الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6)} [الطلاق: 6].
فنهى الله الوالدة أن تدفع الولد لأبيه بعد الولادة مباشرة بقصد الإضرار بأبيه، كما نهى الله الزوج أن يأخذ الرضيع من أمه بقصد الإضرار بها، وأمرهما الله بالاتفاق على المعروف في شأن الإرضاع والفطام وفي شأن النفقة والكسوة والسكنى.
فيجب أن تكون جميع هذه المعاملات على المعروف الذي رضيه الله لعباده.
•
المطلب الثالث: فعل المعروف في زمن العدة وبعد انقضائها
.
أمر الله تعالى الزوجات اللاتي توفي عنهن أزواجهن أن يتربصن في العدة أربعة أشهر وعشرا، ونهاها في هذه الفترة أن تخرج أو تمس طيبا أو تتزوج، ولقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحكم على النساء، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت:(جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله. إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا). مرتين أو ثلاثا. كل ذلك يقول (لا) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
(إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول)
(1)
.
فإذا انقضت عدتها فقد أباح الله لها ما تريد أن تفعل شريطة أن يكون بالمعروف، وذلك أن المرأة بعد هذه العدة يجوز لها الخروج من البيت والتشوف للخطاب والتزين، وليس
(1)
أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا برقم (5024) ، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام برقم (1488). ومعنى قوله (ترمي بالبعرة على رأس الحول) إشارة إلى ما نسخ من كون عدة المتوفاة سنة كاملة لا تمس فيها طيبا ولا تغتسل.
على الأولياء منعها من ذلك بحجة حزنها على زوجها المتوفى أو لأي سبب آخر إذا كان ما تفعله المرأة من قبيل المعروف شرعا وعرفا، أما إن تجاوزت ذلك إلى التبرج أو مباشرة عقد النكاح بدون ولي أو غير ذلك مما هو من قبيل المنكر شرعا وعادة فعلى الولي منعها من ذلك
(1)
.
ولما بين الله تعالى ما على النساء فعله من المعروف، بين ما يباح للرجال تجاه من توفي عنها زوجها وهي في العدة فقال:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)} [البقرة: 235].
فقد أباح الله تبارك وتعالى للرجال إذا رغبوا في نكاح امرأة توفي عنها زوجها وهي معتدة، ويدخل في ذلك المطلقة طلاقا بائنا، أن يقولوا لهم قولا معروفا من التعريض بالخطبة دون التصريح كأن يقول لها: إني أريد التزوج، أو إني أريد امرأة من صفاتها كذا وكذا، فهذا من المعروف الذي أباحه الله، ونهاهم عن المنكر من المواعدة في السر سواء للتصريح لها برغبته في النكاح، أو عقد النكاح وقت العدة مما هو مجمع على تحريمه، أو الزنا والعياذ بالله مما هو منكر شرعا وعرفا.
(2)
فالواجب على العبد قول المعروف الذي أحله الله له والابتعاد عما دون ذلك.
فالتعامل بالمعروف في جميع شؤون الحياة الزوجية من نكاح وطلاق وعدة فيها صلاح ظاهر للمجتمع بأن يكون المعروف هو السائد في المعاملات بين الرجال والنساء، وأن يتواصى المجتمع على حفظ المعروف الذي تعارفوا عليه وأقره الشرع مما يؤدي إلى الترابط والتناصح، وما يسببه المعروف كذلك من دوام العشرة بين الزوجين، أو نزع البغضاء بينهما حال الطلاق مما يحفظ العهد بينهما ويقطع عنهما ذكر بعضهما بسوء.
(1)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/ 212) ، الجامع لأحكام القرآن (4/ 143) ، البحر المحيط (2/ 360).
(2)
انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 639).