الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: البعد عن قول الزور
أمر الشارع الكريم باجتناب قول الزور والبعد عنه في كل حال، فقال:
…
{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)} [الحج- 30].
وقول الزور: هو القول الباطل والكذب، وسمي زورا لأنه أمْيَل عن الحق، وكل ما عدا الحق فهو كذب وباطل وزور.
(1)
وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الكبائر، وأكّد على اجتنابه فقال:(ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يقولها حتى قلت لا يسكت)
(2)
.
فجلوسه صلى الله عليه وسلم لاهتمامه بهذا الأمر، وهو يفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه
(3)
.
وسبب اهتمامه صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وتعظيم شأنه؛ كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعا على الناس، والتهاون بها أكثر من الشرك والعقوق، فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم والعقوق يصرف عنه الطبع، وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة كالعداوة والحسد وغيرهما.
(4)
•
المطلب الأول: النهي عن قول الزور بين الزوجين
.
وكما حذر الله عباده من قول الزور في عموم أحوالهم فقد أكد ذلك، وبين شناعة قول الزور بين الزوجين، لما فيه من مخالفة أمر الله وما قد يحصل من العداوة بين الزوجين.
(1)
{الجامع لأحكام القرآن، (14/ 386).
(2)
{أخرجه البخاري من حديث أبي بكرة، كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر، برقم (5631) ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم (87).
(3)
{المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (2/ 88).
(4)
{فتح الباري، (5/ 324).
ففي حادثة أوس بن الصامت مع زوجته خولة رضي الله عنهما، قال تعالى {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)} [المجادلة- 2].
فبيّن جل وعلا أن الظهار من منكرات الأقوال، وهو زور من القول يخالف الواقع وتنكره الشريعة.
فليحرص الزوج والزوجة أن يحسنا القول بينهما، وأن يتجنبا الأقوال المنكرة، فإن عاقبتهما إلى خير ومن هذا الخير:
• امتثال أمر الله تبارك وتعالى، وذلك باجتناب قول الزور.
• أن في ذلك كظما للغيظ ومجاهدة للنفس وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء)
(1)
.
• مقابلة السيئة بالحسنة، وذلك أدعى لاستدامة روح المحبة، والتراجع عن الخطأ سواء كان ذلك من الزوج أو من الزوجة كما قال الله عز وجل:{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)}
[فصلت: 34].
• تربية الأولاد على القول الحسن وترك القبيح، فشتان بين أن ينشأ الأولاد في بيت يسمعون فيه أقوالا سيئة وشتائم ونحوها، وبين أن ينشئوا في بيت يسمعون فيه كل جميل.
(1)
{أخرجه أحمد في المسند برقم (15675) ، وأبو داود، كتاب الأدب، باب من كظم غيظا، برقم (4777) والترمذي وحسنه، كتاب البر والصلة، باب في كظم الغيظ، برقم (2021)، كلهم من حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه. قال الألباني: حديث حسن لغيره (صحيح الترغيب والترهيب 3/ 30)، وقال الأرناؤوط في تعليقه على المسند: إسناده حسن.