الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة حكم السجود على الكفين والركبتين والقدمين
المدخل إلى المسألة:
• السجود على اليدين والركبتين وأطراف القدمين واجب، سواء أقلنا: يسجد عليها أصالة، أم قلنا: يسجد عليها تبعًا للوجه، فقد أمر الشارع بالسجود عليها، والأصل في الأمر الوجوب.
• التفريق بين الجبهة وغيرها في الحكم تفريق لا يقوم على حجة.
• قال ابن عمر: اليدان تسجدان كما يسجد الوجه. اهـ وكذا يقال في الركبتين والقدمين.
[م-659] اختلف الفقهاء في حكم السجود على اليدين والركبتين وأطراف القدمين:
فقيل: السجود عليها سنة، وهو ظاهر مذهب المالكية، وأشهر القولين عند الشافعية
(1)
.
(1)
. وقال خليل في مختصره (ص: 32): «وسجود على جبهته -أي من فرائض الصلاة
…
وسن على أطراف قدميه، وركبتيه، كيديه على الأصح».
وقال خليل في شرحه، فقال في التوضيح (1/ 359):«كون السجود عليهما سنة ليس بالصريح في المذهب. قال ابن القصار: الذي يقوى في نفسي أنه سنة في المذهب، وإليه أشار بقوله: فيما يظهر أي من المذهب» .
وهل السجود على اليدين والركبتين وأطراف القدمين سنة في كل سجدة، أو سنة في المجموع، قولان في مذهب المالكية، ويترتب على الخلاف، وجوب السهو لترك السنة، ولا يجب في ترك بعضها كما لو ترك السجود على إحدى القدمين أو إحدى الركبتين، وينزل الخلاف في المذهب في بطلان الصلاة بترك السنة، لا في ترك بعضها.
وانظر: مواهب الجليل (1/ 521)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 240)، عقد الجواهر الثمينة (1/ 105)، شرح التلقين (2/ 528)، منح الجليل (1/ 250)، الذخيرة =
قال الشيرازي في المهذب: «وأما السجود على اليدين والركبتين والقدمين ففيه قولان أشهرهما: أنه لا يجب»
(1)
.
وقيل: السجود عليها فرض، اختاره زفر من الحنفية، وهو أحد القولين عند المالكية، وأحد القولين في مذهب الشافعية، قال النووي: وهذا هو الأصح، والراجح في الدليل، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(2)
.
وقيل: يجب السجود على اليدين، وهو قول في مقابل الأصح عند المالكية
(3)
.
وقال الحنفية: السجود على اليدين والركبتين سنة، وأما القدمان، ففيهما ثلاث روايات:
الأولى: أن السجود عليهما معًا فرض فإن رفعهما أو إحداهما لم يصح؛ لأن
= (2/ 194)، شرح الزرقاني على خليل (1/ 355)، لوامع الدرر في هتك أستار المختصر (2/ 87)، والتاج والإكليل (2/ 218).
وانظر في مذهب الشافعية: الأم (1/ 137)، الحاوي الكبير (2/ 126)، المجموع (3/ 422، 424، 428)، فتح العزيز (3/ 451، 454، 455)، روضة الطالبين (1/ 256)،.
المجموع (3/ 424)، فتح العزيز (3/ 455)، روضة الطالبين (1/ 256).
(1)
. المهذب (3/ 426).
(2)
. جامع الأمهات (ص: 97)، التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 359)، حاشية الدسوقي (1/ 240)، المذهب في ضبط مسائل المذهب (1/ 256).
وفي شرح ابن ناجي التنوخي على الرسالة (1/ 146): ظاهر كلام اللخمي وغيره أن ذلك واجب، وقول ابن العربي: أجمعوا على وجوب السجود على السبعة الأعضاء قصور».
وانظر: مواهب الجليل (1/ 521)، المهذب (1/ 145)، المجموع (3/ 427، 428)، منهاج الطالبين (ص: 27)، تحفة المحتاج (2/ 71)، مغني المحتاج (1/ 372)، نهاية المحتاج (1/ 511)، شرح منتهى الإرادات (1/ 179)، الإقناع (1/ 121)، الكافي (1/ 252)، كشاف القناع (1/ 351)، مسائل حرب الكرماني، تحقيق الغامدي (ص: 171)، المغني (1/ 370)، الفروع (2/ 200)، المبدع (1/ 400)، الإنصاف (2/ 67).
(3)
. القوانين الفقهية (ص: 46)، مواهب الجليل (1/ 521)، شرح الخرشي (1/ 272).
وقال خليل في التوضيح (1/ 359): «يتخرج في وجوب السجود على اليدين قولان من القولين اللذين ذكرهما سحنون في بطلان صلاة من لم يرفعهما من الأرض، فعلى البطلان يكون السجود عليهما واجبًا، وإلا فلا» . وانظر: حاشية الدسوقي (1/ 240).
السجود مع رفعهما بالتلاعب أشبه منه بالتعظيم والإجلال، وهو موافق لمذهب الحنابلة.
الرواية الثانية: الفرض وضع إحدى القدمين، كما لو قام على قدم واحدة في الصلاة صح قيامه، فكذلك سجوده.
الرواية الثالثة: عدم الفرضية، وظاهره أن وضعهما سنة كاليدين، ورجحه التُّمُرْتَاشِيُّ والبابرتي، وهو موافق لمذهب الجمهور
(1)
.
فخلصت الأقوال إلى أربعة أقوال:
السجود عليها سنة، وقيل: فرض، وقيل: يجب السجود على اليدين فقط، وقيل: السجود على إحدى القدمين فرض.
• دليل من قال: السجود عليها سنة:
الدليل الأول:
(ح-1820) ما رواه مسلم من طريق الماجشون، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع،
عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين
…
وإذا سجد، قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين .... الحديث
(2)
.
وجه الاستدلال:
قوله صلى الله عليه وسلم: (سجد وجهي) فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر غير الوجه، فدل على أنه هو المقصود بالسجود، وبه يسمى ساجدًا، فلو وضع على الأرض يديه وركبتيه وقدميه ولم يضع وجهه لم يُسَمَّ ساجدًا، بخلاف ما إذا سجد وجهه، فدل على أن غيره من الأعضاء تبع للوجه.
(1)
. حاشية ابن عابدين (1/ 499)، البحر الرائق (1/ 336)، العناية شرح الهداية (1/ 305).
(2)
. مسلم (201 - 771).
• ونوقش من أكثر من وجه:
الوجه الأول:
أن الوجه يطلق ويراد به الذات، قال تعالى:{فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [الرحمن: 27]. وقال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَاّ وَجْهَهُ} [القصص: 88].
وقال تعالى: {فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [آل عمران: 20].
فلو كان المراد به هو الوجه الاصطلاحي لما أضاف السمع إلى الوجه، في قوله:(وشق سمعه) فإن السمع من الرأس، ولو كان من الوجه لوجب غسل الأذنين.
وقد يقال: لما ذكر السمع والبصر دل على أن المقصود بالوجه حقيقته، وليس الذات، والله أعلم.
الوجه الثاني:
منطوق حديث عليٍّ رضي الله عنه: أن الوجه يسجد، ومفهومه أن غير الوجه لا يسجد.
وحديث ابن عباس رضي الله عنهما: منطوقه: أمرت بالسجود على سبعة أعضاء.
ومن شروط الاستدلال بالمفهوم ألا يعارض منطوقًا، فإن عارض منطوقًا لم يكن حجة بإجماع الأصوليين، فكيف يقدم مفهوم حديث عليٍّ على منطوق حديث ابن عباس رضي الله عن الجميع.
الوجه الثالث:
لا يلزم من إضافة السجود إلى الوجه انحصار السجود فيه، فتخصيص الوجه بالذكر لكون الوجه أشرف وأعظم مافيه الإنسان.
الدليل الثاني:
(ح-1821) ما رواه أحمد، قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن صالح مولى التوأمة، قال:
سمعت ابن عباس، يقول: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من أمر الصلاة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلل أصابع يديك ورجليك -يعني إسباغ الوضوء- وكان فيما قال له: إذا ركعت، فضع كفيك على ركبتيك حتى تطمئن -وقال الهاشمي مرة: حتى تطمئنا- وإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض، حتى
تجد حجم الأرض
(1)
.
[معلول]
(2)
.
الدليل الثالث:
(ح-1822) ما رواه أبو داود من طريق همام، حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه،
عن عمه رفاعة بن رافع، في قصة الرجل المسيء صلاته، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله
…
وذكر له صفة الوضوء، وكان مما قال له:
…
ثم يكبر فيسجد فيمكن وجهه - قال همام: وربما قال: جبهته من الأرض- حتى تطمئن مفاصله وتسترخي وفي آخره قال: لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك
(3)
.
[حسن في الجملة إلا حروفًا انفرد بها واختلف في ذكرها على راوي الحديث علي بن يحيى بن خلاد، ومنه لفظ (فيمكن جبهته من الأرض) فإنه حرف شاذ]
(4)
.
الدليل الرابع:
(ح-1823) ما رواه عبد الرزاق، عن ابن مجاهد، عن أبيه،
عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: إذا قمت إلى الصلاة فركعت فضع يديك على ركبتيك، وافرج بين أصابعك، ثم ارفع رأسك حتى يرجع كل عضو إلى مفصله، وإذا سجدت فأمكن جبينك من الأرض ولا تنقر
(5)
.
[ضعيف].
وجه الاستدلال من هذه الأحاديث الثلاثة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض، فأفرد الجبهة بالذكر،
(1)
. المسند (1/ 287).
(2)
. سبق تخريجه، انظر (ح 1654).
(3)
. سنن أبي داود (858).
(4)
. سبق تخريجه، انظر ح (1187).
(5)
. المصنف (2859، 8830).
فدل على مخالفتها لغيرها في الحكم.
• ويجاب عن الاستدلال بهذا الأحاديث الثلاثة:
الجواب الأول:
أن هذه الأحاديث ضعيفة.
الجواب الثاني:
أن المراد بتمكين الجبهة إشارة إلى الاطمئنان بالسجود، ولذلك قابله بالنقر في حديث ابن عمر:(فأمكن جبينك من الأرض ولا تنقر)، فأمره بتمكين الجبهة، ونهاه عن النقر.
وقال في حديث رفاعة في قصة المسيء: (ثم يسجد فيمكن جبهته من الأرض حتى تطمئن مفاصله)، فالغاية من التمكين تحصيل الطمأنينة، كقوله في حديث أبي هريرة المتفق عليه (ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا) فإذا لم يمكن جبهته لم تطمئن مفاصله، ولذلك قال في رواية محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع عند أبي داود وغيره:(إذا سجدت فمكن لسجودك)، فذكر التمكين للسجود وأطلق، فلم يخص به عضوًا دون غيره، ففهم منه العموم، وأن المراد من التمكين الطمأنينة، وذكر الجبهة في بعض ألفاظه لا يقتضي التخصيص، كما هو معلوم من القاعدة الأصولية التي تقرر: أن ذكر فرد من أفراد العموم بحكم يوافق العموم لا يقتضي التخصيص كقوله تعالى: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، فذكر الوسطى لا يخصص العام.
الجواب الثالث:
سلمنا أن هذا الأمر يدل على وجوب السجود على الجبهة، فأين الدليل على سقوط السجود عن الأعضاء الباقية، فالاستدلال بهذه الأحاديث على عدم وجوب السجود على اليدين والركبتين والقدمين استدلال بالمفهوم، والاستدلال بحديث ابن عباس استدلال بالمنطوق، ولا حجة بالمفهوم إذا عارض المنطوق كما بينت في الجواب على الدليل الأول.
قال ابن دقيق العيد: «استدل لعدم الوجوب بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث رفاعة (ثم يسجد فيمكن جبهته) وهذا غايته: أن تكون دلالته دلالة مفهوم وهو مفهوم لقب،
أو غاية. والمنطوق الدال على وجوب السجود على هذه الأعضاء مقدم عليه»
(1)
.
الدليل الخامس:
(ح-1824) ما رواه مسلم من طريق بكير، أن كريبًا مولى ابن عباس حدثه،
عن عبد الله بن عباس أنه رأى عبدالله بن الحارث يصلي، ورأسه معقوص من ورائه، فقام، فجعل يحله، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس، فقال: مالك، ورأسي؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما مثل هذا مثل الذي يصلي، وهو مكتوف
(2)
.
وجه الاستدلال:
أجمع العلماء على أن المصلي لو صلى وشعره معقوص فصلاته صحيحة، فكذلك المكتوف، وهو يدل على أن السجود على غير الجبهة ليس بواجب.
الدليل السادس:
لو وجب السجود على غير الجبهة لوجب الإيماء بها عند العجز عن وضعها على الأرض كما وجب الإيماء بالرأس عند العجز عن السجود على الوجه، وإذا كان الإيماء بها لا يجب فلا يجب وضعها، وأما أمره صلى الله عليه وسلم بالسجود على الأعضاء السبعة فلا يمتنع أن يؤمر بفعل الشيء ويكون بعضه مفروضًا، وبعضه مسنونًا، ولا يكون وجوب بعضه دليلًا على وجوب باقيه.
• ويناقش:
الاستدلال بعدم الوجوب بالقول بأنه إذا عجز عن السجود على الوجه سقط السجود على بقية الأعضاء، فيه خلاف بين الفقهاء، فلا يصح الإلزام، وسوف يأتينا البحث فيه في مسألة مستقلة إن شاء الله تعالى.
الدليل السابع:
إن مسمى السجود يحصل بوضع الجبهة، وهو المقصود منه بحيث يضع أشرف الأعضاء على الأرض تعبدًا وخضوعًا لله.
(1)
. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 239).
(2)
. صحيح مسلم (232 - 492).
• ويناقش:
بأن حديث ابن عباس دل على إثبات زيادة على المسمى، وكون الجبهة أشرف الأعضاء، ومقصودة بالسجود لا يعني عدم وجوب السجود على بقية الأعضاء، فهذه العلة المستنبطة التي ذكرت لا تكفي لصرف الأمر الوارد في حديث ابن عباس من الوجوب إلى الاستحباب، كيف وقد جمع الأمر الشرعي بين الجبهة وبين بقية الأعضاء بالسجود عليها، فإذا أفاد حديث ابن عباس وجوب السجود على الجبهة فإنه يفيد بالدرجة نفسها وجوب السجود على بقية الأعضاء المذكورة معها، وإلا كان هذا تفريقًا في دلالة نص واحد بلا دليل من الشرع.
• دليل من قال: يجب السجود على اليدين والركبتين والقدمين:
(ح-1825) روى البخاري من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاوس،
عن ابن عباس، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكف شعرًا ولا ثوبًا: الجبهة، واليدين، والركبتين، والرجلين
(1)
.
ورواه مسلم من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن طاوس،
عن ابن عباس، قال: أُمِرَ النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظم، ونُهِيَ أن يكف شعره وثيابه، الكفين والركبتين والقدمين والجبهة
(2)
.
فهذا حديث في غاية الصحة، اتفق عليه الشيخان، والأمر للنبي صلى الله عليه وسلم أمر لأمته إلا بدليل، ونص في محل النزاع، لا يمكن دفعه، لا فرق فيه بين الجبهة وسائر الأعضاء، وإذا ورد النص بطل النظر إلا في فهمه والقياس عليه.
• دليل من قال: يجب السجود على اليدين دون الركبتين والقدمين:
الدليل الأول:
(ح-1826) ما رواه مسلم من طريق عبيد الله بن إياد، عن إياد، عن البراء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك
(3)
(1)
. صحيح البخاري (809).
(2)
. صحيح مسلم (227 - 490).
(3)
. صحيح مسلم (234 - 494).
وردَّ: بأن اليد فرد من أفراد العام، وذكرها في حكم يوافق العام لا يقتضي تخصيصًا.
الدليل الثاني:
(ح-1827) ما رواه أحمد، قال: حدثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب، عن نافع،
عن ابن عمر، رفعه قال: إن اليدين تسجدان، كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه، فليضع يديه، وإذا رفعه، فليرفعهما
(1)
.
[رفعه شاذ، والمحفوظ وقفه على ابن عمر]
(2)
.
وجه الاستدلال:
أن الحديث لم يذكر في السجود مع الوجه إلا اليدين، فدل على وجوب
(1)
. المسند (2/ 6).
(2)
. رواه أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، واختلف فيه على أيوب:
فروه ابن علية كما في مسند أحمد (2/ 6)، وسنن أبي داود (892)، والنسائي في المجتبى (1092)، وفي الكبرى (683)، وابن خزيمة (630)، ومستخرج الطوسي (120 - 252)، ومسند السراج (339)، ومستدرك الحاكم (823)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 145)،
ووهيب بن خالد كما في المنتقى لابن الجارود (201)، ومسند السراج (338)، كلاهما عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا.
وخالفهما حماد بن زيد كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 144)، فرواه عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: إذا سجد أحدكم فليضع يديه، فإذا رفع فليرفعهما، فإن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه. موقوفًا على ابن عمر.
تابع أيوب على رفعه ابن أبي ليلى كما في الأوسط للطبراني (636) فرواه عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سجدت فضع كفيك على الأرض؛ فإن الكفين يسجدان كما يسجد الوجه.
وابن أبي ليلى سيئ الحفظ.
وخالفهم في نافع كل من:
عبيد الله بن عمر كما في مصنف ابن أبي شيبة (2713)،
ومالك في الموطأ (1/ 231)، ومن طريقه البيهقي (2/ 154).
وابن جريج كما في مصنف عبد الرزاق (2934).
وعبد الله بن عمر العمري (فيه ضعف) كما في المصنف (2935)، أربعتهم رووه عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا.
فعبيد الله بن نافع، ومالك من أثبت أصحاب نافع، وتابعهم ابن جريج فتبين شذوذ رواية أيوب من رواية ابن علية ووهيب عنه.
السجود عليهما مع الوجه.
• ويناقش من وجهين:
الوجه الأول:
أن الأثر المحفوظ موقوف على ابن عمر، فلا يعارض به حديث ابن عباس المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني:
أن الحديث غايته أنه يثبت السجود لليدين، وهذا لا يقتضي تخصيصًا؛ لأن ذكر فرد من أفراد العموم يوافق العام في حكمه لا يقتضي تخصيصًا؛ فاليدان فرد من أفراد العموم في حديث ابن عباس.
• دليل من قال: يكفي السجود على أحد القدمين:
هذا القول قاسه على قيام الرجل في الصلاة على إحدى القدمين، فإذا كان ركن القيام يحصل بإحدى القدمين، فكذلك ركن السجود يحصل بالسجود على إحدى القدمين.
ولا أدري هذا القياس، أهو من قياس العلة، فلا أذكر علة منصوصة ولا مستنبطة في تخصيص هذه الأعضاء دون غيرها، أم هو من قياس الشبه، وذلك أضعف أنواع القياس وجمهور الأصوليين على عدم الاحتجاج به.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود على سبعة أعضاء، والتفريق بين القدمين والركبتين واليدين مخالف للسنة، فما جمع بينها في الأمر لا يفرق بينها في الحكم.
* * *