الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع في المجافاة بين الفخذين وكذا الركبتين
المدخل إلى المسألة:
• المجافاة بين الفخذين لا يصح فيه حديث مرفوع.
• الأصل في المصلي فيما لم يرد فيه نص أن يكون على طبيعته، ولا ينتقل عنها إلا بدليل.
• أمرنا بالاعتدال في السجود، والاعتدال فيه أن يكون الفخذان وسطًا فلا يفرج بين فخذيه ولا يتكلف الضم.
[م-674] يلزم من المجافاة بين الفخذين أن يجافي بين الركبتين لأن الركبة في أسفل الفخذ.
استحب المالكية، والشافعية، والحنابلة للمصلي أن يفرق بين ركبتيه إذا سجد
(1)
.
واستدلوا على ذلك بحديثين:
الحديث الأول:
(ح-1876) ما رواه أبو داود في السنن من طريق بقية، حدثني عتبة يعني ابن أبي حكيم، حدثني عبد الله بن عيسى، عن العباس بن سهل الساعدي،
عن أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإذا سجد فرج بين
(1)
. التاج والإكليل (2/ 246)، شرح الخرشي (1/ 286)، الفواكه الدواني (1/ 182)، كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي (1/ 270)، الشامل في فقه الإمام مالك (1/ 109)، التوضيح لخليل (1/ 360)، عقد الجواهر لابن شاس (1/ 105)، فتح العزيز (3/ 471)، روضة الطالبين (1/ 259)، الوسيط (2/ 140)، تحفة المحتاج (2/ 76)، مغني المحتاج (1/ 375)، نهاية المحتاج (1/ 516)، شرح منتهى الإرادات (1/ 198)، كشاف القناع (1/ 353)، الهداية على مذهب أحمد (ص: 84)، الإقناع (1/ 121)، مطالب أولي النهى (1/ 453).
فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه
(1)
.
[انفرد عبد الله بن عيسى بقوله: (وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه) وهو حرف شاذ]
(2)
.
الحديث الثاني:
(ح-1877) ما رواه السراج في مسنده والبيهقي من طريق الحسين بن علي الصدائي، حدثني أبي علي بن يزيد، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق،
عن البراء، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع بسط ظهره، وإذا سجد وجه أصابعه قِبَل القبلة، فتَفاجَّ.
[ضعيف]
(3)
.
قال ابن الجوزي في غريب الحديث: تفاجت عليه أي فرجت رجليها للحلب
(4)
.
هذه هي الأحاديث الواردة في الباب، ولا يصح منها شيء.
(ح-1878) ويعارضهما ما رواه أبو داود من طريق ابن وهب، حدثنا الليث، عن دراج، عن ابن حجيرة،
عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا سجد أحدكم، فلا يفترش يديه افتراش الكلب، وليضم فخذيه
(5)
.
[غريب من حديث أبي هريرة، وفي إسناده دراج مختلف فيه]
(6)
.
(1)
. سنن أبي داود (735).
(2)
. سبق تخريجه، انظر (ح 1868)، وانظر أيضًا (ح 1748، 1851).
(3)
. رواه السراج في مسنده (352)، والبيهقي في السنن (2/ 162).
وسبق تخريجه (ص: 504).
(4)
. غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 176)، وانظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (3/ 412)، لسان العرب (2/ 339)، الغريبين في القرآن والحديث (5/ 1412).
(5)
. سنن أبي داود (901).
(6)
. الحديث لم يروه عن أبي هريرة إلا ابن حجيرة، تفرد به دراج.
وعبد الرحمن بن حجيرة ثقة، وله عن أبي هريرة ستة وعشرون حديثًا، أكثرها من رواية دراج بن سمعان عنه، عن أبي هريرة، إلا واحدًا من رواية عبد الله بن الوليد بن قيس المصري، وهو ضعيف، وآخر من رواية سعيد بن يزيد الثقة.
فأكثرها أحاديث غريبة الإسناد، ودراج بن سمعان، قد اختلفوا فيه، فوثقه بعضهم كابن معين، =
وجمع بعض العلماء بين حديث أبي حميد في التفريج بين الفخذين، وبين حديث أبي هريرة في ضمهما، فقال السهارنفوري: لا معارضة بينهما، فإن معنى قوله:(إذا سجد فرج بين فخذيه): أي باعد بين فخذيه وبين بطنه، ثم أكده بقوله:(غير حامل بطنه على شيء من فخذيه)»
(1)
.
ولا يعين عليه اللفظ، وكلا الحديثين من قبيل الضعيف، فلا يتكلف في الجمع بينهما.
وإذا لم يكن هناك سنة واضحة على الاستحباب فالأفضل أن تكون المسافة بينهما ما تقتضيه هيئة الساجد بلا تكلف، فلا يفرج بين فخذيه، ولا يتكلف ضمهما، إن كان ذهب إلى هذا أحد من السلف، والله أعلم.
* * *
= واعتمد ابن حبان والحاكم توثيق ابن معين فصححا له.
ومنهم من قال: أحاديثه مستقيمة إلا ما كان عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد كأبي داود.
وقال أحمد: دراج وحيي وزبان أحاديثهم مناكير. العلل (4482).
وقال النسائي: ليس بالقوي. الضعفاء (187).
وقال أبو حاتم الرازي: في حديثه صنعة. قال المعلمي اليماني: يعني: أنه يتصرف فيه، ولا يأتي به على الوجه.
وقال ابن عدي: عامة الأحاديث التي أمليتها عن دراج مما لا يتابع عليها.
وقال الدارقطني: متروك كما في سؤالات البرقاني (142).
وقال في أخرى: ضعيف حكاه الحاكم عنه (261).
ولم يتابع دراج بن سمعان على قوله: (وليضم فخذيه)، فلا يحتمل تفرده فهي زيادة منكرة.
وقد رواه أبو داود (901) من طريق ابن وهب،
رواه ابن عبد الحكم كما في فتوح مصر والمغرب (ص: 312)، وابن خزيمة (653)، وابن حبان (1917) عن عبد الله بن عبد الحكم،
وابن المنذر في الأوسط (3/ 172)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 166) من طريق أبي صالح كاتب الليث، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، عن دراج أبي السمح به.
قال ابن عبد الحكم كما في فتوح مصر: لم يرو الليث عن درّاج إلّا هذا الحديث. وكذا قال ابن حبان في صحيحه.
وقد حسن الحديث ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (5/ 694).
(1)
. بذل المجهود (5/ 171).