الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَدَقَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالِهَا إِذَا كَانَتْ مُتَزَوِّجَة
(س د)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:(" لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَامَ خَطِيبًا ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ)(1)(هِبَةٌ ، وفي رواية: (أَمْرٌ)(2) فِي مَالِهَا إِذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا) (3)(إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا ")(4)
(1)(س) 2540 ، (د) 3546 ، (جة) 2388
(2)
(د) 3546 ، (حم) 7058
(3)
(س) 3756 ، (د) 3546 ، (جة) 2388
(4)
(س) 2540 ، (د) 3546 ، (جة) 2388 ، (حم) 6727 ، انظر صحيح الجامع: 7625 ، الصحيحة: 825
(طل)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ ، لَمْ تُجَزْ عَطِيَّتُهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ "(1)
(1)(طل) 2267 ، (هق) 11113 ، انظر الصَّحِيحَة: 2571
ثم قال الألباني: واعلم أن هذا الحديث قد عمل به قوم من السلف كما حكاه الطحاوي في " شرح المعاني "(2/ 403) ورواه ابن حزم في " المحلى "(8/ 310 - 311) عَنْ أنس بن مالك ، وأبي هريرة ، وطاووس ، والحسن ، ومجاهد ، قال:" وهو قول الليث بن سعد، فلم يَجُزْ لذاتِ الزوجة عِتقا، ولا حُكما في صداقها، ولا غيرُه إِلَّا بإذن زوجها، إِلَّا الشيءَ اليسيرَ الذي لا بدَّ لها منه في صلة رحم، أو ما يُتقرب به إلى الله عز وجل ".
ثم ذكرَ أقوالَ العلماء الآخرين ، مع مناقشة أدلتهم، واختار هو جوازَ تصرُّف المرأة في مالها دون إذن زوجها.
وساق في تأييد ذلك بعض الأحاديث الصحيحة ، كحديث ابن عباس الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء في خطبة العيد بالصدقة، فجعلت المرأة تلقي الخاتم والخُرص والشيء ، ولا حُجة في شيء من ذلك، لأنها وقائع أعيان ، يَحتمل كل منها وجها لَا يتعارض مع حديث الترجمة، وما في معناه عند إمعان النظر، فتأمَّل معي إلى حديث ابن عباس هذا مثلا، فإن فيه التصريح بأن تصدقهن كان تنفيذا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فلو فُرض أنهنَّ لم يكنْ مأذونًا لهن بالتصدُّق من أزواجهن، بل فُرض نَهْيُهُمْ إياهنَّ عن الصدقة، ثم أمرهم صلى الله عليه وسلم بها، فهل مِن قائلٍ بأن نهيَهم مقدَّمٌ على أمره صلى الله عليه وسلم؟، مع أنه لَا نهيَ منهم ، كل ما في الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء أن يتصدقن بغير إذن أزواجهن، فإذا أمرهن بالتصدُّق في مناسبة ما، فلا شك حينئذ أن هذا الأمر يكون مخصِّصًا لنهيهم، هذا لو فُرض تقدُّمه على الأمر ، ولا دليل على ذلك.
والحقيقة أن ابن حزم معذور فيما ذهب إليه ، لأنه هو الأصل الذي تدلُّ عليه النصوص التي ذكرها، ولو أن حديث الترجمة وما في معناه صحَّ عنده ، لبادر إلى العمل بها ، لأنها تضمنت زيادةَ حُكم على الأصل المُشار إليه ، ولكنه رحمه الله أعلَّ الحديث بأنه صحيفة منقطعة ، وهذا خِلافُ ما عليه جماهير علماء الحديث ، وفي مقدمتهم الإمام أحمد ، من الاحتجاج بصحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأنه موصول، وأما جوابه عنه بأنه لو صحَّ منسوخٌ ، فقد عرفتَ الجواب عنه، ثم كيف يَنسخ الجزءُ الكلَّ، أي الخاصُّ العامَّ؟! ،
ثم إن هذا الحديث جَهِلَه وتجاهَلَه جُلُّ الدعاة اليوم الذين يتحدثون عن حقوق المرأة في الإسلام، ليس لأنه ترجح لديهم مذهب المخالفين له، بل لأن هذا المذهب يوافق ما عليه الكفار، فيريدون تقريبَ الإسلامِ إليهم ، بأنه جاء بما يوافقهم في تصرف المرأة في مالها، وهم يعلمون أن ذلك لَا ينفعهم فتيلا، لأنهم يسمحون لها أن تتصرف أيضا في غير مالها، فهي تزوِّجُ نفسَها بنفسِها، بل وأن تتخذ أخدانا لها!! وصدق الله العظيم إذ يقول:{ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع مِلَّتهم} (البقرة: 120). أ. هـ
(طس)، وَعَنْ يَحْيَى رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَتْ جَدَّتِي خَيْرَةُ ، امْرَأَةُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحُلِيٍّ لَهَا فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِهَذَا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا أَمْرٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا ، فَهَلْ اسْتَأذَنْتِ كَعْبًا؟ "، قَالَتْ: نَعَمْ ، " فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى زَوْجِهَا كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، فَقَالَ: هَلْ أَذِنْتَ لِخَيْرَةَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِحُلِيِّهَا هَذَا؟ "، فَقَال: نَعَمْ ، " فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا "(1)
(1)(طس) 8676 ، (جة) 2389 ، انظر الصحيحة تحت حديث: 825
(خ م د)، وَعَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:(كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ فَأَعْتَقْتُهَا)(1)(وَلَمْ أَسْتَأذِنْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي " الَّذِي يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ " ، قُلْتُ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي؟ ، قَالَ: " أَوَفَعَلْتِ؟ " ، قُلْتُ: نَعَمْ)(2)(قَالَ: " آجَرَكِ اللهُ)(3)(أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ ، كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ")(4)
الشرح (5)
(1)(د) 1690 ، (م) 44 - (999)
(2)
(خ) 2452
(3)
(د) 1690 ، (حم) 26860 ، (ن) 4932
(4)
(خ) 2452 ، (م) 44 - (999) ، (د) 1690 ، (حم) 26865
(5)
قَالَ اِبْن بَطَّال: فِيهِ أَنَّ هِبَةَ ذِي الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَحْمَد وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّان مِنْ حَدِيث سَلْمَان بْن عَامِر الضَّبِّيّ مَرْفُوعًا " الصَّدَقَة عَلَى الْمِسْكِين صَدَقَة، وَعَلَى ذِي الرَّحِم صَدَقَة وَصِلَة ".
لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هِبَةُ ذِي الرَّحِمِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمِسْكِينُ مُحْتَاجًا ، وَنَفْعُهُ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا ، وَالْآخَرُ بِالْعَكْسِ
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ الْمَذْكُورَة " فَقَالَ: أَفَلَا فَدَيْتِ بِهَا بِنْتَ أَخِيكِ مِنْ رِعَايَة الْغَنَم " ، فَبَيَّنَ الْوَجْهُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَهُوَ اِحْتِيَاجُ قَرَابَتِهَا إِلَى مَنْ يَخْدُمُهَا، وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ كَمَا قَرَّرْتُهُ.
وَوَجْهُ دُخُولِ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ فِي التَّرْجَمَةِ أَنَّهَا كَانَتْ رَشِيدَةً ، وَأَنَّهَا أَعْتَقَتْ قَبْل أَنْ تَسْتَأمِرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَسْتَدِرْكْ ذَلِكَ عَلَيْهَا ، بَلْ أَرْشَدَهَا إِلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى، فَلَوْ كَانَ لَا يَنْفُذُ لَهَا تَصَرُّفٌ فِي مَالِهَا لَأَبْطَلَهُ، وَالله أَعْلَم. فتح الباري (ج 8 / ص 78)