المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المطلب الثاني: حقوق الزوجة: - الحكم من المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة في آيات القرآن الكريم

[أبو بكر فوزي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ أهمية هذا الموضوع

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌خطة البحث

- ‌شكر وتقدير

- ‌منهج كتابة البحث

- ‌تمهيد

- ‌ تعريف الحكمة

- ‌ علاقة الحكمة بالمقصد والعلة:

- ‌ أقسام الحِكم:

- ‌المبحث الأول: الغاية من تكليف الله تعالى للعبد

- ‌المبحث الثاني: فوائد معرفة الحكم:

- ‌الباب الأول: بناء الفرد المسلم وصلاحه في آيات المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة

- ‌الفصل الأولبناء الفرد المسلم وصلاحه في آيات المعاملات

- ‌المبحث الأول: تقوى الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: التقوى تمنع العبد عن التعامل بالربا

- ‌ المطلب الثاني: تقوى الله تعالى عند الاستدانة وأداء الديْن

- ‌المبحث الثاني: مراقبة الله تعالى

- ‌ المطلب الأول: مراقبة الله تعالى في مال اليتيم

- ‌ المطلب الثاني: مراقبة الله تعالى في أداء الأمانات

- ‌المبحث الثالث: تحقيق الفلاح

- ‌المبحث الرابع: التسليم بقضاء الله وقدره

- ‌المبحث الخامس: تقديم حقوق الله تعالى على مصالح الدنيا

- ‌ المطلب الأول: بيان عقوبة من قدم التجارة على حق الله عز وجل

- ‌ المطلب الثالث: الثناء على من قدّم حق الله على بيعه وتجارته

- ‌المبحث السادس: الحذر من سوء العاقبة

- ‌ المطلب الأول: سوء عاقبة أكل أموال الناس بالباطل

- ‌ المطلب الثاني: سوء عاقبة آكلي الربا

- ‌ المطلب الثالث: سوء عاقبة أكل مال اليتيم

- ‌المبحث الأول: تقوى الله عز وجل

- ‌المبحث الثاني: التفكر في أسماء الله وصفاته

- ‌ المطلب الأول: الحث على مراقبة الله تعالى

- ‌ المطلب الثاني: الحث على التوبة والسعي إلى الإصلاح

- ‌ المطلب الثالث: الرضا بحكم الله وامتثال أمره

- ‌الفصل الثالث: بناء الفرد المسلم وصلاحه في آيات النكاح

- ‌المبحث الأول: تذكر نعمة الله تعالى

- ‌المبحث الثاني: تقوى الله تعالى

- ‌ المطلب الأول: إقامة الحياة الزوجية على مبدأ التقوى بين الرجل والمرأة:

- ‌ المطلب الثالث: تقوى الله تعالى في حال الصلح

- ‌ المطلب الرابع: تقوى الله تعالى عند حصول الطلاق

- ‌ المطلب الخامس: تقوى الله تعالى في إرضاع المولود:

- ‌المبحث الثالث: مراقبة الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: استحضار المراقبة يمنع المطلقة من كتمان ما يتوقف عليه أمر الطلاق

- ‌ المطلب الثاني: استحضار الزوجين للمراقبة حال الخِطبة

- ‌ المطلب الثالث: مراقبة الله تعالى عند رغبة الولي في نكاح اليتيمة التي في حجره

- ‌ المطلب الرابع: استحضار مراقبة الله تعالى حال الخصومة بين الزوجين

- ‌المبحث الرابع: شكر الله عز وجل

- ‌المبحث الخامس: التوكل على الله

- ‌ مطلب: التوكل على الله عند حصول الخلافات أو حدوث الطلاق

- ‌المبحث السادس: التربية على الصبر

- ‌ المطلب الأول: الحث على الصبر عند عدم القدرة على النكاح

- ‌ المطلب الثاني: الصبر عن فتنة الزوجة والأولاد:

- ‌ المطلب الثالث: تربية الزوجة والأولاد على الصبر:

- ‌المبحث السابع: البعد عن قول الزور

- ‌ المطلب الأول: النهي عن قول الزور بين الزوجين

- ‌ المطلب الثاني: النهي عن القذف ورمي المحصنات

- ‌المبحث الثامن: البعد عن العادات السيئة

- ‌ المطلب الأول: التعامل مع المرأة حال الحيض:

- ‌ المطلب الثاني: النهي عن إتيان المرأة في دبرها

- ‌المبحث الأول: تقوى الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: التقوى سبب في تحري الطيب الحلال والبعد عن الحرام

- ‌ المطلب الثاني: التقوى تمنع العبد من الغلو وترك ما أباح الله من الطيبات

- ‌ المطلب الثالث: التقوى باعثة على امتثال أمر الله عز وجل والثبات على دينه

- ‌ المطلب الرابع: تقوى الله تعالى سبب في فتح أبواب الرزق وتسهيل طرقه

- ‌المبحث الثاني: مراقبة الله تعالى

- ‌ المطلب الأول: مراقبة الله عز وجل حال الاضطرار والمخمصة

- ‌ المطلب الثاني: المراقبة توصل العبد إلى محبة الله تعالى، وأهلها مشهود لهم بالفضل والإحسان

- ‌ المطلب الثالث: ابتلاء الله تعالى لعباده بمنعهم نوعا من أنواع الرزق، ليتبين بذلك من يراقبه ممن يخالف أمره

- ‌المبحث الثالث: شكر الله عز وجل

- ‌ المطلب الأول: الأمر بشكر الله على الأكل من الطيبات:

- ‌ المطلب الثاني: بيان منة الله على عباده بنعمة الرزق مع تنوعه، وأن غاية ذلك هو الشكر

- ‌ المطلب الثالث: بيان عاقبة من كفروا بالنعمة ولم يشكروا الله عليها

- ‌المبحث الرابع: تعظيم شعائر الله

- ‌ المطلب الأول: تحريم أكل ما فيه تعظيم لغير الله

- ‌ المطلب الثاني: تغليظ العقوبة لمن تعمد الوقوع في محارم الله

- ‌ المطلب الثالث: ذم عادات الجاهلية في اعتدائهم على الله وإشراك الأصنام معه في قسمة حروثهم وأنعامهم

- ‌المبحث الخامس: اجتناب مسالك الغواية

- ‌ المطلب الأول: اجتناب خطوات الشيطان

- ‌ تحريم ما أحل الله عز وجل

- ‌ الإيحاء بالمعصية والكفر في تحليل ما حرم الله

- ‌ تسمية المحرمات بغير اسمها تزيينا للنفس

- ‌ المطلب الثاني: اجتناب الفسق

- ‌ التحذير من أكل ما يورث الفسق:

- ‌ التحذير من مشابهة الفاسقين

- ‌المبحث الأول: التعامل بالمعروف

- ‌ المطلب الثاني: أخذ الولي الفقير من مال اليتيم بالمعروف

- ‌المبحث الثاني: تحقيق العدل

- ‌ المطلب الثاني: تحقيق العدل في المداينات

- ‌ المطلب الثالث: العدل في الموازين والنهي عن التطفيف فيه

- ‌المبحث الثالث: تعميق مشاعر الأخوة

- ‌ المطلب الثاني: الأمر بكتابة الدَّين

- ‌ المطلب الثالث: التخفيف على الأُجَراء والرحمة بهم

- ‌المبحث الرابع: الحذر من كتمان الشهادة

- ‌المبحث الخامس: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الأول: حفظ المال كحق للأمة بوجه عام

- ‌ المطلب الثاني: حفظ حق الدائن

- ‌ المطلب الثالث: حفظ حق اليتيم والسفيه

- ‌ المطلب الرابع: حفظ حق الكاتب والشهيد

- ‌المبحث الأول: إقامة حدود الله وتعظيم أحكامه

- ‌ المطلب الأول: الوصية بهذه الفرائض، وإضافتها للفظ الجلالة تعظيما لها واهتماما بها

- ‌ المطلب الثاني: بيان عجز العقول عن إدراك ما ينفع العباد ويصلحهم، وتسليم الحكم لله

- ‌ المطلب الثالث: الترغيب في إقامة حدود الله والترهيب من تضييعها

- ‌المبحث الثاني: التكافل الاجتماعي

- ‌ المطلب الأول: قيام التوارث في بداية الأمر على الهجرة:

- ‌ المطلب الثاني: الأمر بإيتاء من حضر القسمة منها، من الأقرباء غير الورثة أو الضعفاء

- ‌المبحث الثالث: صلة الرحم

- ‌ توريث ذوي الأرحام

- ‌ التوريث بالنكاح والولاء

- ‌المبحث الرابع: تحقيق العدل بين الرجل والمرأة

- ‌ المطلب الأول: إبطال وإنكار عادات الجاهلية التي فيها ظلم للمرأة والصغير

- ‌ المطلب الثاني: ما فرضه الله من أن للذكر مثل حظ الأنثيين

- ‌المبحث الخامس: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الأول: حفظ حق الورثة:

- ‌ المطلب الثاني: حفظ حق الدائن:

- ‌ المطلب الثالث: حفظ حق الموصى له:

- ‌ المطلب الرابع: حفظ حق الميت:

- ‌المبحث الأول: إقامة حدود الله وتعظيمها

- ‌ المطلب الأول: مشروعية افتراق الزوجين عند الخشية ألا يقيما حدود الله ولو بالافتداء

- ‌ المطلب الثاني: ثناء الله جل وعلا لمن يقيم حدوده، وذمه للمخالف والمعرض عنها

- ‌المبحث الثاني: بناء الأسرة الصالحة

- ‌ المطلب الأول: تحريم نكاح المشركات وإنكاح المشركين

- ‌ المطلب الثاني: اشتراط اختيار الزوج الصالح البعيد عن الفواحش والفجور رجلا كان أو امرأة

- ‌ المطلب الثالث: التضييق في نكاح الإماء

- ‌المبحث الثالث: التكاثر والتناسل

- ‌ المطلب الأول: التكاثر والتناسل عن طريق النكاح سنة الله في الكون

- ‌ المطلب الثاني: الرد على دعاة تحديد النسل

- ‌المبحث الرابع: الطمأنينة والسكن

- ‌ المطلب الأول: حصول المودة والرحمة بين الزوجين:

- ‌ المطلب الثاني: اطمئنان البيوت

- ‌ المطلب الثالث: الترويح عن النفس وتجديد الهمة

- ‌المبحث الخامس: التعامل بالمعروف

- ‌ المطلب الأول: المعاشرة بالمعروف:

- ‌ المطلب الثاني: التعامل بالمعروف في الطلاق

- ‌ المطلب الثالث: فعل المعروف في زمن العدة وبعد انقضائها

- ‌المبحث السادس: التكافل الاجتماعي

- ‌ المطلب الأول: النكاح أصل النظام البشري في الاجتماع والترابط

- ‌ المطلب الثاني: النكاح مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي

- ‌ المطلب الثالث: قطع كل سبيل يفضي إلى التباغض بين الأقربين

- ‌المبحث السابع: حفظ الأعراض

- ‌ المطلب الأول: وجوب انتساب الذرية للآباء

- ‌ المطلب الثاني: تحريم نكاح المحارم

- ‌ المطلب الثالث: فرض العدة على المطلقة والمتوفى عنها زوجها

- ‌ المطلب الرابع: مشروعية اللعان

- ‌المبحث الثامن: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الأول: حفظ حق الزوج

- ‌ المطلب الثاني: حقوق الزوجة:

- ‌المبحث التاسع: حفظ العفة ومحاربة الرذيلة

- ‌ المطلب الأول: الاستعفاف لمن لا يستطيع النكاح

- ‌ المطلب الثاني: تعدد الزوجات وأثره في عفاف المجتمع

- ‌ المطلب الثالث: نهي المطلقة عن الخروج من بيتها وأثره في عفتها وعفة المجتمع

- ‌ المطلب الرابع: النهي عن إشاعة الفاحشة وعقوبة من يحب ذلك

- ‌المبحث الأول: إقامة شعائر الله

- ‌المبحث الثاني: حفظ الحقوق

- ‌ المطلب الثاني: تحريم ما يفسد العقل والبدن ويؤثر في صحتهما

- ‌المبحث الثالث: تعميق مشاعر الأخوة

- ‌الباب الثالث: التيسير ورفع الحرج على الفرد والمجتمع في آيات المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة

- ‌الفصل الأول التيسير ورفع الحرج في آيات المعاملات

- ‌المبحث الأول: الرفق بالمدين والتخفيف عليه

- ‌المبحث الثاني: التيسير على الأمة فيما يصلح معيشتهم

- ‌ المطلب الأول: الامتنان على العباد بإباحة التكسب لهم على وجه العموم

- ‌ المطلب الثاني: إباحة صنوف المعاملات التي يحصل بها النفع والتيسير على الأمة

- ‌ المطلب الثالث: تنوع طبائع الناس في اختيارهم طرق كسبهم وسبل معاشهم

- ‌ المطلب الرابع: رفع الحرج والإثم عمن تاب من المعاملات المالية المحرمة

- ‌الفصل الثاني التيسير ورفع الحرج في آيات المواريث

- ‌ المطلب الأول: التيسير في أسلوب التبليغ

- ‌ المطلب الثاني: مشروعية الوصية للميت

- ‌ المطلب الثالث: النهي عن الضرر

- ‌الفصل الثالث التيسير ورفع الحرج في آيات النكاح

- ‌المبحث الأول: تيسير أمر النكاح

- ‌ المطلب الأول: تيسير مؤونة النكاح

- ‌ المطلب الثاني: رفع الحرج عن نكاح الأمة عند عدم القدرة على نكاح الحرة

- ‌ المطلب الثالث: رفع الحرج بالتعريض في خطبة من توفي عنها زوجها

- ‌المبحث الثاني: التيسير في إباحة الطلاق

- ‌ المطلب الأول: رفع الجناح عن الطلاق قبل البناء

- ‌ المطلب الثاني: رفع الجناح أن تختلع المرأة من زوجها عند الحاجة

- ‌ المطلب الثالث: إباحة اللعان رفعا للحرج عن الزوج

- ‌المبحث الثالث: التيسير في حل الخلافات والمشاكل الأسرية

- ‌ المطلب الأول: في الإيلاء

- ‌الفصل الرابع التيسير ورفع الحرج في آيات الأطعمة

- ‌المبحث الأول: التيسير في إباحة الطيبات

- ‌ المطلب الأول: عموم الإباحة وحصر المحرمات

- ‌ المطلب الثاني: التقرير بإباحة الطيبات على وجه الثبوت والدوام

- ‌المبحث الثاني: التيسير ورفع الحرج عن المضطر

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌ المطلب الثاني: حقوق الزوجة:

به الله وهو مخالف للمعروف الذي ذكره الله في الآية كما أن من المعروف أن يتفرغ الزوج لشؤون المعاش وطلب الرزق

(1)

.

وقد كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يقمن بخدمته وهن أشرف نساء العالمين وأمهات المؤمنين فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره

) الحديث

(2)

.

وكانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها تعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله ليغتسل

(3)

، وكانت فاطمة رضي الله عنها تطحن الرحى حتى اشتكت من ذلك وأتت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تطلبه خادما، فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما هو خير لها من خادم

(4)

ولم ينكر على علي رضي الله عنه أن جعلها تخدمه، وكانت أسماء بنت الصديق رضي الله عنهما تقول: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شي غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن، ولقد رآها صلى الله عليه وسلم تنقل النوى على رأسها إلى أرض الزبير وهي على بعد ثلثي فرسخ

(5)

، ومع ذلك لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الزبير خدمة زوجته له

(6)

فإذا كان أفضل النساء وأشرفهن كنّ يخدمن أزواجهن وكان أمرا متعارفا لديهم فغيرهن من باب أولى.

•‌

‌ المطلب الثاني: حقوق الزوجة:

كما فرض الله تبارك وتعالى للرجال حقوقا فقد جعل للنساء حقوقا على أزواجهن وأمر الرجال بالقيام بها ونهاهم عن التفريط فيها ومن هذه الحقوق ما يلي:

(1)

انظر: إحياء علوم الدين (2/ 40) ، زاد المعاد (5/ 188).

(2)

أخرجه مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض برقم (746).

(3)

أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه برقم (337).

(4)

أخرجه البخاري في كتاب الخمس باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم (2945).

(5)

أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الغيرة برقم (4926) ، ومسلم في كتاب السلام باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق برقم (2182). ومعنى وأخرز غربه المراد به الدلو (الفتح 9/ 323)

(6)

استدل ابن القيم رحمه الله بهذه الأحاديث في تقوية القول بوجوب خدمة الزوجة لزوجها وأن ذلك حق للزوج. انظر: (زاد المعاد 5/ 188).

ص: 280

1.

حق المرأة في الصداق:

فقد أوجب الله تبارك وتعالى على الزوج إذا أراد الزواج أن يُصدق امرأته فقال تعالى:

{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)} [النساء: 4] وجعل المهر فرق ما بين النكاح والزنى ولذلك فلا يجوز نكاح بدون صداق لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)} [النساء: 24] ، وهذا المهر يدفع للمرأة ولا يجوز لوليها أخذ شيء منه

(1)

.

وقد جعله الله تبارك وتعالى شرطا من شروط النكاح فقال: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ

} الآية [المائدة: 5]

(2)

.

وقد حذر الله الأزواج ونهاهم عن أخذ هذا المهر عن غير رضا وخصوصا عند الفراق وأخبر أنه من الآثام العظام فقال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] وقال: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)} [النساء: 20 ، 21].

وهذا الفعل من الشناعة بمكان وهو أن يضار الزوج زوجته للتخلي عن مالها، ولذا فقد جاء الاستفهام في قوله:{أَتَأْخُذُونَهُ} إنكارا على من يفعل هذا الفعل، ثم جاء بيانه بأنه إثم وبهتان للبعد عن الوقوع فيه، ثم أعقبه بالتعجب ممن يفعل هذا الفعل تنزيها

(1)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/ 387) ، الجامع لأحكام القرآن (6/ 45) ،

(2)

انظر: نظم الدرر (2/ 398).

ص: 281

للمسلمين عن فعل ذلك ثم ختم الآية ببيان سبب هذا المال وهو قوله: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)} أي: قد حصل بينكم من المعاشرة والميثاق على حسن المعاملة ودوام الألفة فكيف تأخذون ما ينقض هذا الميثاق الغليظ حتى وإن حصل الطلاق وأردتم استبدال الزوجة بأخرى، أما إذا أرادت المرأة أن تختلع من زوجها أو أعطته على طيب نفس منها فلا بأس

(1)

.

وقد حذر الله أولياء يتامى النساء أن ينكحوهن دون أن يعطونهن حقهن من المهر كما يعطى غيرهن، فإذا أعطيت حقها من المهر فلا بأس له أن يتزوجها

(2)

كما قال تعالى:

{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)} [النساء: 127]

وقد بين الله تبارك وتعالى وجوب الصداق كذلك حال وجود مهاجرات مسلمات تركن المشركين، فلا حرج من الزواج بها بعد انقضاء عدتها وأن تعطى صداقها فقال تعالى:

{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الممتحنة: 10]

(3)

.

فهذه الآيات كلها على اختلاف حالاتها دلت على أحقية المرأة للصداق وتعظيم شأنه.

2.

حق النفقة والسكنى.

أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوج على زوجته وأولاده

(4)

وقد فضله الله بذلك كما في قوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]. وقد أمره الله أن ينفق على قدر طاقته فالغني ينفق على قدر غناه والفقير ينفق على قدر فقره كما قال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ

(1)

انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 613) ، التحرير والتنوير (4/ 290).

(2)

انظر: أضواء البيان (1/ 188).

(3)

انظر: تفسير القرآن العظيم (8/ 94).

(4)

المغني (11/ 347).

ص: 282

فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)} [الطلاق: 7]

(1)

.

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحق للزوجة في حجة الوداع فقال: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف)

(2)

، كما بين عليه الصلاة والسلام الضابط في النفقة فقال:(أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت)

(3)

.

ومن النفقة الواجبة على الزوج توفير السكن لها وأن يسكنها حيث يسكن.

ولذا فإن الزوج إن قتر على زوجه وأولاده وقصر في نفقتهم فللزوجة أن تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف فعن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)

(4)

.

والنفقة والسكنى حقان للمرأة المطلقة كذلك' فلا يجوز للرجل إخراج المطلقة من بيتها حتى تنقضي عدتها كما قال تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}

[الطلاق: 1]، وقال:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6)} [الطلاق: 6]

(5)

.

(1)

الجامع لأحكام القرآن (21/ 57).

(2)

سبق تخريجه (ص 117).

(3)

أخرجه أحمد في مسنده برقم (20036) ، و أبو داود في سننه كتاب النكاح باب في حق المرأة على زوجها برقم (2142)، والحاكم في المستدرك كتاب النكاح برقم (2764) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الألباني (انظر: إرواء الغليل 7/ 98).

(4)

أخرجه البخاري في كتاب النفقات باب إذا لم ينفق الرجل فللمراة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها من معروف برقم (5049) ، ومسلم في كتاب الأقضية، باب قضية هند برقم (1714).

(5)

انظر: جامع البيان (23/ 457).

ص: 283

فإن كانت المرأة ذات حمل ووضعت حملها فيجب لها عليه نفقتها حتى تنتهي من إرضاع ولدها كما قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 233]

(1)

.

وبهذه الحقوق تنتظم الحياة الزوجية وتستقر فكما أن المرأة تقوم بشؤون البيت وتهيؤه للزوج وهو حقه عليها فيجب على الرجل القيام بما يصلحها في شؤون المعاش

(2)

.

3.

حق التربية والأمر بطاعة الله.

فللزوجة حق على زوجها وهو أن يأمرها بطاعة الله ويقيها كل سبيل يبعدها عن الله فهو المسؤول عن زوجه وولده فقد أمر الله بذلك فقال: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)} [طه: 132] وهذا أمر من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم والخطاب يشمل جميع أمته

(3)

، وأمر الله المؤمنين بوقاية أنفسهم وأهليهم من النار فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} [التحريم: 6] قال علي رضي الله عنه: (علموهم وأدبوهم) وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله، ومروا أهليكم بالذكر ينْجيكم الله من النار)

(4)

.

فأمْرُ الزوجة والأولاد بالطاعة من المسؤولية التي حمَّلها الله للزوج، وهي من سنن الأنبياء الذين أمرنا الله بالاقتداء بهم، فكان إسماعيل عليه السلام يأمر أهله بالطاعة كما قال تعالى:

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)} [مريم: 54 ، 55] ، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته مليئة بذلك.

(1)

انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 634).

(2)

انظر: المغني (11/ 348).

(3)

الجامع لأحكام القرآن (14/ 164).

(4)

جامع البيان (23/ 491).

ص: 284

فعلى الزوج مراعاة هذا الحق، فحفظه حفظ لحق الله، وهو سبب في استقرار البيوت وطمأنينتها.

• ومن الحقوق المشتركة بين الزوجين والتي دل عليها قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] حق قضاء الحاجة والوطر فكما أنه حق للزوج فهو حق للزوجة وقد أشار ابن عباس رضي الله عنهما إلى ذلك بقوله: (إني أحبُّ أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تتزين لي; لأن الله تعالى يقول:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}

(1)

.

ومما يدخل ضمن هذا الحق ألا يعْجَل الزوج على زوجه في الجماع حتى تقضي حاجتها كما عليه أن يتوخى أوقات حاجتها فيعفها ويغنيها

(2)

.

وكذلك فإن على الزوجة أن تجيب زوجها إذا دعاها لحاجته، ولا يجوز لها التباطؤ في إجابته فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إذا الرجل دعا زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور)

(3)

.

ففي القيام بهذا الحق إعفاف لكلا الزوجين من أن يشبعا حاجتهما بما حرم الله.

فإذا امتثل الزوجان ما وجب عليهما من الحقوق ففي ذلك صلاح للأسرة وصلاح للمجتمع من التفكك والقطيعة.

(1)

انظر: جامع البيان (4/ 532) ، المحرر الوجيز (2/ 274).

(2)

انظر: المغني (10/ 232) ، الجامع لأحكام القرآن (4/ 52) ، روح المعاني (2/ 135).

(3)

أخرجه الترمذي في جامعه كتاب الرضاع، باب حق الزوج على المرأة برقم (1160) وقال الترمذي حديث حسن غريب، وأخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب عشرة النساء، باب في المرأة تبيت مهاجرة لفراش زوجها برقم (8971) ، وابن حبان في صحيحه، كتاب النكاح، باب معاشر النساء برقم (4165)، كلهم من حديث طلق بن علي. وصححه الألباني (انظر: صحيح الترغيب والترهيب 2/ 199).

ص: 285