الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1163 -
محمدُ (1) بن أحمدَ بن أبي القاسم الأنصاريّ، خَضْراويّ شَرِيشيُّ الأصل، أبو عبد الله السُّمَاتيُّ الشَّرِيشيّ.
تَلا بالسَّبع على أخيه عليّ وأبوَيْ عَمْرٍو: ابن عَظِيمةَ، وهو آخِرُ الرُّواةِ عنه، والرطنداليِّ، وشارَكَ فيهما (2) أخاه كبيرَه أبا الحَسَن، ورَوى عن أبي زَيْد السُّهَيليَّ وأبي محمد بن حَوْطِ الله، ولقِيَ أبا السُّعود الطيَّب. تَلا عليه بالسَّبع أبو القاسم محمدُ بن عبد الرّحيم بن الطيِّب.
وكان خاتمةَ المُقرِئينَ المجوِّدين، شديدَ الحياءِ شهيرَ الزُّهد، طويلَ الصَّمت لا يتكلَّمُ إلا فيما يَعْنيه، لم يتَصدَّرْ للإقراءِ منفرِدًا به، وإنّما ثابَرَ على الإكتاب وتأديبِ النّساءِ لرُؤيا رآها إثْرَ وفاةِ أخيه أبي الحَسَن: فإنهُ سُئل منه التصَدُّرُ للإقراءِ والقعودُ له موضعَ أخيه، فامتَنعَ من ذلك ثم أسعَفَ فيه؛ فرَأى ليلةَ عَزَمَ على التصَدُّر في صَبيحتِها لذلك كأنه خرَجَ من منزلِه قاصدًا موضعَ أخيه، فاكتنَفَه شخصانِ عن اليمينِ وعن الشِّمال وقالا له: اقرَأ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1]، قال: فجعَلْتُ أقرأُها، وهما يَسيرانِ بي إلى أن انتهَيْنا إلى موضعِ تعليمي للصِّبْيان، وأنا حينَئذٍ قد بلَغْتُ قولَ الله تعالى:{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} [التكوير: 26] فقالا لي: إلى أين تذهب؟ لا سبيلَ لك إلى مُفارقةِ هذا الشَّأن، فنقَضَ عَزْمَه ذلك واقتصَرَ على تعليم الصِّبْيان إلّا مَن قصَدَه للتجويد [178 و] عليه فإنه كان يسمَحُ له بذلك؛ ولم يزَلْ على حالِه السَّنِيِّ من الفَضْل ومَتانةِ الدِّين إلى أن توفِّي بالجزيرةِ الخَضْراءِ سنةَ ثلاثٍ وخمسينَ وست مئة وقد أربَى على التسعين (3).
1164 - محمدُ بن أحمدَ بن إدريسَ الحَضْرَميّ، أندَلُسيٌّ، أبو عبد الله
.
له رحلةٌ رَوى فيها بمكّةَ شرَّفَها اللهُ عن الحَسَن بن عبد الله بن عُمرَ المُقرِئ.
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1652).
(2)
في م ط: "فيها"، وهو خطأ واضح.
(3)
في هامش ح: "بل كانت وفاته ليلة الأحد لاثنتين وعشرين خلت من صفر سنة خمس وخمسين وست مئة وصلي عليه إثر صلاة عصر الأحد، وقد بلغ ستًا وتسعين سنة".
1165 -
محمدُ (1) بن أحمدَ بن إسحاقَ بن طاهِر، مُرْسِيّ، أبو عبد الرّحمن.
رَوى عنه أبو عَمْرِو زيادٌ ابنُ الصَّفّار وأبو نَصْر الفَتْحُ بن محمد بن عُبَيد الله. وكان أحدَ المتقدّمينَ في البلاغة بارعَ الكتابة فَصيحًا خَطيبًا أفضَتْ إليه حِينًا رئاسةُ تدبر بلدِه فسارَ فيه أحسَنَ سِيرة، وكانت أيّامُهُ أيامَ عَدْلٍ وإفضال، ودَفْعَ بَأْسٍ وتسويغَ آمال، ثُم أنحَتْ (2) عليه حوادثُ الأيام بما أدَّى إلى اعتقالِه، ولم تَخْلُ الَامالُ من التعلُّق باستقلالِه، وعَوْدِه إلى أفضلِ ما عُهِد من أحوالِه، وفي مثل ذلك يقولُ أبو جعفرٍ البَتّي (3) من قصيدة (4) [الطويل]:
أترْضى عن الدنيا فقد تَتَشَوَّفُ
…
لَعَمْرُ المعالي إنّها بك تَكْلَفُ
يقولونَ: لَيْثُ الغابِ فارَقَ غيلَهُ
…
فقلتُ لهم: أنتُم له الآنَ أخوَفُ
(1) ترجمه ابن بسام في الذخيرة 3/ 22 فما بعدها، والفتح في قلائد العقيان (58)، والعماد في الخريدة (قسم المغرب والأندلس) 2/ 313، والضبي في بغية الملتمس (23)، والمراكشي في المعجب (180)، وابن الأبار في الحلة السيراء 2/ 116، وابن سعيد في المغرب 2/ 247، وابن الخطيب في أعمال الأعلام (252) وغيرهم.
(2)
في م: "انتحت".
(3)
في المغرب 2/ 357 ترجمة لأبي جعفر أحمد بن عبد الولي البني (بالنون) وكذلك ترجم الفتح لمن اسمه أبو جعفر ابن البني في القلائد (298)، والمطمح (91) وذكر صاحب المعجب (110) أبا جعفر أحمد بن محمد (لا ابن عبد الولي) البني وقال:"المعروف بابن البني" وذكر صاحب المطرب اثنين: أبا جعفر
…
البتي (بالتاء): 124 وهو نفس الذي ترجم له الفتح وابن سعيد وعبد الواحد المراكشي، وذكر صاحب المطرب (195) أحمد بن عبد الولي البتي وسيرته تختلف عن سيرة المترجم به السابق وهذا الثاني هو الذي أحرقه السيد القنبيطور عندما احتل بلنسية سنة 488 هـ، فهذه النهاية تؤكد أنه شخص غير الأول؛ لأن هذا الأول كما قال صاحب المطرب:"وُجد هالكًا في حفرة تتمزق فيها اللحام والجلود". والبتي بالتاء قيل: إنها نسبة إلى "بتة" من قرى بلنسية، غير أن السجعة لدى ابن سعيد -وهو جغرافي أندلسي- تجعلنا نتردد في قبول الرواية بالتاء فقد جاء في المغرب:"كتاب المنة، في حلى قرية بنة".
(4)
القصيدة في القلائد (61).
ولن تَرهَبوا الصَّمصامَ إلّا إذا غَدا
…
لكمْ بارِزًا من غِمدِه وهْو مُرهَفُ
ستَفرُغْ يمناه لتَكتُبَ أسطُرًا
…
يرى الموتُ في أثنائها كيف يَدْلِفُ
إذا غَضِبتْ أقلامُهُ قالتِ القَنَا:
…
فَدَيْناكَ إنّا بالمَقاتل (1) أعرَفُ
فتكشِفُ عن سرِّ الكتيبةِ مثلَما
…
رأيناكَ عن سرِّ البلاغةِ تكشِفُ
وَيعتزُّ (2) لي هذا الزّمانُ بجَوْلةٍ
…
على مَن به دونَ الوَرَى كان يُشرِفُ
رُوَيْدًا قليلًا يا زمانُ فإنّهُ
…
يُغِصُّك منه بالذي أنت تَعرِفُ (3)
ولم يزَلْ أبو بكر بنُ عبد العزيز صاحبُ بَلَنْسِيَةَ يُعمِلُ الحِيلةَ في تسريحِه إلى أن سُرِّح، فتوَجَّه إلى بَلَنْسِيَةَ، فلمّا انتهَى إلى جزيرةِ شُقْر أوّلَ عمَلِ أبي بكر بن عبد العزيز كتَبَ إليه (4): كتابي وقد طَفَلَ العَشِيّ، وسال (5) بِنا إليك المَطِيّ، لها من ذِكْراكَ حاد، ومن رجاءِ لُقْياكَ (6) هاد، وسنُوافيكَ المساء، فنَغفِرُ للزمانِ ما أساء (7)، ونَرِدُ ساحةَ الأمن [178 و] ونشكرُ عظيمَ ذلك المَنّ، فهذه النفْسُ أنت مُقيلُها، وفي بُرْدِ ظلِّك يكون مَقيلُها، فلله مَجْدُك وما يأتيه، لا زِلتَ للوفاء تُحييه، ودانَتْ لك الدُّنيا، ودامَتْ بك العُليا.
فبادَرَ ابنُ عبد العزيز إلى لقائه، [وأنزَلَه في قَصْر مجُاوِر لقصرِه، وأشرَكَه في أمرِه ونَهيِه](8)، فكتَبَ إليه (9):
(1) في النسخ: "بالمفاصل"، والتصويب من هامش ح والقلائد.
(2)
في ح: "وتعبر"، والتصويب عن القلائد.
(3)
في هامش ح: "من خط الأصل: تصحح هذه القطعة من مظانها ونسبة قائلها كذلك إن شاء الله. هو ابن البتي عند أبي إسحاق الأعلم".
(4)
وردت هذه الرسالة في الذخيرة والقلائد.
(5)
في القلائد: "ومال"، وفي الذخيرة:"وسار".
(6)
في الذخيرة والقلائد: "ومن لقياك".
(7)
في الذخيرة والقلائد: "ما قد أساء".
(8)
هاتان العبارتان من القلائد.
(9)
القلائد (61).
"مَنْ ذا يُضاهيك، وإلى النَّجم مَرامِيك، فشَأْوُكَ لا يُدرَك، وشِعبُك لا يُسلَك، أُقسم لأعقِدَنَّ (1) على عُلاك منَ الثناءِ إكليلًا، يذَرُ اللَّحظَ من سناهُ كليلًا، ولأُطوِّقَنّهُ شَرْقَ البلاد وغَرْبَها، ولأُحمِّلَنّه عُجْمَ الرجالِ وعُربَها، وكيف لا وقد نَصَرْتَني نَصْرًا مؤزَّرًا، وصَرَفْتَ عنّي الضَّيمَ عقيرًا معفَّرًا، وألبَسْتَني البَأْوَ بُردًا مُسهِّمًا، وأولَيْتَني البِرَّ فضلًا مُتمِّمًا".
وله في أعلام رُؤساءِ الأندَلُس بخَلاصِه من ثِقافِه وشكرِ ابن عبد العزيز على السَّعي في تخليصِه رسائلُ كثيرةٌ بارعةٌ ضمَّنها معَ سِواها من رسائلِه أبو الحَسَن بنُ بَسّام في كتابٍ ترجَمَه بـ "سِلْكِ الجَواهر من نوادرِ ترسيلِ ابن طاهر"(2) -وبَقِيَ عندَه معروفَ الفضلِ مُعظَّمًا إلى أن توفّي ابنُ عبد العزيز، ثُم تغَلَّب على بَلَنْسِيَةَ طاغيةُ الرُّوم (3)، فأسَرَه فيمَن أَسَر، ثم كيَّفَ الله إنقاذَه، فخَلَصَ إلى شاطِبةَ؛ ولمّا انتَزَعَ اللَّمتُونيُّونَ بَلَنْسِيَةَ من يد المتغلِّب عليها (4) عاد ابنُ طاهر إليها، ولزِمَ بيتَه بنفْسِه خاليًا، وعلى ما يخُصه من شُؤونِه مُقبِلًا.
ومن إنشائه صَكٌّ بتقديم صاحبِ أحكام على بعض جِهات مُرْسِيَةَ إذ كانت إلى نظرِه (5): "قَلَّدت فلانًا وفَّقه اللهُ النَّظرَ في أحكام فلانة، وتخيَّرتُه لها بعدَما خَبِرتُه، واستَخْلفتُه [عليها وقد عَرَفتُه، وقَلَّدتُه](6) واثقًا بدينِه، راجِيًا لتحصينه؛ لأنه احتاطَ فَعلِم، وإن أضاع أثِم، فلْيُقمِ الحقَّ على أركانِه، ولْيَضَع العَدْلَ في ميزانِه، ولْيُساوِ بين خصومِه، ولْيَأخُذْ منَ الظالم لمظلومِه، فقِفْ (7) في الحُكم عندَ اشتباهِه، ونفِّذْه
(1) في م ط: "لأقعدن"، وهو خطأ بيّن.
(2)
انظر الذخيرة 2/ 359.
(3)
يعني السيد القنبيطور.
(4)
كان استرداد اللمتونيين الملثمين لبلنسية عام 495 هـ على يد مزدلى وابنيه عبد الواحد وعبد الله.
(5)
ورد في القلائد (64 - 65).
(6)
زيادة من القلائد.
(7)
القلائد: "وليقف"، وكذلك استمر الأمر للغائب في بقية الجمل.