المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المطلب الأول: حفظ حق الزوج - الحكم من المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة في آيات القرآن الكريم

[أبو بكر فوزي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ أهمية هذا الموضوع

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌خطة البحث

- ‌شكر وتقدير

- ‌منهج كتابة البحث

- ‌تمهيد

- ‌ تعريف الحكمة

- ‌ علاقة الحكمة بالمقصد والعلة:

- ‌ أقسام الحِكم:

- ‌المبحث الأول: الغاية من تكليف الله تعالى للعبد

- ‌المبحث الثاني: فوائد معرفة الحكم:

- ‌الباب الأول: بناء الفرد المسلم وصلاحه في آيات المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة

- ‌الفصل الأولبناء الفرد المسلم وصلاحه في آيات المعاملات

- ‌المبحث الأول: تقوى الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: التقوى تمنع العبد عن التعامل بالربا

- ‌ المطلب الثاني: تقوى الله تعالى عند الاستدانة وأداء الديْن

- ‌المبحث الثاني: مراقبة الله تعالى

- ‌ المطلب الأول: مراقبة الله تعالى في مال اليتيم

- ‌ المطلب الثاني: مراقبة الله تعالى في أداء الأمانات

- ‌المبحث الثالث: تحقيق الفلاح

- ‌المبحث الرابع: التسليم بقضاء الله وقدره

- ‌المبحث الخامس: تقديم حقوق الله تعالى على مصالح الدنيا

- ‌ المطلب الأول: بيان عقوبة من قدم التجارة على حق الله عز وجل

- ‌ المطلب الثالث: الثناء على من قدّم حق الله على بيعه وتجارته

- ‌المبحث السادس: الحذر من سوء العاقبة

- ‌ المطلب الأول: سوء عاقبة أكل أموال الناس بالباطل

- ‌ المطلب الثاني: سوء عاقبة آكلي الربا

- ‌ المطلب الثالث: سوء عاقبة أكل مال اليتيم

- ‌المبحث الأول: تقوى الله عز وجل

- ‌المبحث الثاني: التفكر في أسماء الله وصفاته

- ‌ المطلب الأول: الحث على مراقبة الله تعالى

- ‌ المطلب الثاني: الحث على التوبة والسعي إلى الإصلاح

- ‌ المطلب الثالث: الرضا بحكم الله وامتثال أمره

- ‌الفصل الثالث: بناء الفرد المسلم وصلاحه في آيات النكاح

- ‌المبحث الأول: تذكر نعمة الله تعالى

- ‌المبحث الثاني: تقوى الله تعالى

- ‌ المطلب الأول: إقامة الحياة الزوجية على مبدأ التقوى بين الرجل والمرأة:

- ‌ المطلب الثالث: تقوى الله تعالى في حال الصلح

- ‌ المطلب الرابع: تقوى الله تعالى عند حصول الطلاق

- ‌ المطلب الخامس: تقوى الله تعالى في إرضاع المولود:

- ‌المبحث الثالث: مراقبة الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: استحضار المراقبة يمنع المطلقة من كتمان ما يتوقف عليه أمر الطلاق

- ‌ المطلب الثاني: استحضار الزوجين للمراقبة حال الخِطبة

- ‌ المطلب الثالث: مراقبة الله تعالى عند رغبة الولي في نكاح اليتيمة التي في حجره

- ‌ المطلب الرابع: استحضار مراقبة الله تعالى حال الخصومة بين الزوجين

- ‌المبحث الرابع: شكر الله عز وجل

- ‌المبحث الخامس: التوكل على الله

- ‌ مطلب: التوكل على الله عند حصول الخلافات أو حدوث الطلاق

- ‌المبحث السادس: التربية على الصبر

- ‌ المطلب الأول: الحث على الصبر عند عدم القدرة على النكاح

- ‌ المطلب الثاني: الصبر عن فتنة الزوجة والأولاد:

- ‌ المطلب الثالث: تربية الزوجة والأولاد على الصبر:

- ‌المبحث السابع: البعد عن قول الزور

- ‌ المطلب الأول: النهي عن قول الزور بين الزوجين

- ‌ المطلب الثاني: النهي عن القذف ورمي المحصنات

- ‌المبحث الثامن: البعد عن العادات السيئة

- ‌ المطلب الأول: التعامل مع المرأة حال الحيض:

- ‌ المطلب الثاني: النهي عن إتيان المرأة في دبرها

- ‌المبحث الأول: تقوى الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: التقوى سبب في تحري الطيب الحلال والبعد عن الحرام

- ‌ المطلب الثاني: التقوى تمنع العبد من الغلو وترك ما أباح الله من الطيبات

- ‌ المطلب الثالث: التقوى باعثة على امتثال أمر الله عز وجل والثبات على دينه

- ‌ المطلب الرابع: تقوى الله تعالى سبب في فتح أبواب الرزق وتسهيل طرقه

- ‌المبحث الثاني: مراقبة الله تعالى

- ‌ المطلب الأول: مراقبة الله عز وجل حال الاضطرار والمخمصة

- ‌ المطلب الثاني: المراقبة توصل العبد إلى محبة الله تعالى، وأهلها مشهود لهم بالفضل والإحسان

- ‌ المطلب الثالث: ابتلاء الله تعالى لعباده بمنعهم نوعا من أنواع الرزق، ليتبين بذلك من يراقبه ممن يخالف أمره

- ‌المبحث الثالث: شكر الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: الأمر بشكر الله على الأكل من الطيبات:

- ‌ المطلب الثاني: بيان منة الله على عباده بنعمة الرزق مع تنوعه، وأن غاية ذلك هو الشكر

- ‌ المطلب الثالث: بيان عاقبة من كفروا بالنعمة ولم يشكروا الله عليها

- ‌المبحث الرابع: تعظيم شعائر الله

- ‌ المطلب الأول: تحريم أكل ما فيه تعظيم لغير الله

- ‌ المطلب الثاني: تغليظ العقوبة لمن تعمد الوقوع في محارم الله

- ‌ المطلب الثالث: ذم عادات الجاهلية في اعتدائهم على الله وإشراك الأصنام معه في قسمة حروثهم وأنعامهم

- ‌المبحث الخامس: اجتناب مسالك الغواية

- ‌ المطلب الأول: اجتناب خطوات الشيطان

- ‌ تحريم ما أحل الله عز وجل

- ‌ الإيحاء بالمعصية والكفر في تحليل ما حرم الله

- ‌ تسمية المحرمات بغير اسمها تزيينا للنفس

- ‌ المطلب الثاني: اجتناب الفسق

- ‌ التحذير من أكل ما يورث الفسق:

- ‌ التحذير من مشابهة الفاسقين

- ‌المبحث الأول: التعامل بالمعروف

- ‌ المطلب الثاني: أخذ الولي الفقير من مال اليتيم بالمعروف

- ‌المبحث الثاني: تحقيق العدل

- ‌ المطلب الثاني: تحقيق العدل في المداينات

- ‌ المطلب الثالث: العدل في الموازين والنهي عن التطفيف فيه

- ‌المبحث الثالث: تعميق مشاعر الأخوة

- ‌ المطلب الثاني: الأمر بكتابة الدَّين

- ‌ المطلب الثالث: التخفيف على الأُجَراء والرحمة بهم

- ‌المبحث الرابع: الحذر من كتمان الشهادة

- ‌المبحث الخامس: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الأول: حفظ المال كحق للأمة بوجه عام

- ‌ المطلب الثاني: حفظ حق الدائن

- ‌ المطلب الثالث: حفظ حق اليتيم والسفيه

- ‌ المطلب الرابع: حفظ حق الكاتب والشهيد

- ‌المبحث الأول: إقامة حدود الله وتعظيم أحكامه

- ‌ المطلب الأول: الوصية بهذه الفرائض، وإضافتها للفظ الجلالة تعظيما لها واهتماما بها

- ‌ المطلب الثاني: بيان عجز العقول عن إدراك ما ينفع العباد ويصلحهم، وتسليم الحكم لله

- ‌ المطلب الثالث: الترغيب في إقامة حدود الله والترهيب من تضييعها

- ‌المبحث الثاني: التكافل الاجتماعي

- ‌ المطلب الأول: قيام التوارث في بداية الأمر على الهجرة:

- ‌ المطلب الثاني: الأمر بإيتاء من حضر القسمة منها، من الأقرباء غير الورثة أو الضعفاء

- ‌المبحث الثالث: صلة الرحم

- ‌ توريث ذوي الأرحام

- ‌ التوريث بالنكاح والولاء

- ‌المبحث الرابع: تحقيق العدل بين الرجل والمرأة

- ‌ المطلب الأول: إبطال وإنكار عادات الجاهلية التي فيها ظلم للمرأة والصغير

- ‌ المطلب الثاني: ما فرضه الله من أن للذكر مثل حظ الأنثيين

- ‌المبحث الخامس: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الأول: حفظ حق الورثة:

- ‌ المطلب الثاني: حفظ حق الدائن:

- ‌ المطلب الثالث: حفظ حق الموصى له:

- ‌ المطلب الرابع: حفظ حق الميت:

- ‌المبحث الأول: إقامة حدود الله وتعظيمها

- ‌ المطلب الأول: مشروعية افتراق الزوجين عند الخشية ألا يقيما حدود الله ولو بالافتداء

- ‌ المطلب الثاني: ثناء الله جل وعلا لمن يقيم حدوده، وذمه للمخالف والمعرض عنها

- ‌المبحث الثاني: بناء الأسرة الصالحة

- ‌ المطلب الأول: تحريم نكاح المشركات وإنكاح المشركين

- ‌ المطلب الثاني: اشتراط اختيار الزوج الصالح البعيد عن الفواحش والفجور رجلا كان أو امرأة

- ‌ المطلب الثالث: التضييق في نكاح الإماء

- ‌المبحث الثالث: التكاثر والتناسل

- ‌ المطلب الأول: التكاثر والتناسل عن طريق النكاح سنة الله في الكون

- ‌ المطلب الثاني: الرد على دعاة تحديد النسل

- ‌المبحث الرابع: الطمأنينة والسكن

- ‌ المطلب الأول: حصول المودة والرحمة بين الزوجين:

- ‌ المطلب الثاني: اطمئنان البيوت

- ‌ المطلب الثالث: الترويح عن النفس وتجديد الهمة

- ‌المبحث الخامس: التعامل بالمعروف

- ‌ المطلب الأول: المعاشرة بالمعروف:

- ‌ المطلب الثاني: التعامل بالمعروف في الطلاق

- ‌ المطلب الثالث: فعل المعروف في زمن العدة وبعد انقضائها

- ‌المبحث السادس: التكافل الاجتماعي

- ‌ المطلب الأول: النكاح أصل النظام البشري في الاجتماع والترابط

- ‌ المطلب الثاني: النكاح مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي

- ‌ المطلب الثالث: قطع كل سبيل يفضي إلى التباغض بين الأقربين

- ‌المبحث السابع: حفظ الأعراض

- ‌ المطلب الأول: وجوب انتساب الذرية للآباء

- ‌ المطلب الثاني: تحريم نكاح المحارم

- ‌ المطلب الثالث: فرض العدة على المطلقة والمتوفى عنها زوجها

- ‌ المطلب الرابع: مشروعية اللعان

- ‌المبحث الثامن: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الأول: حفظ حق الزوج

- ‌ المطلب الثاني: حقوق الزوجة:

- ‌المبحث التاسع: حفظ العفة ومحاربة الرذيلة

- ‌ المطلب الأول: الاستعفاف لمن لا يستطيع النكاح

- ‌ المطلب الثاني: تعدد الزوجات وأثره في عفاف المجتمع

- ‌ المطلب الثالث: نهي المطلقة عن الخروج من بيتها وأثره في عفتها وعفة المجتمع

- ‌ المطلب الرابع: النهي عن إشاعة الفاحشة وعقوبة من يحب ذلك

- ‌المبحث الأول: إقامة شعائر الله

- ‌المبحث الثاني: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الثاني: تحريم ما يفسد العقل والبدن ويؤثر في صحتهما

- ‌المبحث الثالث: تعميق مشاعر الأخوة

- ‌الباب الثالث: التيسير ورفع الحرج على الفرد والمجتمع في آيات المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة

- ‌الفصل الأول التيسير ورفع الحرج في آيات المعاملات

- ‌المبحث الأول: الرفق بالمدين والتخفيف عليه

- ‌المبحث الثاني: التيسير على الأمة فيما يصلح معيشتهم

- ‌ المطلب الأول: الامتنان على العباد بإباحة التكسب لهم على وجه العموم

- ‌ المطلب الثاني: إباحة صنوف المعاملات التي يحصل بها النفع والتيسير على الأمة

- ‌ المطلب الثالث: تنوع طبائع الناس في اختيارهم طرق كسبهم وسبل معاشهم

- ‌ المطلب الرابع: رفع الحرج والإثم عمن تاب من المعاملات المالية المحرمة

- ‌الفصل الثاني التيسير ورفع الحرج في آيات المواريث

- ‌ المطلب الأول: التيسير في أسلوب التبليغ

- ‌ المطلب الثاني: مشروعية الوصية للميت

- ‌ المطلب الثالث: النهي عن الضرر

- ‌الفصل الثالث التيسير ورفع الحرج في آيات النكاح

- ‌المبحث الأول: تيسير أمر النكاح

- ‌ المطلب الأول: تيسير مؤونة النكاح

- ‌ المطلب الثاني: رفع الحرج عن نكاح الأمة عند عدم القدرة على نكاح الحرة

- ‌ المطلب الثالث: رفع الحرج بالتعريض في خطبة من توفي عنها زوجها

- ‌المبحث الثاني: التيسير في إباحة الطلاق

- ‌ المطلب الأول: رفع الجناح عن الطلاق قبل البناء

- ‌ المطلب الثاني: رفع الجناح أن تختلع المرأة من زوجها عند الحاجة

- ‌ المطلب الثالث: إباحة اللعان رفعا للحرج عن الزوج

- ‌المبحث الثالث: التيسير في حل الخلافات والمشاكل الأسرية

- ‌ المطلب الأول: في الإيلاء

- ‌الفصل الرابع التيسير ورفع الحرج في آيات الأطعمة

- ‌المبحث الأول: التيسير في إباحة الطيبات

- ‌ المطلب الأول: عموم الإباحة وحصر المحرمات

- ‌ المطلب الثاني: التقرير بإباحة الطيبات على وجه الثبوت والدوام

- ‌المبحث الثاني: التيسير ورفع الحرج عن المضطر

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌ المطلب الأول: حفظ حق الزوج

‌المبحث الثامن: حفظ الحقوق

إن من رحمة الله تبارك وتعالى أن شرع الله لكلا الزوجين ما لهما من الحقوق وما عليهما من واجبات، وأمرهما بحفظ هذه الحقوق والقيام بها كما ينبغي، وذلك أن النكاح من المعاملات التي إن لم توضع لها الحدود وتبيّن فيها الحقوق فسيكثر وقوع الخلاف والنزاع الذي ينافي حكمة النكاح في الطمأنينة والاستقرار، فالزوج قد يطلب من زوجه حقوقا ليست له والزوجة قد تطلب حقوقا ليست لها.

ولذلك فقد جاء في القرآن العظيم بيان الحقوق التي تخص كلا الزوجين حتى تتضح المعالم وتتحدد المسؤوليات ويزول الغموض والالتباس عن كلا الزوجين في المطالبة بحقوقهما.

ولقد قرر القرآن الكريم هذا المبدأ العام في حفظ الحقوق بقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ

} الآية [البقرة: 228] ثم فصل في هذه الحقوق على ما سيأتي:

•‌

‌ المطلب الأول: حفظ حق الزوج

.

1.

تدبير شؤون الأسرة: وهذا الحق من الحقوق المندرجة تحت قول الله تعالى:

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34] فالزوج هو حاكم هذه الأسرة ورئيسها، وهو القائم بتدبير مصالحها، وذلك أن الله فضله بزيادة العقل والدين والولاية وبذلك كان هو الأحق بالنظر في الأقوم لبيته وزوجه وولده، ولذلك فإنه إذا اجتهد في أمر ورأى صلاحه فهو الأحق بتطبيق هذا الأمر

(1)

.

ولا يعني هذا ألا يستشير أهله وولده في شؤون الأسرة ولكن هو الذي عليه تطبيق الأصلح لأسرته وأهل بيته.

(1)

انظر: تفسير القرآن العظيم (2/ 292) ، روح المعاني (5/ 23).

ص: 276

ولذلك فإن على الزوجة أن ترعى هذا الحق لزوجها وتعاونه فيه لا أن تزاحمه أو تنافسه فإنها بذلك تكون معتدية متطلبة حقا لم يكلفها الله به، كما أن على الزوج أن يلتزم بالقيام بهذا الحق فإن ذلك من أسباب قوامته ومما أوجبه الله عليه قبل أن يكون حقا له على زوجته.

2.

حق الطاعة.

طاعة الزوجة لزوجها حق من حقوقه، فإن قوامة الرجل تقتضي ذلك، وهي داخلة في قوله تعالى:{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34]

فبين الله جل وعلا أن الصالحات قانتات أي مطيعات لربهن قائمات بحقه، ومطيعات لأزواجهن، وأنهن حافظات لحق أزواجهن و حافظات لأنفسهن حال غيب أزواجهن، بل حافظات لكل ما غاب عنهم فلا يتحدثن بما يكون بينه وبينهن، ولا يفشين له سرا

(1)

.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في تفسير قوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} يعني: أمرَاء، عليها أن تطيعه فيما أمرَها الله به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنةً إلى أهله، حافظةً لماله

(2)

.

وطاعة الزوج من أعظم أسباب استقرار الأسرة وعدم تفككها، فإن الطاعة تجلب الرضا وتمنع الخلاف والتباغض.

وإن من تمام الطاعة وكمالها حسن عشرة الزوج والقيام على ما يصلحه، فمن قامت بذلك فهي من خير النساء فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي النساء خير؟ قال: (التي تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها ولا في ماله)

(3)

.

(1)

انظر: جامع البيان (8/ 297) ، البحر المحيط (3/ 337).

(2)

أخرجه الطبري في تفسيره عن علي بن أبي طلحة (8/ 290).

(3)

أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم (9585) وقال الأرناؤوط في تعليقه: إسناده قوي، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (8/ 295) ، والحاكم في المستدرك، كتاب النكاح برقم (2683) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وأخرجه كذلك عن مجاهد عن ابن عباس بلفظ قريب منه وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (كتاب الزكاة 1487).

ص: 277

وعنه رضي الله قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولده في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده)

(1)

.

فهذان الحديثان يبينان أن صلاح المرأة وطاعتها لزوجها وحسن مخالطته من أعظم حِكَم النكاح

(2)

.

وقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم من اتصفت بهذه الصفات بالجنة، فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)

(3)

.

ولا شك أن هذه الطاعة مشروطة بألا يأمرها بمعصية فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله)

(4)

.

3.

حق التأديب:

إذا نشزت الزوجة وتمردت على زوجها ولم تقم بحقوقه التي أمرها الله بالقيام بها فقد شرع الله للزوج حق التأديب وذلك في قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)} [النساء: 34] كما شرع له في الآية سبل التأديب التي يقوم بها، فبأي وسيلة حصل التأديب فلا ينبغي له أن يتعداها إلى غيرها.

فأول طريق يسلكه الزوج: الموعظة، وذلك بأن يذكرها بالله في القيام بحقه وما توعدها الله من العقاب على المعصية وما وعدها به من الثواب على الطاعة، فإن هي تذكرت ورجعت وأنابت فقد حصل المقصود.

(1)

أخرجه البخاري كتاب النكاح، باب إلى من ينكح وأي النساء خير وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير أيجاب برقم (4794) ، ومسلم في كتاب الفضائل، باب من فضائل نساء قريش برقم (2527).

(2)

انظر: حجة الله البالغة (2/ 960) ، فتح الباري (9/ 157).

(3)

رواه الإمام أحمد في المسند برقم (1661). وحكم عليه الشيخ الأرناؤوط في تعليقه على المسند بالحسن لغيره، وكذلك الشيخ الألباني وقال: رواته رواة الصحيح خلا ابن لهيعة وحديثه حسن في المتابعات (صحيح الترغيب والترهيب 2/ 196).

(4)

أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم (20672)، وصححه الألباني انظر:(صحيح الجامع 2/ 1250).

ص: 278

وإن أصرت وعاندت فله أن يستخدم الطريق الثاني وهو هجرانها: وذلك بأن يهجرها في المضجع ويوليها ظهره فلا يجامعها وزاد بعض المفسرين هجرانها في الحديث فلا يخاطبها وهذا له أثر شديد على الزوجة وغالبا ما ترجع بعد ذلك وتتوب

(1)

.

فإن تمادت في نشوزها ولم تُجْد الوسائل السابقة فقد أباح الله له أن يضربها.

وقد بينت السنة هذا الضرب بأنه ضرب غير شديد لا يؤثر في جسدها ولا يكسر لها عضوا

(2)

.

وينبغي على الزوج ألا يتخذ هذا الأسلوب إلا عند الحاجة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تضربوا إماء الله) فجاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذئرن

(3)

النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم)

(4)

.

4.

حق الخدمة.

فللمرأة على زوجها حق خدمته والقيام بشؤون المنزل وإصلاح ما يحتاجه في ملبسه ومأكله فإن الله تعالى قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] أي: ما تعارف عليه الناس من حقوق للزوج على زوجه ومن ذلك الخدمة

(5)

، فإن المرأة إذا ترفهت عن خدمة الزوج والقيام بشؤون البيت من طهي وتنظيف فإن ذلك من المنكر الذي لم يأذن

(1)

تفسير القرآن العظيم (2/ 294).

(2)

كما في حديث جابر عند مسلم في كتاب الحج باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم برقم (1218) وجاء فيه: ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح

(3)

معناه سوء الخلق والجرأة على الأزواج (عون المعبود 6/ 130).

(4)

أخرجه أبو داود في السنن كتاب النكاح باب في ضرب النساء برقم (2146) ، وابن ماجة في سننه كتاب النكاح باب ضرب النساء برقم (1985) ، وابن حبان في صحيحه كتاب النكاح باب معاشر الزوجين برقم (4189)، والحاكم في المستدرك كتاب النكاح برقم (2765) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وصححه الألباني في تعليقه على سنن أبي داود برقم (1879).

(5)

انظر: التحرير والتنوير (2/ 399).

ص: 279