الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع في مشروعية الذكر بين السجدتين وفي حكمه وصيغته
المدخل إلى المسألة:
• الخلاف في هذه المسألة فرد من الخلاف في مسائل سابقة، كالخلاف في أذكار الركوع والسجود وتكبيرات الانتقال والتسميع والتحميد، ينزع الحنابلة فيها إلى الوجوب، وهي من مفرداتهم، ويخالفهم الجمهور، فيذهبون إلى الاستحباب، وهو الحق.
• لا يصح حديث مرفوع في ذكر معين بين السجدتين.
• الجلوس بين السجدتين ركن طويل، وإذا كان كذلك فلا يخلو من ذكر كالقيام، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يسكت فيه لم يتعمد تطويله.
• المصلي لم يتعبد بالسكوت المحض، فهو إما يذكر الله بفعله، أو يستمع إلى الذكر من خلال استماعه لقراءة إمامه.
• قد تقرر جواز العمل بالأحاديث في فضائل الأعمال وإن فرض ضعفها.
• عمل الإمام أحمد بالحديث لا يلزم منه الصحة، لأن العمل أوسع، فالإمام أحمد كثيرًا ما يضعف أحاديث باب من الأبواب، ولا يمنعه ذلك من العمل بها، كالتسمية في الوضوء في إحدى الروايتين عنه.
[م-691] اختلف العلماء في الجلسة بين السجدتين، هل يشرع فيها ذكر ودعاء،
فقال الحنفية: لا يشرع في الفريضة شيء، وله أن يدعو بالمغفرة في صلاة النافلة كالتهجد
(1)
.
(1)
. بدائع الصنائع (1/ 210)، حاشية ابن عابدين (1/ 488، 505)، التجريد للقدوري (2/ 547)، مراقي الفلاح (ص: 268)، تبيين الحقائق (1/ 118)، النهر الفائق (1/ 208).
سئل أبو حنيفة في الرجل يرفع رأسه من الركوع: قال: «يقول: ربنا لك الحمد، ويسكت، وكذلك بين السجدتين يسكت»
(1)
.
وجاء في منحة الخالق: «مصلي النافلة ولو سنة يسن له أن يأتي بالأدعية الواردة، نحو ملء السموات والأرض إلى آخره بعد التحميد، واللهم اغفر لي وارحمني بين السجدتين»
(2)
.
وقال الشافعية والحنابلة والمالكية يدعو بين السجدتين على اختلاف بينهم في حكمه كما سيأتي
(3)
.
واختلف القائلون بمشروعية الدعاء في حكمه، وهل يتعين بصيغة معينة؟
فقيل: يجوز الدعاء بين السجدتين، اقتصر عليه ابن الجلاب، وابن الحاجب، وهو ظاهر عبارة خليل.
قال ابن الجلاب: «ولا بأس بالدعاء في أركان الصلاة كلها سوى الركوع، فإنه يكره فيه الدعاء»
(4)
.
وقال في لوامع الدرر: «لا يكره للمصلي أن يدعو بين السجدتين على الصحيح، وأما في السجود فمندوب»
(5)
.
وقال في جواهر الدرر: «لا بين سجدتيه، أي: لا يكره عند الرفع من الأولى،
(1)
. الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 88)، وانظر: العناية شرح الهداية (1/ 299)، تبيين الحقائق (1/ 118).
(2)
. منحة الخالق (1/ 326)، وانظر: مجمع الأنهر (1/ 99)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 268)، حاشية ابن عابدين (1/ 488).
(3)
. الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 252)، والتاج والإكليل (2/ 253)، مواهب الجليل (1/ 545)، الخرشي (1/ 290)، (3/ 437)، منهاج الطالبين (ص: 28) تحفة المحتاج (2/ 77)، مغني المحتاج (1/ 376)، نهاية المحتاج (1/ 517)، انظر المغني (1/ 377)، المبدع (1/ 406)، كشاف القناع (1/ 354)، مسائل أحمد رواية أبي داود (ص: 52)، مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (232)، مختصر الخرقي (ص: 23)، الهداية لأبي الخطاب (ص: 84)، الفروع (2/ 249)، الإنصاف (2/ 70)، شرح منتهى الإرادات (1/ 195).
(4)
. التفريع (1/ 72)، وانظر: تحبير المختصر لبهرام (1/ 311).
(5)
. لوامع الدرر في هتك أستار المختصر (2/ 161).
بل هو جائز على الصحيح، واقتصر عليه الجلاب وابن الحاجب وجماعة»
(1)
.
وقيل: يستحب، نص عليه كثير من شراح خليل، منهم الدردير في شرح خليل، وهو مذهب الشافعية، وبه قال أحمد في رواية
(2)
.
وقيل: يجب، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(3)
.
هذا الخلاف في حكمه، وأما في صيغته:
فقال المالكية والشافعية: لا يتعين الدعاء فيه بصيغة معينة، واستحب الشافعية الدعاء الوارد في حديث ابن عباس.
قال الدردير في الشرح الكبير: «وحيث جاز له الدعاء دعا بما أحب من جائز شرعًا وعادة»
(4)
.
قال في المجموع: «ولا يتعين هذا الدعاء بل أي دعاء دعا به حصلت السنة، ولكن هذا الذي في الحديث أفضل. واعلم أن هذا الدعاء مستحب باتفاق الأصحاب»
(5)
.
(1)
. جواهر الدرر في حل ألفاظ المختصر (2/ 152).
(2)
. الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 252)، والتاج والإكليل (2/ 253)، مواهب الجليل (1/ 545)، الخرشي (1/ 290).
وقسم الزرقاني الدعاء في الصلاة إلى ثلاثة أقسام، منه ما هو جائز، كالدعاء قبل الركوع.
ومنه ما هو مندوب بدعاء خاص، كالدعاء بعد الرفع من الركوع.
ومنه ما هو مندوب بأي دعاء كان كالدعاء بين السجدتين. انظر شرح الزرقاني على مختصر خليل (1/ 383).
وقال في الفواكه الدواني (1/ 184): «اقتصر خليل على عدم كراهة الدعاء، حيث قال: لا بين سجدتيه. قال شارحه: أي فلا يكره الدعاء بين السجدتين، والحكم أنه يستحب كاستحبابه بعد التشهد الأخير
…
».
وانظر: تحفة المحتاج (2/ 77)، مغني المحتاج (1/ 376)، نهاية المحتاج (1/ 517).
(3)
. المغني (1/ 377)، المبدع (1/ 406)،مسائل أحمد رواية أبي داود (ص: 52)، مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (232)، مسائل حرب (334)، مختصر الخرقي (ص: 23)، الهداية لأبي الخطاب (ص: 84)، الفروع (2/ 249)، الإنصاف (2/ 70)، شرح منتهى الإرادات (1/ 195).
(4)
. الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 252).
(5)
. المجموع (3/ 437).
وقال الحنابلة في المعتمد: يجب أن يقول: رب اغفر لي، وإن زاد عليه لم يكره
(1)
.
وقال أحمد في رواية حرب: يقول الرجل في جلسته بين السجدتين: اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واجبرني. وإن شاء قال ثلاث مرات: رب اغفر لي. كل ذلك جائز
(2)
.
هذا مجمل الاختلاف في المسألة.
وأضعف الأقوال مذهب الحنفية القائلين بعدم مشروعية الدعاء في الفريضة.
يليه قول الحنابلة القائلين بالوجوب.
ويقف قول الجمهور وسطًا بين القولين، فهم يرون استحباب الدعاء، ولا يتعين عندهم في صيغة معينة، والوارد أفضل من غيره.
والخلاف في هذه المسألة فرد من الخلاف في مسائل سابقة، كالخلاف في أذكار الركوع والسجود وتكبيرات الانتقال والتسميع والتحميد، ينزع الحنابلة فيها إلى الوجوب، وهو من مفرداتهم. ويخالفهم الجمهور، فيذهبون إلى الاستحباب، وهو الحق، وإذا أردت أن تحيط بأدلة هذه المسألة فانظر أدلة تلك المسائل، فاستكمالها يوقفك على تصور هذه المسائل، ومنزع كل قول، والله أعلم.
• دليل القائلين بأنه لا يشرع فيه دعاء:
لم يصح في الدعاء بين السجدتين حديث صحيح، والأصل عدم المشروعية
(1)
. الواجب عند الحنابلة أن يقول: رب اغفر لي، وإن قال: رب اغفر لنا، أو اللهم اغفر لنا فلا بأس، انظر: رواية الكوسج (232)، وأبي داود (ص: 52)، وابن هانئ (223)، وحرب الكرماني (334)، وهو المذهب عند المتأخرين، ولا يكره الزيادة عليها على الصحيح من المذهب، كما لو زاد (وارحمني وعافني واجبرني) لورود ذلك في حديث ابن عباس، انظر: الكافي (1/ 254)، المبدع (1/ 406)، كشاف القناع (1/ 354)، المغني (1/ 377)، الإقناع (1/ 122)، شرح منتهى الإرادات (1/ 199).
وقيل: تكره الزيادة عليها، وعنه يستحب في النفل، وقيل: والفرض. انظر الإنصاف (2/ 71).
قال ابن رجب كما في شرحه للبخاري (7/ 276): «واستحب الإمام أحمد ما في حديث حذيفة (رب اغفر لي)، فإنه أصح عنده من حديث ابن عباس)» يعني أصح من حديث (اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني).
(2)
. مسائل حرب الكرماني (335).
حتى لم يثبت حديث صحيح في الباب.
• ويناقش:
قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: «قد تقرر جواز العمل بالأحاديث في فضائل الأعمال وإن فرض ضعفها»
(1)
.
وإذا كان الإمام مالك وأحمد والشافعي يرون مشروعية هذا الدعاء، فقد خرج الأمر عن حد البدعة، وكان النظر في الأدلة هل تقتضي الوجوب، أو الاستحباب.
• دليل من قال: باستحباب الدعاء بين السجدتين:
الدليل الأول:
الأصل عدم الوجوب، وعلى فرض ثبوت حديث في الباب فإنه مجرد فعل، وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم التعبدية، تدل على المشروعية، ولا تدل على الوجوب إلا لو كانت بيانًا لمجمل واجب، وهذا لم يتحقق في مسألتنا هذه.
الدليل الثاني:
(ح-1915) ما رواه البخاري ومسلم من طريق يحيى بن سعيد (القطان)، عن عبيد الله (العمري)، قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه،
عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام، فقال: ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ،
…
وذكر الحديث، وفيه: ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها
(2)
.
وجه الاستدلال:
قوله: (ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا) ولم يأمره في الجلسة بين السجدتين بغير الاطمئنان، فدل على أن الذكر ليس واجبًا؛ إذ لو كان واجبًا لذكره له كما ذكر له القراءة، وتكبيرة الإحرام، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وقد سبق بيان أن حديث المسيء في صلاته خرج مخرج البيان لما هو لازم لصحة الصلاة.
(1)
. الفواكه الدواني (1/ 184).
(2)
. صحيح البخاري (793)، وصحيح مسلم (45 - 397).
• ونوقش:
بأن سكوت الحديث عن الدعاء بالمغفرة لا ينفي وجوبه بأدلة أخرى، فهو لم يذكر التشهد، ولا الجلوس له، ولا السلام، ولا قراءة الفاتحة، وعدم ذكر هذه الأشياء لم يمنع من وجوبها في أدلة أخرى
ورد هذا النقاش:
هذا الكلام صحيح، إلا أن المخالف ينازع بأن الدعاء بالمغفرة لم يقم دليل على وجوبه، وثبوت فعله من النبي صلى الله عليه وسلم ليس كافيًا للقول بالوجوب، والاستدلال بحديث:(صلوا كما رأيتموني أصلي) من أضعف أنواع الاستدلال، فإن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مشتملة على الواجب والمسنون، فلا بد من قيام دليل خاص يقضي بوجوب الدعاء بالمغفرة بين السجدتين.
والقول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر للمسيء في صلاته ما أساء فيه فقط غير متصور في هذه المسألة؛ لأن من أساء الاطمئنان في الجلسة فقطعًا لن يتمكن من قول الدعاء الوارد؛ فلو دعا بين السجدتين للزم منه حصول الاطمئنان؛ بخلاف العكس، فالاطمئنان قدر أقل من الذكر المشروع.
كما أن الدعوى بأن احتمال أن يكون الذكر بين السجدتين لم يكن واجبًا وقت الواقعة بعيد جدًّا؛ لأنه لم يحفظ في النصوص أن الذكر كان مستحبًّا ونسخ إلى الوجوب، كما نقل ذلك في بعض أحكام الصلاة التي مر عليها تغيير، كالتطبيق، وموضع وقوف الإمام إذا كانوا ثلاثة وغيرها من الأحكام التي تغيرت، فلما لم ينقل في تاريخ التشريع أن هذا الذكر تغير حكمه من الاستحباب إلى الوجوب كان ذكر ذلك مجرد دعوى، وتجويز ذهني، لا رصيد له في الواقع.
الدليل الثالث:
(ح-1916) ما رواه مسلم من طريق حماد (يعني ابن سلمة)، أخبرنا ثابت،
عن أنس، قال: ما صليت خلف أحدٍ أوجز صلاةً من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام، كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم متقاربة، وكانت صلاة أبي بكر متقاربة، فلما كان عمر بن الخطاب مد في صلاة الفجر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قال:
سمع الله لمن حمده قام، حتى نقول قد أوهم، ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم
(1)
.
قوله: (أوهم في صلاته): أي وقع في الوهم، بأن نسي أنه في الاعتدال من الركوع، وليس في القيام.
قال بعضهم: هذا يفعله على الدوام لقوله: (كان) الدالة على المواظبة.
ويحتمل أنه يفعله أحيانًا؛ لأنه لو كان هذا دأبه في الصلاة لم ينسب إذا فعله إلى الوهم؛ لاعتيادهم عليه، وإنما ينسب إلى الوهم إذا فعل فعلًا على خلاف العادة.
وجه الاستدلال:
فيه دليل على أن الجلوس بين السجدتين ركن طويل، وإذا كان كذلك فلا يخلو من ذكر كالقيام، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يسكت فيه لم يتعمد تطويله، فالمصلي لم يتعبد بالسكوت المحض، فهو إما يذكر الله بفعله، أو يستمع إلى الذكر من خلال استماعه لقراءة إمامه.
• دليل القائلين بالوجوب:
الدليل الأول:
(ح-1917) ما رواه أحمد، قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة، رجل من الأنصار، عن رجل من بني عبس،
عن حذيفة، أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فلما دخل في الصلاة قال: الله أكبر ذو الملكوت والجبروت، والكبرياء والعظمة، قال: ثم قرأ البقرة، ثم ركع وكان ركوعه نحوًا من قيامه، وكان يقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ثم رفع رأسه، فكان قيامه نحوًا من ركوعه، وكان يقول: لربي الحمد لربي الحمد، ثم سجد، فكان سجوده نحوًا من قيامه، كان يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ثم رفع رأسه فكان ما بين السجدتين نحوًا من السجود، وكان يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي»، حتى قرأ البقرة، وآل عمران،
(1)
. صحيح مسلم (1/ 344).
والنساء، والمائدة أو الأنعام، شعبة الذي يشك في المائدة والأنعام
(1)
.
[قوله (رب اغفر لي) وزيادة قراءة المائدة أو الأنعام تفرد بها أبو حمزة طلحة ابن يزيد، فإن كان الرجل المبهم صلة بن زفر كما ظن النسائي وشعبة، فهي ليست محفوظة، لمخالفتها رواية المستورد بن الأحنف من رواية الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد، عن حذيفة، وإلا كانت زيادة منكرة]
(2)
.
(1)
. مسند الإمام أحمد (5/ 398).
(2)
. الحديث رواه أبو حمزة طلحة بن يزيد رجل من الأنصار، عن رجل من بني عبس عن حذيفة، وذكر الدعاء بين السجدتين.
ورواه المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، كما في صحيح مسلم، وليس فيه الدعاء بين السجدتين، رواه الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف به، ورواه أصحاب الأعمش، عنه منهم:
أبو معاوية، كما في صحيح مسلم (203 - 772)، ومسند أحمد (5/ 384)، ومصنف ابن أبي شيبة (2554، 2558، 3704، 6040)، والمجتبى من سنن النسائي (1046)، وفي الكبرى (638)، وفضائل القرآن للفريابي (118)، وتعظيم قدر الصلاة للمروزي (315)، وصحيح ابن خزيمة (542، 603، 660، 669)، وصحيح ابن حبان (1897)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 439).
وجرير، كما في صحيح مسلم (203 - 772)، والمجتبى من سنن النسائي (1133)، وفي الكبرى (723)، وفي تعظيم قدر الصلاة للمروزي (312، 315)، وصحيح ابن حبان (2609)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 122).
وعبد الله بن نمير كما في صحيح مسلم (203 - 772)، ومسند أحمد (5/ 397)، ومصنف ابن أبي شيبة (3704)، وسنن النسائي في المجتبى (1664)، وفي الكبرى (1381)، وفضائل القرآن للفريابي (118)، ومستخرج أبي عوانة (1706، 1801، 1818، 1890)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 439).
وشعبة، كما في مسند أبي داود الطيالسي (415)، ومسند أحمد (5/ 382، 394)، وسنن أبي داود (871)، وسنن الترمذي (262، 263)، والمجتبى من سنن النسائي (1008)، وفي الكبرى (1082، 7629)، وسنن الدارمي (1345)، وشرح معاني الآثار (1/ 235)، وصحيح ابن خزيمة (543)، وصحيح ابن حبان (1897، 2604، 2605)، في فضائل القرآن لابن الضريس (5)، والطوسي في مستخرجه (111 - 243)، وتعظيم قدر الصلاة للمروزي (313، 314)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 439، 175)،
والثوري كما في مصنف عبد الرزاق (2875، 4046)، وحلية الأولياء (8/ 246).
وحفص بن غياث كما في السنن الكبرى للنسائي (1083)، =
وجه الاستدلال:
احتج الإمام أحمد وإسحاق بهذا الحديث، فقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله: «قلت: ما يقول بين السجدتين؟ قال: (رب اغفر لي، رب اغفر لي) حديث حذيفة.
قال إسحاق: إن شاء قال ذلك ثلاثًا، وإن شاء قال: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني؛ لأن كليهما يُذكران عن النبي صلى الله عليه وسلم بين السجدتين»
(1)
.
• ويناقش:
بأن عمل الإمام أحمد بالحديث لا يلزم منه الصحة، لأن العمل أوسع، فالإمام أحمد كثيرًا ما يضعف أحاديث باب من الأبواب، ولا يمنعه ذلك من العمل بها، كالتسمية في الوضوء في إحدى الروايتين عنه، ولهذا تخير إسحاق بين حديث حذيفة وحديث ابن عباس، وكلاهما ضعيف.
الدليل الثاني:
(ح-1918) روى ابن خزيمة من طريق حفص بن غياث، أخبرنا العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن يزيد، عن حذيفة،
والأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل يصلي، فجئت فقمت إلى جنبه، فافتتح البقرة، فقلت يريد المائة، فجاوزها، فقلت: يريد المائتين، فجاوزها، فقلت: يختم، فختم ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم قرأ آل عمران، ثم ركع قريبًا مما قرأ، ثم رفع فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، قريبًا مما ركع، ثم سجد نحوًا مما رفع، ثم رفع فقال: رب اغفر لي نحوًا مما سجد
…
الحديث.
= ومحمد بن فضيل، كما في مستخرج أبي عوانة (1819)،
وأبو عوانة كما في شرح معاني الآثار (1/ 346)، كلهم رووه عن الأعمش به، فلم يذكر أحد من أصحاب الأعمش في هذا الحديث الدعاء بين السجدتين. فتبين بهذا شذوذ رواية أبي حمزة، عن رجل من بني عبس، وانظر ح:(1757).
(1)
. مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (232).
ورواه ابن ماجه بالطريقين مقتصرًا منه على جملة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي
(1)
.
[ضعيف]
(2)
.
الدليل الثالث:
(ح-1919) ما رواه الإمام أحمد، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا كامل، عن حبيب،
عن ابن عباس، قال: بت عند خالتي ميمونة، قال: فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فذكر الحديث، قال: ثم ركع، قال: فرأيته قال في ركوعه: سبحان ربي العظيم، ثم رفع رأسه، فحمد الله ما شاء أن يحمده، قال: ثم سجد، قال: فكان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، قال: ثم رفع رأسه، قال: فكان يقول فيما
(1)
. صحيح ابن خزيمة (684)، وسنن ابن ماجه (897)، ورواه النسائي في المجتبى (1009) وفي الكبرى (1082، 1083)، مختصرًا، والآجري في الشريعة (673)، وليس فيه جملة البحث.
(2)
. أخطأ فيه العلاء بن المسيب، في إسناده، وفي لفظه،
أما الخطأ في الإسناد، فإن طلحة بن يزيد لا يرويه عن حذيفة، وإنما يرويه عن رجل من بني عبس، عن حذيفة، كما تقدم تخريجه من رواية شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة (طلحة بن يزيد) عن رجل من بني عبس، عن حذيفة.
وقد روى النسائي وحده رواية العلاء بن المسيب في المجتبى (1665)، وفي الكبرى (1382)، والدارمي (1363)، والحاكم في المستدرك (1003)، والبيهقي مختصرًا (2/ 137، 157)، عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن يزيد الأنصاري، عن حذيفة، أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فركع فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم مثل ما كان قائمًا، ثم جلس يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي مثل ما كان قائمًا
…
وذكر الحديث. واللفظ للنسائي.
قال النسائي: «هذا الحديث عندي مرسل، وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئًا، وغير العلاء بن المسيب، قال في هذا الحديث، عن طلحة، عن رجل، عن حذيفة» . اهـ
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وأما الخطأ في لفظه: فالدعاء بين السجدتين يعرف من حديث طلحة بن يزيد، عن رجل من بني عبس، عن حذيفة، ولا يعرف من حديث الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة.
فقد رواه أصحاب الأعمش، فلم يذكر أحد منهم الدعاء بين السجدتين، وسبق تخريجه قبل قليل.
بين السجدتين: رب اغفر لي، وارحمني، واجبرني، وارفعني، وارزقني، واهدني
(1)
.
[منكر تفرد به كامل بن العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، وحديث مبيت ابن عباس في الصحيحين، وليس فيه هذه الزيادة المنكرة]
(2)
.
(1)
. المسند (1/ 315).
(2)
. الحديث رواه أسود بن عامر كما في مسند أحمد (1/ 315) عن كامل بن العلاء، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن ابن عباس. دون ذكر سعيد بن جبير.
ورواه يحيى بن آدم كما في مسند أحمد (1/ 315) عن كامل بن العلاء، عن حبيب بن ثابت، عن ابن عباس، أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
ورواه زيد بن الحباب كما في سنن أبي داود (850)، وسنن الترمذي (284، 285)، ومسند البزار (5128)، والمعجم الكبير للطبراني (12/ 25) ح 12363، وشعار أصحاب الحديث لأبي الحاكم (ص: 59)، ومستدرك الحاكم (964، 1004)، والدعوات الكبير للبيهقي (98)،
وإسماعيل بن صبيح كما في سنن ابن ماجه (898)،
وعبيد بن إسحاق العطار كما في الدعاء للطبراني (614)، والمعجم الكبير (12/ 20) ح 12349،
وخالد بن يزيد الطَّبيب كما في شعار أهل الحديث لأبي الحاكم (78) والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 175)، كلهم عن كامل بن العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
والحديث أُعِلَّ بعلل كثيرة، منها:
الأولى، تفرد به كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت، وهو مختلف فيه. قال الدارقطني كما في أطراف الغرائب (2313): تفرد به كامل بن العلاء.
وقال الترمذي: غريب.
وقال ابن حبان في المجروحين (2/ 227): «كان ممن يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل من حيث لا يدري، فلما فحش ذلك من أفعاله بطل الاحتجاج بأخباره، وهو الذي روى عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بين السجدتين
…
وذكر الحديث». اهـ
ووثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال ابن عدي: ولكامل غير ما ذكرت من الحديث، وليس بالكثير، ولم أَرَ من المتقدمين فيه كلامًا فأذكره، إلا أني رأيت في بعض رواياته أشياء أنكرتها، فذكرته من أجل ذلك، ومع هذا أرجو أن لا بأس به. اهـ
وكان مما استنكره ابن عدي هذا الحديث حيث رواه في ترجمته.
وفي التقريب: صدوق يخطئ. =
• الراجح:
القول بالاستحباب قول وسط بين قول الحنفية الذين قالوا: لا يشرع فيه دعاء،
= العلة الثانية: أنه قد خالفه من هو أوثق منه، في إسناده ومتنه.
فقد رواه حصين بن عبد الرحمن كما في صحيح مسلم (191 - 763)، وسنن أبي داود (58، 1353)، وسنن النسائي في المجتبى (1705)، وفي الكبرى (402)، وصحيح ابن خزيمة (449).
وسفيان الثوري كما في سنن النسائي (1704)، وفي الكبرى (1346) وحديث السراج (2478) وفوائد ابن أخ ميمي الدقاق (579)، والفوائد المنتقاة عن الشيوخ العوالي للحربي (46)، كلاهما روياه عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس في قصة مبيته عند خالته ميمونة، ولم يذكر قصة الدعاء بين السجدتين.
كما أنه قد رواه جماعة عن سعيد بن جبير، ولم يذكر أحد منهم دعاء ما بين السجدتين.
فقد رواه الحكم بن عتيبة، كما في صحيح البخاري (117، 697)، ومسند أبي داود الطيالسي (2754)، ومسند أحمد (1/ 341، 354)، وسنن أبي داود (1356، 1357)، والنسائي في الكبرى (406)، وسنن الدارمي (1290)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 287، 308) و (3/ 309، 310)، والطبراني في الكبير (12/ 25) ح: 12365، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 42).
عبد الله بن سعيد بن جبير، كما في صحيح البخاري (699)، ومسند أحمد (1/ 360)، والنسائي في المجتبى (806)، وصحيح ابن حبان (2196)، والسنن الكبرى للبيهقي (3/ 76).
وأبو بشر جعفر بن إياس، كما في صحيح البخاري (5919)، ومصنف ابن أبي شيبة (4924)، ومسند الطيالسي (2742)، ومسند أحمد (1/ 215، 287)، وسنن أبي داود (611)، والطبراني في الكبير (12/ 55) ح 12456، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 135).
ويحيى بن عباد، كما في سنن أبي داود (1358)، وسنن النسائي الكبرى (405، 1344)، والطبراني في الكبير (12/ 31) ح 12380، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 42).
وأبو هاشم الرماني، كما في مسند أحمد (1/ 352)، والمعجم الكبير للطبراني (12/ 60) ح 12471، خمستهم رووه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وليس فيه ما ذكره كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير.
كما رواه جماعة عن ابن عباس من غير طريق سعيد بن جبير، فلم يذكر ما ذكره كامل بن العلاء، فقد رواه كريب مولى ابن عباس، وروايته في الصحيحين.
وعامر الشعبي، وروايته في البخاري،
وعلي بن عبد الله بن عباس، وتقدم تخريج روايته،
وعطاء بن يسار، وطاوس، وطلحة بن نافع، وأبو جمرة، فلو كان هذا الحرف من حديث ابن عباس لم ينفرد به مثل كامل بن العلاء، فالنكارة على حديثه ظاهرة، والله أعلم.
وبين قول الحنابلة القائلين بالوجوب بالرغم من أن الأحاديث في الباب ضعيفة، ومجرد أفعال لا تقتضي الوجوب، والله أعلم.
* * *