الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى احْتِرَاقُ الْبَيْتِ الْعَتِيق
(حم)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:(أَتَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما ابْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْحِجْرِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ، إِيَّاكَ وَالْإِلْحَادَ (1) فِي حَرَمِ اللهِ، فَإِنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" يُحِلُّهَا - يَعْنِي مَكَّةَ - وَيَحُلُّ بِهِ -يَعْنِي الْحَرَمَ الْمَكِّيّ- رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، لَوْ وُزِنَتْ ذُنُوبُهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ (2)) (3) (لَرَجَحَتْ ") (4) وفي رواية: (" يُلْحَدُ بِمَكَّةَ كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ، عَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ أَوْزَارِ النَّاسِ ")(5)(فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَانْظُرْ أَنْ لَا تَكُونَ هُوَ يَا ابْنَ عَمْرٍو (6) فَإِنَّكَ قَدْ قَرَأتَ الْكُتُبَ ، وَصَحِبْتَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ هَذَا وَجْهِي إِلَى الشَّامِ مُجَاهِدًا) (7).
الشرح (8)
(1) الإلحاد: الظُلْم والعُدْوان، وأصل الإلْحاد: المَيْل والعُدول عن الشيء.
(2)
الثقلين: الإنس والجن.
(3)
(حم) 7043 ، انظر الصَّحِيحَة: 2462
(4)
(حم) 6200 ، انظر الصحيحة: 3108
(5)
(حم) 461 ، انظر الصحيحة تحت حديث: 2462
(6)
لأن ابن عمرٍو أيضا اسمه عبد الله. ع
(7)
(حم) 7043
(8)
اِمْتَنَعَ عَبْدُ اللهِ بْن الزُّبَيْر مِنْ مُبَايَعَةِ يَزِيدَ بْن مُعَاوِيَة ، وَاعْتَصَمَ بِالْحَرَمِ، ذَلِكَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ عَهِدَ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَهُ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَة، فَبَايَعَهُ النَّاس ، إِلَّا الْحُسَيْنَ بْن عَلِيّ ، وَابْنَ الزُّبَيْر، فَأَمَّا ابْنُ أَبِي بَكْر ، فَمَاتَ قَبْلَ مَوْتِ مُعَاوِيَة ، وَأَمَّا اِبْنُ عُمَر فَبَايَعَ لِيَزِيدَ عَقِبَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَأَمَّا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ ، فَسَارَ إِلَى الْكُوفَة ، لِاسْتِدْعَائِهِمْ إِيَّاهُ لِيُبَايِعُوهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ قَتْلِه. وَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَاعْتَصَمَ ، وَيُسَمَّى عَائِذَ الْبَيْت ، وَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ مَكَّة، فَكَانَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَة يَأمُرُ أُمَرَاءَهُ عَلَى الْمَدِينَة أَنْ يُجَهِّزُوا إِلَيْهِ الْجُيُوش. (فتح - ح104)
(حم طب)، وَعَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:(" قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ: كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا مَرِجَ الدِّينُ (1) وَظَهَرَتْ الرَّغْبَةُ (2)) (3)(وَسُفِكَ الدَّمُ، وَظَهَرَتِ الزِّينَةُ (4) وَشَرُفَ الْبُنْيَانُ (5) وَاخْتَلَفَ الْإِخْوَانُ ، وَحُرِّقَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ؟ ") (6)
الشرح (7)
(1) أَيْ: اضْطَرَبَ والتَبَسَ المَخْرَجُ فيه. لسان العرب - (ج 2 / ص 364)
(2)
قال ابن الأثير: (الرغبة) قلة العفة ، وكثرة السؤال.
(3)
(حم) 26872 ، انظر الصَّحِيحَة: 2744 ، وقال الأرناءوط: إسناده حسن.
(4)
قال الألباني في الصحيحة (2744):قد انتشرت في الأبنية والألبسة والمحلات التجارية انتشارا غريبا، حتى في قُمصان الشباب ونِعالهم، بل ونِعال النساء! ، فصلى الله على الموصوف بقوله تعالى:{وما ينطق عن الهوى ، إن هو إِلَّا وحي يوحى} . أ. هـ
(5)
أي: علا وارتفع.
(6)
(طب) ج24ص10ح14 ، انظر الصَّحِيحَة: 2744
(7)
قال ابن كثير في (البداية والنهاية)(11/ 633)(مُختَصَرًا):
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ ، فَفِيهَا فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا سَارَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ حَرْبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ قَاصِدًا قِتَالَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَنِ الْتَفَّ عَلَيْهِ مِنَ الْأَعْرَابِ عَلَى مُخَالَفَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ، فَلَمَّا بَلَغَ ثَنِيَّةَ هَرْشَى بَعَثَ إِلَى رُءُوسِ الْأَجْنَادِ فَجَمَعَهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَهِدَ إِلَيَّ إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثُ الْمَوْتِ أَنْ أَسْتَخْلِفَ عَلَيْكَمْ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ السَّكُونِيَّ، ثُمَّ مَاتَ، وَسَارَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ بِالْجَيْشِ نَحْوَ مَكَّةَ، فَانْتَهَى إِلَيْهَا لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ ، وَقَدْ تَلَاحَقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ جَمَاعَاتٌ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَانْضَافَ إِلَيْهِ أَيْضًا نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَنَفِيُّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِهَا ، لِيَمْنَعُوا الْبَيْتَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَنَزَلَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ ظَاهِرَ مَكَّةَ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنِ الْتَفَّ مَعَهُ، فَاقْتَتَلُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا، وَحَمَلَ أَهْلُ الشَّامِ حَمْلَةً صَادِقَةً، فَانْكَشَفَ أَهْلُ مَكَّةَ، ثُمَّ اقْتَتَلُوا فِي بَقِيَّةِ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَصَفَرًا بِكَمَالِهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ ثَالِثُ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، نَصَبُوا الْمَجَانِيقَ عَلَى الْكَعْبَةِ، وَرَمَوْهَا حَتَّى بِالنَّارِ، فَاحْتَرَقَ جِدَارُ الْبَيْتِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا احْتَرَقَتْ ، لِأَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ جَعَلُوا يُوقِدُونَ النَّارَ وَهُمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَعَلِقَتِ النَّارُ فِي بَعْضِ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَسَرَتْ إِلَى أَخْشَابِهَا وَسُقُوفِهَا فَاحْتَرَقَتْ. وَقِيلَ: إِنَّمَا احْتَرَقَتْ لِأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ التَّكْبِيرَ عَلَى بَعْضِ جِبَالِ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ، فَظَنَّ أَنَّهُمْ أَهْلُ الشَّامِ، فَرُفِعَتْ نَارٌ عَلَى رُمْحٍ لِيَنْظُرُوا مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَلَى الْجَبَلِ، فَأَطَارَتِ الرِّيحُ شَرَرَةً مِنْ رَأَسِ الرُّمْحِ إِلَى مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْأَسْوَدِ مِنَ الْكَعْبَةِ، فَعَلِقَتْ فِي أَسْتَارِهَا وَأَخْشَابِهَا.
وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ قَدْ وَهَتْ مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا مِنْ حِجَارَةِ الْمَنْجَنِيقِ، وَاسْوَدَّ الرُّكْنُ، وَانْصَدَعَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنَ النَّارِ الَّتِي كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ ، انْصَدَعَ فِي ثَلَاثَةِ أَمْكِنَةٍ مِنْهُ ، وَاسْتَمَرَّ الْحِصَارُ إِلَى مُسْتَهَلِّ رَبِيعٍ الْآخِرِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ هَدَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَالَ جِدَارُهَا مِمَّا رُمِيَتْ بِهِ مِنْ حِجَارَةِ الْمَنْجَنِيقِ، فَهَدَمَ الْجُدْرَانَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ النَّاسُ يَطُوفُونَ وَيُصَلُّونَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، وَجَعَلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي تَابُوتٍ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَادَّخَرَ مَا كَانَ فِي الْكَعْبَةِ مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابٍ وَطِيبٍ عِنْدَ الْخَزَّانِ، حَتَّى أَعَادَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِنَاءَهَا عَلَى مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَهَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّكْلِ. أ. هـ