المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع حكم التسميع والتحميد للمأموم - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ٤

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث السادس أقل الكمال في التسبيح

- ‌المبحث السابع كراهة قراءة القرآن في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثامن حكم الدعاء في الركوع والسجود

- ‌الباب الثامن في أحكام الرفع من الركوع

- ‌الفصل الأول حكم الرفع من الركوع والسجود

- ‌الفصل الثاني في مشروعية التسميع والتحميد

- ‌المبحث الأول في وقت ابتداء التسميع والتحميد

- ‌المبحث الثاني في مشروعية التسميع للإمام

- ‌المبحث الثالث حكم التحميد للإمام

- ‌المبحث الرابع حكم التسميع والتحميد للمأموم

- ‌المبحث الخامس حكم التسميع والتحميد للمنفرد

- ‌الفصل الثالث في رفع اليدين للرفع من الركوع

- ‌المبحث الأول في مشروعية الرفع

- ‌المبحث الثاني في صفة رفع اليدين

- ‌المبحث الثالث في منتهى رفع اليدين

- ‌الباب التاسع أحكام الاعتدال في الصلاة

- ‌الفصل الأول في حكم الاعتدال من الركوع والسجود

- ‌الفصل الثاني في حكم الزياده على التسميع والتحميد

- ‌الفصل الثالث في قبض اليسرى باليمنى بعد الرفع من الركوع

- ‌الفصل الرابع في صيغ التحميد المشروعه

- ‌الفصل الخامس في تطويل مقدار الاعتدال من الركوع

- ‌الباب العشر في أحكام السجود

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول في تعريف السجود

- ‌المبحث الثاني في مقام السجود من العبادة

- ‌الفرع الأول في فضل السجود

- ‌الفرع الثاني في تفضيل كثرة السجود على طول القيام

- ‌الفصل الأول في حكم السجود

- ‌الفصل الثاني في صفة السجود

- ‌المبحث الأول في صفة التجزئة

- ‌الفرع الأول في وجوب الطمأنينة في السجود

- ‌الفرع الثاني في الأعضاء التي يجب السجود عليها

- ‌المسألة الأولى في حكم السجود على الجبهة

- ‌المسألة الثانية حكم السجود على الأنف

- ‌المسألة الثالثة حكم السجود على الكفين والركبتين والقدمين

- ‌المسألة الرابعة في حكم رفع الذراعين عن الأرض في السجود

- ‌المبحث الثاني في صفة السجود الكاملة

- ‌الفرع الأول في السنن القولية

- ‌المسألة الأولى في مشروعية التكبير للسجود

- ‌المسألة الثانية في صفة التكبير للسجود

- ‌المسألة الثالثة في حكم التسبيح في السجود

- ‌مطلبفي بعض أذكار السجود الواردة في الصلاة

- ‌الفرع الثاني في سنن السجود الفعلية

- ‌المسألة الأولى في صفة الهوي للسجود

- ‌المسألة الثانية في رفع الأيدي إذا كبر للسجود أو رفع منه

- ‌المسألة الثالثة السنة في موضع الكفين حال السجود

- ‌المسألة الرابعة في استحباب ضم أصابع يديه في السجود وتوجهها إلى القبلة

- ‌المسألة الخامسة في الهيئة المستحبة في سجود القدمين

- ‌المسألة السادسة في استحباب المجافاة في السجود

- ‌المطلب الأول في استحباب مجافاة العضدين عن الجنبين

- ‌المطلب الثاني في استحباب مجافاة الفخذين عن البطن

- ‌المطلب الثالث في مجافاة المرأة

- ‌المطلب الرابع في المجافاة بين الفخذين وكذا الركبتين

- ‌المطلب الخامس في المجافاة بين القدمين

- ‌الفصل الثالث في تعذر السجود على أحد الأعضاء السبعة

- ‌المبحث الأول إذا قدر على السجود بالوجه وعجز عن الباقي

- ‌المبحث الثاني إذا تعذر السجود بالجبهة وقدر على الباقي

- ‌المبحث الثالث إذا تعذر السجود بالجبهة والأنف وقدر على الباقي

- ‌الفصل الرابع في السجود على الحائل

- ‌المبحث الأول في السجود على حائل منفصل عن المصلى

- ‌المبحث الثاني في السجود على حائل متصل بالمصلي

- ‌الفرع الأول في السجود على عضو من أعضاء المصلي

- ‌الفرع الثاني في السجود على حائل متصل ليس من أعضاء المصلي

- ‌المسألة الأولى في مباشرة الأرض بالقدمين والركبتين في السجود

- ‌المسألة الثانية في مباشرة الأرض باليدين حال السجود

- ‌المسألة الثالثة في مباشرة الأرض بالجبهة حال السجود

- ‌الباب الحادي عشر في الرفع من السجود

- ‌الفصل الأول في مشروعية التكبير للرفع من السجود

- ‌الفصل الثاني في وقت ابتداء التكبير للرفع من السجود

- ‌الفصل الثالث في رفع اليدين مع الرفع من السجود

- ‌الفصل الرابع في حكم الرفع من السجود

- ‌الباب الثاني عشر في الاعتدال من السجود

- ‌الفصل الأول في ركنية الجلوس بين السجدتين

- ‌الفصل الثاني في صفة الجلوس في الصلاة

- ‌الفصل الثالث في النهي عن الإقعاء في الصلاة

- ‌الفصل الرابع في مشروعية الذكر بين السجدتين وفي حكمه وصيغته

- ‌الفصل الخامس صفة وضع اليدين إذا جلس بين السجدتين

- ‌الفصل السادس في وجوب السجده الثانية في الصلاة

- ‌الباب الثالث عشر في النهوض للركعة الثانية

- ‌الفصل الأول في مشروعية جلسة الاستراحة قبل القيام

- ‌الفصل الثاني في صفة النهوض إلى الركعة الثانية

- ‌الباب الرابع عشر في الفروق بين الركعة الأولى وسائر الركعات

- ‌الفصل الأول في تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الثاني لا يشرع الاستفتاح في الركعة الثانية

- ‌الفصل الثالث لا يستعيذ في الركعة الثانية إذا استعاذ في الركعة الأولى

- ‌الفصل الرابع لا يجدد النية للركعة الثانية

- ‌الفصل الخامس في أطالة الركعة الأولى على سائر الركعات

- ‌الباب الخامس عشر في الأحكام الخاصة بالتشهد

- ‌الفصل الأول في حكم التشهد الأول والجلوس له

- ‌الفصل الثاني حكم التشهد الأخير

- ‌الفصل الثالث في ألفاظ التشهد

- ‌الفصل الرابع في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد

- ‌المبحث الأول في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول

- ‌المبحث الثاني في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الثاني

- ‌الفصل الخامس في صفة الكفين في التشهد

- ‌الفصل السادس في تحريك السبابة بالتشهد

- ‌الفصل السابع الدعاء في التشهد

- ‌المبحث الأول في التعوذ بالله من أربع

- ‌المبحث الثاني في صفة الدعاء في الصلاة

- ‌الباب السادس عشر التسليم في الصلاة

- ‌الفصل الأول حكم التسليم

- ‌الفصل الثاني في حكم زيادة (ورحمة الله) في التسليم

الفصل: ‌المبحث الرابع حكم التسميع والتحميد للمأموم

‌المبحث الرابع حكم التسميع والتحميد للمأموم

المدخل إلى المسألة:

• لا يختلف العلماء في مشروعية التسميع للإمام والتحميد للمأموم.

• قال صلى الله عليه وسلم: إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، دل الحديث بالمنطوق أن تحميد المأموم عقب تسميع الإمام مباشرة بلا فاصل، وَدَلَّ بالالتزام أن التسميع لا يشرع في حق المأموم.

• قول الإمام: سمع الله لمن حمده إخبار عن إجابة الدعاء في أحد القولين، وقول الإمام والمأموم: ربنا ولك الحمد عقبه شكر لله عز وجل على ذلك، وإخبار المأموم بالتسميع بعد إخبار الإمام لا معنى له.

• ذكر الرفع من الركوع في حق الإمام سمع الله لمن حمده، وفي حق المأموم ربنا ولك الحمد، والانتقال من ركن إلى آخر إنما يُسَنُّ له ذكرٌ واحدٌ لا ذكران كسائر أذكار الانتقال.

• عَلَّمَ النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي الصلاة، ولم يعلمه تكبيرات الانتقال، ولا التسميع والتحميد، ولو كان واجبًا لعلمه إياه.

• إذا لم يجب التسميع على الإمام على الصحيح، وقد سبق بحثه، لم يجب التحميد على المأموم؛ لأنه فرع عنه.

[م-640] لم أقف على خلاف للعلماء في أن المأموم يشرع له التحميد، على خلاف بينهم في حكمه، فقيل: سنة، وقيل: واجب، وقيل: فرض. على الخلاف في حكم التسميع والتحميد وتكبيرات الانتقال وقد سبق تحرير الخلاف فيها، والأدلة واحدة، والراجح أن التحميد سنة.

ص: 81

[م-641] واختلفوا في حكم التسميع للمأموم:

فقيل: لا يشرع التسميع، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة، على خلاف بينهم في حكمه:

فقال الحنفية: لا يجوز.

وقال بعض المالكية: يكره

(1)

.

قال في الفروع: «المأموم يحمد فقط (وهـ م)»

(2)

: أي وفاقًا لأبي حنيفة ومالك.

وقيل: يشرع له التسميع: وهو مذهب الشافعية، ورواية عن أبي حنيفة، ورواية عن أحمد، ورجحه من المالكية عيسى بن دينار، وابن نافع، وبه قال عطاء وابن سيرين، وأبو بردة ابن أبي موسى الأشعري، وإسحاق

(3)

،

على خلاف بينهم في حكمه:

(1)

. الأصل للشيباني (1/ 5)، فتح القدير (1/ 298)، المبسوط (1/ 20)، الهداية شرح البداية (1/ 50)، تبيين الحقائق (1/ 115)، العناية شرح الهداية (1/ 298)، الجوهرة النيرة (1/ 53)، البحر الرائق (1/ 334)، حاشية ابن عابدين (1/ 497)، بدائع الصنائع (1/ 209)، الرسالة للقيرواني (ص: 27)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 248)، التاج والإكليل (2/ 242)، شرح الخرشي (1/ 281)، الفواكه الدواني (1/ 204)، شرح الزرقاني على خليل (1/ 372)، شرح التلقين (2/ 585، 586)، الكافي لابن عبد البر (1/ 207)، مقدمات ابن رشد (1/ 164)، جامع الأمهات (ص: 97)، القوانين الفقهية (ص: 45)، مسائل أحمد رواية أبي داود (ص: 51)، مسائل أحمد رواية أبي الفضل (3/ 239)، مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (2/ 578)، مختصر الخرقي (ص: 22)، الهداية على مذهب أحمد (ص: 83)، الفروع (2/ 198)، الإنصاف (2/ 64)، المبدع (1/ 398)، الإقناع (1/ 120)، شرح منتهى الإرادات (1/ 195، 218).

(2)

. الفروع (2/ 198).

(3)

. قال ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 334): «حكاه الأقطع رواية عن أبي حنيفة، وهو غريب فإن صاحب الذخيرة نقل أنه لا يأتي بالتسميع بلا خلاف بين أصحابنا» . وانظر: النهر الفائق (1/ 215).

وانظر قول عيسى بن دينار وابن نافع في المنتقى لأبي الوليد الباجي (1/ 164)، شرح التقلين للمازري (2/ 587).

وانظر في مذهب الشافعية: الأم (1/ 132)، الوسيط (2/ 129)، فتح العزيز (3/ 399)، المجموع (3/ 417)، روضة الطالبين (1/ 252)، تحفة المحتاج (2/ 63)، مغني المحتاج (1/ 367)، نهاية المحتاج (1/ 501)، شرح مشكل الوسيط (2/ 121). وانظر رواية الإمام أحمد في الفروع (2/ 198)، الإنصاف (2/ 64).

وقد نقل الجمع بين التسميع والتحميد للمأموم عن جماعة من التابعين وإسحاق كل من:

ابن رجب في فتح الباري (7/ 193)، والبيهقي في معرفة السنن (3/ 12)، وفي السنن الكبرى تحقيق فضيلة الشيخ عبد الله التركي (3/ 540)، والعراقي في طرح التثريب (1/ 303)، وابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح (7/ 174).

ص: 82

فقيل: سنة، وهو مذهب الشافعية.

وقيل: واجب، كما في قول إسحاق.

وقيل: فرض، كما في قول ابن حزم، على الخلاف في حكم التسميع والتحميد وتكبيرات الانتقال وقد سبق تحرير الخلاف فيها.

قال ابن قدامة: «لا أعلم في المذهب خلافًا أنه لا يشرع للمأموم قول: (سمع الله لمن حمده)

وقال ابن سيرين، وأبو بردة، وأبو يوسف، ومحمد، والشافعي، وإسحاق: يقول ذلك كالإمام»

(1)

.

وقال مالك: في مختصر ما ليس في المختصر: «للمأموم أن يجمع بينهما» ، نقل ذلك ابن الملقن في شرحه لعمدة الأحكام

(2)

.

وجاء في المحلى: «وقول (سمع الله لمن حمده) عند القيام من الركوع فرض على كل مُصَلٍّ، من إمامٍ، أو منفردٍ، أو مأموم، لا تجزئ الصلاة إلا به»

(3)

.

على ما سبق تحريره في حكم التسميع، والله أعلم.

• دليل من قال: لا يشرع له التسميع:

الدليل الأول:

(ح-1737) ما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،

عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك

(1)

. المغني (1/ 367).

(2)

. الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 560).

(3)

. المحلى بالآثار (2/ 286).

ص: 83

الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون

(1)

.

ورواه الشيخان من طريق مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة

(2)

.

ورواه البخاري من طريق معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة

(3)

.

ورواه مسلم من طريق شعبة، عن يعلى هو ابن عطاء، سمع أبا علقمة سمع أبا هريرة بنحوه

(4)

.

ورواه مسلم من طريق ابن وهب، عن حيوة، أن أبا يونس مولى أبي هريرة، حدثه، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله

(5)

.

وفي الباب حديث أنس في الصحيحين

(6)

.

وحديث أبي موسى الأشعري في مسلم

(7)

.

• ونوقش من وجهين:

الوجه الأول:

أن الحديث ليس فيه حصرٌ، وغايةُ ما في الحديث السكوتُ عن إتيان المأموم بالتسميع، والإمام بالتحميد، فإذا كان لا ينفي تحميد الإمام، فلا ينفي تسميع المأموم.

(1)

. صحيح البخاري (734)، وصحيح مسلم (86 - 414).

(2)

. صحيح البخاري (796، 3228)، وصحيح مسلم (71 - 409).

ورواه مسلم (87 - 415) عن لأعمش، عن أبي صالح به.

(3)

. صحيح البخاري (722).

(4)

. صحيح مسلم (88 - 416).

(5)

. صحيح مسلم (89 - 417).

(6)

. رواه البخاري (689)، ومسلم (80 - 411) من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن أنس مرفوعًا.

وقد رواه البخاري (733)، ومسلم (78 - 411) من طريق الليث،

والبخاري (805، 1114)، ومسلم (77 - 411) من طريق ابن عيينة.

ورواه البخاري (732، 734) من طريق شعيب،

ورواه مسلم (79 - 411) من طريق يونس،

ورواه أيضًا (81 - 411) من طريق معمر، كلهم (الليث، وابن عيينة، وشعيب، ويونس) عن ابن شهاب به.

(7)

. صحيح مسلم (62 - 404) من طريق قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن أبي موسى.

ص: 84

الوجه الثاني:

أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمهم التسميع لعلمهم به فكان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر به، وكان الصحابة يتابعونه فلم يحتج إلى التنبيه عليه بخلاف (ربنا ولك الحمد) فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجهر به، فاقتصر إخبارهم بما يتوقع أنهم كانوا يجهلونه لهذا أعلمهم به، فيكون معنى الحديث: فقولوا: ربنا ولك الحمد: أي مع ما قد علمتموه من قول: سمع الله لمن حمده

(1)

.

• ورد هذا النقاش:

بأن الفاء في قوله: (إذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد) تأتي في اللغة للترتيب والتعقيب، كما في قوله:(إذا كبر فكبروا) فكان مقتضى الحديث أن المأموم يقول: (ربنا ولك الحمد) عقب قول الإمام (سمع الله لمن حمده) بلا فصل، فيفهم منه أن المؤتم لا يقول إلا ذلك، بخلاف الإمام فإنه ليس في الحديث ما يمنع مشروعية التحميد له بدليل آخر، والله أعلم.

• دليل من قال: يجمع المأموم بين التسميع والتحميد:

(ح-1738) ما رواه البخاري ومسلم من طريق عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث،

أنه سمع أبا هريرة، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا لك الحمد .... ورواه مسلم

(2)

.

وفي الباب حديث ابن عمر في البخاري

(3)

.

وحديث عائشة فيه أيضًا

(4)

، وحديث حذيفة في مسلم

(5)

،

وحديث ابن أبي

(1)

. انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 560).

(2)

. صحيح البخاري (789)، وصحيح مسلم (29 - 392).

(3)

. صحيح البخاري (735).

(4)

. صحيح البخاري (1065).

(5)

. رواه مسلم (203 - 772) من طريق جرير، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد ابن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة .... وفيه: ثم ركع، فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد

الحديث.

وقد رواه مسلم من طريق عبد الله بن نمير، وأبي معاوية، عن الأعمش به، وليس فيه زيادة (ربنا لك الحمد).

ص: 85

أوفى في مسلم

(1)

، وحديث علي بن أبي طالب في مسلم

(2)

، وحديث أبي سعيد الخدري في مسلم

(3)

.

وإذا ثبت بهذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين التسميع والتحميد،

(ح-1739) فقد روى البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، قال:

حدثنا مالك، قال: أتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين يومًا وليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمًا رفيقًا، فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا -أو قد اشتقنا- سَأَلَنَا عمن تركنا بعدنا، فأخبرناه، قال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم. زاد البخاري: وصلوا كما رأيتموني أصلي

الحديث

(4)

.

ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه طيلة العشرين يومًا فيجمع بين التسميع والتحميد، ولئن كان المخاطب بقوله:(صلوا كما رأيتموني أصلي) هو مالك بن الحويرث ورفقته في أصل التشريع، فإن الأمة تدخل معه تبعًا باعتبار عموم أحكام الشريعة، والأمر لهم بالصلاة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مطلق، يشمل الإمام، والمأموم والمنفرد، فلزم من الخطاب أن المصلي يجمع بين التسميع والتحميد.

(1)

. رواه مسلم (202 - 476) من طريق أبي معاوية ووكيع، عن الأعمش، عن عبيد بن الحسن، عن ابن أبي أوفى.

(2)

. رواه مسلم (202 - 771) من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عمه الماجشون ابن أبي سلمة، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب.

(3)

. رواه مسلم (205 - 477) من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد: اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.

(4)

. صحيح البخاري (631)، وصحيح مسلم (292).

ص: 86

• ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

أن هذا العموم أو الإطلاق الذي في حديث مالك بن الحويرث مخصوص ومقيد بالأحاديث الأخرى التي رواها أبو هريرة وأنس وأبو موسى، وغيرهم وقد ذكرتها في أدلة القول الأول، والتي تقول:(إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد)، والخاص مقدم على العام؛ لأن العام دلالته على مسألة النزاع ظنية، والأحاديث الخاصة في موضع النزاع دلالتها على مسألة الخلاف قطعية، فلا يقدم العام على الخاص باتفاق جمهور أهل الأصول.

الوجه الثاني:

أن أذكار الصلاة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يجهر بها من التسبيح، والتحميد، والتشهد، لن يدركها مالك بن الحويرث ورفقته بمجرد الرؤية البصرية لأفعال صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فإما أن يكون مالك ورفقته لا يفعلونها، ويكتفون بالأفعال فقط التي وقع عليها بصرهم، ولا أظن ذلك، لأن ذلك نقص في صلاتهم، وصلاة من وراءهم ممن يتعلم منهم.

وإما أن يكونوا قد تعلموها عن طريق التفقه خارج الصلاة مدة إقامتهم والتي بلغت عشرين يومًا؛ وهذا هو الراجح، لأنه لا سبيل إلى الوقوف عليها من الرؤية البصرية لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكونه لا يجهر بها، كما أخذ الصحابة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية من اضطراب لحيته عليه الصلاة والسلام، فكذلك يقال: من جملة ما تعلموه خارج الصلاة: أن التسميع من الأحكام الخاصة بالإمام والمنفرد، وأن التحميد من الأفعال المشروعة للجميع، فيكون معنى قوله:(كما رأيتموني) رؤية بصرية فيما يدرك بالرؤية، ورؤية علمية فيما لم يدرك بالرؤية البصرية مما علموه من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مدة إقامتهم.

الدليل الثاني:

(ح-1740) ما رواه الدارقطني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد، حدثنا أبي حدثنا سعيد بن عثمان الخزاز، حدثنا

ص: 87

عمرو بن شمر، عن جابر، عن عبد الله بن بريدة،

عن أبيه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بريدة إذا رفعت رأسك من الركوع فقل: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت بعد.

ورواه الدارقطني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا علي بن سعيد، حدثنا علي بن الحسين بن عبيد بن كعب حدثنا، سعيد بن عثمان الخزاز به

(1)

.

[ضعيف جدًّا، قال الذهبي في التنقيح: رواه الدارقطني بسند ساقط]

(2)

.

وجه الاستدلال:

هذا الأمر مطلق، يشمل جميع أحوال الصلاة، ومنه حالة الاقتداء.

الدليل الثالث:

(ح-1741) ما رواه الدارقطني في سننه من طريق أبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو، حدثنا يحيى بن عمرو بن عمارة بن راشد أبو الخطاب، قال: سمعت عبد الرحمن ابن ثابت بن ثوبان، يقول: حدثني عبد الله بن الفضل، عن الأعرج،

عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فليقل من وراءه: سمع الله لمن حمده

(3)

.

[اضطرب فيه ابن ثوبان، وهو صدوق يخطئ].

فقد رواه الدارقطني من طريق يزيد بن محمد بن عبد الصمد، حدثنا يحيى بن عمرو بن عمارة به، بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فليقل من وراءه: اللهم ربنا ولك الحمد.

قال الدارقطني: هذا هو المحفوظ بهذا الإسناد

(4)

.

(ح-1742) وقد روى البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،

(1)

. سنن الدارقطني (1284)، ومن طريق الدارقطني رواه البيهقي في الخلافيات (1764).

(2)

. سبق تخريجه، انظر (ح 1735).

(3)

. سنن الدارقطني (1285)، ومن طريق الدارقطني رواه البيهقي في الخلافيات (1766).

(4)

. سنن الدارقطني (1286)، ومن طريق الدارقطني رواه البيهقي في الخلافيات (1767).

ص: 88

عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسًا أجمعون

(1)

.

هذا هو المحفوظ من حديث الأعرج، عن أبي هريرة، لا ما رواه ابن ثوبان، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة، واضطرب فيه، والله أعلم.

• الراجح:

أن السنة في حق المأموم التحميد، ولا يشرع له التسميع، والله أعلم.

* * *

(1)

. صحيح البخاري (734)، وصحيح مسلم (86 - 414).

ص: 89