الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوى عن أبي عَمْرو بن سالم (1).
452 - عليُّ بن عبد الله بن البَرَاء، بَلَنْسيٌّ، أبو الحَسَن
.
لهُ إجازةٌ من أبي الحَسَن شُرَيْح.
453 -
عليُّ (2) بن عبد الله بن ثابِت بن محمد بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ الخَزْرَجيّ، من ذُرِّية عُبَادةَ بن الصَّامت رضي الله عنه، غَرْناطيّ، أبو الحَسَن، ابنُ سَمْراء.
تَلا بحَرْف نافعٌ على أبيه وابن خالِه أبي حَفْص بن سَمُرةَ ومؤدّبه أبي مَرْوانَ السالِميّ، وبالسَّبع على أبوَي الحَسَن: ابن الدُّشّ وابن كُرْز، وأبي الحُسَين يَحْيَى ابن البَيّاز، وأبي داودَ الِهشَاميّ، وأجاز له هؤلاء.
ورَوى الحديثَ سَماعًا وغيرَه عن أبي الحَسَن ابن الأخضَر، وأبي عبد الله ابن زُغَيْبةَ، وأبي عليّ الصَّدَفي، وأبوَي القاسم: ابن الأبرَش وابن أبي جَوْشَن، وأبي محمد بن عَتّاب. وأجاز له أبو بكرِ خازِم، وأبَوا عبد الله: ابنُ أُختِ غانم ومَوْلَى الطلاع، وأبو عليّ الغَسّاني.
ورَحَلَ وحَجَّ، وسَمِعَ بمكّةَ كرَّمَها اللهُ "جامعَ البخاريِّ"، إلّا أوراقًا يسيرةً (3)، على أبي مكتوم بن أبي ذرّ، وبعضَ "صحيح مُسلم"، في شوّالِ ستٍّ وتسعينَ وأربع مئة، على أبي عبد الله الحُسَين بن عليّ الطَّبَري ولم يَستجِزْهُ في باقيه. ولقِيَ بالإسكندَريّة أبا عبد الله بنَ منصُور الحَضْرَميّ فأخَذ عنه وأجازَ له.
(1) هامش ح: "ولقي الباهلي هذا القاضي أبا عبد الحق ببلدة تلمسين وقرأ عليه برنامجه وأجاز له وكان من أهل الصون والتعفف والاقتصاد، محب في الأدب مؤثر له، ينظم وينثر، توفي ببلده مالقة سنة سبعين وست مئة"(قلنا: وهذا منقول من صلة الصلة).
(2)
ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1223)، وابن الأبار في التكملة (2722)، وفي معجم أصحاب الصدفي (263)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 180، والذهبي في المستملح (651)، وتاريخ الإسلام 11/ 711، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 552، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 160.
(3)
في هامش ح: "إلا تسع ورقات".
وقَفَلَ إلى الأندَلُس فرَوى عنه آباءُ بكر: ابنُ رِزق والفَلَنْقيُّ وابنُ مؤمن، وأبَوا الحَسَن: ابنُ محمد بن عبد الوارث وابنُ الضَّحّاك واستجازَه لابنَيْه يحيى ومحمد، وآباءُ عبد الله: ابنُ حَمِيد ابن الصَّقْر وابن عَرُوس وابن الفَرَس وأبو العبّاس ابنُ الصَّقْر (1)، وأبَوا محمد: ابن عليّ بن خَلَف وعبدُ الصَّمد بن محمد بن يَعيش. وحدَّث عنهُ بالإجازة جماعةٌ منهم: أبو الحَسَن بن مُؤمن وأبو عبد الله بنُ عبد الرّحيم.
وكان من جِلّة المقرِئينَ المجوّدين، ذا حظٍّ وافر من روايةِ الحديث، زاهدًا فاضلًا خيِّرًا مأثورَ الكرامات، مشهورًا بإجابةِ الدَّعَوات، كريمَ الطِّباع سِريَّ الِهمّة، في غاية من التقشُّف والتخامُل والتزام سَنَنِ الصّالحين والجَرْي على مَناهجِهم والاقتفاءِ بسبيلِهم، والإكباب على ما يَعْنيهِ من تدريس العلم ونشرِه، قليلَ المُخالَطة للناس، وكان خَطيبًا بجامع غَرْناطةَ وصاحبَ الصّلاة به؛ وغَزَا بلادَ العدوِّ غَزَواتٍ كثيرةً على قدَميْهِ ابتغاءَ الأجر.
قال أبو عبد الله ابنُ الصَّقْر: سمِعتُه رحمه الله يقول: كنتُ في إحدى (2) الغَزَواتِ ونحن خارجونَ من بلدِ العدوِّ على مَقرُبة من بلد الإسلام في موضِع قَفْر، ومعي رَفيقٌ لي، وقد أدرَكَني من الضَّعف والإعياءِ ما لم أقدِرْ معَه على الحركة والمَشْي حتى سَقَطتُ على الأرض، فقال لي رفيقي: قُمْ فانهَضْ، فإنّ هذا موضع مَخُوف ولا نأمَنُ ما يلحَقُنا فيه من شُذَّاذ العَسْكر وسُفهائهم أو منَ اتّباعٍ يكونُ من النَّصارى لنا، فقلتُ له: لا أقدِرُ على ذلك بوَجْهٍ إلّا لو أكَلْتُ شيئًا من لحم، فقال لي رفيقي: أوَ مَوضعُ لحمٍ هذا؟ ومن أين يوجَد؟ فقلت: لعلّ اللهَ يُيسِّرُه لنا، فجَعَلَ صاحبي يلتفِتُ يمينًا وشمالًا خِيفةَ ما يَلحَقُنا ممّا ذَكَرَه، وبالقُرب منا صخرةٌ عظيمة، فنظَرَ إليها صاحبي فإذا عليها شيءٌ يضْطَربُ، فنَهَضَ إليها وإذا هي حَجَلةٌ قد نَشِبت في شيءٍ من الشّعْراءِ فلم تستطع التخَلُّصَ منه، فقَبَضَ عليها
(1) وابن عروس
…
الصقر: سقطت من م ط.
(2)
في النسخ: "أحد" كأنه سبق قلم.
صاحبي وذَكَّاها وأخرَجَ زِنادًا كانت عندَه وقَدَحَ نارًا، وجَمَعَ شيئًا من الحطَب وأوقَدَ النَّارَ وشَوى تلك الحَجَلة، وقَرَّبها إليّ فأكلتُها وقَوِيَتْ نفْسي وقُمتُ ومشَيْتُ حتى لحِقتُ بالعسكر؛ قال ابنُ الصَّقْر: وهذه من الكراماتِ التي تُنسَبُ إلى الفُضَلاء ويُتحدَّثُ بها عن الأبرار، ولم يكنْ رحمه الله بمُقصِّرٍ عنهم.
ولمّا ثار أبو الحَسَن بنُ أضحَى (1) وأهلُ غَرْناطةَ على مَن كان بهامش لَمْتُونةَ واعتَصَمَ لَمْتُونةُ بقَصَبتِها، وعجَزَ أهلُ غَرْناطةَ عن التغلّب عليهم فيها، اقتَضَى رأيهم إسنادَ أمرِهم إلى رئيسٍ كبير يُوَلُّونَه على أنفُسِهم، فمال ابنُ أضحَى وصنَّف الفُقهاءَ وجماعةً معَهم إلى القاضي أبي [جعفر](2) ابن حَمْدِين الثائرِ بقُرطُبة، ومال أهلُ الثَّغر وعامّةُ البلد إلى أبي جعفر بن هُود الملقَّب بالمُستنصِر لشُهرةِ اسمِه وبُعْدِ صِيتِه في الرِّياسة واستيلائه على بِطْرَوْجَ وجَيّانَ وغيرِهما، وطَمَعِهم في مقاومتِه مَن بالقَصَبة من لَمْتُونة، فساعَدَهم ابنُ أضحَى ومَن معَه على ذلك، واتّفَقوا جميعاً على استدعاءِ ابن هُود، وأن يكونَ الرسُولُ في ذلك إليه الفقيهَيْن: الخطيبَ أبا الحَسَن هذا والمُشاوَرَ أبا جعفر بنَ طلحةَ بن عَطِيّة، فحَمَلوا عليهما في ذلك فتوَجَّها فيه لِما رَأَياهُ مصلحةً للمسلمين. ولمّا لقِيَا المُستنصِر وألقَيا إليه ما جاءا به عن أهل بلدِهما جمَعَ عسكرًا من أَوْباش النَّصارى وسُقّاطِ الجُند، ونَهَدَ قاصدًا إلى غَرْناطةَ ومَعه الفقيهانِ المذكوران، واتّصَلَ ذلك بلَمْتُونةَ، فشَقَّ عليهم، وعَلِموا بُعْدَ صيتِ ابن هُود وأنه إن تمَّ له دخولُه إلى غَرْناطةَ مُغالِبًا لهم كان في ذلك بوارُهم، وتحقَّقوا أيضاً فُسُولةَ جُندِه وأنّهم لا دفاعَ لديهم ولا حَمِيّةَ عندَهم -أجمَعَ رأيُهم على مُصادمتِه، فبَرَزوا له على نحوٍ ثلاثة أميال من غَرْناطة مُستمِيتينَ، وألقَوْا عليه أنفُسَهم وصادقُوهُ القتالَ، فانهزَمَ أصحابُه وقُتل منهم جمعٌ عظيم، وكان ممّن استُشهِدَ هنالك الخطيبُ
(1) هو علي بن عمر بن أضحى الهَمْداني.
(2)
بياض في النسخ، وهو أبو جعفر بن حمدين، انظر خبر ثورته في أعمال الأعلام: 252، وما بعدها وراجع في ثورة ابن ضحى كتاب الحلة السيراء 2/ 211 فما بعدها.
أبو الحَسَن هذا رحمه الله وقُطع رأسُه، وذلك يومَ الثلاثاءِ لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من ذي حِجّةِ تسع وثلاثينَ وخمس مئةٍ وقد قارَبَ السبعينَ من عُمرِه، وتسَنَّم ابنُ هُود وفَلُّ جُندِه الأوعارَ وشواهقَ الجبالِ حتى أطَلُّوا على غَرناطة، فأَلْفَوْا بسَفْح بعضِ الجبال هنالك عسكرًا للَمتُونةَ نزَلَ هنالك تضييقًا على أهل البلدِ من تلك الجهة، يَرأَسُه أبو [عبد الله](1) ابن وانودين (2)؛ فلمَّا عايَنُونهم مُنحدِرينَ من أعالي الجبال عَلِموا أنّهم مُنهزِمون، فرَكِبوا إليهم من فَوْرِهم وقَصَدوا إلى الموضع الذي رامُوا الدُّخولَ منه إلى غَرناطة، وهو بابُ مَوْرُور، فتَلاقَى الفريقانِ بمقرُبةٍ منه، وتقاتلوا تقاتُلًا شديدًا، فقُتل من جماعة ابن هُود جُملةٌ كثيرة، منهم: أبو جعفر بنُ عَطِيّةَ المذكور، وقُطعَ رأسُه وحُملَ إلى محَلّة ابن وانودين، وأُدخِل جسَدُه إلى البلد، وكاد ابن هُود يُقبَضُ عليه لولا أنه حُمِيَ من أعلى السُّور وفُتح له بابُ مَوْرُور فدَخَلَ عليه معَ مَن نَجا من حزبِه؛ ورُمي في تلك العَشِيّة برأس الخطيبِ أبي الحَسَن بالعَرَّادةِ (3) من القَصَبة إلى المدينة، حَنَقًا عليه وإبلاغًا في التشفِّي منه، فدُفنَ بالمدينة ضُحى يوم الغد، وهُو يومُ الأربعاءِ لعَشْرِ بقِينَ من ذي حجّة المذكور، وصَلّى عليه الفقيهُ أبو عبد الله الفاسيُّ، ولم يكنْ جسَدُه حيث يُوصَلُ إليه، ولا يُعرَفُ لو تَأتَّى الوصُولُ إلى القَتْلى الذين كان منهم لكثرتِهم، نفَعَه الله؛ ولمّا دَخَلَ ابنُ هُود إلى غَرْناطةَ انتَقلَ ابنُ وانودين إلى القصَبة مُنضافًا إلى مَن كان بها من قومِه، وأصبح النَّاسُ إلى موضع محَلّتِه، فألفَوْا به رأسَ أبي جعفر، فسِيقَ إلى المدينة وضُمَّ إلى جسَدِه ودُفن، رحمةُ الله عليه (4).
(1) بياض في النسخ، وكنيته مستفادة من البيان المغرب لإبن عذاري حيث تكرر ذكره.
(2)
في م ط: "واخودين".
(3)
العرادة: شبه المنجنيق.
(4)
ها هنا موضع ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: (علي بن عبد الله بن الحاج الحارثي غرناطي فيما أحسب أبو الحسن بن عمادي اشتغل أول أمره بالكتابة والعمل ثم رجع إلى صناعة التوثيق وألف فيها كتابًا مختصراً وكان صالحاً متعبدًا منقبضًا عن الناس كثير التلاوة لكتاب الله تعالى والصلاة، توفي سنة ست وست مئة". (قلنا: انظر صلة الصلة 4/الترجمة 255). =