الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا حال الجماعة المؤمنة كما قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} [النور: 51].
ومما يدعو العبد كذلك للعناية بهذه الفرائض أن الله لم يفتتح شيئا في كتابه كما افتتح هذه الأحكام ولم يختم شيئا بما ختمها به فقال في افتتاحها: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
…
} الآية [النساء: 11].
والوصية: العهد
(1)
.
والمعنى: يعهد الله إليكم فيما بين لكم من آيات المواريث
(2)
.
فالمجيء بلفظ الوصية مضافا للفظ الجلالة يراد منه الاهتمام بتطبيق هذه الوصية وتعظيم الموصِي بها والترهيب من إضاعتها، فإن هذا اللفظ أحق الأسماء بالتعظيم.
ثم ختم الآيات بقوله: {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: 12]. فأكد هذا الأمر بالوصية تأكيدا بعد تأكيد ليدل على وجوب طاعة الله وامتثال أمره في المواريث.
وهذا الخطاب موجه إلى جميع المكلفين في الأمة لتنفيذ وصية الله في تقسيم التركة
(3)
.
•
المطلب الثاني: بيان عجز العقول عن إدراك ما ينفع العباد ويصلحهم، وتسليم الحكم لله
.
لما بين الله جل شأنه مقادير كل من الآباء والأبناء قال: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)} [النساء: 11].
بينت الآية أن العباد عاجزون عن إدراك الأنفع لهم في تقسيم المواريث، فلو كان الأمر موكل إليهم، فمنهم من ينظر في غنى كل واحد من الورثة ويعطي الأقل فالأقل ومنهم من يرى أن صنفا أحق من صنف آخر، ومنهم من يرى أن شخصا أولى من شخص، وكلها أمور لا تنضبط وتعم بها الفوضى ويحصل بسببها ضرر كثير.
(1)
لسان العرب (15/ 394).
(2)
جامع البيان (8/ 68).
(3)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/ 331) ، نظم الدرر (2/ 221) ، شرح آيات الوصية (ص 34) ، تفسير المنار (4/ 404).