الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: التعامل بالمعروف
حث الله تبارك وتعالى على المعروف وأمر به، بل استثنى من التناجي المذموم التناجي بالمعروف.
والطبائع السليمة كلها متفقة على قبول المعروف، وبغض المنكر أيا كان، وذلك لما له من آثار حسنة في بناء المجتمع المسلم على التعارف والتسامح، بحيث يكون مجتمعا صالحا مستقيما.
والمعروف: هو اسم لكل ما يعرف بالعقل أو الشرع حسنه، والعرف المعروف من الإحسان
(1)
ولقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف: 199]. والمراد به في الآية: هو كل ما أمر الله به من الأعمال وندب إليه
(2)
، فيدخل في ذلك جميع خصال المعروف.
وقولك المعروف للسائل دون إعطائه المال، خيراً من إعطاء المال بالمن ومنكر القول فإن ذلك مبطل له كما قال تعالى:{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)} [البقرة: 263].
ولما كانت النفس مجبولة على حب المال وجمعه، فقد يسبب ذلك شيئا من الشح والتنافس الذي يورث العداوة والبغضاء.
ولذلك جاءت الإشارة في القرآن إلى أهمية التعامل بالمعروف في المعاملات المالية كي لا تتكدر النفوس ويكون المجتمع بذلك مجتمعا سليما متآلفا.
ومن المواضع التي جاء فيها الأمر بالتعامل بالمعروف ما يلي:
(1)
المفردات (ص 331)
(2)
جامع البيان (13/ 331).
• المطلب الأول: قول المعروف عند الحجر على مال السفيه.
قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)} [النساء: 5].
نهى الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن تُجعل الأموال في يد السفهاء رحمة بهم، والسفيه في هذه الآية هو كل من لا يحسن التصرف في ماله، بالتضييع والإفساد وسوء التصرف فيه رجلا كان أو امرأة صغيرا أو كبيرا
(1)
، فيدخل في ذلك الأيتام
(2)
المتصفين بالسفه ، فيجب أن يحجر عليهم حتى لا يحصل منهم تضييع للمال.
وكما أمر الله ولي السفيه بالإنفاق عليه فقد أمره بحسن التعامل معه وقول المعروف له بأن يعده بإعطاء المال له حال رشده، وأن يطمئنه أن مآل المال راجع إليه، ويبين له أنه قائم على رعاية هذا المال، إلى غير ذلك مما هو من قول المعروف
(3)
.
وهذا القول الحسن يسهم في بناء المجتمع بناء أخلاقيا، وذلك من وجوه:
• الوجه الأول: أن قول المعروف يؤثر في نفس السفيه وقلبه فيزيل السفه عنه، فإن الولي إذا قال لوليه: إن المال صائر إليك حال رشدك، يثير في نفس السفيه تفكيرا في تدبير الأمور، ويكون حافزا له ليتدرب على الترشد في المال، أما إن أغلظ القول له فإنه يزيد سفها إلى سفهه، ويجعل تفكيره محصورا في استخلاص المال من الولي بأي وسيلة كانت.
(4)
• الوجه الثاني: أن قول المعروف أبقى للمودة بين الولي ووليه، فإن السفيه يستنكر منع ما يطلبه دون النظر في مصلحة ذلك، فإذا أضاف الولي إلى منعه قولا منكرا
(1)
انظر: جامع البيان (7/ 565).
(2)
اليتيم في اللغة هو المنفرد عن الأب (التعريفات ص 331)(معجم مقاييس اللغة 6/ 154) وعند الفقهاء هو من مات أبوه قبل البلوغ انظر: مغني المحتاج (3/ 55).
(3)
انظر: جامع البيان (7/ 573).
(4)
انظر: التفسير الكبير (9/ 193).