الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليها ولا تجد ذا عصمة يذب عنها وقد لا تجد مسكنا فلذلك كان في وجوب السكنى لها حفظ لكرامتها وعفتها، وصيانة للمجتمع من أسباب الفساد
(1)
.
ولذلك فقد أباح الله إخراجها إن وقعت في الفاحشة، ونهى في حالة التعريض بخطبة المطلقة البائنة أو المتوفى عنها زوجها بأن يواعدها الخاطب سرا في حال عدتها كل ذلك صيانة لعفة المجتمع كما قال تعالى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235].
•
المطلب الرابع: النهي عن إشاعة الفاحشة وعقوبة من يحب ذلك
.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)} [النور: 19] فالفواحش قد تحدث في المجتمعات ولكن الأصل فيها أن تستر فلا تنشر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)
(2)
،وأن يتم علاجها بالطرق الشرعية، ومن علامة المؤمن أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه فكما لا يحب المسلم أن يشاع عنه خبر سيء، فكذلك لا ينبغي له أن يشيع الأخبار السيئة عن الناس وخصوصا فيما يتعلق بأعراضهم.
ثم إن الله تعالى لما حرم هذه الفواحش زرع في قلوب الناس الترهيب منها وعظمة جرم من اقترفها حتى تنصرف قلوب الناس وعقولهم عن التفكير فيها ويتهيبون وقوعها أما إذا انتشر بين المجتمع الحديث عن وقوع هذه الفواحش تذكرتها الخواطر وخف وقع خبرها على الأسماع فتخف هيبتها في النفوس ويحصل التهاون بوقوعها فلا تلبث النفوس الخبيثة أن تقدم على اقترافها، وبمقدار تكرر وقوعها وتكرر الحديث عنها يصير أمرها معتادا بين الناس ويخف إنكارها.
(1)
التحرير والتنوير (28/ 304).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2310) ، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم برقم (2580).
ولذلك فإن قوم لوط عليه السلام حين استمرؤوا الفاحشة والوقوع فيها اعتبروا الطهر جريمة فقالوا عن لوط عليه السلام ما أخبر الله عنه بقوله: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)} [الأعراف: 82].
ولذلك فإن في النهي عن إشاعة الفاحشة صونا لعفة المجتمع.
ولعظمة هذا الأمر وأثره في فساد المجتمع توعد الله مجرد من يحب إشاعة هذه الفواحش ويستحبها بقلبه، فكيف بمن أظهرها ونشرها؟!
وسواء كانت هذه الفاحشة قد حصلت، أو لم تحصل، والثانية أشد وأعظم لما فيها من قذف الأطهار من الرجال والنساء فلذلك جعل الله عقوبة القاذف بدنية ونفسية ودينية فقال:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} [النور: 4].
وفي ختْم الآية بقوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} أعظم تأديب للمؤمنين بأن يجتنبوا هذه الظاهرة السيئة لأنه سبحانه يعلم ما في ذلك من المفاسد فنهى العباد عنها وهم لا يعلمون ما يترتب عليها من الشرور والمصائب فيحسبون التحدث بذلك هينا وهو عند الله عظيم.
(1)
(1)
انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (3/ 485) ، التحرير والتنوير (18/ 184، 185).
الفصل الرابع: بناء المجتمع المسلم وصلاحه في آيات الأطعمة
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: إقامة شعائر الله.
المبحث الثاني: حفظ الحقوق.
المبحث الثالث: تعميق مشاعر الأخوة.