الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَابُ الْعَاشِرُ:
اَلنَّفَقَة
مَشْرُوعِيَّةُ النَّفَقَة
قَالَ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (1)
(ط) ، مَالِكٌ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَجِدِ الرَّجُلُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا. (2)
(1)[النساء/34]
(2)
(ط) 1724 ، لم تتم دراسته.
(خ حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى (1)) (2) وفي رواية: (لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَن ظَهْرِ غِنًى)(3)(وَلَا يَلُومُ اللهُ عَلَى الْكَفَافِ)(4)(وَلْيَبْدَأ أَحَدُكُمْ بِمَنْ يَعُولُ (5)) (6)(قَالَ سَعِيدٌ: فَسُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَنْ أَعُولُ؟ ، فَقَالَ: امْرَأَتُكَ مِمَّنْ تَعُولُ)(7)(تَقُولُ: أَطْعِمْنِي وَإِلَّا طَلِّقْنِي (8)) (9)(وَوَلَدُكَ ، يَقُولُ: أَطْعِمْنِي ، إِلَى مَنْ تَدَعُنِي؟)(10)(وَخَادِمُكَ، يَقُولُ: أَطْعِمْنِي، وَإِلَّا فَبِعْنِي)(11).
(1) أَيْ: أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا أَخْرَجَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مِنْهُ قَدْرَ الْكِفَايَةِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْدَهُ: وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: مَذْهَبُنَا أَنَّ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ الْمَالِ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ عِيَالٌ لَا يَصْبِرُونَ، وَيَكُونُ هُوَ مِمَّنْ يَصْبِرُ عَلَى الْإِضَاقَةِ وَالْفَقْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْ هَذِهِ الشُّرُوطَ ، فَهُوَ مَكْرُوه.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِمِ ": مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا وَقَعَ بَعْدَ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ النَّفْسِ وَالْعِيَال ، بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ الْمُتَصَدِّقُ مُحْتَاجًا بَعْدَ صَدَقَتِهِ إِلَى أَحَد، فَمَعْنَى الْغِنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ: حُصُولُ مَا تُدْفَعُ بِهِ الْحَاجَةُ الضَّرُورِيَّة ، كَالْأَكْلِ عِنْدَ الْجُوعِ الْمُشَوِّشِ ، الَّذِي لَا صَبْرَ عَلَيْهِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالْحَاجَةِ إِلَى مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ الْأَذَى، وَمَا هَذَا سَبِيلُه ، فَلَا يَجُوزُ الْإِيثَارُ بِهِ ، بَلْ يَحْرُمُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا آثَرَ غَيْرَهُ بِهِ ، أَدَّى إِلَى إِهْلَاكِ نَفْسِهِ ، أَوْ الْإِضْرَارِ بِهَا ، أَوْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ، فَمُرَاعَاةُ حَقِّهِ أَوْلَى عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِذَا سَقَطَتْ هَذِهِ الْوَاجِبَاتُ ، صَحَّ الْإِيثَارُ ، وَكَانَتْ صَدَقَتُهُ هِيَ الْأَفْضَلُ ، لِأَجْلِ مَا يَتَحَمَّلُ مِنْ مَضَضِ الْفَقْرِ ، وَشِدَّةِ مَشَقَّتِهِ، فَبِهَذَا يَنْدَفِعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ إِنْ شَاءَ اللهُ. فتح الباري (ج 5 / ص 26)
(2)
(خ) 5040 ، (س) 2534
(3)
(حم) 7155 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(4)
(حم) 8728 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(5)
أَيْ: بِمَنْ يَجِبُ عَلَيْكَ نَفَقَتُهُ، يُقَال: عَالَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ: إِذَا مَانَهُمْ،
أَيْ: قَامَ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ قُوتٍ وَكِسْوَةٍ ، وَهُوَ أَمْرٌ بِتَقْدِيمِ مَا يَجِبُ عَلَى مَا لَا يَجِبُ.
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر: اُخْتُلِفَ فِي نَفَقَةِ مَنْ بَلَغَ مِنْ الْأَوْلَادِ ، وَلَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ، فَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ النَّفَقَةَ لِجَمِيعِ الْأَوْلَاد ، أَطْفَالًا كَانُوا أَوْ بَالِغِينَ ، إِنَاثًا وَذُكْرَانًا ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمْوَالٌ يَسْتَغْنُونَ بِهَا.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَبْلُغَ الذَّكَرُ ، أَوْ تَتَزَوَّجَ الْأُنْثَى ، ثُمَّ لَا نَفَقَةَ عَلَى الْأَبِ ، إِلَّا إِنْ كَانُوا زَمْنَى، فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ ، فَلَا وُجُوبَ عَلَى الْأَب.
وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيُّ وَلَدَ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ بِالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ. فتح الباري (15/ 212)
(6)
(حم) 15616 ، (خ) 5041
(7)
(حم) 10830
(8)
اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ " إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي " مَنْ قَالَ: يُفَرَّقُ بَيَْن الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ إِذَا أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ ، وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاء. فتح الباري (15/ 212)
(9)
(حم) 7423 ، (خ) 5040
(10)
(خ) 5040 ، (حم) 10795
(11)
(حم) 7423 ، (خ) 5040 ، وصححه الألباني في الإرواء: 2181