المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تسمية المحرمات بغير اسمها تزيينا للنفس - الحكم من المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة في آيات القرآن الكريم

[أبو بكر فوزي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ أهمية هذا الموضوع

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌خطة البحث

- ‌شكر وتقدير

- ‌منهج كتابة البحث

- ‌تمهيد

- ‌ تعريف الحكمة

- ‌ علاقة الحكمة بالمقصد والعلة:

- ‌ أقسام الحِكم:

- ‌المبحث الأول: الغاية من تكليف الله تعالى للعبد

- ‌المبحث الثاني: فوائد معرفة الحكم:

- ‌الباب الأول: بناء الفرد المسلم وصلاحه في آيات المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة

- ‌الفصل الأولبناء الفرد المسلم وصلاحه في آيات المعاملات

- ‌المبحث الأول: تقوى الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: التقوى تمنع العبد عن التعامل بالربا

- ‌ المطلب الثاني: تقوى الله تعالى عند الاستدانة وأداء الديْن

- ‌المبحث الثاني: مراقبة الله تعالى

- ‌ المطلب الأول: مراقبة الله تعالى في مال اليتيم

- ‌ المطلب الثاني: مراقبة الله تعالى في أداء الأمانات

- ‌المبحث الثالث: تحقيق الفلاح

- ‌المبحث الرابع: التسليم بقضاء الله وقدره

- ‌المبحث الخامس: تقديم حقوق الله تعالى على مصالح الدنيا

- ‌ المطلب الأول: بيان عقوبة من قدم التجارة على حق الله عز وجل

- ‌ المطلب الثالث: الثناء على من قدّم حق الله على بيعه وتجارته

- ‌المبحث السادس: الحذر من سوء العاقبة

- ‌ المطلب الأول: سوء عاقبة أكل أموال الناس بالباطل

- ‌ المطلب الثاني: سوء عاقبة آكلي الربا

- ‌ المطلب الثالث: سوء عاقبة أكل مال اليتيم

- ‌المبحث الأول: تقوى الله عز وجل

- ‌المبحث الثاني: التفكر في أسماء الله وصفاته

- ‌ المطلب الأول: الحث على مراقبة الله تعالى

- ‌ المطلب الثاني: الحث على التوبة والسعي إلى الإصلاح

- ‌ المطلب الثالث: الرضا بحكم الله وامتثال أمره

- ‌الفصل الثالث: بناء الفرد المسلم وصلاحه في آيات النكاح

- ‌المبحث الأول: تذكر نعمة الله تعالى

- ‌المبحث الثاني: تقوى الله تعالى

- ‌ المطلب الأول: إقامة الحياة الزوجية على مبدأ التقوى بين الرجل والمرأة:

- ‌ المطلب الثالث: تقوى الله تعالى في حال الصلح

- ‌ المطلب الرابع: تقوى الله تعالى عند حصول الطلاق

- ‌ المطلب الخامس: تقوى الله تعالى في إرضاع المولود:

- ‌المبحث الثالث: مراقبة الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: استحضار المراقبة يمنع المطلقة من كتمان ما يتوقف عليه أمر الطلاق

- ‌ المطلب الثاني: استحضار الزوجين للمراقبة حال الخِطبة

- ‌ المطلب الثالث: مراقبة الله تعالى عند رغبة الولي في نكاح اليتيمة التي في حجره

- ‌ المطلب الرابع: استحضار مراقبة الله تعالى حال الخصومة بين الزوجين

- ‌المبحث الرابع: شكر الله عز وجل

- ‌المبحث الخامس: التوكل على الله

- ‌ مطلب: التوكل على الله عند حصول الخلافات أو حدوث الطلاق

- ‌المبحث السادس: التربية على الصبر

- ‌ المطلب الأول: الحث على الصبر عند عدم القدرة على النكاح

- ‌ المطلب الثاني: الصبر عن فتنة الزوجة والأولاد:

- ‌ المطلب الثالث: تربية الزوجة والأولاد على الصبر:

- ‌المبحث السابع: البعد عن قول الزور

- ‌ المطلب الأول: النهي عن قول الزور بين الزوجين

- ‌ المطلب الثاني: النهي عن القذف ورمي المحصنات

- ‌المبحث الثامن: البعد عن العادات السيئة

- ‌ المطلب الأول: التعامل مع المرأة حال الحيض:

- ‌ المطلب الثاني: النهي عن إتيان المرأة في دبرها

- ‌المبحث الأول: تقوى الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: التقوى سبب في تحري الطيب الحلال والبعد عن الحرام

- ‌ المطلب الثاني: التقوى تمنع العبد من الغلو وترك ما أباح الله من الطيبات

- ‌ المطلب الثالث: التقوى باعثة على امتثال أمر الله عز وجل والثبات على دينه

- ‌ المطلب الرابع: تقوى الله تعالى سبب في فتح أبواب الرزق وتسهيل طرقه

- ‌المبحث الثاني: مراقبة الله تعالى

- ‌ المطلب الأول: مراقبة الله عز وجل حال الاضطرار والمخمصة

- ‌ المطلب الثاني: المراقبة توصل العبد إلى محبة الله تعالى، وأهلها مشهود لهم بالفضل والإحسان

- ‌ المطلب الثالث: ابتلاء الله تعالى لعباده بمنعهم نوعا من أنواع الرزق، ليتبين بذلك من يراقبه ممن يخالف أمره

- ‌المبحث الثالث: شكر الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: الأمر بشكر الله على الأكل من الطيبات:

- ‌ المطلب الثاني: بيان منة الله على عباده بنعمة الرزق مع تنوعه، وأن غاية ذلك هو الشكر

- ‌ المطلب الثالث: بيان عاقبة من كفروا بالنعمة ولم يشكروا الله عليها

- ‌المبحث الرابع: تعظيم شعائر الله

- ‌ المطلب الأول: تحريم أكل ما فيه تعظيم لغير الله

- ‌ المطلب الثاني: تغليظ العقوبة لمن تعمد الوقوع في محارم الله

- ‌ المطلب الثالث: ذم عادات الجاهلية في اعتدائهم على الله وإشراك الأصنام معه في قسمة حروثهم وأنعامهم

- ‌المبحث الخامس: اجتناب مسالك الغواية

- ‌ المطلب الأول: اجتناب خطوات الشيطان

- ‌ تحريم ما أحل الله عز وجل

- ‌ الإيحاء بالمعصية والكفر في تحليل ما حرم الله

- ‌ تسمية المحرمات بغير اسمها تزيينا للنفس

- ‌ المطلب الثاني: اجتناب الفسق

- ‌ التحذير من أكل ما يورث الفسق:

- ‌ التحذير من مشابهة الفاسقين

- ‌المبحث الأول: التعامل بالمعروف

- ‌ المطلب الثاني: أخذ الولي الفقير من مال اليتيم بالمعروف

- ‌المبحث الثاني: تحقيق العدل

- ‌ المطلب الثاني: تحقيق العدل في المداينات

- ‌ المطلب الثالث: العدل في الموازين والنهي عن التطفيف فيه

- ‌المبحث الثالث: تعميق مشاعر الأخوة

- ‌ المطلب الثاني: الأمر بكتابة الدَّين

- ‌ المطلب الثالث: التخفيف على الأُجَراء والرحمة بهم

- ‌المبحث الرابع: الحذر من كتمان الشهادة

- ‌المبحث الخامس: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الأول: حفظ المال كحق للأمة بوجه عام

- ‌ المطلب الثاني: حفظ حق الدائن

- ‌ المطلب الثالث: حفظ حق اليتيم والسفيه

- ‌ المطلب الرابع: حفظ حق الكاتب والشهيد

- ‌المبحث الأول: إقامة حدود الله وتعظيم أحكامه

- ‌ المطلب الأول: الوصية بهذه الفرائض، وإضافتها للفظ الجلالة تعظيما لها واهتماما بها

- ‌ المطلب الثاني: بيان عجز العقول عن إدراك ما ينفع العباد ويصلحهم، وتسليم الحكم لله

- ‌ المطلب الثالث: الترغيب في إقامة حدود الله والترهيب من تضييعها

- ‌المبحث الثاني: التكافل الاجتماعي

- ‌ المطلب الأول: قيام التوارث في بداية الأمر على الهجرة:

- ‌ المطلب الثاني: الأمر بإيتاء من حضر القسمة منها، من الأقرباء غير الورثة أو الضعفاء

- ‌المبحث الثالث: صلة الرحم

- ‌ توريث ذوي الأرحام

- ‌ التوريث بالنكاح والولاء

- ‌المبحث الرابع: تحقيق العدل بين الرجل والمرأة

- ‌ المطلب الأول: إبطال وإنكار عادات الجاهلية التي فيها ظلم للمرأة والصغير

- ‌ المطلب الثاني: ما فرضه الله من أن للذكر مثل حظ الأنثيين

- ‌المبحث الخامس: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الأول: حفظ حق الورثة:

- ‌ المطلب الثاني: حفظ حق الدائن:

- ‌ المطلب الثالث: حفظ حق الموصى له:

- ‌ المطلب الرابع: حفظ حق الميت:

- ‌المبحث الأول: إقامة حدود الله وتعظيمها

- ‌ المطلب الأول: مشروعية افتراق الزوجين عند الخشية ألا يقيما حدود الله ولو بالافتداء

- ‌ المطلب الثاني: ثناء الله جل وعلا لمن يقيم حدوده، وذمه للمخالف والمعرض عنها

- ‌المبحث الثاني: بناء الأسرة الصالحة

- ‌ المطلب الأول: تحريم نكاح المشركات وإنكاح المشركين

- ‌ المطلب الثاني: اشتراط اختيار الزوج الصالح البعيد عن الفواحش والفجور رجلا كان أو امرأة

- ‌ المطلب الثالث: التضييق في نكاح الإماء

- ‌المبحث الثالث: التكاثر والتناسل

- ‌ المطلب الأول: التكاثر والتناسل عن طريق النكاح سنة الله في الكون

- ‌ المطلب الثاني: الرد على دعاة تحديد النسل

- ‌المبحث الرابع: الطمأنينة والسكن

- ‌ المطلب الأول: حصول المودة والرحمة بين الزوجين:

- ‌ المطلب الثاني: اطمئنان البيوت

- ‌ المطلب الثالث: الترويح عن النفس وتجديد الهمة

- ‌المبحث الخامس: التعامل بالمعروف

- ‌ المطلب الأول: المعاشرة بالمعروف:

- ‌ المطلب الثاني: التعامل بالمعروف في الطلاق

- ‌ المطلب الثالث: فعل المعروف في زمن العدة وبعد انقضائها

- ‌المبحث السادس: التكافل الاجتماعي

- ‌ المطلب الأول: النكاح أصل النظام البشري في الاجتماع والترابط

- ‌ المطلب الثاني: النكاح مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي

- ‌ المطلب الثالث: قطع كل سبيل يفضي إلى التباغض بين الأقربين

- ‌المبحث السابع: حفظ الأعراض

- ‌ المطلب الأول: وجوب انتساب الذرية للآباء

- ‌ المطلب الثاني: تحريم نكاح المحارم

- ‌ المطلب الثالث: فرض العدة على المطلقة والمتوفى عنها زوجها

- ‌ المطلب الرابع: مشروعية اللعان

- ‌المبحث الثامن: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الأول: حفظ حق الزوج

- ‌ المطلب الثاني: حقوق الزوجة:

- ‌المبحث التاسع: حفظ العفة ومحاربة الرذيلة

- ‌ المطلب الأول: الاستعفاف لمن لا يستطيع النكاح

- ‌ المطلب الثاني: تعدد الزوجات وأثره في عفاف المجتمع

- ‌ المطلب الثالث: نهي المطلقة عن الخروج من بيتها وأثره في عفتها وعفة المجتمع

- ‌ المطلب الرابع: النهي عن إشاعة الفاحشة وعقوبة من يحب ذلك

- ‌المبحث الأول: إقامة شعائر الله

- ‌المبحث الثاني: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الثاني: تحريم ما يفسد العقل والبدن ويؤثر في صحتهما

- ‌المبحث الثالث: تعميق مشاعر الأخوة

- ‌الباب الثالث: التيسير ورفع الحرج على الفرد والمجتمع في آيات المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة

- ‌الفصل الأول التيسير ورفع الحرج في آيات المعاملات

- ‌المبحث الأول: الرفق بالمدين والتخفيف عليه

- ‌المبحث الثاني: التيسير على الأمة فيما يصلح معيشتهم

- ‌ المطلب الأول: الامتنان على العباد بإباحة التكسب لهم على وجه العموم

- ‌ المطلب الثاني: إباحة صنوف المعاملات التي يحصل بها النفع والتيسير على الأمة

- ‌ المطلب الثالث: تنوع طبائع الناس في اختيارهم طرق كسبهم وسبل معاشهم

- ‌ المطلب الرابع: رفع الحرج والإثم عمن تاب من المعاملات المالية المحرمة

- ‌الفصل الثاني التيسير ورفع الحرج في آيات المواريث

- ‌ المطلب الأول: التيسير في أسلوب التبليغ

- ‌ المطلب الثاني: مشروعية الوصية للميت

- ‌ المطلب الثالث: النهي عن الضرر

- ‌الفصل الثالث التيسير ورفع الحرج في آيات النكاح

- ‌المبحث الأول: تيسير أمر النكاح

- ‌ المطلب الأول: تيسير مؤونة النكاح

- ‌ المطلب الثاني: رفع الحرج عن نكاح الأمة عند عدم القدرة على نكاح الحرة

- ‌ المطلب الثالث: رفع الحرج بالتعريض في خطبة من توفي عنها زوجها

- ‌المبحث الثاني: التيسير في إباحة الطلاق

- ‌ المطلب الأول: رفع الجناح عن الطلاق قبل البناء

- ‌ المطلب الثاني: رفع الجناح أن تختلع المرأة من زوجها عند الحاجة

- ‌ المطلب الثالث: إباحة اللعان رفعا للحرج عن الزوج

- ‌المبحث الثالث: التيسير في حل الخلافات والمشاكل الأسرية

- ‌ المطلب الأول: في الإيلاء

- ‌الفصل الرابع التيسير ورفع الحرج في آيات الأطعمة

- ‌المبحث الأول: التيسير في إباحة الطيبات

- ‌ المطلب الأول: عموم الإباحة وحصر المحرمات

- ‌ المطلب الثاني: التقرير بإباحة الطيبات على وجه الثبوت والدوام

- ‌المبحث الثاني: التيسير ورفع الحرج عن المضطر

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌ تسمية المحرمات بغير اسمها تزيينا للنفس

وأخرج بسنده إلى قتادة أن عدوّ الله إبليس، أوحى إلى أوليائه من أهل الضلالة فقال لهم: خاصموا أصحاب محمد في الميتة فقولوا: أما ما ذبحتم وقتلتم فتأكلون، وأما ما قتل الله فلا تأكلون، وأنتم تزعمون أنكم تتبعون أمرَ الله! فأنزل الله على نبيه:{وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} ، وإنا والله ما نعلمه كان شرك قط إلا بإحدى ثلاث: أن يدعو مع الله إلهًا آخر، أو يسجد لغير الله، أو يسمي الذبائح لغير الله

(1)

•‌

‌ تسمية المحرمات بغير اسمها تزيينا للنفس

.

لما حرم الله على آدم عليه السلام الأكل من الشجرة لم يطمعا في الأكل من الشجرة حتى أتاهما الشيطان وغرهما وأسمى هذه الشجرة بشجرة الخلد مكرا وكيدا منه.

وكذلك الحال مع بني آدم فإن الشيطان يزين لهم ما حرمه عليهم من الطعام والشراب فيزين لهم الخمر بتسميتها شراب الأفراح، أو مشروب الروح ونحو ذلك، فيقع العبد بهذه الوسيلة في المعصية، حيث يخف وقع الاسم عليه فيدعوه ذلك لشرب الخمر.

(2)

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته هذه المكيدة الإبليسية، فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، ويضرب على رءوسهم المعازف، والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة، والخنازير)

(3)

فهاهو النبي صلى الله عليه وسلم يبين لأمته ما يحصل من تسمية ما حرمه الله تعالى بغير اسمه ومن ذلك الخمر وأخبر بالوعيد الشديد لمن يغير الحقائق ويغر الناس.

(1)

جامع البيان (12/ 80 ، 81).

(2)

انظر: إغاثة اللهفان (1/ 112).

(3)

أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم (22951) ، وأبو داود في سننه، كتاب الأشربة، باب ما جاء في الداذي برقم (3688). والنسائي في السنن، كتاب الأشربة، باب منزلة الخمر، برقم (5658) ، وابن ماجة في كتاب الفتن، باب العقوبات، برقم (4020) ، وابن حبان في صحيحه، كتاب التاريخ، باب إخباره صلى الله عليه وسلم عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، برقم (6758)، والحاكم في المستدرك في كتاب الأشربة برقم (7237) وصححه وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وقال الألباني: صحيح لغيره (صحيح الترغيب والترهيب 2/ 302).

ص: 167

فعلى العبد أن يحذر الوقوع في حبائل الشيطان، فإن أي عمل محرم فهو من خطوات الشيطان، فقد أخرج ابن أبي حاتم بسنده إلى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: خطوات الشيطان: عمله

(1)

.

وأخبرنا الله تعالى أن الخمر من عمل الشيطان وحذرنا وأمرنا باجتنابها فقال:

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} [المائدة:90].

ومن عمل الشيطان كل طعام حرمه الله تعالى علينا من ميتة أو مما لم يذكر اسم الله عليه، فهو الذي يحمل العبد على الوقوع في شراكه وفي أعماله المحرمة.

وقد جاء في تفسير قوله: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} : أنه هو الذي عمل مبادئ هذه الأمور بنفسه ثم اقتدى بها غيره

(2)

.

ويعضد هذا القول ما أخرجه عبد الرزاق

(3)

عن معمر

(4)

عن قتادة قال: (لما أهبط إبليس قال: أي رب! قد لعنته فما عمله؟ قال: السحر، قال: فما قراءته؟ قال:

(1)

تفسير ابن أبي حاتم (2/ 371).

(2)

انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 288).

(3)

عبد الرزاق بن همام بن نافع أبو بكر مولى حمير اليماني ولد سنة 126 هـ حدث عن: معمر، فأكثر عنه، والأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس ، وحدث عنه: شيخه سفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وابن راهويه ويحيى بن معين وعلي بن المديني، قال عبد الرزاق: لزمت معمرا ثماني سنين، وعن ابن معينقال: كان عبد الرزاق في حديث معمر أثبت من هشام بن يوسف، وقال الإمام أحمد: إذا اختلف أصحاب معمر، فالحديث لعبد الرزاق. قال عنه ابن حجر: ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخر عمره فتغير، وقال البخاري: ما حدث من كتابه فهو أصح، مات سنة 211 هـ (سير أعلام النبلاء 9/ 564، 565)(تقريب التهذيب 1/ 354)(التاريخ الكبير 6/ 130).

(4)

معمر بن راشد الإمام الحافظ، أبو عروة بن أبي عمرو الازدي، مولاهم البصري، نزيل اليمن، مولده سنة خمس أو ست وتسعين، وطلب العلم وهو حدث، حدث عن: قتادة والزهري وعمرو بن دينار، وهمام بن منبه

وحدث عنه: أيوب، وعمرو بن دينار، والسفيانان، وابن المبارك وعبد الرزاق بن همام .. عن معمر، قال: سمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة، فما شئ سمعت في تلك السنين إلا وكأنه مكتوب في صدري =

= قال أبو حفص الفلاس: معمر من أصدق الناس، وثقه النسائي وابن حبان وغيرهم مات في رمضان سنة 152 هـ أو 153 هـ (سير أعلام النبلاء 7/ 5 - 7)(تهذيب التهذيب 10/ 219)

ص: 168

الشعر، قال: فما كتابه؟ قال: الوشم، قال: فما طعامه؟ قال: كل ميتة، وما لم يذكر اسم الله عليه، قال: فما شرابه؟ قال: كل مسكر، قال: فأين مسكنه؟ قال: الحمام، قال: فأين مجلسه؟ قال: الاسواق، قال: فما صوته؟ قال: المزمار، قال: فما مصايده؟ قال: النساء)

(1)

.

فدل هذا الأثر على أن شرب المسكر وأكل المحرمات من أعمال الشيطان، ويريد الشيطان أن يوقع بني آدم في هذه المحرمات التي سماها الله تعالى رجسا أي: شرّاً وسخطا

(2)

، وهي توصل إلى الغواية ولا شك، كيف لا وهي تصد العبد عن ذكر ربه، وعن الصلاة كما نصت الآية الكريمة فهي تلهي القلب والبدن عن خالقه، وتبعده عن النجاح والفلاح، وقد بين الله تعالى في سورة النور أن خطوات الشيطان تقود كذلك إلى الفحشاء والمنكر فقال عز وجل:{وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور:21].

فمن رحمة الله تعالى وحكمته أن أمرنا باجتناب ما يبعدنا عنه، ونهانا عن كل ما يشين العبد في الدنيا ويوبقه في الآخرة.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، باب الشعر والرجز برقم (20511)(11/ 268) ، والبيهقي في شعب الإيمان، باب في حفظ اللسان برقم (5091)(4/ 277).

(2)

انظر: جامع البيان (10/ 565) ، تفسير ابن أبي حاتم (4/ 1199).

ص: 169