الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(23) دُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ رَحْمَةٌ لَهُم
(م حم)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:(دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ ، فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَأَغْضَبَاهُ " فَلَعَنَهُمَا ، وَسَبَّهُمَا، وَأَخْرَجَهُمَا "، فَلَمَّا خَرَجَا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ)(1)(لَمَنْ أَصَابَ مِنْكَ خَيْرًا)(2)(مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: " وَمَا ذَاكِ؟ " ، فَقُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا)(3)(قَالَ: " أَوَمَا عَلِمْتِ مَا عَاهَدْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟)(4)(قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا ")(5)
(1)(م) 2600
(2)
(حم) 24225 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(3)
(م) 2600
(4)
(حم) 24225
(5)
(م) 2600
(حم)، وَعَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَتْ:(" دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَسِيرٍ ، فَقَالَ: احْتَفِظِي بِهِ ")(1) (قَالَتْ: فَلَهَوْتُ عَنْهُ ، فَذَهَبَ ، " فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا حَفْصَةُ ، مَا فَعَلَ الْأَسِيرُ؟ " ، قُلْتُ: لَهَوْتُ عَنْهُ مَعَ النِّسْوَةِ فَخَرَجَ، فَقَالَ: " مَا لَكِ قَطَعَ اللهُ يَدَكِ؟، فَخَرَجَ فَآذَنَ بِهِ النَّاسَ "، فَطَلَبُوهُ فَجَاءُوا بِهِ،
" فَدَخَلَ عَلَيَّ " وَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ) (2)(فَقَالَ: " مَا شَأْنُكِ يَا حَفْصَةُ؟ ")(3)(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، دَعَوْتَ عَلَيَّ، فَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ أَنْظُرُ أَيَّهُمَا يُقْطَعَانِ)(4)(فَقَالَ: " ضَعِي يَدَيْكِ ، فَإِنِّي سَأَلْتُ اللهَ عز وجل:)(5)(اللَّهُمَّ إِنِّي بَشَرٌ، أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَطُهُورًا ")(6)
(1)(حم) 12454 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(2)
(حم) 24304 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(3)
(حم) 12454
(4)
(حم) 24304
(5)
(حم) 12454
(6)
(حم) 24304
(خ م)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها يَتِيمَةٌ، " فَرَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْيَتِيمَةَ ، فَقَالَ: أَأَنْتِ هِيَهْ؟، لَقَدْ كَبِرْتِ لَا كَبِرَ سِنُّكِ "، فَرَجَعَتِ الْيَتِيمَةُ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: مَا لَكِ يَا بُنَيَّةُ؟ ، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: دَعَا عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنِّي، فَالْآنَ لَا يَكْبَرُ سِنِّي أَبَدًا، فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا (1) حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا لَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ "، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ ، أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي؟ ، قَالَ:" وَمَا ذَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ "، قَالَتْ: زَعَمَتْ أَنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنُّهَا، " فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، أَمَا تَعْلَمِينَ أَنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ) (2)(وَإِنِّي قَدْ اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ ، أَوْ شَتَمْتُهُ ، أَوْ لَعَنْتُهُ ، أَوْ آذَيْتُهُ ، أَوْ جَلَدْتُهُ)(3)(أَوْ دَعَوْتُ عَلَيْهِ بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ، أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا ، وَزَكَاةً ، وَرَحْمَةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ")(4)
الشرح (5)
(1) أَيْ: تُدِيرهُ عَلَى رَاسِهَا.
(2)
(م) 2603
(3)
(م) 2601 ، (حم) 9801
(4)
(م) 2603 ، 2601 ، (خ) 6000
(5)
هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُبَيِّنَةٌ مَا كَانَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الشَّفَقَةِ عَلَى أُمَّتِهِ وَالِاعْتِنَاءِ بِمَصَالِحِهِمْ وَالِاحْتِيَاطِ لَهُمْ، وَالرَّغْبَةِ فِي كُلِّ مَا يَنْفَعُهُمْ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ دُعَاؤُهُ عَلَيْهِ رَحْمَةً وَكَفَّارَةً وَزَكَاةً وَنَحْو ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِ ، وَالسَّبِّ وَاللَّعْنِ وَنَحْوِه، وَكَانَ مُسْلِمًا، وَإِلَّا فَقَدْ دَعَا صلى الله عليه وسلم عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ رَحْمَة.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْف يَدْعُو عَلَى مَنْ لَيْسَ هُوَ بِأَهْلٍ لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِ ، أَوْ يَسُبُّهُ ، أَوْ يَلْعَنُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ؟ ، فَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاء، وَمُخْتَصَره وَجْهَانِ:
أَحَدهمَا: أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَفِي بَاطِنِ الْأَمْر، وَلَكِنَّهُ فِي الظَّاهِرِ مُسْتَوْجِبٌ لَهُ، فَيَظْهَرُ لَهُ صلى الله عليه وسلم اِسْتِحْقَاقُهُ لِذَلِكَ بِأَمَارَةٍ شَرْعِيَّة، وَيَكُون فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم مَامُورٌ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، وَالله يَتَوَلَّى السَّرَائِر.
وَالثَّانِي: أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ سَبِّهِ وَدُعَائِهِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ، بَلْ هُوَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي وَصْلِ كَلَامِهَا بِلَا نِيَّة، كَقَوْلِهِ: تَرِبَتْ يَمِينُك، عَقْرَى ، حَلْقَى ، وَفِي هَذَا الْحَدِيث " لَا كَبِرَتْ سِنُّك " وَفِي حَدِيث مُعَاوِيَة " لَا أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَك " وَنَحْو ذَلِكَ ، لَا يَقْصِدُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الدُّعَاء، فَخَافَ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَادِفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِجَابَةً، فَسَأَلَ رَبَّهُ سبحانه وتعالى ، وَرَغِبَ إِلَيْهِ فِي أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ رَحْمَةً وَكَفَّارَةً، وَقُرْبَةً وَطَهُورًا وَأَجْرًا.
وَإِنَّمَا كَانَ يَقَعُ هَذَا مِنْهُ فِي النَّادِرِ وَالشَّاذِّ مِنْ الْأَزْمَان، وَلَمْ يَكُنْ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا ، وَلَا لَعَّانًا ، وَلَا مُنْتَقِمًا لِنَفْسِهِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّهُمْ قَالُوا: اُدْعُ عَلَى دَوْس، فَقَالَ:" اللهمَّ اِهْدِ دَوْسًا " وَقَالَ: " اللهمَّ اِغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ". شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 414)
(د)، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قُرَّةَ قَالَ: كَانَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه بِالْمَدَائِنِ ، فَكَانَ يَذْكُرُ أَشْيَاءَ قَالَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي الْغَضَبِ ، فَيَنْطَلِقُ نَاسٌ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ حُذَيْفَةَ ، فَيَأْتُونَ سَلْمَانَ رضي الله عنه فَيَذْكُرُونَ لَهُ قَوْلَ حُذَيْفَةَ ، فَيَقُولُ سَلْمَانُ: حُذَيْفَةُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى حُذَيْفَةَ فَيَقُولُونَ لَهُ: قَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَكَ لِسَلْمَانَ ، فَمَا صَدَّقَكَ وَلَا كَذَّبَكَ ، فَأَتَى حُذَيْفَةُ سَلْمَانَ وَهُوَ فِي مَبْقَلَةٍ (1) فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَدِّقَنِي بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ ، فَقَالَ سَلْمَانُ:" إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْضَبُ ، فَيَقُولُ فِي الْغَضَبِ لِنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَيَرْضَى ، فَيَقُولُ فِي الرِّضَا لِنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ " ، أَمَا تَنْتَهِي حَتَّى تُوَرِّثَ رِجَالًا حُبَّ رِجَالٍ ، وَرِجَالًا بُغْضَ رِجَالٍ؟ ، وَحَتَّى تُوقِعَ اخْتِلَافًا وَفُرْقَةً؟ ، وَلَقَدْ عَلِمْتَ " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي سَبَبْتُهُ سَبَّةً ، أَوْ لَعَنْتُهُ لَعْنَةً فِي غَضَبِي ، فَإِنَّمَا أَنَا مِنْ وَلَدِ آدَمَ ، أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُونَ ، وَإِنَّمَا بَعَثْتَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ، فَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ صَلَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ، وَاللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ أَوْ لَأَكْتُبَنَّ إِلَى عُمَرَ (2). (3)
(1) المبقلة: موضع البقل ، وهو نبات عشبي يتغذى به الإنسان دون أن يُصنع.
(2)
الْحَاصِلُ أَنَّ سَلْمَان رضي الله عنه مَا رَضِيَ بِإِظْهَارِ مَا صَدَرَ فِي شَأْنِ الصَّحَابَةِ ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ الْوَاجِبِ فِي شَأْنِهِمْ بِمَا لَهُمْ مِنْ الصُّحْبَة. عون المعبود (10/ 176)
(3)
(د) 4659 ، (حم) 23209 ، الصحيحة: 1758 ، صحيح الأدب المفرد: 174