الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى مَقْتَلُ عُمَرَ بنِ الْخَطَّاب رضي الله عنه
-
(خ م)، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ:(كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه)(1)(فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ (2)؟ ، فَقُلْتُ: أَنَا أَحْفَظُهُ) (3)(قَالَ: فَهَاتِ ، إِنَّكَ لَجَرِيءٌ (4)) (5)(فَقُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ (6) عُودًا عُودًا (7) كَالْحَصِيرِ (8) فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا (9) نُكِتَ (10) فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا (11) نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى يَصِيرَ الْقَلْبُ عَلَى قَلْبَيْنِ: عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا (12) لَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا (13) كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا (14) - وَأَمَالَ كَفَّهُ - لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا ، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا ، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ") (15) (فَقَالَ عُمَرُ: لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ) (16)(وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ؟ ، قَالُوا: أَجَلْ ، قَالَ: تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ (17) لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ ، إِنَّمَا أُرِيدُ الْفِتْنَةَ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ (18)) (19) (فَقُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا (20) فَقَالَ عُمَرُ: أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ؟) (21)(فَقُلْتُ: لَا ، بَلْ يُكْسَرُ ، قَالَ: فَإِنَّهُ إِذَا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقَ أَبَدًا ، فَقُلْتُ: أَجَلْ)(22)(قَالَ أَبُو وَائِلٍ: فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ ، قَالَ: نَعَمْ ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ (23) قَالَ أَبُو وَائِلٍ: فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ عَنْ الْبَابِ ، فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ (24): سَلْهُ ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: الْبَابُ عُمَرُ (25)) (26).
(1)(خ) 502
(2)
مَعْنَى الْفِتْنَةِ فِي الْأَصْلِ: الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَان، ثُمَّ اِسْتُعْمِلَتْ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَكْشِفُهُ الِامْتِحَانُ عَنْ سُوء ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْكُفْرِ، وَالْغُلُوِّ فِي التَّأوِيلِ الْبَعِيدِ، وَعَلَى الْفَضِيحَةِ ، وَالْبَلِيَّة ، وَالْعَذَابِ ، وَالْقِتَالِ، وَالتَّحَوُّلِ مِنْ الْحَسَنِ إِلَى الْقَبِيحِ ، وَالْمَيْلِ إِلَى الشَّيْءِ وَالْإِعْجَابِ بِهِ، وَتَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرّ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فِتْنَة} . فتح الباري (ج 2 / ص 291)
(3)
(خ) 1368
(4)
أَيْ: شَجِيعٌ عَلَى حِفْظِه ، قَوِيٌّ عَلَيْهِ. (النووي - ج 1 / ص 268)
(5)
(خ) 3393
(6)
أَيْ: أَنَّهَا تُلْصَقُ بِعَرْضِ الْقُلُوب ، أَيْ: جَانِبِهَا. (النووي - ج 1 / ص 268)
(7)
أَيْ: تُعَادُ وَتُكَرَّرُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. (النووي - ج 1 / ص 268)
(8)
أَيْ: كَمَا يُنْسَجُ الْحَصِيرُ عُودًا عُودًا ، وَشَظِيَّةً بَعْد أُخْرَى ، وَذَلِكَ أَنَّ نَاسِجَ الْحَصِيرِ عِنْدَ الْعَرَبِ كُلَّمَا صَنَعَ عُودًا ، أَخَذَ آخَرَ وَنَسَجَهُ ، فَشَبَّهَ عَرْضَ الْفِتَنِ عَلَى الْقُلُوبِ وَاحِدَةً بَعْد أُخْرَى بِعَرْضِ قُضْبَانِ الْحَصِيرِ عَلَى صَانِعِهَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِد. (النووي - ج 1 / ص 268)
(9)
أَيْ: دَخَلَتْ فِيهِ دُخُولًا تَامًّا وَأُلْزِمَهَا ، وَحَلَّتْ مِنْهُ مَحَلَّ الشَّرَاب ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبهمْ الْعِجْل} أَيْ: حُبَّ الْعِجْل، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ثَوْبٌ مُشْرَبٌ بِحُمْرَةٍ: أَيْ خَالَطَتْهُ الْحُمْرَةُ مُخَالَطَةً لَا اِنْفِكَاكَ لَهَا. النووي (1/ 268)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ} أَيْ: أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّ الْعِجْلِ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْعِجْلَ أُحْرِقَ ثُمَّ ذُرِّيَ فِي الْمَاءِ فَشَرِبُوهُ ، فَلَمْ يَعْرِفْ كَلَامِ الْعَرَبِ، لِأَنَّهَا لَا تَقُولُ فِي الْمَاءِ: أُشْرِبَ فُلَانٌ فِي قَلْبِهِ. فتح (10/ 192)
(10)
أَيْ: نُقِطَ نُقْطَة ، قَالَ: اِبْن دُرَيْدٍ: كُلُّ نُقْطَةٍ فِي شَيْءٍ بِخِلَافِ لَوْنِهِ ، فَهُوَ نَكْت. (النووي - ج 1 / ص 268)
(11)
أَيْ: رَدَّهَا.
(12)
الصَّفَا: هُوَ الْحَجْرُ الْأَمْلَسُ الَّذِي لَا يَعْلَقُ بِهِ شَيْء.
(13)
الرُّبْدَة: لَوْن أَكْدَر ، وَمِنْهُ (اِرْبَدَّ لَوْنُه) إِذَا تَغَيَّرَ وَدَخَلَهُ سَوَاد. النووي (1/ 268)
(14)
أَيْ: مَائِلًا ، قَالَ ابْن سَرَّاج: لَيْسَ قَوْلُهُ كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا تَشْبِيهًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ سَوَادِه ، بَلْ هُوَ وَصْفٌ آخَرُ مِنْ أَوْصَافِهِ ، بِأَنَّهُ قُلِبَ وَنُكِّسَ حَتَّى لَا يَعْلَقَ بِهِ خَيْرٌ وَلَا حِكْمَة. (النووي - ج 1 / ص 268)
(15)
(م) 144
(16)
(حم) 23328، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(17)
قَالَ بَعْض الشُّرَّاح: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَا مَعَهَا مُكَفِّرَةٌ لِلْمَذْكُورَاتِ كُلِّهَا ، لَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْر ، بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَثَلًا مُكَفِّرَةٌ لِلْفِتْنَةِ فِي الْأَهْل ، وَالصَّوْمُ فِي الْوَلَدِ ، إِلَخْ.
وَالْمُرَاد بِالْفِتْنَةِ: مَا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مَعَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْبَشَر؛ أَوْ الِالْتِهَاءِ بِهِمْ ، أَوْ أَنْ يَأتِيَ لِأَجْلِهِمْ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ ، أَوْ يُخِلَّ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ.
وَاسْتَشْكَلَ اِبْنُ أَبِي جمْرَةَ وُقُوعَ التَّكْفِيرِ بِالْمَذْكُورَاتِ لِلْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَات وَالْإِخْلَالِ بِالْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الطَّاعَاتِ لَا تُسْقِطُ ذَلِكَ.
وَالْجَوَاب: اِلْتِزَام الْأَوَّل ، وَأَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْ تَكْفِيرِ الْحَرَامِ وَالْوَاجِبِ مَا كَانَ كَبِيرَةً فَهِيَ الَّتِي فِيهَا النِّزَاع، وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَلَا نِزَاعَ أَنَّهَا تُكَفَّرُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ} .
وَقَالَ الزَّيْنُ بْن الْمُنِير: الْفِتْنَةُ بِالْأَهْلِ تَقَعُ بِالْمَيْلِ إِلَيْهِنَّ أَوْ عَلَيْهِنَّ فِي الْقِسْمَةِ وَالْإِيثَارِ حَتَّى فِي أَوْلَادهنَّ، وَمِنْ جِهَةِ التَّفْرِيطِ فِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لَهُنَّ، وَبِالْمَالِ يَقَعُ الِاشْتِغَالُ بِهِ عَنْ الْعِبَادَة ، أَوْ بِحَبْسِهِ عَنْ إِخْرَاجِ حَقِّ الله، وَالْفِتْنَةُ بِالْأَوْلَادِ تَقَعُ بِالْمَيْلِ الطَّبِيعِيّ إِلَى الْوَلَدِ ، وَإِيثَارِهِ عَلَى كُلِّ أَحَد، وَالْفِتْنَةُ بِالْجَارِ تَقَعُ بِالْحَسَدِ وَالْمُفَاخَرَةِ ، وَالْمُزَاحَمَةِ فِي الْحُقُوقِ ، وَإِهْمَالِ التَّعَاهُد، ثُمَّ قَالَ: وَأَسْبَابُ الْفِتْنَةِ بِمَنْ ذُكِرَ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِيمَا ذَكَرْتُ مِنْ الْأَمْثِلَة، وَأَمَّا تَخْصِيصُ الصَّلَاةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا بِالتَّكْفِيرِ دُونَ سَائِرِ الْعِبَادَات، فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَعْظِيمِ قَدْرِهَا، لَا نَفْيُ أَنَّ غَيْرَهَا مِنْ الْحَسَنَاتِ لَيْسَ فِيهَا صَلَاحِيَّةُ التَّكْفِير، ثُمَّ إِنَّ التَّكْفِيرَ الْمَذْكُورَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ بِنَفْسِ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ الْمَذْكُورَة، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ بِالْمُوَازَنَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَر.
وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة: خُصَّ الرَّجُلُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِب صَاحِبُ الْحُكْمِ فِي دَارِهِ وَأَهْلِه، وَإِلَّا فَالنِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ فِي الْحُكْم ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ التَّكْفِيرِ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَات، بَلْ نَبَّهَ بِهَا عَلَى مَا عَدَاهَا، وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا يَشْغَلُ صَاحِبَهُ عَنْ اللهِ ، فَهُوَ فِتْنَة لَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُكَفِّرَات ، لَا تَخْتَصُّ بِمَا ذُكِرَ ، بَلْ نَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا عَدَاهَا، فَذَكَرَ مِنْ عِبَادَةِ الْأَفْعَالِ: الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ، وَمِنْ عِبَادَةِ الْمَالِ: الصَّدَقَةَ، وَمِنْ عِبَادَةِ الْأَقْوَالِ: الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ. فتح الباري (ج 10 / ص 391)
(18)
كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ شِدَّةِ الْمُخَاصَمَةِ ، وَكَثْرَة الْمُنَازَعَة ، وَمَا يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الْمُشَاتَمَةِ وَالْمُقَاتَلَة. فتح الباري (ج10ص 391)
وانظر إلى حرص أمير المؤمنين على معرفة أوقات الفتن وكيفياتها ، ففيه دليل على استحباب معرفة كيفية ظهور الفتن وعلاماتها ، حتى يكون المؤمن على بيِّنة من أمرِه ، خصوصا في زمان كزماننا هذا ، حيث كَثُرت فيه الفتن والشبهات. ع
(19)
(م) 144
(20)
أَيْ: أَنَّ تِلْكَ الْفِتَنَ لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي حَيَاتِك. النووي (1/ 268)
(21)
(خ) 502
(22)
(خ) 1368
(23)
أَيْ: حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا صِدْقًا مُحَقَّقًا مِنْ حَدِيثِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَا عَنْ اِجْتِهَادٍ وَلَا رَأي. فتح الباري (ج 10 / ص 391)
(24)
هُوَ اِبْنُ الْأَجْدَعِ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ ، وَكَانَ مِنْ أَخِصَّاءِ أَصْحَابِ اِبْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ.
(25)
أي أن الحائل بين الناس والفتن ، عمر رضي الله عنه فهو الباب ، فما دام حيًّا لا تدخل منه الفتن ، فإذا مات دخلت ، وهذا الذي حدث. ع
(26)
(خ) 502