الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني عشر في الاعتدال من السجود
الفصل الأول في ركنية الجلوس بين السجدتين
المدخل إلى المسألة:
• كون الاعتدال مقصودًا في نفسه أو غير مقصود لا ينافي الركنية.
• القيام كله مقصود، سواء أكان قبل الركوع أم بعده، وكذا الجلوس كله مقصود، سواء أكان بين السجدتين، أم كان للتشهد، فمن فرق بين قيام وقيام وقعود وآخر فعليه الدليل.
• الركنية من دلالات اللفظ، لا من دلالات الثبوت، فتثبت بالدليل الظني كما تثبت بالدليل القطعي.
• كل فعل إذا ترك سهوًا أو عمدًا على الصحيح انتفت الصلاة بتركه، ولم يجبره سجود السهو فإن ذلك دليل على ركنيته، وهذا متحقق في ترك الاعتدال، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ).
• حديث المسيء في صلاته خرج مخرج البيان لما هو لازم لصحة الصلاة، لقوله:(ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ).
[م-688] اختلف الفقهاء في حكم الاعتدال من السجود،
فقيل: سنة، وهو المشهور من مذهب الحنفية، وأحد القولين في مذهب المالكية، رجحه ابن القاسم وابن رشد
(1)
.
(1)
. قال ابن عابدين في حاشيته (1/ 464): «وأما القومة والجلسة وتعديلهما فالمشهور في المذهب السنية، وروي وجوبهما» . اهـ وقوله: (وتعديلهما) أي تسكين الجوارح فيهما، حتى تطمئن مفاصله. انظر التعريفات الفقهية لمحمد عميم (ص: 58).
وانظر: المبسوط (1/ 189)، فتح القدير (1/ 301، 302)، الهداية في شرح البداية (1/ 51)، تبيين الحقائق (1/ 107).
قال ابن القاسم كما في البيان والتحصيل (2/ 53، 54): من ركع فرفع رأسه من الركوع فلم يعتدل حتى خر ساجدًا، فليستغفر الله ولا يعد .... قال محمد بن رشد: قوله
…
يدل على أن الاعتدال في الرفع منها، عنده من سنن الصلاة، لا من فرائضها، ولا من فضائلها؛ إذ لو كان عنده من فرائضها لما أجزأه الاستغفار، ولو كان من فضائلها، لما لزمه الاستغفار، ويجب على هذا القول إن لم يعتدل قائمًا في الرفع من الركوع، وجالسًا في الرفع من السجود ساهيًا، أن يسجد لسهوه، وروى ابن القاسم عن مالك في المبسوط، أنه لا سجود عليه، ولا إعادة. اهـ
وحكى عياض كما في التاج والإكليل (2/ 221): قولين في الاعتدال من الركوع، وفي الاعتدال في الجلوس بين السجدتين، والقول بسنية الاعتدال هو مذهب ابن القاسم، واختيار ابن رشد الجد، فصار في مذهب المالكية قولان في الاعتدال، أحدهما: أنه من السنن.
وانظر: التوضيح لخليل (1/ 328)، القوانين الفقهية (ص: 40)، شرح الخرشي (1/ 274)، التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (1/ 223)، المقدمات الممهدات (1/ 163) ..
قال الزيلعي: «والقومة والجلسة: أي القومة من الركوع، والجلسة بين السجدتين، وهما سنتان عندنا خلافًا لأبي يوسف»
(1)
.
وقال ابن رشد في البيان: «الاعتدال في الفصل بين أركان الصلاة على هذا من سنن الصلاة، لا من فرائضها، ومن أصحابنا المتأخرين من ذهب إلى أن ذلك من فرائضها
…
»
(2)
.
وقيل: ركن، وبه قال أبو يوسف من الحنفية، واختاره أشهب، واللخمي وابن الجلاب وخليل، وابن عبد البر من المالكية، وهو مذهب الشافعية والحنابلة
(3)
.
(1)
. تبيين الحقائق (1/ 107).
(2)
. البيان والتحصيل (1/ 354).
(3)
. المبسوط (1/ 189)، قال ابن الحاجب في جامع الأمهات (ص: 93): الفرائض: التكبير للإحرام والفاتحة
…
والاعتدال والطمأنينة على الأصح
…
».
وقال خليل في التوضيح (1/ 327): «وأفعال الصلاة كلها فرائض إلا ثلاثة: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، والجلسة الوسطى، والتيامن عند السلام. زاد في المقدمات: والاعتدال فإنه مختلف فيه» .
وقال في أسهل المدارك (1/ 205): «والصحيح أن الطمأنينة والاعتدال فرضان من فرائض الصلاة، فلا ينبغي أن يختلف في فرضيتهما على المذهب كما اعتمد عليه المحققون الذين =
قال ابن عبد البر: «الاعتدال فرض
…
ولا خلاف في هذا، وإنما اختلفوا في الطمأنينة بعد الاعتدال»
(1)
.
وقال ابن رشد في المقدمات: «وكذلك الاعتدال في الفصل بين أركان الصلاة الاختلاف فيه في المذهب: ففي مختصر ابن الجلاب أنه فرض، والأكثر أنه غير فرض»
(2)
.
وقيل: إن كان إلى القيام أقرب أجزأه، قاله عبد الوهاب من المالكية، وحكاه ابن القصار أيضًا
(3)
.
وقيل: الاعتدال واجب، وعليه المتأخرون من الحنفية، فإن تركه سهوًا صحت صلاته، وجبره بسجود السهو
(4)
.
قال ابن الهمام في فتح القدير: «إن مقتضى الدليل في كل من الطمأنينة، والقومة، والجلسة الوجوب»
(5)
.
وقال ابن عابدين: «وأما القومة والجلسة وتعديلهما فالمشهور من المذهب
= اعتنوا بتحرير كل مسألة من مسائل الإسلام».
وقال الدردير في الشرح الكبير (1/ 241): «فإن تركه -يعني الاعتدال- ولو سهوًا بطلت على الأصح» .
وانظر: التفريع لابن الجلاب (1/ 72)، التبصرة للخمي (1/ 284)، الشامل في فقه مالك (1/ 102)، كفاية الطالب الرباني (1/ 267)، الذخيرة للقرافي (2/ 205)، الفواكه الدواني (1/ 181)، منح الجليل (1/ 251).
الأم للشافعي (1/ 124، 135)، الوسيط (2/ 86)، فتح العزيز (3/ 253)، روضة الطالبين (1/ 223)، مغني المحتاج (1/ 367)، تحفة المحتاج (2/ 61)، نهاية المحتاج (1/ 500)، التعليقة للقاضي حسين (2/ 912)، الهداية على مذهب أحمد (ص: 87)، المغني (2/ 3)، المحرر (1/ 68)، شرح الزركشي (2/ 3)، المبدع (1/ 441)، الإقناع (1/ 133)، شرح منتهى الإرادات (1/ 217).
(1)
. التاج والإكليل (2/ 220)، وانظر: التمهيد (19/ 7)، أسهل المدارك (1/ 207).
(2)
. المقدمات الممهدات (1/ 163).
(3)
. قال في التلقين (1/ 43): «والاعتدال في القيام للفصل بينهما مختلف فيه، والأولى أن يجب منه ما كان إلى القيام أقرب، وكذلك في الجلسة بين السجدتين» .
وانظر: التوضيح لخليل (1/ 357)، شرح التلقين (1/ 526)،.
(4)
. البحر الرائق (1/ 317)، مراقي الفلاح (ص: 94)، فتح القدير (1/ 302).
(5)
. فتح القدير (1/ 302).
السنية، وروي وجوبهما، وهو الموافق للأدلة، وعليه الكمال (يعني ابن الهمام) ومن بَعْدَهُ من المتأخرين، وقد علمت قول تلميذه: إنه الصواب»
(1)
.
فتبين من عرض الأقوال أنها ثلاثة، قيل: سنة، وقيل: فرض (ركن)، وقيل: واجب.
وقد سبق لي أن ذكرت مسألة الاعتدال من السجود مع مسألة الاعتدال من الركوع، لأن أدلتهما والخلاف فيهما واحد، فارجع إليها إن شئت، إنما اقتضى عند المرور على موضعها من البحث التذكير بها مخافة أن يظن من يراجع هذا الموضع فقط من الكتاب أن الكتاب قد غفل عنها، والله الموفق.
* * *
(1)
. حاشية ابن عابدين (1/ 464).