الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1241 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن عَبّاش العَبْديُّ، إشبِيليٌّ أبو عبد الله المَرْشانيّ
.
رَوى عن الحاجِّ أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وله رحلةٌ إلى المشرِق حَجَّ فيها، وكان حيًّا سنةَ خمسَ عشْرةَ وست مئة.
1242 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن أيّوبَ الأوْسيُّ، بَلَنْسيٌّ -فيما أرى- ابنُ الأصَمّ
.
كان وَرّاقًا حَسَنَ الخَطّ جيّدَ الضَّبط، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَه، وكان في حدودِ ستٍّ مئة.
1243 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن سابِق، إشبِيليٌّ
.
رَوى عن شُرَيْح.
1244 -
محمدُ (1) بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن سُليمانَ بن صَالح بن تَمّام العُذْرِيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، ابنُ فُورْتِش.
لقَبٌ غَلَبَ على سُليمانَ جَدِّ جَدِّه فسَرَى في عَقِبِه وشُهِروا به، وهو جَدُّ القاضي أبي عبد الله بن إسماعيل. رَحَلَ حاجًّا ولقِيَ محمدَ بنَ محمد ابن اللَّبّاد وغيرَه؛ وكان فقيهًا حافظًا، وَلِيَ قضاءَ سَرَقُسْطةَ وتُطِيلةَ وأعمالِها للناصِر وابنِه المُستنصِر، وكان محمودَ السِّيرة معروفًا بالعدلِ والنزاهة.
1245 -
محمدُ (2) بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1010).
(2)
ترجمه الغبريني في عنوان الدراية (291)، والحسيني في صلة التكملة (827)، واليونيني في ذيل المرآة 2/ 131، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 916، والعبر 5/ 255، والصفدي في الوافي 2/ 121، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 151، والفاسي في ذيل التقييد 1/ 48، والعيني في عقد الجمان 1/ 326 (مطبوع)، وابن تغري بردي في النجوم 7/ 205، وابن العماد في الشذرات 5/ 298، وهو جد فتح الدين ابن سيد الناس.
أبي القاسم سيِّد الناس، وغَلَبتْ عليه كُنْيتُه حتّى صارت كالاسم، وربّما كُنِيَ أبا الفَضْل، ابن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيِّد الناس بن أبي الوليد بن مُنذِر بن عبد الجَبّار بن سُليمانَ بن عبد العزيز بن حَرْب بن محمد بن حَسّانَ بن سَعْدِ بن عبد الرّحيم بن خَلَف بن يَعمُرَ بن مالكِ بن بَهْثَةَ بن حَرْب بن وَهْب بن حلي بن أحمَسَ بن ضُبَيْعةَ بن رَبيعةِ الفَرَس بن نزَار بن مَعَدِّ بن عدنان اليَعْمُريُّ، إشبِيليٌّ أُبَّذيُّ الأصل (1)، وسَلَفُه ناقلة من مَنْبِج، وقد ذكَرَ أبو محمد بن عُبَيد الله الحُكَيْمُ منهم أبا الوليد بنَ مُنذِر المذكور، ورفَعَ نَسَبَه إلى يَعمُرَ بن مالكٍ كما أثبَتْناه. سَكَنَ شَرِيشَ مُدّة وبِجَايةَ أُخرى واستَوطَنَ بأخَرةٍ تونُس، أبو بكر، ابن سيِّد الناس.
تَلا على أبيه وجَدَّته أُمِّ أبيه أُمِّ العفاف نُزْهةَ بنتِ أبي الحُسَين سُليمانَ بن أحمدَ بن سُليمانَ اللَّخْميّ، تَلا بالتِّسع: السَّبع المشهورة وقراءتَيْ يعقوبَ وابن مُحَيْصن، وعلى أبيه زيادةً بثِنتَيْنِ وعشرينَ روايةً من الشّواذّ، وقرَأَ عليهما جُملةَ كُتُب، ولازَمَ جَدّتَه نحوَ ستة أعوام ونصف، وأباه نحوَ خمسةَ عشَرَ عامًا ونصف، وبالثمانِ: السَّبع وقراءةِ يعقوبَ على أبي الحُسَين محمد بن أبي عَمْرٍو عَيّاش بن عَظِيمةَ ولازَمَه نحوَ سبع سنين، وبالسَّبع على أبي بكرٍ عَتِيق بن عليّ المُرْبَاطَرِيِّ (2)، وقرَأَ عليه غيرَ ذلك، وبها على أبي الحَسَن بن جابِر الدَّبّاج ولازَمَه أزيَدَ من عشرينَ عامًا، وأبي زكريّا بن محمد القَطّان ولازَمَه نحوَ سبعةٍ وعشرينَ عامًا، وبقراءاتِ الحَرَميَّيْنِ وأبي عَمْرٍو على أبي محمد بن عُبَيد الله الباجِيّ، وبقراءةِ الحَرَميَّيْنِ على أبي زكريّا بن أحمدَ بن مَرْزوق، وبروايةِ وَرْش عن نافع خَتماتٍ على الحاجِّ أبي العبّاس بن محمد بن الصُّمَّيْل، وسَمِعَ عليه (3) كثيرًا، وبها
(1) قال الغبريني: وأصله من أبذة عمل جيان، وهي ما والاها دار اليعمريين بالأندلس.
(2)
في م ط: "المربطوي".
(3)
في م ط: "بها" في موضع "عليه".
على أبي نَصْر الطُّفَيْل بن محمد بن عَظِيمة (1)، وبعضَ القرآن بها على أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام، وبرِواية قالُونَ عن نافع خَتَماتٍ على أبي العبّاس بن أبي عبد الله ابن المُجاهِد.
ورَوى عن آباءِ بكرٍ: صِهرِه ابن تَمِيمٍ ولازَمَه نحوَ ثلاثينَ عامًا، وابنِ طلحةَ، وابنَيْ عبد الله: ابن العَرَبي الحاجّ وابن قَسُّوم، وابن يحيى النَّيّار، وآباءِ إسحاقَ: ابن أحمدَ ابن المَدِينيّ وابن خَلَف السَّنْهُوريِّ، وابنَيْ عبد الله: ابن قَسُّوم وخَلَفَه بعدَ وفاتِه بمسجدِه إلى أنْ خرَجَ من إشبيلِيَةَ، أعادها الله للإسلام، واليابُريّ، وأبي جعفر بن إبراهيمَ بن فَرْقَد، وآباءِ الحَسَن: ابن إبراهيمَ ابن الفَخّار، وابنَي المحمّدَيْن: البَلَويِّ وابن خَرُوف، وسَمِع كلامَه على بعض المسائلِ النَّحْويّة ولم يقرَأْ عليه، وابن قَيْطُون ولا أعرِفُه عند غيره، ولعله مُصَحَّف من منظورٍ، واللهُ أعلم، وإن كُنْتُ لا أعرِفُه في بني منظور، وأبي الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون، وترَدَّد إليه أزيَدَ من عَشْرِ سِنين، وأبي الحَكَم عبد الرّحمن بن عبد السّلام بن بَرَّجَان، وأبي الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأبي الصَّبر أيوبَ بن عبد الله الفِهْرِي، وآباءِ عبد الله: ابن إسماعيلَ بن خَلْفُون وابن حَسَن بن مُجبر وابن عيسى ابن المُناصِف وابن قَسُّوم وابن مغْنِين وتفَقَّه به، وآباءِ العبّاس: ابن إبراهيمَ القنجايريّ
(1) قال بشار: كتب الذهبي في حاشية نسخته من تاريخ الإسلام متعقبًا على من قال: إنه سمع من أبي نصر بن عظيمة فقال: "هذا خطأ؛ أبو نصر بن عظيمة مات سنة 599 هـ". قال بشار أيضًا: أبو نصر بن عظيمة هو طفيل بن محمد بن عبد الرحمن بن طفيل المعروف بابن عظيمة، ترجمه الذهبي في وفيات سنة 599 هـ من تاريخه 12/ 1168، وإنما قال الذهبي ذلك لثبوت مولد المترجم سنة 597 هـ؛ ولذلك قال في تذكرة الحفاظ 4/ 1450:"فيما قيل". ولكن يلاحظ أن الذهبي ذكر ابن عظيمة في وفيات السنة المذكورة تقديرًا، إذ نص في ترجمته هناك على أن ابن الأبار لم يؤرخ وفاته، وانما ساق الذهبي ترجمته في وفيات سنة 599 هـ؛ لأنه أجاز فيها لأبي علي الشلوبيني ولابن الطيلسان. ومن ثم فأرى أن وفاته تأخرت عن تلك السنة، ولعل ما ذكر من سماع المترجم على ابن عظيمة في سنة 597 هـ يصلح أن يكون دليلًا على تأخر وفاة ابن عظيمة عن سنة 599 هـ، وليس علة له، والله أعلم.
وابن طَلْحةَ وابنٍ عبد المجِيد الجَيّار وابن محمد ابن الرُّوميّة، ولازَمَه نحوَ ثِنتَيْنِ وثلاثينَ سنة، قال: واستجازَ لي ولأبي ولأخوَيَّ جميعَ شيوخِه بالمشرِق، وأبوَيْ عليّ العُمَرَيْن: ابنِ أحمدَ الزَّبّار، ولازَمَه نحوَ خمس وثلاثينَ سنةً، وابن محمد الشَّلَوْبِين ولازَمَه نحوَ أربع وثلاثينَ سنة، وأبي عُمرَ أحمدَ بن هارُونَ بن عاتٍ، وأبي عِمرانَ ابن حُسَين المارْتُليِّ الزاهد، وأبوَي القاسم: أحمدَ ابن يَزيدَ بن بَقِيّ ومحمد بن عامِر بن فَرْقَد، وآباءِ محمد: ابن أحمدَ البِجَائيِّ ابن الخَطيب وابن سُليمانَ بن حَوْطِ الله وعبد الرّحمن بن علي الزُّهْريّ وعبد الكبيرِ، واختَلَفَ إليه مُدّةً، وأبي مَرْوانَ محمد بن أحمدَ الباجِيِّ الخَطيب، وأبي المُطَرِّف عبد الرّحمن بن عبد الله الزُّبَيْديِّ وجالَسَه مُدّةً، وأكثَرَ عن أكثرِهم، وكلُّهم أجاز له مُطلَقًا.
وأجازَ له ولم يَلْقَه من أهل الأندَلُس وما والاها من بَرِّ العُدْوة: أبو العبّاس صِهرُه ابنُ تَمِيمٍ بن هشام، قال: واستجازَ لي في رحلتِه سنةَ ثلاثٍ وست مئة جميعَ من لقِيَ وأخَذَ عنه ببلادِ المشرِق جَزَاهُ اللهُ خيرًا؛ وابنُ محمد العَزَفيُّ، وأبو البقاءِ يَعيشُ بن عليّ، وأبو بكر بن عليّ بن حَسْنُون، وآباءُ جعفر: ابنُ عبد الله بن شَرَاحِيل وابنُ عليٍّ الحَصّارُ وابن محمد بن يحيى، وأبو الحَجّاج بن محمد ابن الشَّيخ، وأبو الحَسَن بن أحمدَ الشَّقُوري، وأبو الحُسَين محمدُ بن أحمدَ بن جُبَيْر، وأبو حَفْص بنُ عبد الله بن عُمرَ، وأبو الحَكَم عبدُ الرّحمن بن أبي عُمرَ بن حَجّاج، وأبو الخَطّابِ أحمدُ بن محمد بن واجِب، وأبو ذَرّ مُصعَبٌ الخُشَنيُّ، وأبو سُليمانَ بن سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله بنو الأحامد: ابن سَعادةَ وابن الشَّوّاش وابن صاحبِ الأحكام وابن أيّوبَ بن نُوح وابن عبد العزيز بن سَعادةَ، وأبو عليّ عُمرُ بن عبد المجِيد الرُّنْديّ، وآباءُ القاسم الأحمدَانِ: ابنُ عبد الودودِ بن سَمَجُونَ وابن محمد بن أبي هارُونَ، وعبدُ الرّحيم بن عيسى ابن المَلْجُوم ومحمدُ ابن عبد الواحِد المَلّاحي، وآباءُ محمد: ابن الحَسَن ابن القُرطُبيّ وعبدُ العزيز بن عليّ بن رَيْدانَ وغَلْبُون.
ومن أهل المشرِق: الأحامدُ: أبو العبّاس بنُ أبي السَّعاداتِ أحمدَ البَنْدَنِيجيّ وابن سُليمانَ بن سَلامةَ (1) المَوْصِليّ وأبو عبد الله بنُ أبي الغنائم محمد ابن المُهتَدي وأبو القاسم بن عبد الله بن عبد الصَّمد السُّلَميّ، وبَدَلُ بن المُعمَّر (2) التّبريزيّ أبو الخَيْر، وداودُ بن أحمدَ بن مُلاعِب أبو البَرَكات، وزاهرُ بن رُستُم أبو شُجاع وأبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْديّ، وعبد الرّحمن بن عبد الله بن عَلْوانَ الأسَديُّ أبو محمد، وعبدُ الصَّمد بن محمد الحَرَسْتَانيُّ أبو القاسم، وعبدُ العزيز بن محمد ابن الأخضَر أبو محمد، وعبدُ المُحسِن بن الفَضْل الطُّوسيُّ أبو القاسم خَطيبُ المَوْصل وابنُ خطيبِه، وعبد الوهّاب بنُ عليّ ابن سُكَيْنةَ أبو أحمد، وعثمانُ بن عبد الرّحمن أبو عَمْرٍو ابنُ الصَّلاح، وعليّ بن أبي الفَتْح ابن ماسُويَةَ الواسِطيُّ أبو الحَسَن، وعُمرُ بن محمد بن (3) طَبَرْزَد أبو حَفْص، ومحمد بن أحمدَ بن صَالح أبو المعالي، ومنصورُ بن عبد المُنعِم الفُرَاوِيُّ أبو الفَتْح، والمؤيَّدُ بن محمد الطُّوسيُّ أبو الحَسَن، ويونُسَ بن أبي البَرَكات الهاشِميُّ أبو محمد، وقال: في طوائفَ من مُسنِدي العراق والشام ومِصرَ وغيرِها يتَعذَّرُ إحصاؤهم، ويدعو إلى السَّآمةِ استقصاؤهم؛ وقد تقَدم قولُه استجازةَ أبوَي العبّاس: صِهره ابن تَمِيمٍ وابن محمد ابن الرّوميّة جميعَ شيوخِهم بالمشرِق؛ ولَخَّصتُ ذكْرَ مشايخِه هؤلاءِ من إجازةٍ (4) كتَبَ بها إلى بني الفقيه الرئيسِ الأوحَد أبي القاسم العَزَفيِّ، وذكَرَ فيها أنّ له "برنامَجًا" يتضمَّنُ رواياتِه، ولم أقِفْ عليه.
رَوى عنه صِهرُه أبو محمد بنُ محمد بن كَبِير، وأبو بكر محمدُ بن محمد بن عبَّاس اللَّخْميُّ، وأبو عبد الله بن صَالح الكِنَانيُّ الشاطِبيُّ نَزيلُ بِجَايةَ بها، وأبو العبّاس بن عثمانَ بن عَجْلان.
(1)"سلامة": سقطت من م ط.
(2)
في م ط: "معمر".
(3)
"وعلي
…
محمد بن": سقطت من م ط.
(4)
في هامش ح: "وقفت عليها".
وكان حافظًا للقرآنِ العظيم منسُوبًا إلى تجويدِه وإتقانِ أدائه، ذا حَظٍّ من التفسير وروايةِ الحديثِ واشتغالٍ برواييه وتشبُّع بمعرفةِ الرُّواة، ومُشارَكةٍ في العربيّة وقَرْض الشِّعر، أكتَبَ بحِصن القَصْر من نَظَر إشبيلِيةَ مُدّةً، وفي الإكتابِ أذهَبَ مُعظَمَ عُمُرِه بالأندَلُس، ثُم فَصَلَ عنها وأكتَبَ القرآنَ بقريةٍ خاملة من قُرى شَرِيش تُدعَى بَوْنِينَهْ -بباءٍ بواحدة معقودة مفتوحة وواو ساكنة ونونَيْنِ أُولاهما مكسورةٌ وأُخراهُما مفتوحة وبينَهما ياءٌ مسفولة وهاءِ سَكْت- وهي مجُاوِرةُ كرَنانَه: إحدى مشاهيرِ قُرى شَرِيش، وفَصَلَ عنها إلى سَبْتةَ ثُم إلى بِجَايةَ بعدَ الأربعين، فذُكِرَ هنالك بجَوْدةٍ وخَيْر وفَضْل ودِين، فقُدِّم إلى الإمامة والخُطبة بجامعِها، ثُم استُدعيَ مُنَوَّهًا في حدود أربعةٍ وخمسينَ وست مئة إلى تونُس وقُدِّم للخُطبة بجامعِها الجديدِ والصّلاة به، وتصَدَّى لإسماع الحديثِ وغيره متظاهرًا بسَعة الرِّواية والإكثارِ عن الشّيوخ، حسْبَما تقَدَّمتِ الإشارةُ إليه في سَرْدِ شيوخِه، فأنكَرَ كثير من الناس عليه ذلك، ونَسَبوه إلى ادّعاءِ ما لم يَرْوِه ولقاءِ من لم يَلْقَه على الوَجْه الذي زَعَمَه.
وعلى الجُملة، فكان قاصِرًا عمّا تعاطاهُ من ذلك شديدَ التجاسُرِ عليه متأيِّدًا بما نالَهُ منَ الجاهِ والحُظْوة عندَ الأمير بتونُسَ الَّذي وَلّاه الخُطبةَ والإمامةَ بجامعِه، والحقُّ وراء ذلك.
وقد وقَفْتُ على جوابه بخطِّه لمَن سألَه عن موضع سَلَفِه بالأندَلُس، وسببِ حلولِهم بإشبيلِيَةَ، أَعادها اللهُ للإسلام، رأيتُ إثباتَه هنا، وإن كان فيه بعضُ طُول؛ لتَعلَمَ منهُ بعضَ أحوالِه، ونصُّه:
"أمّا أصلُنا فمن مَنْبجِ الشام وخَرَجَ سَلَفُنا غَزاةً في طالعةِ بَلْج، واستَوطَنوا أبّذَة جَيّان، ويقالُ: إنّها شبيهةٌ ببلدِهم في خِصبِها واتّساع خَيْرِها، كذا رأيتُهم وسَمِعتُهم يتلفَّظونَ بها، بالذالِ المعجَمة، وفي أخبارِها ما يدُلُّ على أنّ العرَبَ إذْ ذاك تكلَّموا فيها بالدّال المهمَلة، يقالُ: إنّ بَلْجًا مَرَّ بها أو غيرُه فشَبَّهها بمَنْبِج، فقال: ما اسمُ هذه البلدة؟ قالوا: أُبَّدَة، قال: أَبَّدُوها على يَعمُر، فنزَلتْها يَعْمُرُ وبَقُوا
بها إلى غَلَبةِ الرُّوم عليها، ومَن لم يكنْ يَعْمُرِيَّا فهُو طارئٌ عليها؛ وللكلام على أشياءَ من هذه الجُملة مكانٌ غيرُ هذا. ولم يزَلْ سَلَفي بها إلى سنة نيِّفٍ وخمسين".
قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: يعني وخمس مئة.
رَجْعٌ: "وقد ثار بها بل بجَيّانَ بَلْدتِها ابنُ هَمْشَك فغَرَّبَهم منها احتياطَا -زَعَمَ- على استيساقِ إمْرتِه بها، فنَقَلَ منها جَدِّي الأعلى الشّيخَ الفقيهَ أبا عبد الله محمدَ بنَ يحيى بن محمد وبَنِيه الأربعةَ الفقهاءَ الأنباهَ أبا عليّ الحُسَينَ بن محمد وأبا الحَجّاج يوسُفَ بن محمد وأبا محمدٍ عبدَ الله جَدّي أبا أبي وأبا بكرٍ يحيى بنَ محمد وكان أصغَرَهم، واحتُبِسَ الشِّيخُ عندَه في منزِلي مُكرَّمًا إلا أنه محجورٌ عليه التصَرُّفُ دونَ بَنيه، فتحيَّلَ بَنوهُ وخرَجوا عنه وقد أُخِيفوا ولم تسَعْهِم طاعة، وكرِهوا التوجُّهَ إلى مُرْسِيَةَ لنقيضِهِ ابن مُرْدَنيس (1) لمّا تخوَّفوا مِن لَحاقِ معَرّةِ أميرِهم بأبيهم، فلَحِقوا بإشبيلِيَةَ، وقدِ استَوْسَقَ بها ملِكُ المُؤمنيّة، فرَفَعَ أمرَهم لواليها إذْ ذاك -أظُنُّه ابنَ الجَبْر أو غيرَه- فرَفَعَهم إلى العُدْوة حتّى بايَعَ ابنُ هَمْشَك ورَغِبوا في العَوْدة إلى أندَلُسِهم فأُسعِفوا بذلك على أن يَسكُنوا إشبيلِيَةَ، فكان ذلك؛ وأُمِرَ أبوهم باللَّحاقِ بهم فاجتَمَعوا بها، فمِن هذا كان أصلُ موقعِنا بإشبيلِيَةَ في حدودِ سنة ثمانِ وخمسينَ وخمس مئة، فتأهَّلوا بها ووُلدَ لهمُ الأولادُ إلّا من كان منهم وُلدَ له قبلَ ذلك، وهم معلومونَ بتواريخِهم، وبَقِيَتْ أملاكُنا ببلدِنا أُبَّذةَ إلى تغلّبِ العدُوِّ عليها، واتَّخَذْنا أملاكَا أُخَرَ بعِمالات إشبيلِيةَ داخلَها وخارجَها وما يرجعُ إليها، ولم تزَلْ عامّتُها بأيدينا إلى تغلُّبِ العدُوِّ عليها سنةَ ستٍّ وأربعينَ وست مئة، نفَعَ اللهُ بذلك.
مولدُ جَدِّي الفقيه أبي محمدٍ بأُبَّذةَ سنةَ إحدى عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ عامَ الأرك سنةَ إحدى وتسعينَ، ومَولدُ أبي بإشبيلِيَةَ في جُمادى الآخِرة سنةَ إحدى وتسعينَ، وتوفِّي بها في منتصَف جُمادى الأُولى سنةَ ثمانِ عشْرةَ وست مئة؛
(1) كذا بالسين، ويرد في المصادر أيضًا بالشين.
ومَوْلدي بقريةٍ من قُرى إشبيلِيَةَ عَمل حِصْن القَصْر بالشَّرَف تُسمَّى الحُجَيْرةَ، خرَجَ أَبَواي لها في غَلّةِ الزّيتون لضَمِّ فائدِ أملاكِهم، وكانا متحابَّيْنِ لا يَصبِرُ أحَدُهما عن الآخَر، فخَرَجا جميعًا إليها، فكانت ولادتي بها لعَشْرِ ليالٍ بقِيَتْ من شهرِ أكتوبَر الأعجَميِّ، ولا أدري ما وافَقَ من الأشهرِ العربيّة؛ لتَلَفِ تقييداتي وتقييداتِ سَلَفي في ضَيْعة كُتُبي، إلّا أنّ والدتي كانت تقول: كُنْتُ ليلةَ موسم يَنّيرَ من أربعينَ ليلةً، وإلّا ما تحقَّقتُه بأخَرةٍ من وجوه: أنّ ذلك كان في صَدْرِ سنة سبع وتسعينَ، قبلَ السَّيلِ الكبيرِ بإشبيلِيَةَ بأشهُر".
انتهَى نَقْلُ ما قصَدتُ إليه من جوابِه، وكان بخطِّه كما ذكَرْتُه، وقد اشتَملَ على كثيرٍ يدفَعُه أهلُ المعرفة من أهل بلدِه إشبيلِتةَ بمَنْشئِه وحالِه وانتحالِه وخُمولِه بها وإقلالِه. وذَكَرَ أحدُ بَنيهِ أنه وُلد في صَدْرِ محرَّمِ سبع وتسعينَ، وتوفِّي بتونُسَ لثمانٍ، وقيل: لسبع بَقِينَ من جُمادى الآخِرة سنة تسع وخمسينَ وست مئة.
قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: كان هذا السَّيلُ الَّذي ذَكَرَه الخَطيبُ أبو بكرٍ من أكبرِ السُّيول وأعظمِها عِبرةً وأشدِّها آثارًا، وقد ذَكَرَهُ التأريخيُّ أبو العبّاس بنُ عليِّ بن هارونَ فنقَلتُ من خطِّه فُصولًا في ذِكْرِه، منها:"كان السَّيلُ بإشبيلِيَةَ يومَ الاثنين بعدَ صَلاة الظّهر، وفيه وقَعَ السُّور، وكان المتهدِّمُ مسافتينِ منه ما بينَ باب أَطْرَيانَةَ وباب المؤذِّن وبناحيةِ الدَّقّاقِينَ حيثُ البركةُ هنالك، وأطار الماءُ الشُّقّةَ من السُّور نحوَ الأربعين باعًا، وكان هذا اليومُ يومًا هائلًا، ولو كان هذا الحادثُ باللّيل لهَلَكَ فيه آلافٌ من الناس، وذلك في التاسعَ عشَرَ لجُمادى الآخِرة عامَ سبعةٍ وتسعينَ وخمس مئة، ووافَقَه من العجَميِّ السادسُ والعشرونَ من مارْس؛ وكان انتهاؤه يومَ الأربعاء، وعايَنْتُ في هذا السَّيل القواربَ تُعَدّي بباب سَابَاطَ النساءَ بباب العَطّارِين، وكان دخولُها وخروجُها على باب المؤذِّن، ولم يَكنْ أحدٌ من المُعَدِّينَ يُعَدّي إلّا في القوارب القُرطُبيّة؛ لعِظَم الماءِ وجَفائه". ومنها: "وعايَنْتُ قواربَ المُعَدِّينَ تُعَدّي بأَوّلِ دربِ الدَّبّاغِين بقُرب جامع العَدَبَّس وبأوّل القَصْر الذي بقُرب سُوق باب الحديد". ومنها: "وصارت إشبيلِيَةَ ما بينَ