الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك حث عليه الصلاة والسلام الرجال على نكاح ذوات الدين فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)
(1)
.
فهذان الحديثان فيهما دلالة أن بناء الأسرة على الدين بقاء لها من التفكك أو الطلاق وذلك لأن الزوج والزوجة صحبتهما تطول فإذا كان الاختيار للمال والجمال فإنها أعراض سرعان ما تزول وبعد ذلك يحصل الشقاق والخلاف بين الزوجين
(2)
.
•
المطلب الثالث: التضييق في نكاح الإماء
.
فإن الله جل وعلا حين أباح لعباده النكاح وبيّن لهم ما يحرم عليهم من النساء وأباح لهم ما وراء ذلك فصّل لعباده الحكم في نكاح الإماء فقال: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)} [النساء: 25].
والآية تدل على منع تزوج الإماء إلا بالشروط التي ذكرها الله في هذه الآية وهي:
أ- عدم استطاعة الطول: والطول في الآية بمعنى الغنى والمال، فمن لم يجد مالا لنكاح الحرة فإنه يعدل إلى نكاح الأمة.
ب- أن تكون الأمة مؤمنة كما نصت الآية الكريمة {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} أي فتزوجوا من الإماء المؤمنات التي يملكها المؤمنون.
(1)
أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين برقم (4802) ، ومسلم كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين برقم (1466).
(2)
انظر: فتح الباري (9/ 169).
ج- أن تنكح بإذن سيدها ويدفع لها المهر وذلك في قوله: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} .
د- أن تكون الأمة عفيفة طاهرة لم تغش فاحشة في السر أو في العلن كما قال تعالى في الآية: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}
(1)
.
وإذا تأملت في هذه الشروط وأن الله منع من زواج الأمة إلا عند عدم المقدرة وخوف الوقوع في المعاصي علمت أن الحكمة من ذلك: ما يتطرق للأسرة من نقص وذلك أن أبناء الرجل سيلحقهم الرق لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها، ولذلك فأن الأكمل لصلاح الأسرة ألا يتسبب الرجل في استرقاق أولاده. ولذلك حث الله على الصبر في آخر الآية فقال:{وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} .
(2)
ولما كان الاسترقاق نقصا يلحق الأبناء اشترط الله أن تكون الأمة مؤمنة، ولذلك لا يجوز نكاح الأمة الكافرة كتابية كانت أو غيرها فيجتمع على الأبناء نَقصان وذلك مؤثر في بناء أسرة صالحة.
ثم إن في إباحة النكاح بهذه الشروط حكمة أخرى في بناء الأسرة وهي أنه وإن كان رق الولد مؤثرا في الأسرة فإن فيه سدا لذريعة الزنا خصوصا إذا خاف الرجل العنت والوقوع في الحرام، ولا شك أن هذه الفاحشة مفسدة للأسرة ومدمرة لها وهذا أعظم وأشد من استرقاق الأولاد ولذلك فإن الله اشترط في الإماء أن يكنَّ عفيفات حتى لا يحصل للأسرة الرق وفساد الفراش
(3)
.
ومما سبق يتبين أهمية الأسرة في الإسلام وأن صلاحها بصلاح الزوجين لأن بصلاحهما صلاح الذرية، وبذلك يصلح المجتمع، لأنهم سيقيمون شرع الله وسيعمرون أوطانهم بما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ويجاهدون في سبيل الله ويدافعون عن أرضهم وبلادهم.
(1)
انظر: تفسير القرآن العظيم (2/ 260، 261).
(2)
انظر: أضواء البيان (4/ 111).
(3)
مجموع الفتاوى (15/ 318).