المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث في النهي عن الإقعاء في الصلاة - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ٤

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث السادس أقل الكمال في التسبيح

- ‌المبحث السابع كراهة قراءة القرآن في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثامن حكم الدعاء في الركوع والسجود

- ‌الباب الثامن في أحكام الرفع من الركوع

- ‌الفصل الأول حكم الرفع من الركوع والسجود

- ‌الفصل الثاني في مشروعية التسميع والتحميد

- ‌المبحث الأول في وقت ابتداء التسميع والتحميد

- ‌المبحث الثاني في مشروعية التسميع للإمام

- ‌المبحث الثالث حكم التحميد للإمام

- ‌المبحث الرابع حكم التسميع والتحميد للمأموم

- ‌المبحث الخامس حكم التسميع والتحميد للمنفرد

- ‌الفصل الثالث في رفع اليدين للرفع من الركوع

- ‌المبحث الأول في مشروعية الرفع

- ‌المبحث الثاني في صفة رفع اليدين

- ‌المبحث الثالث في منتهى رفع اليدين

- ‌الباب التاسع أحكام الاعتدال في الصلاة

- ‌الفصل الأول في حكم الاعتدال من الركوع والسجود

- ‌الفصل الثاني في حكم الزياده على التسميع والتحميد

- ‌الفصل الثالث في قبض اليسرى باليمنى بعد الرفع من الركوع

- ‌الفصل الرابع في صيغ التحميد المشروعه

- ‌الفصل الخامس في تطويل مقدار الاعتدال من الركوع

- ‌الباب العشر في أحكام السجود

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول في تعريف السجود

- ‌المبحث الثاني في مقام السجود من العبادة

- ‌الفرع الأول في فضل السجود

- ‌الفرع الثاني في تفضيل كثرة السجود على طول القيام

- ‌الفصل الأول في حكم السجود

- ‌الفصل الثاني في صفة السجود

- ‌المبحث الأول في صفة التجزئة

- ‌الفرع الأول في وجوب الطمأنينة في السجود

- ‌الفرع الثاني في الأعضاء التي يجب السجود عليها

- ‌المسألة الأولى في حكم السجود على الجبهة

- ‌المسألة الثانية حكم السجود على الأنف

- ‌المسألة الثالثة حكم السجود على الكفين والركبتين والقدمين

- ‌المسألة الرابعة في حكم رفع الذراعين عن الأرض في السجود

- ‌المبحث الثاني في صفة السجود الكاملة

- ‌الفرع الأول في السنن القولية

- ‌المسألة الأولى في مشروعية التكبير للسجود

- ‌المسألة الثانية في صفة التكبير للسجود

- ‌المسألة الثالثة في حكم التسبيح في السجود

- ‌مطلبفي بعض أذكار السجود الواردة في الصلاة

- ‌الفرع الثاني في سنن السجود الفعلية

- ‌المسألة الأولى في صفة الهوي للسجود

- ‌المسألة الثانية في رفع الأيدي إذا كبر للسجود أو رفع منه

- ‌المسألة الثالثة السنة في موضع الكفين حال السجود

- ‌المسألة الرابعة في استحباب ضم أصابع يديه في السجود وتوجهها إلى القبلة

- ‌المسألة الخامسة في الهيئة المستحبة في سجود القدمين

- ‌المسألة السادسة في استحباب المجافاة في السجود

- ‌المطلب الأول في استحباب مجافاة العضدين عن الجنبين

- ‌المطلب الثاني في استحباب مجافاة الفخذين عن البطن

- ‌المطلب الثالث في مجافاة المرأة

- ‌المطلب الرابع في المجافاة بين الفخذين وكذا الركبتين

- ‌المطلب الخامس في المجافاة بين القدمين

- ‌الفصل الثالث في تعذر السجود على أحد الأعضاء السبعة

- ‌المبحث الأول إذا قدر على السجود بالوجه وعجز عن الباقي

- ‌المبحث الثاني إذا تعذر السجود بالجبهة وقدر على الباقي

- ‌المبحث الثالث إذا تعذر السجود بالجبهة والأنف وقدر على الباقي

- ‌الفصل الرابع في السجود على الحائل

- ‌المبحث الأول في السجود على حائل منفصل عن المصلى

- ‌المبحث الثاني في السجود على حائل متصل بالمصلي

- ‌الفرع الأول في السجود على عضو من أعضاء المصلي

- ‌الفرع الثاني في السجود على حائل متصل ليس من أعضاء المصلي

- ‌المسألة الأولى في مباشرة الأرض بالقدمين والركبتين في السجود

- ‌المسألة الثانية في مباشرة الأرض باليدين حال السجود

- ‌المسألة الثالثة في مباشرة الأرض بالجبهة حال السجود

- ‌الباب الحادي عشر في الرفع من السجود

- ‌الفصل الأول في مشروعية التكبير للرفع من السجود

- ‌الفصل الثاني في وقت ابتداء التكبير للرفع من السجود

- ‌الفصل الثالث في رفع اليدين مع الرفع من السجود

- ‌الفصل الرابع في حكم الرفع من السجود

- ‌الباب الثاني عشر في الاعتدال من السجود

- ‌الفصل الأول في ركنية الجلوس بين السجدتين

- ‌الفصل الثاني في صفة الجلوس في الصلاة

- ‌الفصل الثالث في النهي عن الإقعاء في الصلاة

- ‌الفصل الرابع في مشروعية الذكر بين السجدتين وفي حكمه وصيغته

- ‌الفصل الخامس صفة وضع اليدين إذا جلس بين السجدتين

- ‌الفصل السادس في وجوب السجده الثانية في الصلاة

- ‌الباب الثالث عشر في النهوض للركعة الثانية

- ‌الفصل الأول في مشروعية جلسة الاستراحة قبل القيام

- ‌الفصل الثاني في صفة النهوض إلى الركعة الثانية

- ‌الباب الرابع عشر في الفروق بين الركعة الأولى وسائر الركعات

- ‌الفصل الأول في تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الثاني لا يشرع الاستفتاح في الركعة الثانية

- ‌الفصل الثالث لا يستعيذ في الركعة الثانية إذا استعاذ في الركعة الأولى

- ‌الفصل الرابع لا يجدد النية للركعة الثانية

- ‌الفصل الخامس في أطالة الركعة الأولى على سائر الركعات

- ‌الباب الخامس عشر في الأحكام الخاصة بالتشهد

- ‌الفصل الأول في حكم التشهد الأول والجلوس له

- ‌الفصل الثاني حكم التشهد الأخير

- ‌الفصل الثالث في ألفاظ التشهد

- ‌الفصل الرابع في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد

- ‌المبحث الأول في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول

- ‌المبحث الثاني في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الثاني

- ‌الفصل الخامس في صفة الكفين في التشهد

- ‌الفصل السادس في تحريك السبابة بالتشهد

- ‌الفصل السابع الدعاء في التشهد

- ‌المبحث الأول في التعوذ بالله من أربع

- ‌المبحث الثاني في صفة الدعاء في الصلاة

- ‌الباب السادس عشر التسليم في الصلاة

- ‌الفصل الأول حكم التسليم

- ‌الفصل الثاني في حكم زيادة (ورحمة الله) في التسليم

الفصل: ‌الفصل الثالث في النهي عن الإقعاء في الصلاة

‌الفصل الثالث في النهي عن الإقعاء في الصلاة

المدخل إلى المسألة:

• الإقعاء لفظ يدخل تحته صور كثيرة، منها ما هو منهي عنه باتفاق، ومنها ما هو مختلف فيه، والراجح أنه سنة.

• قال النووي: الصواب الذي لا معدل عنه أن الإقعاء نوعان.

• روي الإقعاء المسنون عن العبادلة، ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير.

• الأفضل أن يفعل الإقعاء أحيانًا؛ لأن صفة الافتراش في الجلوس أشهر من الإقعاء.

[م-690] أشهر صور الإقعاء في الصلاة نوعان:

الأول: منهي عنه بالاتفاق في الصلاة، وهو أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه، ويضع يديه بالأرض، ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام، ونسبه لأهل اللغة

(1)

.

قال النووي: الصواب الذي لا معدل عنه أن الإقعاء نوعان:

أحدهما: أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى، وصاحبه أبو عبيد القاسم ابن سلام، وآخرون من أهل اللغة وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي»

(2)

.

قال ابن رشد: «لا خلاف بينهم أن هذه الهيئة ليست من هيئات الصلاة»

(3)

.

وقال ابن قدامة: «لا أعلم أحدًا قال باستحباب الإقعاء على هذه الصفة»

(4)

.

(1)

. .

(2)

. شرح النووي على صحيح مسلم (5/ 19).

(3)

. بداية المجتهد (1/ 149).

(4)

. المغني (1/ 376).

ص: 402

وقال النووي: «هو مكروه باتفاق العلماء»

(1)

.

وذهب الحنفية إلى كراهته كراهة تحريم، وصرح المالكية بتحريمه

(2)

.

والنوع الثاني: أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، ونسبه أبو عبيد للفقهاء، وهذا النوع مختلف فيه.

فقيل: يكره وهو مذهب الحنفية، والمالكية، وأحد القولين في مذهب الشافعية، وجعله الرافعي من الشافعية أحد الأوجه في تفسير الإقعاء المكروه، وهو المذهب عند الحنابلة

(3)

.

(1)

. شرح النووي على صحيح مسلم (4/ 215).

(2)

. البحر الرائق (2/ 23)، حاشية ابن عابدين (1/ 643)، وصرح بعض المالكية أن الإقعاء أربعة أنواع، ثلاثة مكروهة، والممنوع منها واحد، يقصدون بالممنوع ما كان على تفسير أبي عبيدة رحمه الله، انظر: منح الجليل (1/ 271)، شرح الزرقاني على خليل (1/ 387)، لوامع الدرر في هتك أستار المختصر (2/ 174).

(3)

. الإقعاء في الصلاة عند الحنفية نوعان.

الأول: تفسير الكرخي: وهو أن يقعد على عقبيه، ناصبًا رجليه، واضعًا يده على الأرض.

والثاني: تفسير الطحاوي: أن يضع أليتيه على الأرض واضعًا يديه عليها، وينصب فخذيه، ويجمع ركبته إلى صدره.

وصحح أكثر الحنفية تفسير الطحاوي، وكونه أصح أن هذا هو المراد في الحديث بإقعاء الكلب، لا أن ما قاله الكرخي غير مكروه، بل يكره كذلك أيضًا. انظر: فتح القدير لابن الهمام (1/ 411)، البحر الرائق (2/ 24)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 348).

وأما حكم الإقعاء فقال أكثر الحنفية بكراهة الإقعاء بنوعيه، فالأول كراهته لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن عقب الشيطان، والثاني: لأنه بهذه الصفة يشبه إقعاء الكلب.

وأطلقوا الكراهة، ولم يفسروها بأنها للتحريم أو للتنزيه. انظر: الأصل (1/ 11)، المبسوط (1/ 26)، شرح مختصر الطحاوي (1/ 624)، فتح القدير (1/ 411)، بدائع الصنائع (1/ 215)، الهداية شرح البداية (1/ 64)، فتح القدير (1/ 411).

وحمل بعضهم الكراهة على كراهة التحريم، وظاهره للنوعين معًا. البحر الرائق (2/ 24)، حاشية ابن عابدين (1/ 643)، تبيين الحقائق (1/ 163).

وذكر صاحب المُغْرِب كما في البحر الرائق (2/ 24) بأن الإقعاء على تفسير الطحاوي مكروه كراهة تحريم لاتفاق العلماء على كراهته.

والإقعاء على تفسير الكرخي مكروه كراهة تنزيه للاختلاف في حكمها، والله أعلم. =

ص: 403

قال ابن رشد: «رأى قوم أن معنى الإقعاء الذي نهي عنه: هو أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، وأن يجلس على صدور قدميه، وهو مذهب مالك»

(1)

.

وقال ابن زرقون: «كره مالك الصفتين معًا»

(2)

، يعني الإقعاء بصورتيه.

وقال أبو الخطاب الحنبلي في الهداية: «ولا يقعي؛ فيمد ظهر قدميه، ويجلس على عقبيه، أو يجلس على أليتيه، وينصب قدميه، فإنه منهي عنه»

(3)

.

وقيل: يستحب، روى البويطي عن الشافعي استحبابه، واستحبه النووي وابن الصلاح والبيهقي، وقال المتأخرون منهم: والافتراش أفضل منه، واستحبه أحمد في رواية

(4)

.

قال الخطيب الشربيني: «روى البويطي عن الشافعي أنه يجلس على عقبيه ويكون صدور قدميه على الأرض، وتقدم أن هذا نوع من الإقعاء مستحب، والافتراش أفضل منه»

(5)

.

وقيل: الإقعاء جائز، وهو رواية عن أحمد

(6)

.

= وانظر في مذهب المالكية: المدونة (1/ 168)، التهذيب في اختصار المدونة (1/ 241)، البيان والتحصيل (1/ 257)، النوادر والزيادات (1/ 187)، القوانين الفقهية (ص: 39، 46)، التاج والإكليل (2/ 262)، مواهب الجليل (1/ 550)، التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (1/ 159)، مغني المحتاج (1/ 350)، المهذب (1/ 147)، الهداية إلى أوهام الكفاية (20/ 128)، كفاية النبيه (3/ 192)، بحر المذهب للروياني (2/ 55)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (2/ 120)، الإنصاف (2/ 91)، شرح منتهى الإرادات (1/ 207)، كشاف القناع (1/ 371)، مسائل حرب الكرماني تحقيق الغامدي (ص: 186).

(1)

. بداية المجتهد (1/ 149)،.

(2)

. التاج والإكليل (2/ 262).

(3)

. الهداية لأبي الخطاب (ص: 84).

(4)

. روضة الطالبين (1/ 235)، تحفة المحتاج (2/ 25)، مغني المحتاج (1/ 350)، نهاية المحتاج (1/ 469)، شرح مشكل الوسيط (2/ 93)، المهمات في شرح الروضة والرافعي (3/ 36)، تحرير الفتاوى (1/ 241)، الإنصاف للمرداوي (2/ 91)، المقنع (ص: 52).

(5)

. مغني المحتاج (1/ 375).

(6)

. الإنصاف (2/ 91).

ص: 404

• دليل من قال: يكره الإقعاء:

الدليل الأول:

(ح-1910) ما رواه مسلم من طريق حسين المعلم، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء،

عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة، بـ الحمد لله رب العالمين،

وذكر الحديث، وفيه: وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم

(1)

.

وجه الاستدلال:

قوله: (وكان ينهى عن عقبة الشيطان) فذكر الافتراش، وهي سنة الجلوس، ونهى عن عقبة الشيطان، وليس في الجلوس صفة منهي عنها إلا الإقعاء، فيحمل عليها، قال ابن الهمام: وعقبة الشيطان: الإقعاء

(2)

.

وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام: «وفسر بأن يفرش قدميه ويجلس بأليتيه على عقبيه. وقد سمي ذلك أيضًا الإقعاء»

(3)

.

وحملها النووي على الصفة المتفق على النهي عنها، وهو أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض، كما يفرش الكلب وغيره من السباع

(4)

.

الدليل الثاني:

(ح-1911) ما رواه الإمام أحمد، قال: حدثنا يحيى بن إسحاق، قال: أخبرني حماد بن سلمة، عن قتادة،

عن أنس بن مالك، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقعاء، والتورك في

(1)

. صحيح مسلم (240 - 498).

(2)

. فتح القدير (1/ 410).

(3)

. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 236).

(4)

. شرح النووي على صحيح مسلم (4/ 214).

ص: 405

الصلاة، قال عبد الله: كان أبي قد ترك هذا الحديث

(1)

.

[اختلف فيه على قتادة، والنهي عن التورك شاذ]

(2)

.

(1)

. المسند (3/ 233).

(2)

. أخرجه يحيى بن إسحاق كما في مسند أحمد (3/ 233)، ومسند البزار (4588)، و مشكل الآثار (6174)، وحديث أبي العباس السراج (941)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 173) عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس.

وظاهر الإسناد الصحة، إلا أن الخطأ فيه ظاهر، حيث نهي فيه عن التورك، ولم يَأْتِ إلا بهذا الإسناد الغريب، وهو مخالف لحديث أبي حميد الساعدي في البخاري، والخطأ يحتمل أن يكون من حماد بن سلمة، فإنه قد تغير بآخرة، وهو ثقة فيما يرويه عن ثابت وحميد الطويل وأضرابهما، وصدوق في روايته عن غيرهم، وقد سبق أن قسمت أحاديث حماد إلى ثلاثة أقسام، وقد يكون الخطأ من الراوي عنه.

وخالف حمادًا سعيد بن بشير فرواه عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، والحسن لم يسمع من سمرة هذا الحديث.

ورواه البزار في مسنده (4587) من طريق محمد بن بكار، قال: حدثنا سعيد بن بشير به، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نستوفز في صلاتنا.

تفرد بهذا سعيد بن بشير، وهو ضعيف.

قال البزار: وهذا الحديث أظن أن يحيى بن إسحاق أخطأ فيه، وسعيد بن بشير فلا يحتج بحديث له إذا تفرد به، والحديث المحفوظ رواه حماد بن سلمة وغيره، عن قتادة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم فلا يفترش ذراعيه افتراش الكلب، أو السبع، هذا هو الحديث عندنا والله أعلم.

قلت: رواه شعبة كما في صحيح البخاري (822)، ومسلم (233 - 493)، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب.

وقد روي الحديث من طريق سعيد بن المسيب، عن أنس، ولا يصح.

أخرج الترمذي بعضه مفرقًا، وليس في أي منها موضع الشاهد (589، 2678، 2698)، والطبراني في الصغير (856)، وفي الأوسط (5991)، من طريق عبد الله بن المثنى الأنصاري.

ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده (3624) من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الصدائي (متهم) حدثنا عباد بن ميسرة المنقري (ضعيف)، كلاهما (عبد الله بن المثنى والمنقري) عن علي بن زيد بن جدعان به.

قال أبو عيسى الترمذي (5/ 46): هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه

وعلي بن زيد صدوق، إلا أنه ربما يرفع الشيء الذي يوقفه غيره».

قال: وسمعت محمد بن بشار يقول: قال أبو الوليد: قال شعبة: حدثنا علي بن زيد، وكان رفاعًا، ولا نعرف لسعيد بن المسيب، عن أنس، رواية إلا هذا الحديث بطوله، وقد روى عباد بن ميسرة المنقري، هذا الحديث، عن علي بن زيد، عن أنس، ولم يذكر فيه: عن سعيد بن المسيب. =

ص: 406

الدليل الثالث:

(ح-1912) ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، أخبرنا علي بن مسهر، عن ليث، عن مجاهد،

عن أبي هريرة، قال: «نهاني خليلي أن أقعي كإقعاء القرد

(1)

.

[ضعيف]

(2)

.

= قال الترمذي: وذاكرت به محمد بن إسماعيل، يعني البخاري، فلم يعرفه، ولم يعرف لسعيد بن المسيب، عن أنس، هذا الحديث، ولا غيره. اهـ

وذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (2/ 317).

(1)

. المصنف (2932).

(2)

. الحديث رواه ليث بن أبي سليم، واختلف عليه:

فقيل: عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة.

رواه علي بن مسهر كما في مصنف ابن أبي شيبة (2932)،

وعبد الواحد، كما في غريب الحديث لابن قتيبة (1/ 55)، كلاهما عن ليث به، بلفظ: نهاني خليلي وقال عبد الواحد: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن أقعي إقعاء القرد.

ورواه حفص بن غياث كما في سنن البيهقي (2/ 173) عن ليث به، أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة، ونهاني عن ثلاثة: أمرني بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا أنام إلا على وتر، وركعتي الضحى. ونهاني عن الالتفات في الصلاة التفات الثعلب، وأقعي إقعاء القرد، وأنقر نقر الديك. فذكر ثلاثة مأمورات، وثلاثة منهيات.

ورواه علي بن عاصم كما في المسند (2/ 499)، حدثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم: أن لا أنام إلا على وتر، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى.

ولم يذكر الإقعاء، كما لم يذكر المنهيات الثلاثة، وهذا ثابت عن أبي هريرة بسند أصح من هذا، فرواه الشيخان البخاري (1981)، ومسلم (85 - 721) من طريق أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة ..

وقيل: عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد وشهر بن حوشب، عن أبي هريرة.

رواه أحمد (2/ 497)، قال: حدثنا معتمر، عن ليث، عن مجاهد، وشهر، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي بثلاث: أن لا أنام إلا على وتر، وأن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا أدع ركعتي الضحى.

فقرن بمجاهد شهر بن حوشب، وذكر المأمورات الثلاثة دون المنهيات، كرواية علي بن عاصم، عن ليث في مسند أحمد. =

ص: 407

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقيل: عن ليث بن أبي سليم، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن أبي هريرة.

رواه البزار في مسنده (9624)، حدثنا محمد بن علي الأهوازي

ورواه الطبراني في الأوسط (5275) حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، كلاهما عن معافى ابن سليمان، حدثنا موسى بن أعين، عن ليث به، بلفظ: أوصاني خليلي وصفيي صلى الله عليه وسلم بثلاث، ونهاني عن ثلاث: أمرني بركعتي الضحى، وأن لا أنام إلا على وتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ونهاني: إذا سجدت أن أقعي إقعاء القرد، أو أنقر نقر الغراب، أو ألتفت التفات الثعلب»

قال الطبراني: لم يَرْوِ هذا الحديث عن سعيد بن جبير إلا حبيب بن أبي ثابت، ولا عن حبيب إلا ليث، ولا عن ليث إلا موسى بن أعين، تفرد به: المعافى بن سليمان

وفي لفظ البزار: والغسل يوم الجمعة أو ركعتي الضحى. أبو بكر يشك.

وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن سعيد بن جبير، عن أبي هريرة رضي الله عنه، إلا من هذا الوجه، وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، من طرق كثيرة.

فأنت ترى أن ليث بن أبي سليم قد اضطرب في إسناده، فمرة يجعله من رواية مجاهد، عن أبي هريرة، ومرة يجعله من رواية سعيد بن جبير عن أبي هريرة، ومرة يقرن مع مجاهد شهر ابن حوشب، ومرة يذكر المأمورات فقط، ومرة يذكر معها المنهيات، وفي ثالثة يقصر لفظه في النهي عن الإقعاء، وهو متفق على ضعفه.

ورواية شهر بن حوشب رواه أخص أصحابه، بذكر المأمورات دون ذكر المنهيات، وهو المعروف من لفظه كما في الصحيحين.

رواه البزار في مسنده (9792)،

والبغوي في الجعديات (3422) حدثنا علي بن الجعد.

وإسحاق بن راهويه (149) أخبرنا وكيع، ثلاثتهم (البزار، وعلي، ووكيع) رووه عبد الحميد ابن بهرام، عن شهر، عن أبي هريرة، قال أوصاني خليلي بثلاث الوتر قبل النوم وركعتي الضحى وصيام ثلاثة أيام من كل شهر.

وعبد الحميد بن بهرام مقدم على الليث في روايته عن شهر بن حوشب، ولم يذكر في لفظه المنهيات، ومنها الإقعاء، وهو المعروف.

وتابع ليثًا يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، وقد اختلف عليه في إسناده أيضًا:

فقيل: عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن جبر.

رواه شريك بن عبد الله النخعي (سيئ الحفظ) كما في مسند أحمد (2/ 311)،

وعبد العزيز بن مسلم كما في مشكل الآثار للطحاوي (6177)، كلاهما عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن أبي هريرة، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث، ونهاني عن ثلاث: أمرني بركعتي الضحى كل يوم، والوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ونهاني عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب. =

ص: 408

الدليل الرابع:

(ح-1913) ما رواه أحمد من طريق إسرائيل بن يونس، حدثنا أبو إسحاق، عن الحارث،

عن علي، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي، إني أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي لا تقرأ وأنت راكع، ولا وأنت ساجد، ولا تُصَلِّ وأنت عاقص شعرك، فإنه كفل الشيطان، ولا تُقْعِ بين السجدتين، ولا تعبث بالحصى، ولا تفترش ذراعيك، ولا تفتح على الإمام، ولا تختم بالذهب، ولا تلبس القسي، ولا تركب على المياثر

(1)

.

[ضعيف]

(2)

.

= هذا لفظ شريك، وأما لفظ عبد العزيز بن مسلم، نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقعي في صلاتي إقعاء الذئب على العقبين.

وخالفهما محمد بن فضيل (صدوق) كما في مسند أحمد (2/ 265)،

وأبو عوانة (ثقة) كما في مسند أبي داود الطيالسي (2716)، كلاهما عن يزيد بن أبي زياد، عمن سمع أبا هريرة، أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، ونهاني عن ثلاث: أمرني بركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيام من الشهر، والوتر قبل النوم ونهاني عن ثلاث: عن الالتفات في الصلاة كالتفات الثعلب، وإقعاء كإقعاء القرد، ونقر كنقر الديك.

فجمع مع ضعف يزيد بن أبي زياد، إبهام الراوي.

(1)

. المسند (1/ 146).

(2)

. الحديث فيه أكثر من علة:

الأولى: ضعف الحارث الأعور.

الثانية: أبو إسحاق لم يسمع هذا الحديث من الحارث، قال أبو داود كما في السنن (908):«أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها» .

الحديث مداره على أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه،

ورواه إسرائيل بن يونس كما في مصنف عبد الرزاق (2822)، ومسند الطيالسي (178)، ومسند أحمد (1/ 146)، وسنن الترمذي (282)، وسنن ابن ماجه (894)، وعبد بن حميد كما في المنتخب (67)، ومشكل الآثار للطحاوي (4883، 6175)، وفي شرح معاني الآثار مختصرًا (4/ 260)، والسنن الكبرى للبيهقي (3/ 301)،

ويونس بن أبي إسحاق، كما في سنن أبي داود مختصرًا ليس فيه جملة البحث (908)، =

ص: 409

الدليل الخامس:

(ث-462) ما رواه مالك، عن صدقة بن يسار، عن المغيرة بن حكيم؛

أنه رأى عبد الله بن عمر يرجع في سجدتين في الصلاة على صدور قدميه، فلما انصرف ذكر ذلك له فقال: إنها ليست بسنة الصلاة، وإنما أفعل ذلك من أجل أني أشتكي

(1)

.

[صحيح]

(2)

.

• ويناقش:

بأن ابن عباس أضاف الإقعاء إلى السنة، ولا يضيف ذلك إلا ومعه زيادة علم.

• دليل من قال: من الإقعاء ما هو مسنون في الصلاة:

الدليل الأول:

(ح-1914) ما رواه مسلم من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع طاوسًا يقول:

قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين، فقال: هي السنة، فقلنا له: إنا لنراه جفاء بالرجل فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم

(3)

.

الدليل الثاني:

(ث-463) ما رواه عبد الرزاق في المصنف، عن معمر، عن ابن طاوس،

عن أبيه، أنه رأى ابن عمر، وابن الزبير، وابن عباس يُقْعُون بين السجدتين

(4)

.

= ومسند البزار (854)،

والثوري، كما في مشكل الآثار (6176، 4885)،

وحجاج بن أرطاة، كما في مسند أحمد (1/ 82)، ومسند البزار (843)،

ومحمد بن إسحاق كما في مسند مسدد، المطالب العالية (381)، كلهم عن أبي إسحاق به.

(1)

. الموطأ (1/ 89).

(2)

. ومن طريق مالك رواه عبد الرزاق في المصنف (3044).

ورواه محمد بن الحسن الشيباني كما في روايته للموطأ (153)، ولفظه: رأيت ابن عمر يجلس على عقبيه بين السجدتين في الصلاة، فذكرت ذلك له، فقال: إنما فعلته منذ اشتكيت. اهـ

(3)

. صحيح مسلم (32 - 536).

(4)

. مصنف عبد الرزاق (3029).

ص: 410

[صحيح]

(1)

.

الدليل الثالث:

(ث-464) روى عبد الرزاق في المصنف، عن ابن جريج قال:

أخبرني عطاء، أنه رأى ابن عمر يفعل في السجدة الأولى من الشفع والوتر خصلتين قال: رأيته يقعي مرةً إقعاءً جاثيًا على أطراف قدميه جميعًا، ومرة يثني رجله اليسرى فيبسطها جالسًا عليها، واليمنى يقوم عليها يحدبها على أطراف قدميه جميعًا، قال: رأيته يصنع ذلك في السجدة الأولى من السجدتين، وفي السجدة الثالثة من الوتر، ثم يثبت فيقوم

(2)

.

[صحيح]

(3)

.

• دليل من قال: الإقعاء جائز.

لعله نظر إلى أن أكثر فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو الافتراش، فحمل ما ورد من الإقعاء على الجواز، وليس على السنية، والله أعلم.

• الراجح:

أن الإقعاء بهذه الصفة سنة يفعل أحيانًا، وهو من تنوع صفة الجلوس، والأفضل في العبادات التي وردت على صفات متنوعة أن تفعل على جميع وجوهها، ولا يلزم صفة واحدة، والله أعلم.

* * *

(1)

. ومن طريق عبد الرزاق رواه ابن المنذر في الأوسط (3/ 192).

وروى عبد الرزاق في المصنف (3033)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (11/ 50) ح 11010، عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس قال: سمعت ابن عباس يقول: من السنة أن يمس عقبك أليتيك. وسنده صحيح.

(2)

. المصنف (3034).

(3)

. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 192).

ص: 411