَقْنَا عَلِيًّا بِعُثْمَانَ ، فَرَضِيَ الْقَوْمُ مِنَّا بِالسُّكُوتِ. فَقَالَ ابْنُ السَّوْدَاءِ: بِئْسَ مَا رَأَيْتَ ، لَوْ قَتَلْنَاهُ قُتِلْنَا ، فَإِنَّا يَا مَعْشَرَ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَأَصْحَابُهُمَا فِي خَمْسَةِ آلَافٍ ، وَلَا طَاقَةَ لَكُمْ بِهِمْ ، وَهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُونَكُمْ ، فَقَالَ عِلْبَاءُ بْنُ الْهَيْثَمِ: دَعُوهُمْ وَارْجِعُوا بِنَا حَتَّى نَتَعَلَّقَ بِبَعْضِ الْبِلَادِ فَنَمْتَنِعَ بِهَا ، فَقَالَ ابْنُ السَّوْدَاءِ: بِئْسَ مَا قُلْتَ ، إِذًا وَاللهِ كَانَ يَتَخَطَّفُكُمُ النَّاسُ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ السَّوْدَاءِ قَبَّحَهُ اللهُ: يَا قَوْمِ ، إِنَّ عِزَّكُمْ فِي خُلْطَةِ النَّاسِ ، فَإِذَا الْتَقَى النَّاسُ ، فَأَنْشِبُوا الْقِتَالَ ، وَلَا تُفَرِّغُوهُمْ لِلنَّظَرِ ، فَمَنْ أَنْتُمْ مَعَهُ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يَمْتَنِعَ ، وَيَشْغَلُ اللهُ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَمَنْ مَعَهُمَا عَمَّا تَكْرَهُونَ. فَأَبْصَرُوا الرَّأيَ وَتَفَرَّقُوا عَلَيْهِ ، وَأَصْبَحَ عَلِيٌّ مُرْتَحِلًا ، وَمَرَّ بِعَبْدِ الْقَيْسِ ، فَسَارُوا مَعَهُ حَتَّى نَزَلُوا بِالزَّاوِيَةِ ، وَسَارَ مِنْهَا يُرِيدُ الْبَصْرَةَ ، وَسَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا لِلِقَائِهِ ، فَاجْتَمَعُوا عِنْدَ قَصْرِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ ، وَنَزَلَ النَّاسُ كُلٌّ فِي نَاحِيَةٍ ، وَقَدْ سَبَقَ عَلِيٌّ جَيْشَهُ ، وَهُمْ يَتَلَاحَقُونَ بِهِ ، فَمَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالرُّسُلُ بَيْنَهُمْ فَكَانَ ذَلِكَ لِلنِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ، وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ بِانْتِهَازِ الْفُرْصَةِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ ، فَقَالَا: إِنَّ عَلِيًّا قَدْ أَشَارَ بِتَسْكِينِ هَذَا الْأَمْرِ ، وَقَدْ بَعَثْنَا إِلَيْهِ بِالْمُصَالَحَةِ عَلَى ذَلِكَ ، وَقَامَ عَلِيٌّ فِي النَّاسِ خَطِيبًا ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ، أَمْسِكُوا عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَيْدِيَكُمْ وَأَلْسِنَتَكُمْ ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَسْبِقُونَا ، فَإِنَّ الْمَخْصُومَ غَدًا مَنْ خُصِمَ الْيَوْمَ، ثُمَّ بَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ يَقُولُ: إِنْ كُنْتُمْ عَلَى مَا فَارَقْتُمْ عَلَيْهِ الْقَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو ، فَكُفُّوا حَتَّى نَنْزِلَ فَنَنْظُرَ فِي هَذَا الْأَمْرِ ، فَأَرْسَلَا إِلَيْهِ فِي جَوَابِ رِسَالَتِهِ: إِنَّا عَلَى مَا فَارَقْنَا عَلَيْهِ الْقَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو مِنَ الصُّلْحِ بَيْنَ النَّاسِ ، فَاطْمَأَنَّتِ النُّفُوسُ وَسَكَنَتْ ، وَاجْتَمَعَ كُلُّ فَرِيقٍ بِأَصْحَابِهِ مِنَ الْجَيْشَيْنِ ، فَلَمَّا أَمْسَوْا بَعَثَ عَلِيٌّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ إِلَيْهِمْ ، وَبَعَثُوا إِلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ السَّجَّادَ ، وَبَاتَ النَّاسُ بِخَيْرِ لَيْلَةٍ ، وَبَاتَ قَتَلَةُ عُثْمَانَ بِشَرِّ لَيْلَةٍ وَبَاتُوا يَتَشَاوَرُونَ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يُثِيرُوا الْحَرْبَ مِنَ الْغَلَسِ ، فَنَهَضُوا مِنْ قَبْلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَهُمْ قَرِيبٌ مَنْ أَلْفَيْ رَجُلٍ ، فَانْصَرَفَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى قَرَابَاتِهِمْ ، فَهَجَمُوا عَلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ ، فَثَارَ كُلُّ طَائِفَةٍ إِلَى قَوْمِهِمْ لِيَمْنَعُوهُمْ ، وَقَامَ النَّاسُ مِنْ مَنَامِهِمْ إِلَى السِّلَاحِ ، فَقَالُوا: مَا هَذَا؟ ، قَالُوا: طَرَقَنَا أَهْلُ الْكُوفَةِ لَيْلًا ، وَبَيَّتُونَا وَغَدَرُوا بِنَا ، وَظَنُّوا أَنَّ هَذَا عَنْ مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ ، فَبَلَغَ الْأَمْرُ عَلِيًّا ، فَقَالَ: مَا لِلنَّاسِ؟ ، فَقَالُوا بَيَّتَنَا أَهْلُ الْبَصْرَةِ ، فَثَارَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى سِلَاحِهِمْ ، وَلَبِسُوا اللَّأمَةَ ، وَرَكِبُوا الْخُيُولَ ، وَلَا يَشْعُرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِمَا وَقَعَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ، فَنَشِبَتِ الْحَرْبُ ، وَتَوَاقَفَ الْفَرِيقَانِ ، وَقَدِ اجْتَمَعَ مَعَ عَلِيٍّ عِشْرُونَ أَلْفًا ، وَالْتَفَّ عَلَى عَائِشَةَ وَمَنْ مَعَهَا نَحْوٌ مَنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا ، وَقَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ ، وَتَبَارَزَ الْفُرْسَانُ ، وَجَالَتِ الشُّجْعَانُ ، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَالسَّبَئِيَّةُ أَصْحَابُ ابْنُ السَّوْدَاءِ قَبَّحَهُ اللهُ لَا يَفْتَرُونَ عَنِ الْقَتْلِ ، وَمُنَادِي عَلِيٍّ يُنَادِي: أَلَا كُفُّوا! ، أَلَا كُفُّوا! ، فَلَا يَسْمَعُ أَحَدٌ ، وَجَاءَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ قَاضِي الْبَصْرَةِ ، فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَدْرِكِي النَّاسَ ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِكِ بَيْنَ النَّاسِ ، فَجَلَسَتْ فِي هَوْدَجِهَا فَوْقَ بَعِيرِهَا ، وَسَتَرُوا الْهَوْدَجَ بِالدُّرُوعِ ، وَجَاءَتْ فَوَقَفَتْ بِحَيْثُ تَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ فِي مَعْرَكَتِهِمْ ، فَتَصَاوَلُوا وَتَجَاوَلُوا ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ تَبَارَزَ: الزُّبَيْرُ وَعَمَّارٌ ، فَجَعَلَ عَمَّارٌ يَنْخُزُهُ بِالرُّمْحِ ، وَالزُّبَيْرُ كَافٌّ عَنْهُ وَيَقُولُ لَهُ: أَتَقْتُلُنِي يَا أَبَا الْيَقْظَانِ؟ ، فَيَقُولُ: لَا يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ، وَإِنَّمَا تَرَكَهُ الزُّبَيْرُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» وَإِلَّا فَالزُّبَيْرُ أَقْدَرُ عَلَيْهِ مِنْهُ عَلَيْهِ ، فَلِهَذَا كَفَّ عَنْهُ ، وَقَدْ كَانَ مِنْ سُنَّتِهِمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَنَّهُ لَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ ، وَلَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ ، وَقَدْ قُتِلَ مَعَ هَذَا بَشَرٌ كَثِيرٌ جِدًّا ، وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: لَمَّا اشْتَدَّ الْقِتَالُ يَوْمَ الْجَمَلِ ، وَرَأَى عَلِيٌّ الرُّءُوسَ تَنْدُرُ ، أَخَذَ عَلِيٌّ ابْنَهُ الْحَسَنَ ، فَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّا للهِ يَا حَسَنُ! ، أَيُّ خَيْرٍ يُرْجَى بَعْدَ هَذَا! لَيْتَ أَبَاكَ مَاتَ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ بِعِشْرِينَ سَنَةً ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَهْ ، قَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا ، قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي لَمْ أَرَ أَنَّ الْأَمْرَ يَبْلُغُ هَذَا ، فَلَمَّا رَكِبَ الْجَيْشَانِ ، وَتَرَاءَى الْجَمْعَانِ ، طَلَبَ عَلِيٌّ الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ لِيُكَلِّمَهُمَا ، فَاجْتَمَعُوا حَتَّى الْتَفَّتْ أَعْنَاقُ خُيُولِهِمْ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَتَذْكُرُ يَوْمَ «مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَنِي غَنْمٍ ، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَضَحِكَ وَضَحِكْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتَ: لَا يَدَعُ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ زَهْوَهُ ، فَقَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُ لَيْسَ بِمَزْهُوٍّ ، لَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ» " فَقَالَ الزُّبَيْرُ: اللهُمَّ نَعَمْ ، وَلَوْ ذَكَرْتُ مَا سِرْتُ مَسِيرِي هَذَا. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الزُّبَيْرَ لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الْجَمَلِ ، سَارَ حَتَّى نَزَلَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ: وَادِي السِّبَاعِ ، فَاتَّبَعَهُ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ ، فَجَاءَهُ وَهُوَ نَائِمٌ ، فَقَتَلَهُ غِيلَةً. وَأَمَّا طَلْحَةُ ، فَجَاءَهُ فِي الْمَعْرَكَةِ سَهْمٌ غَرْبٌ (طائش) ، فَانْتَظَمَ رِجْلَهُ مَعَ فَرَسِهِ فَجَمَحَتْ بِهِ الْفَرَسُ ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِلَيَّ عِبَادَ اللهِ ، إِلَيَّ عِبَادَ اللهِ ، فَاتَّبَعَهُ مَوْلًى لَهُ فَأَمْسَكَهَا ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ ، اعْدِلْ بِي إِلَى الْبُيُوتِ ، وَامْتَلَأَ خُفُّهُ دَمًا ، فَقَالَ لِغُلَامِهِ: انْزِعْهُ وَارْدُفْنِي ، وَذَلِكَ أَنَّهُ نَزَفَهُ الدَّمُ وَضَعُفَ ، فَرَكِبَ الْغُلَامُ وَرَاءَهُ ، وَجَاءَ بِهِ إِلَى بَيْتٍ فِي الْبَصْرَةِ ، فَمَاتَ فِيهِ رضي الله عنه. وَتَقَدَّمَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فِي هَوْدَجِهَا ، وَنَاوَلَتْ كَعْبَ بْنَ سُورٍ قَاضِي الْبَصْرَةِ مُصْحَفًا وَقَالَتِ: ادْعُهُمْ إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ حِينَ اشْتَدَّ الْحَرْبُ ، وَحَمِيَ الْقِتَالُ ، وَرَجَعَ الزُّبَيْرُ ، وَقُتِلَ طَلْحَةُ ، فَلَمَّا تَقَدَّمَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ بِالْمُصْحَفِ يَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ ، اسْتَقْبَلَهُ مُقَدَّمَةُ جَيْشِ الْكُوفِيِّينَ ، وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَبَأٍ ابْنُ السَّوْدَاءِ وَأَتْبَاعُهُ ، وَهُمْ بَيْنَ يَدَيِ الْجَيْشِ يَقْتُلُونَ مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ مَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، لَا يَتَوَقَّفُونَ فِي أَحَدٍ ، فَلَمَّا رَأَوْا كَعْبَ بْنَ سُورٍ رَافِعًا الْمُصْحَفَ ، رَشَقُوهُ بِنِبَالِهِمْ رَشْقَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَقَتَلُوهُ ، وَوَصَلَتِ النِّبَالُ إِلَى هَوْدَجِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ ، فَجَعَلَتْ تُنَادَى: اللهَ اللهَ يَا بَنِيَّ ، اذْكُرُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ، وَرَفَعَتْ يَدَيْهَا تَدْعُو عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ ، فَضَجَّ النَّاسُ مَعَهَا بِالدُّعَاءِ ، حَتَّى وَصَلَتِ الضَّجَّةُ إِلَى عَلِيٍّ ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ ، فَقَالُوا: أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تَدْعُو عَلَى قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَأَشْيَاعِهِمْ ، فَقَالَ: اللهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ عُثْمَانَ ، وَجَعَلَ أُولَئِكَ النَّفَرُ لَا يُقْلِعُونَ عَنْ رَشْقِ هَوْدَجِهَا بِالنِّبَالِ ، حَتَّى بَقِيَ مِثْلَ الْقُنْفُذِ ، وَجَعَلَتْ تُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى مَنْعِهِمْ وَكَفِّهِمْ ، فَحَمَلَتْ مُضَرُ حَمْلَةَ الْحَفِيظَةِ ، فَطَرَدُوهُمْ حَتَّى وَصَلَتِ الْحَمْلَةُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: وَيْحَكَ تَقَدَّمْ بِالرَّايَةِ ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَأَخَذَهَا عَلِيٌّ مِنْ يَدِهِ فَتَقَدَّمَ بِهَا ، وَجَعَلَتِ الْحَرْبُ تَأخُذُ وَتُعْطِي ، فَتَارَةً لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ ، وَتَارَةً لِأَهْلِ الْكُوفَةِ ، حَتَّى قُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ ، وَجَمٌّ غَفِيرٌ ، وَلَمْ تُرَ وَقْعَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الْوَقْعَةِ ، وَجَعَلَتْ عَائِشَةُ تُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قُطِعَتْ يَدُ سَبْعِينَ رَجُلًا وَهِيَ آخِذَةٌ بِخِطَامِ الْجَمَلِ ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَضَرَبَ الْجَمَلَ عَلَى قَوَائِمِهِ ، فَعَقَرَهُ وَسَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ ، وَيُقَالُ: إِنَّ الَّذِي أَشَارَ بِعَقْرِهِ عَلِيٌّ ، وَقِيلَ: الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو ، لِئَلَّا تُصَابُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّهَا صَارَتْ غَرَضًا لِلرُّمَاةِ ، وَمَنْ يُمْسِكُ بِالزِّمَامِ بُرْجَاسًا (هدفا) لِلرِّمَاحِ ، وَلِيَنْفَصِلَ هَذَا الْمَوْقِفُ الَّذِي قَدْ تَفَانَى فِيهِ النَّاسُ ، وَلَمَّا سَقَطَ الْجَمَلُ إِلَى الْأَرْضِ انْهَزَمَ مَنْ حَوْلَهُ ، وَحُمِلَ هَوْدَجُ عَائِشَةَ ، وَإِنَّهُ لَكَالْقُنْفُذِ مِنْ كَثْرَةِ النُّشَّابِ ، وَنَادَى مُنَادِي عَلِيٍّ فِي النَّاسِ: إِنَّهُ لَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ ، وَلَا يَذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ ، وَلَا يَدْخُلُوا الدُّورَ ، وَأَمَرَ عَلِيٌّ نَفَرًا أَنْ يَحْمِلُوا الْهَوْدَجَ مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى ، وَأَمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعَمَّارًا أَنْ يَضْرِبَا عَلَيْهَا قُبَّةً ، وَجَاءَ إِلَيْهَا أَخُوهَا مُحَمَّدٌ فَسَأَلَهَا: هَلْ وَصَلَ إِلَيْكِ شَيْءٌ مِنَ الْجِرَاحِ؟ ، فَقَالَتْ: وَمَا أَنْتَ وَذَاكَ يَا ابْنَ الْخَثْعَمِيَّةِ ، وَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَمَّارٌ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا أُمَّ؟ ، فَقَالَتْ: لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ ، قَالَ: بَلَى وَإِنْ كَرِهْتِ ، وَجَاءَ إِلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُسَلِّمًا فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا أُمَّهْ؟ ، قَالَتْ: بِخَيْرٍ ، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللهُ لَكِ ، وَجَاءَ وُجُوهُ النَّاسِ إِلَيْهَا مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْأَعْيَانِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهَا. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ دَخَلَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ الْبَصْرَةَ ، وَمَعَهَا أَخُوهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، فَنَزَلَتْ فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيِّ - وَهِيَ أَعْظَمُ دَارٍ بِالْبَصْرَةِ - عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ ، وَهِيَ أُمُّ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَلَفٍ ، وَتَسَلَّلَ الْجَرْحَى مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى فَدَخَلُوا الْبَصْرَةَ ، وَأَقَامَ عَلِيٌّ بِظَاهِرِ الْبَصْرَةِ ثَلَاثًا. وَكَانَ مَجْمُوعُ مَنْ قُتِلِ يَوْمَ الْجَمَلِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَشَرَةَ آلَافٍ ، خَمْسَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ ، وَخَمْسَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ ، رحمهم الله ، وَرَضِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ. وَقَدْ سَأَلَتْ عَائِشَةُ عَمَّنْ قُتِلَ مَعَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَمَنْ قُتِلَ مِنْ عَسْكَرِ عَلِيٍّ ، فَجَعَلَتْ كُلَّمَا ذُكِرَ لَهَا وَاحِدٌ تَرَحَّمَتْ عَلَيْهِ ، وَدَعَتْ لَهُ. وَلَمَّا أَرَادَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ الْخُرُوجَ مِنَ الْبَصْرَةِ ، بَعَثَ إِلَيْهَا عَلِيٌّ بِكُلِّ مَا يَنْبَغِي مِنْ مَرْكَبٍ وَزَادٍ وَمَتَاعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَأَذِنَ لِمَنْ نَجَا مِمَّنْ جَاءَ فِي جَيْشِهَا أَنْ يَرْجِعَ مَعَهَا ، إِلَّا أَنْ يُحِبَّ الْمَقَامَ ، وَاخْتَارَ لَهَا أَرْبَعِينَ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الْمَعْرُوفَاتِ ، وَسَيَّرَ مَعَهَا أَخَاهَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي ارْتَحَلَتْ فِيهِ ، جَاءَ عَلِيٌّ فَوَقَفَ عَلَى الْبَابِ ، وَحَضَرَ النَّاسُ مَعَهُ ، وَخَرَجَتْ مِنَ الدَّارِ فِي الْهَوْدَجِ ، فَوَدَّعَتِ النَّاسَ ، وَدَعَتْ لَهُمْ ، وَقَالَتْ: يَا بَنِيَّ ، لَا يَعْتِبْ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ ، إِنَّهُ وَاللهِ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَلِيٍّ فِي الْقِدَمِ إِلَّا مَا يَكُونُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأَحْمَائِهَا وَإِنَّهُ عَلَى مَعْتَبَتِي لَمِنَ الْأَخْيَارِ ، فَقَالَ عَلِيٌّ: صَدَقَتْ ، وَاللهِ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا إِلَّا ذَاكَ ، وَإِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَسَارَ عَلِيٌّ مَعَهَا مُوَدِّعًا وَمُشَيِّعًا أَمْيَالًا ، وَسَرَّحَ بَنِيهِ مَعَهَا بَقِيَّةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَقَصَدَتْ فِي مَسِيرِهَا ذَلِكَ إِلَى مَكَّةَ ، فَأَقَامَتْ بِهَا إِلَى أَنْ حَجَّتْ عَامَهَا ذَلِكَ ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ رضي الله عنها تحية طيبة وبعد
هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ رحمه الله عَنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأنِ ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَذْكُرُهُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِنَ الشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلَقَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ ، وَالْأَخْبَارِ الْمَوْضُوعَةِ الَّتِي يَنْقُلُونَهَا بِمَا فِيهَا ، وَإِذَا دُعُوا إِلَى الْحَقِّ الْوَاضِحِ أَعْرَضُوا عَنْهُ ، وَقَالُوا: لَنَا أَخْبَارُنَا وَلَكُمْ أَخْبَارُكُمْ ، فَنَقُولُ لَهُمْ:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55]. أ. هـ
(خ م د ت حم)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ (1) يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا (2) مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا (3)) (4)(النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمُضْطَجِعِ ، وَالْمُضْطَجِعُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَاعِدِ ، وَالْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي)(5)(وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي (6) وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا (7) تَسْتَشْرِفْهُ (8)) (9)(قَتْلَاهَا كُلُّهُمْ فِي النَّارِ (10) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَتَى ذَلِكَ؟ ، قَالَ: ذَلِكَ أَيَّامَ الْهَرْجِ (11)" ، قَالَ: وَمَتَى أَيَّامُ الْهَرْجِ؟ ، قَالَ: " حِينَ لَا يَأمَنُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ ") (12) (قَالُوا: فَمَا تَأمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟) (13) (قَالَ: " إِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ ، مَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ ، فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ ، فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ " ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ ، وَلَا أَرْضٌ؟) (14) (قَالَ: " كَسِّرُوا قَسِيَّكُمْ (15) وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ (16) وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ (17)) (18)(وَالْزَمُوا فِيهَا أَجْوَافَ بُيُوتِكُمْ)(19) وفي رواية: (وَكُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ (20)") (21) (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَيَّ دَارِي) (22) (وَبَسَطَ يَدَهُ لِيَقْتُلَنِي؟) (23) (قال: " فَادْخُلْ بَيْتَكَ " قال: أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي؟ ، قال: " فَادْخُلْ مَسْجِدَكَ) (24)(وَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ (25)) (26)(وَتَلَا يَزِيدُ: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي، مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ، إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (27)) (28)(وَاصْنَعْ هَكَذَا - وَقَبَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَمِينِهِ عَلَى الْكُوعِ - وَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ ، حَتَّى تَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ)(29)(اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ " ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ، أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ، فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ ، أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي)(30)(مَاذَا يَكُونُ مِنْ شَأنِي؟)(31)(قَالَ: " يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ (32) وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (33) ") (34)
(1) يُرِيد بِذَلِكَ الْتِبَاسهَا ، وَفَظَاعَتهَا ، وَشُيُوعهَا ، وَاسْتِمْرَارهَا. عون (9/ 297)
(2)
أَيْ: فِي تِلْكَ الْفِتَن. عون المعبود - (ج 9 / ص 297)
(3)
الْمُرَادُ بِالْإِصْبَاحِ وَالْإِمْسَاءِ: تَقَلُّبُ النَّاسِ فِيهَا وَقْتًا دُونَ وَقْت ، لَا بِخُصُوصِ الزَّمَانَيْنِ ، فَكَأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ تَرَدُّدِ أَحْوَالِهِمْ ، وَتَذَبْذُبِ أَقْوَالِهِمْ ، وَتَنَوُّعِ أَفْعَالِهِمْ ، مِنْ عَهْدٍ وَنَقْضٍ ، وَأَمَانَةٍ وَخِيَانَة ، وَمَعْرُوفٍ وَمُنْكَر ، وَسُنَّةٍ وَبِدْعَة ، وَإِيمَانٍ وَكُفْر. عون المعبود - (ج 9 / ص 297)
(4)
(د) 4259
(5)
(حم) 4286 ، انظر الصَّحِيحَة: 3254
(6)
الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ: مَنْ يَكُونُ مُبَاشِرًا لَهَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، يَعْنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ فِي ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ بَعْض، فَأَعْلَاهُمْ فِي ذَلِكَ: السَّاعِي فِيهَا ، بِحَيْثُ يَكُون سَبَبًا لِإِثَارَتِهَا، ثُمَّ مَنْ يَكُونُ قَائِمًا بِأَسْبَابِهَا ، وَهُوَ الْمَاشِي، ثُمَّ مَنْ يَكُونُ مُبَاشِرًا لَهَا ، وَهُوَ الْقَائِم، ثُمَّ مَنْ يَكُونُ مَعَ النَّظَّارَة وَلَا يُقَاتِل ، وَهُوَ الْقَاعِد، ثُمَّ مَنْ يَكُونُ مُجْتَنِبًا لَهَا ، وَلَا يُبَاشِرُ ، وَلَا يَنْظُر ، وَهُوَ الْمُضْطَجِع الْيَقْظَان، ثُمَّ مَنْ لَا يَقَعُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ رَاضٍ ، وَهُوَ النَّائِم، وَالْمُرَادُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ فِي هَذِهِ الْخَيْرِيَّةِ مَنْ يَكُونُ أَقَلُّ شَرًّا مِمَّنْ فَوْقَهُ ، عَلَى التَّفْصِيل الْمَذْكُور. فتح الباري (20/ 86)
(7)
أَيْ: مَن تَطَلَّعَ لَهَا بِأَنْ يَتَصَدَّى وَتَعَرَّضَ لَهَا ، وَلَا يُعْرِضُ عَنْهَا. فتح (20/ 86)
(8)
يُرِيدُ مَنْ اِنْتَصَبَ لَهَا اِنْتَصَبَتْ لَهُ ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا أَعْرَضَتْ عَنْهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ طَلَعَ فِيهَا بِشَخْصِهِ ، قَابَلَتْهُ بِشَرِّهَا. فتح الباري (ج 20 / ص 86)
(9)
(خ) 3406
(10)
الْمُرَادُ بِقَتْلَاهَا: مَنْ قُتِلَ فِي تِلْكَ الْفِتْنَة ، وَإِنَّمَا هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّار لِأَنَّهُمْ مَا قَصَدُوا بِتِلْكَ الْمُقَاتَلَةِ وَالْخُرُوجِ إِلَيْهَا إِعْلَاءَ دِين ، أَوْ دَفْعَ ظَالِم ، أَوْ إِعَانَةَ مُحِقّ، وَإِنَّمَا كَانَ قَصْدُهُمْ التَّبَاغِي وَالتَّشَاجُر ، طَمَعًا فِي الْمَالِ وَالْمُلْك ، كَذَا فِي الْمِرْقَاة. عون المعبود - (ج 9 / ص 296)
(11)
(الْهَرْج): الْفِتْنَة. عون المعبود - (ج 9 / ص 296)
(12)
(حم) 4286 ، (د) 4258
(13)
(د) 4262
(14)
(م) 2887
(15)
القِسِيّ: جَمْعُ الْقَوْسِ.
(16)
الأَوْتَار: جَمْعُ وَتَرِ ، وَفِي الحديث زِيَادَةٌ مِنْ الْمُبَالَغَةِ، إِذْ لَا مَنْفَعَةَ لِوُجُودِ الْأَوْتَارِ مَعَ كَسْرِ الْقِسِيِّ ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا الْغَيْرُ ، وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا فِي دُونِ الْخَيْرِ. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 485)
(17)
أَيْ: حَتَّى تَنْكَسِر أَوْ حَتَّى تَذْهَب حِدَّتُهَا.
(18)
(د) 4259
(19)
(ت) 2204
(20)
الأَحْلَاس: جَمْع حِلْس ، وَهُوَ الْكِسَاءُ الَّذِي يَلِي ظَهْرَ الْبَعِيرِ تَحْتَ الْقَتَب ، أَيْ: اِلْزَمُوا بُيُوتَكُمْ ، وَالْتَزِمُوا سُكُوتَكُمْ ، كَيْلَا تَقَعُوا فِي الْفِتْنَةِ الَّتِي بِهَا دِينُكُمْ يَفُوتُكُمْ. عون المعبود - (ج 9 / ص 296)
(21)
(د) 4262 ،
(22)
(حم) 4286
(23)
(د) 4256 ، (ت) 2194
(24)
(حم) 4286
(25)
أَيْ: فَلْيَسْتَسْلِمْ حَتَّى يَكُونَ قَتِيلًا كَهَابِيل، وَلَا يَكُونَ قَاتِلًا كَقَابِيل. عون (9/ 297)
(26)
(د) 4259
(27)
[المائدة/28]
(28)
(د) 4257
(29)
(حم) 4286
(30)
(م) 2887
(31)
(حم) 20508 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده قوي.
(32)
مَعْنَى (يَبُوء بِهِ) يَلْزَمُهُ، أَيْ: يَبُوءُ الَّذِي أَكْرَهَكَ بِإِثْمِهِ فِي إِكْرَاهِك، وَفِي دُخُولِهِ فِي الْفِتْنَة، وَبِإِثْمِكَ فِي قَتْلِكَ غَيْرَه، وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّار، أَيْ: مُسْتَحِقًّا لَهَا ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَفْعُ الْإِثْمِ عَنْ الْمُكْرَهِ عَلَى الْحُضُورِ هُنَاكَ ، وَأَمَّا الْقَتْل ، فَلَا يُبَاح بِالْإِكْرَاهِ ، بَلْ يَأثَمُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمَأمُورِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِيهِ الْإِجْمَاع ، قَالَ أَصْحَابنَا: وَكَذَا الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَا، لَا يُرْفَعُ الْإِثْمُ فِيهِ ، هَذَا إِذَا أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا ، فَأَمَّا إِذَا رُبِطَتْ وَلَمْ يُمْكِنْهَا مُدَافَعَتُه، فَلَا إِثْم ، وَالله أَعْلَم. شرح النووي (ج 9 / ص 264)
(33)
فِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ الْفِتْنَة ، وَالْحَثُّ عَلَى اِجْتِنَابِ الدُّخُولِ فِيهَا ، وَأَنَّ شَرَّهَا يَكُوُن بِحَسَبِ التَّعَلُّق بِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْفِتْنَةِ: مَا يَنْشَأ عَنْ الِاخْتِلَافِ فِي طَلَبِ الْمُلْك ، حَيْثُ لَا يُعْلَمُ الْمُحِقُّ مِنْ الْمُبْطِل.
قَالَ الطَّبَرِيُّ: اِخْتَلَفَ السَّلَف ، فَحَمَلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْعُمُوم ، وَهُمْ مَنْ قَعَدَ عَنْ الدُّخُولِ فِي الْقِتَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا ، كَسَعْدٍ ، وَابْن عُمَر ، وَمُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ ، وَأَبِي بَكْرَة فِي آخَرِينَ، وَتَمَسَّكُوا بِالظَّوَاهِرِ الْمَذْكُورَة وَغَيْرِهَا.
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ ، فَقَالَتْ طَائِفَة بِلُزُومِ الْبُيُوت.
وَقَالَتْ طَائِفَة: بَلْ بِالتَّحَوُّلِ عَنْ بَلَدِ الْفِتَنِ أَصْلًا.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا بَغَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْإِمَامِ، فَامْتَنَعَتْ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا وَنَصَبَتْ الْحَرْب ، وَجَبَ قِتَالُهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَارَبَتْ طَائِفَتَانِ ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ قَادِرٍ الْأَخْذُ عَلَى يَدِ الْمُخْطِئِ ، وَنَصْرِ الْمُصِيب، وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور.
وَفَصَّلَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: كُلُّ قِتَالٍ وَقَعَ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، حَيْثُ لَا إِمَامَ لِلْجَمَاعَةِ ، فَالْقِتَالُ حِينَئِذٍ مَمْنُوعٌ، وَتَنْزِلُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ. فتح الباري (ج 20 / ص 86)
قال النووي (9/ 264): اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قِتَالِ الْفِتْنَة، فَقَالَتْ طَائِفَة: لَا يُقَاتَلُ فِي فِتَنِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْهِ بَيْتَهُ وَطَلَبُوا قَتْلَه، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمُدَافَعَةُ عَنْ نَفْسِه؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ مُتَأَوِّلٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي بَكْرَة الصَّحَابِيّ رضي الله عنه وَغَيْرُه.
وَقَالَ اِبْن عُمَر ، وَعِمْرَان بْن الْحُصَيْن رضي الله عنهما وَغَيْرهمَا: لَا يَدْخُلُ فِيهَا، لَكِنْ إِنْ قُصِدَ ، دَفَعَ عَنْ نَفْسِه. فَهَذَانِ الْمَذْهَبَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى تَرْكِ الدُّخُولِ فِي جَمِيعِ فِتَنِ الْإِسْلَام.
وَقَالَ مُعْظَم الصَّحَابَة ، وَالتَّابِعِينَ ، وَعَامَّة عُلَمَاء الْإِسْلَام: يَجِبُ نَصْرُ الْمُحِقِّ فِي الْفِتَن، وَالْقِيَامُ مَعَهُ بِمُقَاتَلَةِ الْبَاغِينَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي
…
} وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَتُتَأَوَّلُ الْأَحَادِيثُ عَلَى مَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْحَقّ، أَوْ عَلَى طَائِفَتَيْنِ ظَالِمَتَيْنِ ، لَا تَأوِيلَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُونَ ، لَظَهَرَ الْفَسَاد، وَاسْتَطَالَ أَهْلُ الْبَغْيِ وَالْمُبْطِلُونَ ، وَالله أَعْلَم. أ. هـ
قَالَ الطَّبَرِيُّ: لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ اخْتِلَافٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الْهَرَبُ مِنْهُ بِلُزُومِ الْمَنَازِلِ وَكَسْرِ السُّيُوف ، لَمَا أُقِيمَ حَدٌّ ، وَلَا أُبْطِلَ بَاطِل، وَلَوَجَدَ أَهْلُ الْفُسُوقِ سَبِيلًا إِلَى اِرْتِكَابِ الْمُحَرَّمَات ، مِنْ أَخْذِ الْأَمْوَالِ ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ ، وَسَبْيِ الْحَرِيم ، بِأَنْ يُحَارِبُوهُمْ ، وَيَكُفَّ الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ عَنْهُمْ ، بِأَنْ يَقُولُوا هَذِهِ فِتْنَة ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَمْرِ بِالْأَخْذِ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاء. فتح الباري (ج 20 / ص 87)
(34)
(م) 2887
(خ م) ، وَعَنْ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ وَأَبِي مُوسَى رضي الله عنهما فَقَالَا: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لَأَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا العِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الهَرْجُ ، وَالهَرْجُ: القَتْلُ "(1)
(1)(خ) 6653 ، (م) 10 - (2672) ، (ت) 2200 ، (جة) 4051 ، (حم) 3695
(فر)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " سَلَامَةُ الرَّجُلِ فِي الْفِتْنَةِ ، أَنْ يَلْزَمَ بَيْتَهُ "(1)
(1) صَحِيح الْجَامِع: 3649
(ت)، وَعَنْ أُمِّ مَالِكٍ الْبَهْزِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ:" ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِتْنَةً فَقَرَّبَهَا "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ خَيْرُ النَّاسِ فِيهَا؟ ، قَالَ:" رَجُلٌ فِي مَاشِيَتِهِ ، يُؤَدِّي حَقَّهَا ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ ، وَرَجُلٌ آخِذٌ بِرَأسِ فَرَسِهِ ، يُخِيفُ الْعَدُوَّ وَيُخِيفُونَهُ "(1)
(1)(ت) 2177 ، (حم) 27393 ، انظر الصحيحة: 698 ، وصحيح الترغيب والترهيب: 1227
(جة حم)، وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ:(بَعَثَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه بِالرَّبَذَةِ (1) فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: مَا خَلَّفَكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ؟ ، قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ ابْنُ عَمِّكَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَيْفًا ، فَقَالَ:" قَاتِلْ بِهِ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ) (2) (وَإِنَّهُ سَتَكُونُ فِتْنَةٌ وَفُرْقَةٌ وَاخْتِلَافٌ) (3) (فَإِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَاعْمَدْ بِهِ إِلَى صَخْرَةٍ فَاضْرِبْهُ بِهَا) (4) (حَتَّى يَنْقَطِعَ، ثُمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأتِيَكَ مَنِيَّةٌ (5) قَاضِيَةٌ، أَوْ يَدٌ خَاطِئَةٌ (6) "، فَقَدْ وَقَعَتْ ، وَفَعَلْتُ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم) (7) (فَقَالَ عَلِيٌّ: خَلُّوا عَنْهُ) (8).
(1)(الرَّبَذة) قرية بقرب المدينة ، على ثلاث مراحل منها ، بقرب ذات عِرْق. فيض القدير - (ج 4 / ص 335)
(2)
(حم) 18008 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: حسن.
(3)
(جة) 3962
(4)
(حم) 18008
(5)
أَيْ: مَوْت.
(6)
أَيْ: يَدُ نَفْسٍ خَاطِئَة ، وَالْمُرَادُ: حَتَّى يَأتِيَكَ مَنْ يَقْتُلُك. السندي (7/ 332)
(7)
(جة) 3962
(8)
(حم) 18008 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2432
(ت جة حم)،وَعَنْ عُدَيْسَةَ بِنْتِ أُهْبَانَ بْنِ صَيْفِيٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَتْ:(لَمَّا جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه إِلَى الْبَصْرَةَ ، دَخَلَ عَلَى أَبِي فَقَالَ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ ، أَلَا تُعِينُنِي عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؟ ، قَالَ: بَلَى ، فَدَعَا جَارِيَةً لَهُ، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ ، أَخْرِجِي سَيْفِي ، فَأَخْرَجَتْهُ ، فَسَلَّ (1) مِنْهُ قَدْرَ شِبْرٍ فَإِذَا هُوَ خَشَبٌ ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: إِنَّ خَلِيلِي وَابْنَ عَمِّكَ صلى الله عليه وسلم) (2)(أَوْصَانِي فَقَالَ: " سَتَكُونُ فِتَنٌ وَفُرْقَةٌ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ ، فَاكْسِرْ سَيْفَكَ ، وَاتَّخِذْ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ " ، فَقَدْ وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ وَالْفُرْقَةُ ، فَكَسَرْتُ سَيْفِي وَاتَّخَذْتُ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ)(3)(فَإِنْ شِئْتَ ، خَرَجْتُ بِهِ مَعَكَ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ وَلَا فِي سَيْفِكَ)(4).
(1) أي: أخرجَ.
(2)
(جة) 3960
(3)
(حم) 20690 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: حسن ، (جة) 3960
(4)
(حم) 20689 ، (ت) 2203
(د جة حم)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:(قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَبَا ذَرٍّ " ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ)(1)(قَالَ: " كَيْفَ تَصْنَعُ)(2)(إِذَا أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ)(3)(شَدِيدٌ)(4)(يَكُونُ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْوَصِيفِ (5)؟ فَقُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: " عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ ، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا أَبَا ذَرٍّ) (6)(كَيْفَ تَصْنَعُ)(7)(وَجُوعًا يُصِيبُ النَّاسَ ، حَتَّى تَأتِيَ مَسْجِدَكَ فلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ ، وَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ)(8)(مِنْ الْجَهْدِ (9)؟ ") (10) (فَقُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ: " عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ) (11)(ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا ذَرٍّ ، كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ قَتَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى تَغْرَقَ أَحْجَارُ الزَّيْتِ (12) مِنْ الدِّمَاءِ؟ " ، فَقُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) (13) (قَالَ: " اِلْحَقْ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ (14)" ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفَلَا آخُذُ سَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؟ ، قَالَ: " إِذَنْ شَارَكْتَ الْقَوْمَ) (15)(فِيمَا هُمْ فِيهِ ، وَلَكِنْ اقْعُدْ فِي بَيْتِكَ ، وَأَغْلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ)(16)(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، فَإِنْ دُخِلَ عَلَيَّ بَيْتِي؟ قَالَ: " إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ ، فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكَ فَيَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ)(17)(فَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (18)) (19)(ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا ذَرٍّ ، كَيْفَ تَصْنَعُ وَأَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي يَسْتَأثِرُونَ بِهَذَا الْفَيْءِ (20)؟ " ، فَقُلْتُ: إِذَنْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ أَضَعُ سَيْفِي عَلَى عَاتِقِي ثُمَّ أَضْرِبُ بِهِ (21) حَتَّى أَلْقَاكَ (22) فَقَالَ: " أَوَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ تَصْبِرُ (23) حَتَّى تَلْقَانِي ") (24)
(1)(د) 4261
(2)
(حم) 21363 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(3)
(د) 4261
(4)
(حم) 21363
(5)
(الْوَصِيفِ): الْعَبْدِ ، والْمُرَادُ أَنَّ الْبُيُوتَ تَصِيرُ رَخِيصَةً لِكَثْرَةِ الْمَوْتِ ، وَقِلَّة مَنْ يَسْكُنُهَا ، فَيُبَاع الْبَيْتُ بِعَبْدٍ ، مَعَ أَنَّ الْبَيْتَ عَادَةً يَكُونُ أَكْثَرَ قِيمَةً. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 328)
(6)
(د) 4261
(7)
(حم) 21363
(8)
(جة) 3958
(9)
أَيْ: الجوع.
(10)
(حم) 21483، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(11)
(جة) 3958
(12)
(حِجَارَة الزَّيْت) مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ فِي الْحَرَّة ، سُمِّيَ بِهَا لِسَوَادِ الْحِجَارَة كَأَنَّهَا طُلِيَتْ بِالزَّيْتِ ، والمرادُ أن الدَّمَ يَعْلُو حِجَارَةَ الزَّيْتِ وَيَسْتُرُهَا لِكَثْرَةِ الْقَتْلَى ، وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى وَقْعَةِ الْحَرَّةِ الَّتِي كَانَتْ زَمَنَ يَزِيدِ بْنِ مُعاوية. (فتح - ح114)
(13)
(حم) 21363
(14)
أَيْ: اِرْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ وَعَشِيرَتِكَ الَّذِينَ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 328)
(15)
(جة) 3958
(16)
(حم) 21363
(17)
(د) 4261
(18)
أَيْ: فَمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِك ، فَإِنْ قَدَرْتَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْمَطْلُوب ، وَإنْ غَلَبَكَ ضَوْءُ السَّيْفِ وَبَرِيقُهُ ، فَغَطِّ وَجْهَكَ حَتَّى يَقْتُلَك.
قِيلَ: الْمُرَادُ: الْإِخْبَارُ بِهَذِهِ الْوَقَائِعِ عَلَى اِحْتِمَالِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ لَعَلَّهُ يُدْرِكُهَا ، وَإِلَّا فَأَبُو ذَرٍّ مَاتَ قَبْلَ وَقْعَةِ الْحَرَّة ، فَإِنَّهُ مَاتَ فِي خِلَافَة عُثْمَان، وَأَمَّا وُقُوعُ الْجُوعِ وَالْمَوْتِ بِالْمَدِينَةِ ، فَيَحْتَمِل أَنَّهُ أَدْرَكَهَا أَبُو ذَرٍّ ، لِأَنَّهُ وَقَعَ قَحْطٌ وَمَوْتٌ بِهَا فِي عَامِ الرَّمَادَةِ وَغَيْرِه. (فتح - ح114)
(19)
(جة) 3958
(20)
أَيْ: يَنْفَرِدُونَ بِهِ وَيَخْتَارُونَهُ وَلَا يُعْطُونَ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْهُ ، وَالْفَيْء: مَا نِيلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَعْد وَضْعِ الْحَرْبِ أَوْزَارَهَا ، وَهُوَ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يُخَمَّس، وَالْغَنِيمَة: مَا نِيلَ مِنْهُمْ عَنْوَةً وَالْحَرْبُ قَائِمَة ، وَهِيَ تُخَمَّس ، وَسَائِرُ مَا بَعْدَ الْخُمُس لِلْغَانِمِينَ خَاصَّة. عون المعبود - (ج 10 / ص 281)
(21)
أَيْ: أُحَارِبهُمْ. عون المعبود - (ج 10 / ص 281)
(22)
أَيْ: حَتَّى أَمُوتَ شَهِيدًا وَأَصِلَ إِلَيْك. عون المعبود - (ج 10 / ص 281)
(23)
أَيْ: اِصْبِرْ عَلَى ظُلْمِهِمْ. عون المعبود - (ج 10 / ص 281)
(24)
(د) 4759 ، صححه الألباني في الإرواء: 2451، وصحيح موارد الظمآن: 1559
(د)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ أَمْرٍ قَدْ اقْتَرَبَ (1) أَفْلَحَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ (2) "(3)
(1) أَرَادَ بِهِ الِاخْتِلَافَ الَّذِي ظَهَرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ وَقْعَةِ عُثْمَان رضي الله عنه أَوْ مَا وَقَعَ بَيْنَ عَلِيّ رضي الله عنه وَمُعَاوِيَة رضي الله عنه. عون المعبود (9/ 290)
(2)
أَيْ: عَنْ الْقِتَالِ وَالْأَذَى ، أَوْ تَرَكَ الْقِتَالَ إِذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ الْحَقُّ مِنْ الْبَاطِل. عون المعبود - (ج 9 / ص 290)
(3)
(د) 4249 ، (حم) 9689 ، صَحِيحَ الجَامِع: 7135 ، والمشكاة: 5404